(7) أن صلاة المسلمين تجمع أركان الإسلام الخمس لأن فيها الشهادتان;
وهي صلاة; وهي في نفس الوقت زكاة ينفق فيها المصلي جزءا من عمره;
وكما أن زكاة المال طهارة له فإن الصلاة هي زكاة العمر وهي طهر له كذلك;
وهي صوم لأن المصلي ممتنع عن الطعام والشراب والشهوات; وعن كل أمر دنيوي ويصوم عنه;
والصلاة حج لأن المصلي يتجه فيها إلي بيت الله الحرام;
قاصدا وجه ربه الكريم ملبيا أمره بإقامة الصلاة خالصة له_ سبحانه وتعالي-;
وكل ذلك يجسد معني توحيد الله- تعالي- والعبودية الخالصة لجلاله
وهي من أول رسالات الإنسان في هذه الحياة;
ولذلك قال رسول الله- -:
( الصلوات الخمس, والجمعة إلي الجمعة,
مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر )
( أخرجه الإمام أحمد).
.(8) أنها من وسائل تنظيم أوقات المسلمين, وترتيب حياتهم من أوقات اليقظة والنشاط في الأعمال,
إلي أوقات الراحة والاستجمام والنوم والاسسترخاء, إلي أوقات العبادة ومناجاة الله ـ تعالي ـ
ولذلك روي عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ
أي العمل أفضل ؟
قال عليه الصلاة و السلام :
( الصلاة لوقتها )
( صحيح مسلم].
(9) إن صلاة المسلم هي من أعظم وسائل تربية النفس الإنسانية,
لأنها تشعر الإنسان بحاجته إلي ربه وتؤكد له بأن الله- تعالي- مطلع علي أعماله وأقواله ومختلف تصرفاته,
فيعترف بذنوبه لربه ويعلن له توبته منها وإقلاعه عنها, ويسأله المغفرة والعفو عما أسلف من أخطاء,
ويرجو قبول ما قدم من حسنات, وليس أدعي لتربية النفس الإنسانية من هذا الموقف
من العباد بين يدي خالقهم في فهم كامل لمدلول الألوهية
يستوجب الخشوع والخضوع والتذلل من العبد لربه.
(10) إن الصلاة كما يؤديها المسلمون اليوم كانت مكتوبة علي الذين جاءوا من أنبياء الله ورسله
قبل بعثة خاتمهم أجمعين سيدنا محمد- صلي الله عليه وسلم_
مما يؤكد وحدة رسالة السماء المنبثقة عن وحدانية الخالق_ سبحانه وتعالي-,
فكما أن الله واحد فلا بد أن تكون هدايته للبشرية واحدة في العقيدة والعبادات, والأخلاق والمعاملات,
وإن وجدت بعض التفاصيل في المعاملات مع الانتقال من زمن إلي آخر.
فالصلاة كما فرضها ربنا- تبارك وتعالي- علي خاتم أنبيائه ورسله- صلي الله عليه وسلم-
فرضها بنفس هيئتها علي جميع الأنبياء والمرسلين من قبل,
وفي ذلك يقول لعبده وكليمه موسي بن عمران
ما نصه كما فى قوله سبحانه و تعالى :
}وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى*
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }
( طه:13 و14).
وفي ذلك يقول علي لسان إبراهيم- عليه السلام-:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ
رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ {
.( إبراهيم:37).
وجاء علي لسان عبد الله ونبيه المسيح عيسي ابن مريم- عليهما السلام- قوله:
{ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{
( مريم:30).
وقد ذكر ربنا-تبارك وتعالي-عددا كبيرا من أنبيائه,
ثم أكد فريضة الصلاة عليهم قائلا:
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا *
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56)
وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ
وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا *
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا }
*( مريم54 ـ ـ59)
كذلك جاء الخبر عن رسول الله- - أن جميع الأنبياء قبله لم يزالوا يصلون الخمس
التي صلاها جبريل_ عليه السلام ـ به كما جاء في الحديث الذي رواه ابن عباس ـ رضي الله عنهما-
والذي جاء فيه أن جبريل ـ عليه السلام- صلي برسول الله- ـ
الصلوات الخمس كل صلاة في وقتين( أول الوقت وآخره),
ثم قال له جبريل عليه السلام :
([ يا محمد الوقت فيما بين هذين الوقتين, وهذا وقت الأنبياء قبلك ]
( أخرجه الترمذي).
(11) لذلك كله كانت الصلاة قرة عين النبي ـ ـ, وكانت آخر وصاياه لأمته حين حضرته الوفاة
وهو يقول صلى الله عليه و سلم :