غانا تحصد الزعامة بأقل مجهود
في مجموعة الحسابات بلا منازع نزل منتخبا غانا المتصدر ومنافسه الغيني بطموح أساسي وهدف جوهري لا محيد عنه ألا وهو ضمان التأهل إلى الدور الثاني دون الدخول في متاهات تحديد زعيم الريادة وصاحب الوصافة إذ أن حتى المنتخب البوتسواني الذي تكبد هزيمتين إحداهما بسداسية كاملة من المنتخب الغيني كان معنياً بأمر التأهل.
وعلى ملعب مدينة فرانسفيل دخل كل من منتخبي "النجوم السوداء" و الـ"سيليناسيونال" مباشرة في أجواء اللقاء، ولم ينفقوا وقتاً عقيماً عبر أسلوب جس النبض إذ كانت الأهداف واضحة المعالم للجميع، الأمر الذي انعكس صداه على وقائع الشوط الأول الذي جاء نشيطاً وحيوياً تقاسم فيه الفريقان عملية التداول على ميزان الأفضلية.
ومنذ بداية المباراة كانت فاعلية الأجنحة الغينية واضحة عبر إمداداتها المتواصلة للخط الأمامي التي تأتي من توغلات الجناحين المميزين، الأيسر عبدول كامارا والأيمن إبراهيما تراوري اللذان كانا الممول الرئيسي للهجوم الغيني وخصوصاً العرضيات الجانبية الدقيقة على رأس الهداف ومحترف باستيا الفرنسي ساديو ديالو صاحب الهدفين في "صابة" الأهداف الغينية في المرمى البوتسواني.
من الناحية الغانية كانت تحركات المثلث المتكون من كوادو أسامواه و إيمانويل بادو وصامويل إنكوم مصدر قلق دائم للدفاع ووسط الميدان الغيني، خاصة مع التفاهم والإنسجام الكبير بين الثلاثي المذكور، الذي يعقبه ثقل هجومي مرعب يتمثل في رأس الحربة الماكر أسامواه جيان صاحب هدف الخلاص في المباراة الإفتتاحية أمام نسور مالي و النجم اليافع للـ"بلاك ستارز" ومارسيليا الفرنسي أندري آيو.
شوط المباراة الأول وإن تواترت فيه السيطرة على مجريات اللعب سجالاً بين زملاء "آيو" و "فيندونو"، إلا أنه لم يشهد بروز عمليات هجومية في شكل تهديدات صريحة، وكانت أولى البشائر بإحراز أهداف في الدقيقة 25 مسجلة بقدم الجناح الأيمن الغيني إبراهيما تراوري الذي نجح في التسلل من صفوف الدفاعات الغانية إثر تمريرة بينية بارعة من زميله إسماعيل بانغورا، وجد نفسه بعدها في حوار مباشر مع الحارس أدامباتيا كواراسي نجح في كسبه لمصلحته وتوقيع هدف أبيض، لكن الحكم أعلن بشيء من التأخير سقوط "الطوربيد" الغيني تراوري في فخ مصيدة التسلل الغانية.
إثر هذا التهديد الغيني لم تتأخر ردة الفعل الغانية والتي كانت شرسة وناجعة، فبعد تنفيذ ركلة زاوية ثنائية بين أندري آيو وصامويل إنكوم تكفل فيها هذا الأخير بإيصال تمريرة أرضية هادئة للقادم من الخلف إيمانويل بادو الذي هيأ لنفسه وضعية مناسبة للتسديد بحركة فنية مميزة، أطلق بعدها صاروخية يمينية إستقرت في المقص الأيمن للحارس نابي موسى ياتارا (28) الذي اكتفى بإجتهاد تحت عنوان بالخط العريض "طمع في محال" لم يكن جديراً بحرمان الجماهير الحاضرة في فرانس فيل من هدف هو الأروع في النسخة الثامنة والعشرين للكان حتى الآن.
كان من المتوقع أن يحفز هدف بادو الرائع الغانيين ويظفي على آدائهم أريحية في إكمال ماتبقى من زمن هذا الشوط الأول، ولكن عكس توقعات الجميع بمن في ذلك الجناح الغيني الأيسر عبدول كامارا جاء هدف تعديل الكفة (45+2) حاملاً بصمته، بعد مجهود فردي ممتاز على الرواق أرسل إثره عرضية عالية ماكرة صاحبها الكثير من الحظ لتتهادى إلى الزاوية البعيدة والمعاكسة للحارس الغاني كواراسي وسط دهشة الجميع لتأتي صافرة الحكم الجنوب إفريقي دانيال بينيت لتعلن نهاية الصراع في شقه الأول على تعادل عادل بمقياس اللعب.
عكس التوقعات
كان من المنتظر أن يكون النصف الثاني من حوار "الشقيقين" المتنافسين على افتكاك بطاقة مؤهلة إلى الدور الثاني تحول الحلم إلى حقيقة، أكثر سخونة وتشويقاً وإثارة عطفاً على ماقدمه الفريقين في شوط المباراة الأول إلا أن ماحصل في هذا الشوط ضرب مرة أخرى كافة التكهنات عرض الحائط، إذ لاحظنا ركوداً مفاجئاً لنسق اللعب من الجهتين وإن كان مفهوماً من الجانب الغاني إلا أنه لم يكن كذلك من الشق الغيني الذي كانا مطالباً بالسعي من أجل خطف الهدف الثاني الذي يساوي بطاقة "خطف الحلم".
ورغم هذا السبات الشتوي الذي أصاب الغينيين فقد أتيحت لهم فرصة ذهبية لتحقيق هدف التقدم عندما توغل إسماعيل بانغورا في الجهة اليسرى للمنطقة، ثم حاول أن يضع الكرة على يسار الحارس لكن الأخير تدخل ببراعة وأنقذ الموقف (52)، ثم أتبعها ديالو بتسديدة على الطائر بعد ركلة ركنية، لكن محاولة لاعب باستيا الفرنسي علت العارضة (60).
وفي الدقيقة 69 تلقى الغينيون ضربة قاسية عندما تحصل المدافع مامادو ديولدي باه على إنذاره الثاني بسبب خطأ على كابتن المنتخب الغاني جون باينتسيل ليترك فريقه منقوصاً في موقف صعب ووقت حساس.
وبالرغم من مبادرة مدرب المنتخب الغيني ميشال دوسيي بإجراء عدد من التحويرات أملاً في بعث روح جديدة في صورة منتخب الـ"سيليناسيونال" الذي غط في نوم عميق، من ذلك إقحامه لكل من الحبيب بالدي و الحسن بانغورا و نابي سوما على التوالي عوضاً عن الثلاثي باسكال فيندونو و إبراهيما تراوري و إسماعيل بانغورا في الدقائق (76) و (78) و (85)، ولكن دون جدوى إذ لم يتحسن الأداء لاسيما أن تأثير الطرد كان واضحاً على معنويات الغينيين.
ماتبقى من عمر المواجهة كان مراوحة بين استماتة غينية آملة في تحقيق هدف عسر مجيئه و حنكة و إجادة غانية في تطبيق تقنية "الموت السريري" على خصمهم ...أردف صراع فرانسفيل هذا، النتيجة الحاصلة في ليبريفيل والتي كانت تؤشر إلى تقدم مالي بنتيجة (2-1) كان كفيلاً بالقضاء على ماتبقى من روح المقاومة في صفوف زملاء بوبو بالدي ...سيناريو تواصل حتى الصافرة الختامية لحكمي الموقعتين اللتين أسفرتا عن مغادرة غينيا "المجتهدة" و بوتسوانا "اليافعة" و تأهل غانا "الشرسة" و مالي "العنيدة".
وبذلك تكون المجموعة الرابعة قد أسفرت في مسك ختامها عن حلول المنتخب الغاني أولاً كزعيم للمجموعة برصيد 7 نقاط، وهو مايعني حتمية مواجهته لنسور قرطاج في أقوى مواجهات الدور ربع النهائي، في حين حلت نسور مالي وصيفة بـ6 نقاط وستحفل بفرصة لخوض مباراة نارية مع صاحب الأرض والجمهور منتخب الفهود الغابونية.