عرض مشاركة واحدة
قديم 29-01-2012, 01:40 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

الله تعالى رحيم بنا، رحمته تتجلى في منعه كما تتجلى في عطائه، فكم من إنسان منعه الله المال لأنه يعلم أنه لو أعطي المال لكفر

{ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ
وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ }
[الشورى: 27].

وكم من إنسان منعه الصحة لأنه يعلم أنه لو أعطاه الصحة لطغى، فما يصيب الإنسان من مصائب لا يدل على سخط الله عليه، بل ربما كانت رحمة به..
الله أجل وأعظم مما نخاف ونحذر، فهو الذي بيده الملك والأمر، فلا يجري في الكون شيء إلا بأمره، فيجب علينا أن نتعلق به حبا وخوفا ورجاء..
ونعلم أن الأُمَّة لو اجتمعت على إيقاع الضر بإنسان والله أراد غير ذلك مضت إرادة الله وتعطلت إرادة البشر..
ولو اجتمعت على إنزال النفع بإنسان والله لم يرد ذلك مضت إرادته وتأخرت إرادة البشر، فإذا كان كذلك فمن العيب أن نخاف من مخلوق مهما كان:

{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ
وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36)
وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ (37)
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ
هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ
هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }
[الزمر: 36-38].

الله يملك الرزق كله فمن الخطأ أن نتطلع إلى فضل أحد من خلقه، نبذل له ماء وجهنا من أجل دراهم، فهو لا يملك، وإن بدا كذلك، فالمالك هو الله ، له خزائن السموات والأرض، لو شاء لقلب ما بأيدينا ذهبا وفضة، ولو دعوناه بصدق متو كلين لرزقنا رزقا لا نحتسبه، فإن أخر عنا الرزق لم يؤخر عنا الرضى، فيغرس في قلوبنا الرضى والقناعة، وتلك أعظم الرزق:

{ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً
فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
[العنكبوت: 17].

الله يعفو عن زلاتنا، فمهما ركبنا الخطايا، وتعدينا الحدود ثم ندمنا وصدقنا في التوبة قبِلَنَا ولم يردنا، بل يفرح بتوبتنا أشد من فرح المضيع راحلته في صحراء عليها طعامه وشرابه فلما أيس منها، نام تحت ظل شجرة ينتظر الموت، ثم قام فإذا هي قائمة عند رأسه..

إذا تقربنا إليه شبرا تقرب منا ذراعا..

وإذا تقربنا منه ذراعا تقرب منا باعا..

وإذا أتيناه نمشي أتانا هرولة، يتلقى عبده التائب من بعيد، وإذا أعرض ناداه من قريب، وإذا استغفره غفر له، وإذا جاءه بقراب الأرض خطايا ثم لقيه لا يشرك به شيئا جاءه بقرابها مغفرة، غفر لرجل قتل مائة نفس، وغفر لزانية لما سقت كلبا:

{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ }
[الشورى: 25]..

أينما توجهنا فثم وجه الله، فالله معنا بعلمه وإحاطته، ونصرته لمن آمن به:

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ
إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا }
[المجادلة: 7]..

ألا يعطينا ذلك شعورا بالأمان.

فالله معنا، ولن يتخلى عنا، ولن يكلنا إلى عدونا ما دمنا مستمسكين بحبله المتين، ما دمنا نحبه ونخافه ونرجوه، فالله مع أوليائه وأحبائه، يسكن قلوبهم ويدفع عنهم أذى الظالمين، ولما لحق فرعون بموسى ومن معه قال أصحاب موسى:

{ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }
[الشعراء: 61]..
قال موسى:

{ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }
[الشعراء: 62]..

قالها مقالة الواثق بوعد ربه، كما قالها محمد عليه السلام
لأبي بكر لما خشي أن يستد ل القوم على مكانهما:

{ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }
[التوبة: 40].

إن الشياطين لن تقدر على أذانا إذا كنا مع الله نذكره ونشكره ونعبده ونلتمس رضاه، فإنها تفر من الذاكرين لله المتبعين لأمره، وكل من آذته الشياطين بسحر أو عين أو مس أو نفس أو كرب أو هم فلبعده عن ذكر الله..
الله يرى ويسمع كل ما يحدث في العالم، يرى من يعمل صالحا، ومن يعمل سيئا، يرى ويسمع من يدعو إلى سبيله ويوقف وقته في نصرة دينه..

يرى ويسمع أنات المظلومين والمقهورين الذين ليس لهم ذنب إلا أن يقولوا ربنا الله..
يرى ويسمع اعتداء المجرمين الكافرين على حرمات المسلمين، يرى ويسمع تخاذل كثير من المسلمين عن النصرة والذب عن إخوانهم المستضعفين..

يرى ويسمع كل شيء، وفي يوم ما سيرى وسيسمع كل إنسان ما كان قدمه من خير أو شر رآه وسمعه رب العالمين..
قال ابن القيم: “قال أعلم الخلق صلى الله عليه وسلم:
( لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك )
[رواه مسلم]،






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة