عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2011, 12:08 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


فالأمر إذن ليس ساعة أو ساعتين.. لا.. الأمر شاق وطويل...
وإذا كان الحج هو العبادة الوحيدة التي يفرّغ لها المسلم أيامًا متتالية، فك ذلك يوم القيامة يوم طويل: "إنا نخاف من ربنا يومًا عبوسًا قمطريرًا".. وكما جاء في بعض التفسيرات أن اليوم القمطرير هو اليوم الطويل، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "مائة سنة" أي أن يوم القيامة يساوي مائة سنة، وقال كعب: بل ثلاثمائة سنة، وقال غيرهم: خمسين ألف سنة!! والمؤكد أنه يوم طويل وعسير وصعب؛ فهو يحتاج إلى استعداد واهتمام كبيرين...
ومما يذكّر بيوم القيامة من مناسك الحج أيضًا السعي بين الصفا والمروة، ذهابًا وإيابًا، فيتذكر الناس السعي والحركة يوم القيامة: "يوم يَخرجون من الأجداث سراعًا كأنهم إلى نصب يُوفضون"، ويتذكر الناس عند سعيهم بين الصفا والمروة سعيَهُم يوم القيامة بين الأنبياء ليشفعوا لهم عند الله عز وجل؛ فيذهبون إلى آدم عليه السلام، فيردهم إلى نوح عليه السلام، فيردهم إلى إبراهيم عليه السلام، فيردهم إلى موسى عليه السلام، فيردهم إلى عيسى عليه السلام، فيردهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم...
وزيارة الحجاج لرسول الله صلى الله عليه وسلم - وإن لم تكن من مناسك الحج – هي أيضًا تُذكِّرك بأن الله عز وجل سيجمعك يومًا ما مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، تسلّم عليه وعلى أصحابه... كما أن صلاتك في الروضة الشريفة (وهي من رياض الجنة) تضعك في هذا الجوّ الرائع الذي يُخْرِجُك من جوّ الدنيا تمامًّا، ويجعلك تعيش في جوّ الآخرة...

إن كل من يحج بيت الله الحرام يشعر بكل هذه المعاني.. بل ويقصّها على كل من يلقى من الأهل والأحباب، ومهما بلغ الجهد والتعب وبذل المال في هذه الرحلة العظيمة، إلا أن الجميع يتمنى لو عاد مرة أخرى للحج.. لو عاد مرة أخرى للبيت الحرام.. لو عاد مرة أخرى لعرفات... يتمنى لو عاد مرة أخرى لزيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم...
تعيش الأمة كلها هذه المعاني العظيمة التي تُذكِّر بيوم القيامة في كل عام مرة، لتتذكر يوم القيامة الذي ستعيشه بحقيقته بعد ذلك...
وإذا عاشت الأمة وتذكرت يوم القيامة على هذا النحو.. كيف سيكون حالها؟ وكيف سيكون وضعها بين الأمم؟


بعد كل ما رأينا من العلاقة بين الحج ويوم القيامة نستطيع أن نفهم ونتدبر لماذا بدأ الله تعالى سورة الحج بالتذكير بيوم القيامة: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ"..
ليس في القرآن شيءٌ عشوائيٌ على الإطلاق؛ فكل كلمة.. وكل حرف نزل بحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى: "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً"...
ولقد كنت أعجب كثيرًا عندما أقرأ سورة الحج وأتساءل: لماذا بدأ الله عز وجل سورة الحج بالتذكير بيوم القيامة بدلاً من التذكير بأهمية الحج؟! لكن بعد تدبر هذا المعنى العظيم - وهو أن الله عز وجل جعل الحج تذكيرًا للناس بيوم القيامة - تلاشى هذا العجب...
فليس الهدف من الحج - إذن - إرهاق الناس وتكليفهم فوق طاقتهم: "مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ".. ولكن الهدف هو تحقيق المنفعة للناس في الدنيا والآخرة.
لو تذكرنا يوم القيامة ستصبح حياتنا كلها آمنة ومستقرة بل وحياة الأرض كلها، وسوف يتحقق لنا الخير
في الآخرة...









التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة