وفي داخل المُنتديات ، وعلى الشبكات ، وفي الصُّحف والمَجلاَّت ، أقـلامٌ تنبضُ بالشَّر ، وتدعوا إليه ، لا هَمَّ لأصحابها إلاَّ استئصالُ الفضيلةِ مِن جذورها ، وبترُ الخير مِن المُسلمين ، وإبعادُهم عن رَبَّ العالمين سبحانه .. فيبذلون الغالىَ والنَّفيس ، ويُحَرِّكون أقلامَهم بثمنٍ رخيص ، كى يُحَقِّقوا أهدافهم الدنيئة ، وينشروا الوَباءَ في المُجتمع المُسلم .. هؤلاء قد تحمَّلوا مسئوليةَ أقلامهم ، لكنها مسئوليةٌ لا تنفعهم في دُنيا ولا آخِرة ، كيف لا وقد قال رَبُّنا سبحانه فيمَن يُحِبُّون انتشارَ الفاحشةَ في مُجتمع المُسلمين : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة ﴾ النور/19 ، فكيف بمَن ينشرونها ، ويدعون إليها بأقلامِهم ؟!! نسألُ اللهَ العافيةَ والسلامة .
ولنُلقي نظرةً سريعةً على أقلامٍ كانت لها بَصَماتٌ في حياتنا ، أقلامٍ مات أصحابُها ، ومازال نِتاجُ أقلامِهم وما خَطَّته باقيًا ، يُضافُ إلى حسناتِهم .. إنَّهم مَشايخُنا وعلماؤنا ؛ ابن تيمية ، ابن القيِّم ، ابن رجب ، ابن قُدامة ، ابن الجَوْزِىّ ، النووىّ ، ابن حَجَر ، البُخارىُّ ، مُسلِم ، أحمد بن حنبل ، ابن عُثيمين ، ابن باز ، الألبانىُّ ، رحمهم الله ، وغيرُهم كثيرٌ مِمَّن تحمَّلوا مسئوليةَ أقلامِهم ، وأحسنوا استخدامَها ، فكتبوا بها الخير ، وحذَّروا مِن الشَّر ، وابتعدوا بها عن الفِتَن ، وثبَّتوا المُسلمين بها وقتَ المِحَن .. فـ هنيئًا لأصحاب تلك الأقلام ، التي ما ضاع ما كتبته بمرور الأيام .
لـذا لا بُـدَّ مِن توفُّـر عِـدَّة أشياء ووضعها في الحُسْبان قبل الإمساكِ بالقلم ، حتى لا نشعرَ يومًا ما بالندم ،، ومِن ذلك :
♥♥ تحديـدُ الهَـدف : لماذا أُمْسِكُ بالقلم ؟ لماذا أُضَيِّعُ وقتي وجُهْدي في الكِتابة ؟ وهل هذا فِعلاً تضييعٌ للوقت ؟
وليكُن هدفنا [ الدعـوة إلى الله تعالى ] و [ نشـر الخيـر بين المُسلمين ] .. وبهـذا لا يضيعُ الوقت ،
ولا نندم على ما بذلناه مِن جُهْـدٍ في الكِتابة .
♥♥ إخـلاصُ النِّيَّـة للهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قال تعالى : ﴿ وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ البينة/5 ..
فلا نُحَرِّك أقلامَنا لمُجَرَّدِ الحصول على الشُّهْرة ، أو كسب مَدْح الناس وثنائهم ، أو تحصيل الأجر المادىِّ ،
وإنْ وُجِدَ شئٌ مِن ذلك دُون سعينا له فهو مِن فضل الله سبحانه ، فلا نغتر به ، ولا نجعله يُغَيِّر مِن نِيَّتنا ، أو يُبدِّل أهدافَنا .
♥♥ اختيارُ ما يُجيدُ القلمُ كتابتَه مِن مواضيع ، وما يُحْسِن تسطيره مِن كلمات ، وما لم يكن بإمكانه ،
فلا داعي للخوض فيه ، لأنَّه رُبَّما ضَرَّ أكثرَ مِمَّا ينفع .
♥♥ أنْ نضعَ أمام أعيننا كلمتين نذكرهما كُلَّما أمسكنا بالقلم ، وهما : [ حسناتٌ أو سيئات ] ،
لتكتبَ أقلامُنا ما يُضافُ لميزان الحسنات ، ولتبتعِدَ عن كُلِّ ما مِن شأنه أن يُكْثِرَ السيئات .
♥♥ لتَخُطَّ أقلامُنا : مواعِـظَ وتذكِـرة ، ونصائـحَ مُفيدة ، وعِلمًا ودعـوة ، وأمـرًا بمعروفٍ ، ونهيًا عن مُنكـر ..
لتَخُطَّ أفكارًا بنَّاءة ، وتُقَـدِّمَ العونَ لِمَن يطلبُه .
♥♥ قـد يكونُ القلمُ عاجزًا عن الكِتابةِ في بِدايةِ نشأتِه ، فيُخطئ دُون عِلمِ صاحبه ، لكنْ لا بُدَّ مِن التعلُّم وتصحيح الخطأ ،
وتدريب القلم على حُسْنِ الكِتابة ، والبُعْد عن السآمةِ والرَّتابة .
♥♥ أنْ نجعلَ أقلامَنا مُبْدِعَةً ، بكثرةِ القراءةِ والإطلاع ، والبحث والسَّماع ، وخِبراتِ الحياة ، ولتكُن مواضيعُنا مُتجددةً ، لا مُكررةً مُمِلَّة .
وكُلُّ إنسانٍ مسئولٌ عن عمله ، وصاحِبُ القلم مسئولٌ عن قلمه وعَمَّا يَخُطُّه ، طالما أنَّه مِن اختياره .. وفي الآخِرة سيجدُ المرءُ ما قَدَّم مِن خيرٍ وخَطَّه في كتابه ، وإنْ خَطَّ شرًا سيتمنى لو أنَّ بينه وبين ما خَطَّه بُعْدَ المَشرقين ، ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ﴾ آل عِمران/30 .. ولننتبه جيِّـدًا لقول رَبِّنا سُبحانه : ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ﴾ ، فلنحذر أخواتي ، فإنَّ رَبَّنا سبحانه ( شديد العِقاب ) ، لكنَّه - أيضًا - ( غفورٌ رحيم ) ، يتوبُ على مَن تاب .. فلنَتُبْ جميعًا إلى الله سبحانه مِن كُلِّ ما خَطَّته أقلامُنا مِمَّا يُغضِبُه ، ولنبدأ صفحةً جديدةً مُشرقةً بأقلامٍ جديدة ، تنبضُ بالخير ، وتدعوا للذِّكر والشُّكْر ، فإنَّ أعمارنا قصيرة ، وأعمالنا قليلة .. وكُلٌّ مِنَّا مُتَحَمِّلٌ لمسئوليةِ قلمه .
ولـ نَقُلْ جميعـًا :
[ قلمي مسئوليتي ، به أسعى لتحصيل غايتي ، جَنَّةِ رَبِّي ففيها سعادتي ]