عرض مشاركة واحدة
قديم 14-10-2003, 09:52 PM   رقم المشاركة : 1
بنت الجناحي
( ود نشِـط )
 







بنت الجناحي غير متصل

رسالة إلى مغترب..

بسم الله الرحمن الرحيم
جلسة مع مغترب
من هو المغترب ؟
إنه مسلم أقام في بلاد الكفار .. ألقى فيها رحله .. استقر في جنباتها .. بعدما عصفت به الرياح .. وضاقت به الأرض .. ففارق الأهل والأوطان .. وسكن في شاسع البلدان .. وهو في شرق الأرض .. وأخوه في غربها .. وأخته في شمالها .. وابنه في جنوبها .. أما ابن عمه فقد انقطعت عنه أخباره فلا يدري إذا ذكره .. هل يقول : حفظه الله ! أم يقول : رحمه الله ؟!!
المغتربون كل واحد منهم له قصة .. وكل أبٍ كسير في صدره مأساة .. وفي وجه كل واحد منهم حكاية .. ولعلنا نقف في هذا الكتاب على شيء من واقعهم .. ونجلس معهم .. نفيدهم ونستفيد منهم ..

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :
حدثني الشيخ فقال :
كنت في بلد أوربي يكثر فيه المغتربون من اللاجئين المسلمين الذي سكنوا في هذه البلاد طلباً لحياة أفضل ، وبعدما انتهيت من صلاة التراويح وإلقاء المحاضرة بعدها ، جاء إلىّ أحد الأخوة الكرام وقال :
يا شيخ أحد الأخوة العرب سمع عن مجيئك إلى هنا للدعوة فأحب أن تقابل ابنه !! فتعجبت وقلت : أقابل ابنه ؟!!
لماذا لا أقابله هو ؟! ولماذا لا يأتي إليّ ويطلب ذلك بنفسه ؟
فقال : هو لا يصلي معنا ، ولكن ولده يشكو من مشكلة ، ويريدك أن تشارك في حلها ..
فركبت مع هذا الأخ في سيارته وذهبنا إلى هناك .. فلما دخلنا فإذا بشيخ قد ناهز الستين سنه من عمره ، طُرّد فيها وشُرّد ، وعُذّب وسجن ، ثم استقر به المقام مع فلذات كبده في بلاد الكافرين ، فعاش فيها آمناً مطمئناً يأتيه رزقه رغداً من كل مكان ، سلم عليّ بحرارة ثم أدخلني إلى غرفة الجلوس ..
وبعدها حدثني بطرف من قصة حياته المؤلمة وكيف أنه أتى إلى هذه البلاد طلباً لراحة البال في زمن الشيخوخة بعد شقاء الشباب وعذابه !! قلت له : وهل وجدت راحة البال ؟
قال : فيما يظهر للناس : نعم بيت واسع .. وسيارة فارهة .. وراتب مجزي .. ولا عمل ولا نصب .. ولا كدح ولا تعب .. ولا تشريد ولا خوف ..
كل من رآني ظن أنني مرتاح البال وتمنى لو أنه في مكاني ، ولكن الحقيقة هي أنني أتعس الناس !!
لا أحكم أولادي ولا بناتي !! .. ولا أحكم زوجتي !!
بل لا أشعر أنني رجل له شخصيته ومسئوليته .. حياتي رتيبة جداً ! بل مملة جداً .. أشعر كأنني آلة أو جهاز ينتظر صانعه أن تنتهي مدة صلاحيته ليستبدله بغيره ..
ثم تدارك هذا الشيخ الكبير نفسه وقال : عفواً يا شيخ !! أنا لم أطلب مقابلتك لأجل أن أبث إليك هذه الهموم ، فهي أكبر من أن يحويها مجلس واحد .. وإنما أردت مقابلتك لأجل مشكلة لأصغر أولادي ..
أصغر أولادي – يا شيخ – عمره تسع عشرة سنة ، وقد جاء إلى هذه البلاد وعمره خمس سنوات ، درس في مدارس هذه البلاد .. وخالط أهلها في مدارسهم .. وأسواقهم .. وبيوتهم .. وملاعبهم .. و .. ولم أكن أمنعه من شيء ، بل لم أكن أتدخل في حياته !! لأن التربية الحديثة تقرر ذلك .. وإن شئت فقل إنني لم أكن أستطع أن أمنعه من شيء !! سواء كان محرماً .. أو فاحشة .. أو غير ذلك !! لأنه يستطيع أن يتسبب في سجني أو معاقبتي لو أخبر الشرطة بذلك .. لن أطيل عليك : ولدي منذ فترة طويلة لا يصلي .. ولا يصوم .. بل هو غير مقتنع بالدين أصلاً .. كل الأديان يعتبرها ظلماً للعباد !! .. وفي الفترة الأخيرة بدأ يتضايق كثيراً .. ويعتزل في غرفته ، ولا يخالطنا ، بل صار في كل صباح يحلق رأسه بالموسى .. وله تقليعات غريبة !..
هل يمكن أن أدعوه لك لتقابله ؟ فلعل الله أن يصلح حاله على يدك ..
قلت : لا مانع من ذلك ..
فصاح الأب الشفيق : محمد .. يا محمد ..
وبعد لحظات .. دخل علينا محمد .. شاب قد امتلأ حيوية ونشاطاً .. لعبت به الشهوات كما لعب بها .. مدّ يده إلي وقال السلام عليكم ! وعليكم السلام ، كيف حالك يا محمد ؟ ..
تدخل الأب وقال : يا محمد هذا الشيخ أتى ليناقشك في الأفكار التي تثيرها دائماً عندي ، يا ولدي أنت مسلم .. يا ولدي حرام عليك .. يا ولدي .. ثم بكى الشيخ .. واشتد بكاؤه .. وصمت ..
فقلت لمحمد : ذكر أبوك أن عندك بعض الأسئلة الدينية ، هل يمكن أن أسمعها ؟ .. ولكن – عفواً – قبل أن تذكرها .. هل تفهم اللغة العربية جيداً ( 1 ) ..
فقال أفهم كثيراً منها ، ولكن لا تتكلم معي بالفصحى .
فقلت له : في البداية يا محمد : هل أنت مقتنع بأن الله موجود ؟!
فقال : شو يعني مقتنع ؟!!
فقلت له : يعني : هل أنت مؤمن أن الله موجود ؟!
فقال : شو يعني مؤمن ؟!!
فقلت له : do you believe Allah