رواية الزهـــور الذهبية للكاتبة امرأة من زمن الحب
[blink]الفصل السابع[/blink]
[[ الوقوف في وجه العاصفة [[
خيم الليل و (الفريدو) و (أنجليتا) جالسان في الغرفة الى جانب بعضهما يتجاذبان أطراف الحديث وعقلهما يفكر في فكرة واحدة صامتة كيف سيقنع أباه بهذا الزواج حتى نهض (الفريدو) مجددا وقال :
"لا أستطيع الإنتظار أكثر......سأذهب لأتحدث اليه....."
فاقتربت منه (أنجليتا) وقالت :
"ارجوك لا تتشاجر معه كن لطيفا وحاوره بالمنطق..من أجلي"
فابتسم وأمسك خديها وقال :
"لا تقلقي يا حبيبتي.....سأكون هكذا لأجلك فقط...."
وذهب الى مكتب أبيه......كان (فرناندو) تماما في المكان الذي تركه فيه قرب النافذة يفكر وغليونه في فمه فناداه (الفريدو) قائلا :
"أبي هل لي أن أحدثك؟!.......أرجوك"
فالتفت له .....كانت عيناه جاحظتان وجبينه متجعد وعروقة بارزة......كان الغضب واضح عليه حتى لو أنه حاول إخفاء هذا فقال (الفريدو) :
"أني أعتذر......أعتذر على كل شئ......ولكنى أحب (أنجليتا)....أحبها حقا.....ولن أتحمل الزواج بغيرها مطلقا....أعلم أنك غاضب ولكنك أيضا ذو عقل راجح وحكيم وستدرك ما أحس به وما دفعني لأن أتصرف وحدي........أرجوك يا والدي......إن مسامحتك تعني الكثير لي......نريد ان نعيش في سعادة......وسأفعل أي شئ تطلبه مني...."
كان غضب (فرناندو) كبيرا لكنه كان يعلم منذ يومان أو ثلاثة فقلل هذا من حدة غضبه كما جعله يفكر بمادية أكثر وأدرك أنها ليست مشكلة بلا حل بل لها حل ولكن الحل يحتاج وقتا وصبرا فتظاهر بأنه يحاول إقناع نفسه ثم قال :
"منذ الغد أريدك أن تكون في العمل.....لقد تقاعست في الأيام الماضية كثيرا......والآن إذهب "
فلم يملك (الفريدو) إلا أن ينصرف قانعا بهذا الكلام الى الأن......ولكن كان قلقا كما لم يكن مرتاحا لفكرة ذهابه وتركه لعروسه في أول أيام زواجهما......
بينما هو يحدث اباه كانت (سيسل) قد طرقت باب غرفة (الفريدو) ففتحت لها (أنجليتا) فنظرت (سيسل) لها بإزدراء وظلت تذرع الغرفة بعينيها بحثا عن أخيها ثم أغلقت الباب وراءها وقالت:
"انت وحدك هنا إذن.....أرجو أن يكون (الفريدو) قد ذهب للحديث مع أبي ليطلب منه السماح على هذا الخطأ الغير معقول بأن يتزوجك......لا أصدق أنك حتى تقبلين هذا لنفسك.....ولكن مهلا إن أخي عريس لا يعوض.....أنه الأمير الذي تنتظره أي فتاة......فما بالك بخادمة لم تطمع حتى في سائس......على أية حال سأعرض عليك عرضا مغريا......ما رأيك لو أعطيتك المبلغ الذي تريدين وتطلبين من أخي الطلاق؟!.....مثلي عليه أنك مللت منه كما مثلت عليه انك أحببته.....كم تريدين؟!......سأكون سخية جدا معك"
فكلمتها (أنجليتا) بهدوء ظاهر قائلة :
"يا آنسة (سيسل) مهما كانت نظرتك لي فهي لن تغير من حقيقتي.....فأنا أحب (الفريدو) لنفسه لا لماله أو نبل أسرته......وإذا غادر هذا البيت وعاش معي في كوخ متواضع فلن يكون هناك أسعد مني.....!!!!"
"آه أجل.....سوف تكون تلك نهايته إذا بقي متزوجا منك.....ولكن أتعلمين؟!....لن أسمح لك أن تنزلي بمستواه الى الحضيض لأنه زوجك.....فأنت من يجب عليه مغادرة هذا البيت لا هو ولن أسمح لك بتمزيق أسرتنا وتدنيس دماء اسرتنا العريقة.....على أية حال.....الكلام معك لا يفيد.....فالفعل أفضل.....والآن وداعا يا......عروس!!!"
وغادرت غاضبة ثم دخل (الفريدو) بعدها بقليل وقال قلقا :
"ماذا؟!.....هل كانت (سيسل) هنا؟!.....ماذا قالت لك؟!....هل قالت لك شيئا أزعجك؟!..."
فابتسمت (أنجليتا) برقة وقالت :
"لا.....لا تهتم...المهم أننا معا.....هذا هو ما يسعدني...."
ثم أخبرها (الفريدو) عن إضطراره للإنغماس في العمل منذ صباح الغد وألقى تعليمات للخدم بخدمتها وأخبرهم بحقيقة أنها عروسه كما أمر بإحضار ملابس لها وطلب إليهم إعتبارها سيدة البيت الجديدة وحذر من معاملتها بسوء تحت أي ظرف وكانت أقسى لحظة بالنسبة له أن يتركها ويذهب الى مقر شركات والده في ميلانو ولكن كان عليهما الصبر كما شجعته هي وطمأنته أنها ستكون بخير وقضت يومها الأول في الغرفة ولم تخرج منها حتى للوجبات كانت الوجبات تصل لها في غرفتها فلم تعلم كيف ستجلس على مائدة واحدة مع السيد (فرناندو) و (سيسل) ولكنها كادت تموت من الملل فنزلت الى مائدة الإفطار في صباح اليوم التالي وبدا على خادمتها الذهول والريبة من تصرفها ولكنها أطاعتها فجلست في الموعد ثم دخلت (سيسل) بعدها بدقائق فجلست وكأنها لا تراها ولا تلاحظها ولم تلقي لها حتى كلمة للسلام......ثم جاء بعدها بدقائق السيد (فرناندو) الذي نظر إليها بدهشة وسخرية شديدة وبدأ الثلاثة يأكلون والصمت يخيم عليهم كليا حتى بدأت تتناهى الى أذني (أنجليتا) همسات الخدم ونظراتهم الموحية إليها....كانت تعلم أنها أصبحت حديث الساعة الكل يتحدث عنها وعن اصلها ويسخر من تهور (الفريدو).....فنهضت ولم تستطع إكمال الإفطار ولم تدري الى أين تذهب.....فذهبت الى المطبخ حيث تجلس السيدة (سوزي) وعانقتها بقوة وهي تبكي وتقول:
"سيدة (سوزي).....الجميع يتحدث عني ويسخر مني.....لا أصدق هذا....كأني وباء يجب التخلص منه.....أخشى أن يؤثر هذا على (الفريدو)...."
لكن السيدة سوزي طمأنتها قائلة أنه لن يفلح العالم كله في تغيير رأي (الفريدو) أو إطفاء مشاعره فهي تعرفه جيدا وبعد أن هدأت ظلتا تتحدثان عن أمور أخرى فقالت (سوزي) :
"سيعود (الفريدو) بعد يومين على ما أظن ولابد أن يكون مشتاقا لك جدا...."
"وأنا أكاد أموت شوقا إليه......كما أشتاق لأبي و(نيلا) وللقرية.....ترى هل يعلمون عما حصل هم أيضا؟!......."
فسكتت (سوزي) فأضافت (أنجليتا) :
"لعلي أصبحت حديث القرية كلها أيضا......ابن آل (فان دييجو) يقرن اسمه بخادمة وضيعة.....حكاية مثيرة...ولكنها من نوعية القصص التي لا تبشر بنهاية سعيدة أو هذا قد تكون نهايتها مفتوحة أليس كذلك...."
فالتفتت لها وقالت :
"ما هذا الكلام؟!.....وماذا يهم فيما يقوله أهل القرية أو الخدم؟!....كل هذة مهاترات لا فائدة لها.....فلتركزي على مستقبلك انت و (الفريدو) و في كيفية إسعاده ولا تهتمي بأولئك الحمقى أبدا...."
فأفرحها قليلا كلام السيدة (سوزي) وعادت لتحبس نفسها في الغرفة من جديد.....لقد كانت الغرفة جميلة على الرغم أنها تخص رجل لكنها كانت مزينة بصورة فنية جدا فلم يزعجها الأمر ولم تفكر مطلقا بأن تطلب من زوجها تغيير شكل الغرفة لتناسب ذوقها ولكنها في قرارة نفسها لم تكن معتادة بعد على فكرة كونها زوجته فلم تسنح لها الفرصة لترسخ تلك الحقيقة في نفسها أو لتشعر بسعادة اقترانها به وقضاء الساعات وهي تحدثه أو تضاحكه واندهشت لذلك لأن أحدا لم يكلمها أو يزعجها أو يوجه لها كلمة إهانة ما على الرغم أن (الفريدو) ليس موجود وشعرت أن هذا لأن (الفريدو) حذرهم بشدة من هذا الأمر ولابد أنه وجه تحذيرا لأخته أيضا كما كانت أتفه من أن يوجه لها السيد (فرناندو) كلمة في نظره وظلت جالسة على السرير تحدق أمامها دون هدف تفكر وتفكر وشعرت أن تلك الليالي كالسنين بالنسبة لها وقالت كيف لها أن تتحمل هذا فيما بعد عندما يغيب عنها (الفريدو) طويلا ثم سمعت طرقا على الباب فتوجست خيفة ودخلت الخادمة تقول :
"عفوا يا سيدتي......لكن هناك زائر بانتظارك....."
فذهلت وتساءلت ترى من يكون ثم رجحت أنها ربما تكون (نيلا) وقالت :
"سأنزل حالا....."
وذهبت لإرتداء ملابس مناسبة .....
نزلت (سيسل) الدرج الرئيسي فرأت (اندريه) يقف وسط الساحة فشعرت بالحرج وفكرت أن تعود أدراجها ولكن الأوان كان قد فات فلقد رآها وقام بتحيتها.....فابتسمت مرغمة وقالت :
"آسفة لم يخبرني أحد أنك أتيت......أو أنك أتيت للقاء أبي؟!....."
"الواقع أتيت لأقابل السيدة (أنجليتا)......"
فتجمدت (سيسل) في مكانها وقالت :
"ماذا تقول؟!....لماذا؟!......."
"لأبارك لها......فأنا لم أرها منذ الزفاف كما أني كنت مع (الفريدو) في ميلانو ولأني عدت باكرا عنه طلب إلي أن أسلمها شيئا..."
فحدقت به بثورة وقالت :
"أكنت في الزفاف؟!.....وقادم لتبارك لها؟!....كان عليك أن تأتي لتعزينا يا (اندريه).....لا أصدق أنك لا تعترض على هذة الزيجة أم أن (الفريدو) استطاع أن يقنعك بأفكاره الحمقاء....."
" (الفريدو) لم يقنعني بشئ.....فأنا كنت مقتنعا من البداية...... (أنجليتا) فتاة رائعة وسوف تقتنعين بها يوما ما......أنها أنسب زوجة (لالفريدو)......ارجو أن تتقبلي رغبة أخيك....."
فرحلت من أمامه ثائرة فنظر اليها بسخرية واستغرب لتفاهتها وكيف ظهرت في تلك اللحظة مختلفة تماما عن الصورة التي وضعها فيها من قبل وكيف بدت له عكس ما كان يتوقع بل لقد تساءل كيف وقع في حبها فهي لم تكن أبدا تناسبه وعندما نزلت العروس البرونزية أمامه نظر إليها بتقدير ووجد نفسه يقارن بينها وبين (سيسل) مرغما وكانت النتيجة واضحة......أكثر شئ أسعده بشدة نظرة الفرح التي ظهرت على وجهها بمجرد أن رأته بل لو كانت تملك الشجاعة لهرعت الى ذراعيه راكضة ولكنها وقفت و الإبتسامة تعلو شفتيها وهي تقول :
"يا إلهي (اندريه).....كم أنا مسرورة برؤيتك.....أنه لطف منك أن تتذكرني...."
نتاااابع كمان طيب