رواية الزهـــور الذهبية للكاتبة امرأة من زمن الحب
[blink]الفصل التالت[/blink]
[[ ليلة القمر [[
جاءت (فلوريا) في ذلك الوقت تزور (سيسل) ولكنها قررت أن تمر على (ألفريدو) أولا فهي لم تره منذ فترة ولكن الخدم أخبروها أنه لا يريد أن يكلم أحدا الآن فحزنت لأنها علمت أنها مثل أي أحد بالنسبة له وذهبت (لسيسل) مباشرة وعندما رأتها تلك الأخيرة أشرقت فرحا فهذا ميعاد رسائل حبيبها (روبرتو) وقالت لها بجذل :
"هل جئت بكنزي ؟!.."
فردت (فلوريا) :
"نعم ها هو كنزك....رسالة جديدة من (روبرتو) .....رسالة طويلة على ما أظن لأن الظرف ثقيل!!!"
فكادت (سيسل) تفقز فرحا وظلت تعانق الظرف وقالت والإبتسامة تكاد تشق شفتيها :
"ولكن لما أتعبت نفسك وأتيت الى هنا....كنت سآتي اليك على أي حال"
"أتيت لأرى (ألفريدو) أيضا ولكنه لا يريد مقابلة أحد......أتساءل ماذا جرى له؟!...."
"لا أدري لعله تذكر شيئا أوقرر قراءة الشعر فهوعادة عندما يقرأ الشعر يرفض أن يزعجه أحد"
فقالت (فلوريا) بحزن :
"حتى أنا ؟!...ما كنت لأزعجه أبدا "
فحزنت (سيسل) لأجل (فلوريا) ولكنها ما كانت لتبدد فرحتها فرتبت على كتف (فلوريا) ثم فتحت الظرف بشوق وظلت تلتهم كل كلمة فيه وعندما رأتها (فلوريا) عرفت أن لا ضرورة لوجودها فرحلت وعادت لبيتها وما إن دخلت قصر (روزانيرا) رأت أمها بإنتظارها وقالت لها بتسلط :
"ماذا ؟!...هل قابلت (ألفريدو) ؟!...."
"لا يا أمي لم استطع...."
فاهتاجت وقالت :
"لما؟!......إذن لماذا ذهبت؟!......... أنت هكذا دائما بلا أي نفع....كيف تريدينه أن يحبك وهو بالكاد يراك ليتذكر من تكونين"
"أمي كفى أرجوك......لقد رفض مقابلة أي أحد....ثم أنا لا أستطيع أن أرغمه على أن يحبني...أنا لا أعرف كيف أفعل هذا.....إذا لم يحبني قلبه وحده.....فلا تزعجي نفسك ولتبحثي عن نبيل غني آخر لترمي عليه شباكك...."
قالتها بسخرية لاذعة لأمها ورحلت باكية فهي تكره تفكير أمها وأنها تريد تزويجها (لألفريدو) لأجل انقاذ أسرتها واستغلال ثروته فهي كانت تحبه حقا ولا تدري لما كانت تشعر دائما بأن عيناه إذ تنظران إليها لا تراها وإذا غاب عقله في أفكار فهي لا تدور حولها وإذا دق قلبه فهو أكيد ليس لها وزادها هذا بؤسا وشفقة على نفسها وطلبت من ربها أن يساعدها وظلت تبكي على سريرها......
أما (سيسل) فكانت في أوج فرحها وسعادتها فلقد كانت رسالة (روبرتو) هذة المرة زاخرة بالمشاعر الملتهبة كما تحمل خبرا رائعا أنه قادم عما قريب في غضون أسبوع لملاقاتها وقال بمجرد أن يحضر الى ميلانو سيأتي ليراها أولا قبل أن يذهب الى قصر (روزانيرا) حيث أهله وعمته (ساندرا فلاديمير) وسيراها سرا في الحديقة واتفق معها على الوقت الذي سيجمعهما فاستلقت (سيسل) على سريرها وهي تضم الرسالة بكلتا يديها الى قلبها وفرحتها لا تسعها.....
تحدث (خوسيه) مع ابنته (أنجيليتا) وأخبرته باكية عن ما آلت إليه أمورها وكيف تشعر بمشاعر قوية تجاه (ألفريدو) فتألم (خوسيه) لأجل أبنته وعلم أن صراعها مع نفسها لتقاوم (ألفريدو) لم يفلح فرتب على كتفيها وضمها اليه وقال بحنان :
"يا ابنتي إن لكل قلب أحكامه وأحيانا لا تكفي قوة العقل للسيطرة عليه وخصوصا إذا كان الغازي هو الحب....حاولي أن تتجنبيه ولتبقي يومين في القرية عند صديقتك (نيلا) هناك فأنت لم تزوريها إلا قليلا.....حتى تنسي كل ما جري.."
كانت (أنجيليتا) تعشق والدها وتعلم أنه في لحظات ضعفها تلجأ اليه كأم لها وليس كأب فهو لطالما قام بدور الأثنين معا وكان دائما يحتويها ويحتضنها في أكثر الأمور حساسية ولم يكن قد صرخ في وجهها أو عنفها في حياته قط كان فعلا أحن أب يمكن أن تحصل عليه ابنة في حياتها ووجدت أن فكرة والدها معقولة أن تبتعد عن (ألفريدو) قليلا فحملت حقيبة صغيرة وذهبت الى القرية وعندما وصلت لبيت صديقتها رحبت بها أشد ترحيب وقررت أن تجعلها تنام بغرفتها و أعطتها من ثيابها وقالت لها :
"لقد نسيتي أن تأتي للأحتفال الذي أقيم منذ أسبوعان ولكن لا تقلقي هناك احتفال غدا.....احتفال كبير تقيمه كل مرة في قريتنا يشبه الحفلات التنكرية للنبلاء فكل فتاة تصنع قماشا رقيقا على بقية وجهها دون عينيها ويتلثم الرجال وفي النهاية بعد أن يختار كل رجل رفيقته فأنه يريها وجهه وهي كذلك...!!"
ففرحت (أنجيليتا) كثيرا لهذا وقررت أنها لن تفكر في أي شئ وستستمتع بكل لحظة هنا وقررت مشاركة الفلاحات في أعمالهن....
جاء (أندريه) في اليوم التالي ليزور (ألفريدو) ولكنه وجده عائدا من الإسطبل وهو حزين وقال له (أندريه) :
"ماذا ؟!..هل صدتك مرة أخرى الكولومبية ؟!...هل تدرك حماقة ما تقدم عليه.... أن تحب....لا لن أقولها فأنت تدركها ألا كف عن ما تفعل وعد لرشدك من فضلك.."
فقال له (ألفريدو) :
" آه يا (أندريه) إنني في كامل رشدي....إنك لم ترها حتى تقرر لم ترى جمالها الأخاذ....ولم تحدثها لتدرك...لتدرك جمال روحها التي تغمرني بالشوق والهوان وعلى أية حال فلقد ذهبت لمصالحتها لكنني لم أجدها وقابلت والدها (خوسيه) الذي عاملني بجفاء قال لي أنها ذهبت للقرية لتبتعد عني بضعة أيام وقال أنه لن يسامح استغلالي لإبنته وطلب الى أن ابتعد عنها نهائيا.."
"خير ما فعل الرجل وأكثر خيرا لو أنك تستمع اليه..."
" كيف استمع اليه بالله عليك.....إنني أحبها...أحبها حبا لم يسبق أن أحتل قلبي لأي مخلوق....ولقد تأكدت أنها تحمل في قلبها شيئا تجاهي...لن أهدأ حتى أنتزعه من لسانها!!"
"ألا أحمد ربك أنها لم تكن من تلك الخادمات اللاتي يستغلنك ولم تقم بما هو أفظع ولم تجاريك إنها الخادمة الوحيدة التي عرفتها والتي تحفظ عقلا كريما داخل رأسها فكن ممتنا لأنك لم تقع في يد واحدة أخرى غيرها....."
"أي عقل هذا....عقلها أصلب من الفولاذ....لقد سمعت أن في القرية احتفال اليوم...ولابد أن أذهب اليه.....فلعلها ستكون هناك.."
وعندما سمع (أندريه) هذا الكلام عرف ألا فائدة ترجى من محادثة (ألفريدو) وقال له بسأم :
"أتعلم لن أعارضك بعد اليوم في حبك لتلك....الفتاة.......فأتركها تعلمك درسا بنفسها....لقد نسيت ما كنت سأكلمك فيه...والآن سأعود للبيت..."
ورحل (أندريه) غاضبا بينما ظل (ألفريدو) يدبر حتى توصل لحل نهائي .......
وضعت (نيلا) آخر اللمسات على وجه (أنجيليتا) لتجعله جميلا تزيد فتنته أضعافا ووضعت على وجهها المنديل الشفاف لتصبح جاهزة لحفل الليلة ونزلتا معا فقالت أم (نيلا) :
"نيلا ها قد أحضرت أجمل فتاة على الإطلاق ومحوت صورتك من الوجود الى جانبها فبجمالها يصعب على المرء رؤية أحد غيرها"
فضحكت الفتاتان وإتجهتا الى مكان الحفل الذي يعج بالفتيات الفاتنات الواضعات نقابا شفافا والرجال الملثمبن الذين يشبهون فرسان الصحراء وكانت الضحكات في كل مكان ومختلف الأنواع من الطعام والزينة والورود وهناك من لديه من الرجال موهبة العزف فعزف على الآلات البدائية ليصنع جوا رومانسيا للحفل وهناك من تتباهى بمهارتها في الرقص فترقص على أنغام تلك الآلات وهناك من يصفق لها ويراقبها وهناك من انشغل في أحاديث مع رفيقه بعيدا عن هذا المكان فكل رجل أتى ليقابل فتاة أحلامه لعله يقع في الحب هذة الليلة......ليلة اكتمال القمر...وكل فتاة تنتظر أن تقابل فتى أحلامها ليأسر قلبها ويخطفها على حصانه الأبيض....هكذا هي حفلة..(ليلة القمر)....كانت (أنجيليتا) في غاية السعادة لحضور حفل كهذا كان كل شئ جميلا مبهجا ولكنها كانت تكتفي بالمراقبة ليس إلا ولم توافق على أن ترافق أي رجل طلب اليها ذلك الى أن ذهبت (نيلا) مع أحدهم فأصبحت هي وحيدة ولكن لم يكن لهذا أهمية عندها فهناك رجل في قلبها يداعب أفكارها ولا تستطيع نسيانه ولكنها صممت على أن تفعل فهي هنا من أجل هذا وظلت تطرده من فكرها كلما جاء حتى ظهر القمر فوق القرية فهلل الجميع وأقاموا رقصة ثنائية فامتدت يد الى يدها وأخذتها دون أن تدري وأنطلق الملثم بين الجموع ساحبا يدها دون أن يزعج نفسه حتى بسؤالها عن إذا كانت موافقة أن ترقص معه أم لا لكنها قررت أن ترقص وتستمتع فلم تبالي ووقف بها في المنتصف ثم استدار لها ليتقابلا ويتلاصقا....فأسرت عيناه عيناها....فلم تستطع تحويلها عنها وقام هو بقيادتها أصابعه تلتف حول أصابعها يدور بها....في أفلاك غامضة....بعيدة عن هذا العالم...حيث كل شئ يتلألأ....مثل النجوم في السماء...فشعرت أنها تطير....تسبح في السماء....تكاد تلامس القمر المكتمل الذي يطل عليهم....شعرت بسعادة لم تشعر بها في حياتها....ّذلك العالم الذي خرج من عينيه ليحويها....شعرت أنها تستطيع أن تنظر الى عينيه ما تبقى ما من عمرها وحدثت نفسها أنها لا تريد لهاتين العينين أن تنظران لأحد سواها هي فقط...لا أحد آخر...عيناه اللازوردية...العاشقة الولهانة ونسيت كل شئ والدها وسوزي وآل (فان دييجو)....و (ألفريدو) فقط الملثم الذي يقف أمامها..هو كل عالمها...عالمها الحاضر.....
ارتفعت صيحات الإعجاب....و ارتفع التصفيق فأفاقت من سحر عينيه ونظرت حولها فلم تجد في مكان الرقص سواها هي وهو فلقد تميزا عن الجميع فوقف الجميع يحدق بهما وبولعهما الواضح للعيان ولو أنهما لم يريا بعضهما قبل الآن....لم تدري كيف هذا و شعرت أنه جنون ولكنها شعرت أنها تعرفه....وأنها تحبه وأنه لو طلب روحها في هذة اللحظة لأعطته إياها دون أدنى تردد...فقبض على يدها وأخذها من جديد ولكن بعيدا عن الحفل وبعيدا عن الناس وعن العيون المراقبة ووقفا تحت ظل شجرة حيث نسمات الليل تلفح وجهيهما والقمر فوقهما يراقبهما...وعيناهما لا تزال متعانقتان...استندت (أنجيليتا) على جزع شجرة ووقف الملثم ملاصقا لها واضعا يده على وجهها....أصابعه تداعب خدها وعيناه...عيناه تكاد تجزم أنهما يتكلمان...حتى تكلم هو وقال :
نتااااابع كمان ياحلووووووين طيب