رواية الزهـــور الذهبية للكاتبة امرأة من زمن الحب
فنظر اليها بدهشة ورفعت رأسها وعيناها تكادان تلتهمانه عشقا وفي تلك اللحظة دخل (أندريه) وقال :
"(ألفريدو) ؟!....آه المعذرة هل أتيت في وقت غير مناسب؟!...لقد طرقت الباب عدة مرات فلم يجب أحد....على أية حال سأرحل حالا "
" لا انتظر يا اندريه....أريد التحدث معك...في الواقع لقد كنت انتظرك منذ يومين...."
فعلمت (فلوريا) ألا مكان لها هنا فقامت ورحلت دون كلمة فنظر إليها (أندريه) ثم نظر الى (ألفريدو) وقال :
" مابها ؟!....هل فاتني شئ؟!..."
" فاتك كل شئ كالعادة....أظنني أظنني يا (أندريه) .....قد وقعت في الحب...."
فنظر اليه (أندريه) في هدوء وقال :
"لا بأس الجميع كان يتوقع هذا ويتمناه فوالدك كان يريدك أن تتزوج (فلوريا) فيبدو لي أنها تحبك هي الأخرى....كما أن أمها تكاد تفقد عقلها في انتظار زفافكما"
"ما الذي تقوله......لم أعني (فلوريا) مطلقا أيها الذكي...وإنما هي!!....هي!!"
"و هل هي تلك.....لها اسم محدد؟!..."
" (أنجيليتا) ...آه..... (أنجيليتا) "
فبحث (أندريه) في رأسه ولكنه انتهى حائرا ثم قال :
"لا أحد في معارفنا يحمل هذا الأسم كما لا أظن أنها فتاة من اللاتي قابلتهن في أحد الحفلات تحمل هذا الأسم .....فابنة أي عائلة هي؟!...."
" لا تعرفها فهي ليست ابنة عائلة و هي لا تسكن بعيدا بل هي هنا الى جواري....أراها كل يوم وأتمزق شوقا ....إنها (أنجيليتا خوسيه) الكولومبية..."
" مهلا ....لا تقل لي أنها الخادمة..."
"لا تقل هذا عليها...أجل هي.... "
" بالله عليك .....هل فقدت عقلك؟!...هل تريد لوالدك أن يدفنك حيا؟!....هل نسيت الشرف والكرامة ونبل العائلة؟!....."
فوقف (ألفريدو) غاضبا مهتاجا وقال صارخا :
"إن حبي لها لا يقلل أي من هذا بل على العكس أنه يزيد من شرفي واحترامي لذاتي...لا تقل هذا يا (أندريه)....ليس منك انت...لا تكن مثلهم....فانت صديقي ويفترض أن تكون الى جانبي أنا ....نعم أحبها.....لقد بقيت الأيام السابقة ألاحقها من مكان الى آخر....أصارعها بالكلام وأترجاها أن تعيد التفكير في ما بيننا ولكن قلبها أصلب من أن أطرق على بابه وعقلها يحتل زمام نفسها.....لا أدري ماذا أفعل....حقا لا أدري أنها قوية...رابطة الجأش لا يؤثر فيها أيا من أسلحتي التي اعتدت أن أصرع قلوب الفتيات بها حتى أني أظن أنها ليست من هذا العالم...إنها مختلفة...ولعمري أني لا أريد شيئا من العالم سواها.."
فكان ذهول (أندريه) عارما وقال في نفسه (مستحيل ألهذة الدرجة؟!) ولكن كلمات النصح التي قالها بعد ذلك لم تصب شيئا من عقل (ألفريدو) وحاول عابثا أن يخبره أي علاقة كهذة لن تكون نهايتها إلا الحسرة والأسى فما لبث (ألفريدو) أن أمسك رأسه بألم وقال:
"توقف !!..أنت تكرر نفس....كلماتها!!"
عندما عاد (أندريه) لبيته ظل يفكر طويلا فيما حصل وشعر أن (ألفريدو) قد فقد عقله كليا فالفتاة لم تأتي سوى من اسبوعان فقط ولكن الذي جعله حائرا هو أن (ألفريدو) دائما شديد المناعة تجاه تلك الأمور ولم يسبق في حياته مطلقا - منذ لعبا سويا وهما في الخامسة- أن رآه بهذة الحال....
فهي فعلا المرة الأولى.....ولكنه ليس مراهقا لكي يقع في حب خادمة....وليس جاهلا بالأمور العاطفية لكي ينصحه ويخاف عليه فماذا عليه أن يفعل؟!...ظل يفكر طويلا حتى انتهى الى نتيجة واحدة..أفضل شئ أن تظل تلك الكولومبية متم*** بموقفها ولابد أن يمل (ألفريدو) يوما ما....ولكنه مالبث أن تذكر نفسه وحبه لأخت (ألفريدو) (سيسل) فعلى الرغم من موقفها معه الأخير إلا أن ذرة من حبه لم تنقص بل ويكاد يجزم أن حبه لها زاد وما يشعل نار هذا الحب عذاب قلبه الذي يملك حبا من طرف واحد وفجأة لاحت له مشاعر صديقه بوضوح ضارية وقوية فمثيلتها تندلع داخله ولم يملك سوى أن يرثى لحال صديقه ولكنه كان واثقا أن حب صديقه لتلك الخادمة لايمكن أن يصل لدرجة حبه (لسيسل).....
وكان حال (ألفريدو) نفس حال (أنجيليتا) التي كانت تتعذب وهي تصده بقوة ولكنها كانت متأكدة أنه لا سبيل لقلبيهما أن يتفقا ولا سبيل لروحيهما أن يتحدا وكانت تفضى بعذابها للسيدة (سوزي) التي كانت تحتضنها لتخفف من آلامها وفي كل مرة تحتضنها كانت تشعر بالأمومة - التي دفنتها بقلبها بعد موت ابنتها- تنهض وتترعرع من جديد حيث أيقظت (أنجيليتا) فيها حس الأمومة الذي ظنت أنه لن يعتمر قلبها مجددا وكانت تطلب منها الصبر والجلد....وكان (خوسيه) يراقب ابنته ويعرف في نفسه ما يسوءها ويعذبها ولكنه بقي صامتا فهو يثق في ابنته واختيارها ويثق أن أيا كان قرارها فسيكون قرارا سليما فهي ابنته التي رباها وعرفها كيف تتصرف بحكمة دون أن يحكم قلبها إلا في الوقت المناسب....
ذهبت (أنجيليتا) ذات صباح للإسطبل الذي يحوي (روبن) الحصان فوجدت هناك (ألفريدو) يتأمله ويحاول الإقتراب منه فصرخت فيه قائلة :
"انتبه!!!...هذا الحصان لم يعتد عليك بعد وقد يصيبك بأذي...."
فتحول إليها ثم نظر الى الحصان فوجده يحفر بأقدامه وكأنه على استعداد لينقض عليه فذهبت (أنجيليتا) اليه تلاطفه وتحاول تهدئته وتحدثه في أذنيه بصوت منخفض حتى هدأ تدريجيا فقال (ألفريدو) :
"يبدو أني لست الوحيد هنا الذي لا يستطيع مقاومة سحرك فهاك أكثر حصان خطر في الإسطبل يسلم أسلحته لك ويقف أمامك خانعا بينما يعجز عشرة من الرجال تهدئته أو جعله يطاوعهم "
"أرجوك كف عن غزلك ولو لدقيقة ثم...........لو تأخرت قليلا فلربما دفعك دفعة قد تؤدي لكسر عظامك.....فأرجوك لا تقترب منه حتى أروضه تماما"
"هل انت خائفة على يا عزيزتي؟!.....كم أنا سعيد لهذا..."
"بل خائفة من عقاب السيد (فرناندو) إذا حصل لك شئ وحينها لن يكون يوما سعيدا لنا"
نتااااااابع كمان طيب