قَبْل الخَوض فِي غِمَار المَوضُوع وَتَسَلُّق جُدرَانُه العَالِيَة لِمَا لَهُ
من أهَمِّيَّة قِصْوَى فِي حَيَاة الفَرد وَالمُجْتَمَع أتمَنَّى من الأخ العَزِيْز
الأستَاذ ( المسَافِر ) أن يُصَغِّر تَوقِيعُه قَلِيْلاً ..
لأنُّه وَالحَقُّ يُقَال أتعَبْنَا بِسَبَب كُبْر ( حَجْمُه ) ..
ومن حَيثُ تَحرِيْك الصَّفْحَة مَابَيْن يُمْنَى تَارَة وَيُسْرَى تَارَة أخرَى ..
أنَّهُ نِدَائِي إلَيْك فَلاتَنسَى!!
وَإذَا مَا أرَدنَا الحَدِيث عَن صِلَة الرِّحْم وَلَمّ الشَّمْل العَائِلِي بَينَ الآبَاء
وَالأمَّهَات وَالأبنَاء وَذَوِي القُربَى بِشَكلٍ عَام ..
فَلابُد أن نَكُون صَادقِيْن مَعَ أنْفُسْنَا .. لأنَّنَا أو لأنَّكِ تَعْتَقدِي أحياناً
لِسَبَب أو لآخَر أوبِحُكْم ظرُوف مُعَيَّنَة مَرَرْتِ بِهَا تَعْتَقدِي وَرَبَّمَا بَعَد سَنِيْن
وَبَعَد عِلاقَة قَوِيَّة مَعَ أبنَاء أو أشِقَّاء عِلاقَة وََصَلَت إلَى مَرحَلَة مُتَقَدِّمَة
من الإنْدِمَاج فِيْمَا بَينكُم .. تَعتَقدِي أنتِ فِي مثل هيك ظرُوف ..
أنكِ أضْحَيتِ مُجَرَّد ذِكْرَى لَهُم .. فِي الوَقت الَّذِي كُنْتِ لَهُم كُل شَيء ..
وَكَانُوا هُم بِالنِّسْبَة لَكِ كُل شَيء ومَازَالُوا!!
أبْنَاء كَانُوا يَعْنُون لَكِ شَيْئَاً كَبِيْرَاً جِداً .. أنتِ نَفسُكِ لاتَسْتَطِيعِي وَصفُه
يَنتَابُكِ هَذَا الشّعُور حِينَمَا تَمُرُّ عَلَيكِ الأيَّام الوَاحِد تِلْو الآخَر ..
وَالشَّهْر تِلْو الشَّهَر وَالسَّنَة تِلْو الأخْرَى .. دُونَ أن تَرِي أيَّة بَوَادِر حَقِيْقِيَّة
تَشعُركِ أنَّكِ لازُلْتِ تَعْنِي لَهُم شَيئاً .. أو أنَّكِ عَلَى بَالهُم عَلَى أقَلّ تَقْدِيْر ..
يَنتَابُكِ هَذَا الشّعُور حِيْنَمَا يُغِيبُ عَنْكِ هَذَا ( الإبْن ) الذّذِي هُوَ نَفسُكِ ..
وَتَنقَطِعُ عَنْكِ أخبَاره .. وَلَم تَعُودِي تَسمَعِي عَنْه .. من قَرِيْب أوبَعِيْد !!
لِدَرَجَة تَشعُرِي بِفَرَاغ كَبِيْر بِدَاخلك أوجَده غِيَابُه ..
فَرَاغ لايَمل}ه سِوَى حضُوره وَتَوَاجده مَعكِ وجلُوسه بِجَانبُكِ أوعَلَى الأقَلّ
إحسَاسُكِ بأنُّه قَرِيْب مِنْكِ ..
وَأنُّه بِخَيْر وَأن بِإمكَانُكِ أن تَطمَئِنِّي عَلَيْه .. حِينَمَا يُسَاوِرْكِ شعُور بِالوِحْدَة
وَحِينَمَا تَشعُرِي بِرَغبَتُكِ الجَامِحَة لِمَن يُصْغِي إلَيْكِ بِكُل حَوَاسُّه الخَمْس ..
وَيَستَمِع لِكُل مَافِي قَلبُكِ مَهْمَا كَان ..
تَعتقُدِ أحيَاناً وَفِي أحيان كَثِيرَة وَبِسَبَب غِيَابُه عَنْكِ وَإنقِطَاعُه أنَّكِ رَبَّمَا كُنْتِ
شَيئاً عَادِيَّاً بِالنِّسبَة لَه أو أنَّكِ رَبَّمَا ظَلَمْتِيْهِ أو أسَأتِ إلَيْهِ دُونَ أن تَشعُرِي
وهَذَا مَايُتعُبكِ نَفسِيَّاً .. وَلأنُّه ( إبن ) لَيسَ كَكُل الأبنَاء فَأنَّ مُجَرَّد التَّفْكِير
فِي هيك أمُور مُتعِب جداً عَلَى نَفسُكِ .. عَلَى نَفس أحبَّت بِصِدْق ..
وَأخلَصَت بِعَفْوِيَّة وَأعطَت دُونَ مُقَابِل أو إنتِظَار !!
وَلأن الأيَّام كَفِيلَة بِإنْدِمَا جرُوح المَاضِ وَالأيَّام الخَوَالِي المُتعِبَة فَأنَّكِ لاتَملكِ
سِوَى أن تَحتَملِي هَذَا الألَم .. وَهَذَا الفُرَاق وَتَتَحَرَّقِي إشْتِيَاقاً لِذَلك اليَوم
الَّذِي رُبَّمَا تَرِيهِ فِيهِ .. أو تَسمَعِي صَوته من خِلاله !!
وَلأنَّكِ تَعرَفِي حَق المَعرِفَة .. وَتَعرفِي طَبِيعَة الظرُوف الَّتِي من حَول ..
هَذَا ( الإبن ) بَل وَتَعرفِي صِدق وَقَدر تَضحِيَاته ..
فَأنَّكِ لاتَستَطِيعِي أن تَلُومِيهِ مَهْمَا حَاوَلتِ .. لأنُّه هُوَ الآخَر لايَقِلُّ حُبَّاً ..
وَإشتِيَاقاً لَكِ وَلَكِن مَايُمنِعه عَن السُّؤال عَنْكِ وَالتَّوَاصُل مَعْكِ هِيَ ظرُوف
أكبَرُ مِنْه وَمِنْكِ ..
وَهَذَا رُبَّمَا مَايُرِيْحُكِ رَغْم إشتِيَاقُكِ لَه .. وَلَهفَتُكِ ( المَجنُونَة ) عَلَيهِ!!
أمَّا مَايُرِيحُكِ وَيُعَزِيكِ أيضاً هُوَ أنَّكِ مَازُلتِ تُحبِّيهِ وَتُكِنِّي لَهُ كُل المَعَزَّة ..
لَيسَ لِشَيء فَقَط لأنُّه المِزْن السُّحْب .. ولأنُّه ورُود الغَلا ..
الَّتِي تَتَمَنِّي وَتَتَمَنِّي .. أن يُخُصُّكِ بِرَوَائِحُهَا العَطِرَة .. بِأشكَالُهَا العَذبَة ..
دُونَ غَيرُكِ من النَّاس .. وَإن كَانَت أنَانِيَّة مِنْكِ .. هَكَذَا تَشعُرِي أنْتِ ..
أنُّه لَكِ وَحدُكِ لايُشَاركُكِ فِيْهِ إنسَان .. لأنَّكِ الأولَى بِهِ ألسْتِ ( أمُّه )؟
وَلَكِن وعَلَى حِين غَرَّة .. وَفِي وَقت وَمَكَان غَير مُتَوَقّعَين ..
إذَا بكِ تَسمَعِي صَوته يُنَادِيْكِ من بَعِيْد .. يَطمَئِنُّ عَلَيكِ .. وَيَسَل عَنْكِ ..
وَرَبَّمَا عَرَّفكِ بِنَفسُه لِتَطمَئِنِّي إلَيْهِ وَتَتَأكَّدِي أنُّه هُوَ نَفسُه وَأنَّكِ لَمْ تُنْسِيهِ
حِينَئِذٍ وَهَذَا شعُور طَبِيْعِي .. ( تُصدَمِي ) ( تَتَلَعْثَمِي ) ..
تُهذِي بِأشيَاء كَالمَجنُونَة وَأنتِ لَستِ بِمَجنُونَة .. تَقُولِي أحرُف تَائِهَة ..
كالأبكَمَة وَأنتِ لَسْتِ بِأبكَمَة .. بَل تَنْطقِي بِكُلَيْمَات ضَائِعَة .. كَالأصَمَّة ..
وَأنتِ لَسْتِ بِأصَمَّة ..
تَنْتَابُكِ الحِيْرَة..تَتَمَلَّكُكِ العَدِيْد من الأسئِلَة وَرُبَّمَا بَكَوتِ من شِدَّة فَرحَتُكِ
وَسَقَطَت الدَّمعَة من حُجْر عَيْنَيكِ رَغماً عَن أنفُكِ .. وهَذَا مَايَكُون وَرُبَّمَا
صَمَتِّ فَجْأة لِعَدَم تَصدِيقُكِ للمَوقِف أو المُفَاجَأة .. وَلَكِن حِينَمَا تَتَأكَّدِي أنُّه
هُوَ نَفسه وَمَا أجمَله من شعُور .. حِينَهَا تُسعَدِي من كُل قَلبُكِ ..
تَبتَسمِي وَتَرتَسِم عَلَى مَحَيَّاكِ .. عَلامَات الفَرحَة وَالسَّعَادَة الدَّاخلِيَّة ..
وَمَعَ ذَلك تَظِلّ تِلك الأسئِلَة الحَائِرَة تُرَاوِدكِ وَتَبحَثِ لَهَا عَن إجَابَة مُقنِعَة
ورُبَّمَا كَانَ أحَد تِلك الأسئِلَة هَل يُمكِن أن تَنتَهِ العِلاقَة القَوِيَّة مَابَين الأهَل
هَكَذَا بسهُولَة وَكَأنّهَا حَصِيلَة أمْس أو أيَّام قَلائِل؟
هَل يُمكِن أن تَنتَهِ هَكَذَا بِلا مُقَدّمَات؟
هَل يُمكِن لِتِلك المَشَاعِر ( المُتَأجِّجَة ) فِي دَوَاخِلْنَا أن تَزُول وَكَأنَّ شَيئاً
لَمْ يَكُن؟
بَل هَل يُمكِن لِهَذَا الحُب الخَالِد أن يَخْبُ لِيُصْبِح مَاضِياً لِيُصْبِح مُجَرَّد ذِكْرِى
عَابِرَة كَأيّ حُب آخَر لَم يَنضُج بَعَد؟
أنّهُ لأمر قَاسٍ عَلَى الإنسَان أن يَكتَشِف فَجأة أنّه بدُون حُب يَبثُّ فِيهِ الرُّوح
أنَّهُ لأمْر صَعب أن يَرَى نَفسُه فِي عَالَم مُخِيف مُوحِش لايَعرفه ..
وَلأمر صَعب أن يَشعُر بأنَّ (إبنُه) أو (أبَاهُ) قَد غَادره إلَى لارَجعَة لَه
بَل قَاس أن يَشعُر .. أنَّ فَرحَته قَد وُئِدَت وَقُتِلَت فِي مَهدهَا وَأنّ أمَانِيْهِ ..
أضحَت سَرَاباً بَعدَ أن كََانَ يُعَوِلُ عَلَيْهَا الكَثِيرُ وَالكَثِيْر !!
/
/
إنتـَــر