عرض مشاركة واحدة
قديم 16-01-2010, 11:52 AM   رقم المشاركة : 2
alraia
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية alraia

من آثار السلف

قال بكر بن عبد الله: "كان رجل يغشى بعض الملوك فيقوم بحذاء الملك، فيقول: أحسن إلى المحسن بإحسانه، فإن المسيء سيكفيه إسائته، فحسده رجل على ذلك المقام والكلام، فسعى به إلى الملك، فقال: إن هذا الذي يقوم بحذائك ويقول ما يقول زعم أن الملك أبخر، فقال له الملك: وكيف يصح ذلك عندي؟ قال: تدعوه إليك، فإنه إذا دنا منك وضع يده على أنفه، لئلا يشم ريح البخر، فقال له: انصرف حتى أنظر، فخرج من عند الملك فدعا الرجل إلى منزله، فأطعمه طعاما فيه ثوم، فخرج الرجل من عنده، وقام بحذاء الملك على عادته، فقال: أحسن إلى المحسن بإحسانه فإن المسيء سيكفيه إساءته، فقال له الملك: أدن مني. فدنا فوضع يده على فِيه مخافة أن يشم الملك منه رائحة الثوم، فقل الملك في نفسه: ما أرى فلاناً إلا صدق؟ قال: وكان الملك لا يكتب بخطه إلا بجائزة أو صلة، فكتب له كتابا بخطه إلى عامل من عُماله: إذا أتاك حامل كتابي هذا فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا، وابعث به إليّ، فأخذ الكتاب وخرج، فلقيه الرجل الذي سعى به فقال: ما هذا الكتاب؟

قال خط الملك لي بصلة، فقال هبه لي! فقال: هو لك، فأخذه ومضى به إلى العامل وقال العامل له: في كتابك أن أذبحك وأسلخك، قال: إن الكتاب ليس هو لي، فالله الله في أمري حتى تراجع الملك؛ فقال: ليس لكتاب الملك مراجعة، فذبحه وسلخه وحشا جلده تبنا، وبعث به، ثم عاد الرجل إلى الملك كعادته، وقال مثل قوله، فعجب الملك وقال: ما فعل الكتاب؟ فقال: لقيني فلان فاستوهبه مني فوهبته له، قال له الملك: إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر، قال: ما قلت ذلك؟ قال: فَلِمَ وضعت يدك على فِيك؟ قال: لأنه أطعمني طعاما فيه ثَوم فكرهت أن تشمه، قال: صدقت ارجع إلى مكانك، فقد كفى المسيء إساءته".

قال معاوية ـ رضي الله عنه ـ: "ليس في خصال الشر أعدل من الحاسد، يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المسحود".

وقال ابن سيرين ـ رحمه الله ـ: "ما حسدت أحدا على شيء من أمر الدنيا، لأنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في الجنة؟ وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار؟".

قال عبد الله بن المعتز: "الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له، بخيل بما لا يملكه، طالب ما لا يجده".

روي عن معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ أنه قال لابنه: "يا بني إياك والحسد، فإنه يتبين فيك قبل أن يتبين في عدوك".

وعن سفيان بن دينار قال: قلت لأبي بشر: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: كانوا يعملون يسيرا ويؤجرون كثيرا قال: قلت: ولم ذاك؟ قال: لسلامة صدورهم.

وهذا ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عندما شتمه رجل قال له: "إنك لتشتمني وفيّ ثلاث خصال: إني لآتي على الآية في كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ولعلي لا أقاضي إليه أبدا، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به من سائمة".

وحُكي أن عون بن عبدالله دخل على الفضل بن المهلب وكان يومئذ على وَاسط، فقال: إني أريد أن أعظك بشيء، فقال: وما هو؟ إياك والكبر! فإن أول ذنب عُصي الله به، ثم قرأ: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} [سورة البقرة: من الآية 34]، وإياك والحرص! فإنه أخرج آدم من الجنة، أمكنه الله سبحانه من جنَّة عرضها السموات والأرض، يأكل منها إلا شجرة واحدة نهاه الله عنها، فأكل منها، فأخرجه الله تعالى منها، ثم قرأ: {اهْبِطُوا مِنْهَا} [سورة البقرة: من الآية 38]. إلى آخر الآية، وإياك والحسد فإنما قتل ابن آدم أخاه حين حسده، ثم قرأ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} [سورة المائدة: من الآية 27].

أخي المسلم:

اصبر على كيد الحسود *** فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضـها *** إن لم تجد ما تأكله


وسائل سلامة الصدر

القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحُب الدنيا والرئاسة، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شُبهة تعارض خبره، ومن كُلِّ شَهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله.

وسلامة الصدر، وصلاح ذات البين أمر من لوازم التقوى، ولهذا قرن الله عزَّ وجل بينهما في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [سورة الأنفال: من الآية 1].
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: "هذا تحريج من الله ورسوله أن يتقوا الله، ويُصلحوا ذَات بينهم".

ولما سُئل صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضلُ؟

قال: «كلُّ مخمومِ القلبِ، صدوقِ اللَّسانِ».

قالوا: صدوقُ اللسان نعرفهُ، فما مخمومُ القلبِ؟

قال: «هو التَّقيُّ النَّقيُّ لا إثم فيه، ولا بغي ولا غِلَّ ولا حَسَد».

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا جلوسا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلمَّا كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلمَّا كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حالته الأولى، فلمَّا قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبدالله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت، قال: نعم، قال أنس: وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبّر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلمّا مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبدالله إني لم يكن بيني وبين أبي غَضب ولا هَجر، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة» فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلمَّا وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبدالله؛ هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق.

وسائل التوبة من الحسد

أولًا: الإخلاص:

عن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم».

ومن المعلوم أن من أخلص دينه لله عز وجل فلن يحمل في نفسه تجاه إخوانه المسلمين إلا المحبة الصادقة، وعندها سيفرح إذا أصابتهم حسنة، وسيحزن إذا أصابتهم مصيبة، سواء كان ذلك في أمور الدنيا أو الآخرة.

ثانيًا: رضا العبد عن ربه وامتلاء قلبه به:

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الرضا: "أنه يفتح للعبد باب السلامة، فيجعل قلبه نقيا من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا، وكلما كان العبد أشد رضا كان قلبه أسلم، فالخبث والدغل والغش: قرين السخط، وسلامة القلب وبره ونصحه: قرين الرضا، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا".

ثالثًا: قراءة القرآن وتدبره:

فهو دواء لكل داء، والمحروم من لم يتدَاو بكتاب الله، قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} [سورة فصلت: من الآية 44]، وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [سورة الإسراء: من الآية 82].
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "والصحيح أن (من) ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض". وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [سورة يونس: من الآية 57]. فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة.

رابعًا: تذكر الحساب والعقاب الذي ينال من يؤذي المسلمين من جرَّاء خُبث نفسه وسُوء طريقته من الحقد والحسد والغِيبة والنميمة والاستهزاء وغيرها.

خامسًا: الدعاء:

فيدعو العبد ربه دائما أن يجعل قلبه سليما على إخوانه، وأن يدعو له أيضا، فهذا دأب الصالحين، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [سورة الحشر: 10].

سادسًا: الصدقة:

فهي تُطهر القلب، وتُزكي النفس، ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [سورة التوبة: من الآية 103]. ثم إنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «داووا مرضاكم بالصدقة» . وإن أحق المرضى بالمداواة مرضى القلوب، وأحق القلوب بذلك قلبك الذي بين جنبيك.

سابعًا: تذكر أن من تنفث عليه سُمُومك، وتناله بسهامك هو أخ مُسْلم ليس يهودياً ولا نصرانيا، بل يجمعك به رابطة الإسلام. فلِمَ توجه الأذى نحوه.

ثامنًا: إفشاء السلام:

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا،أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».

قال ابن عبدالبر ـ رحمه الله ـ: "في هذا دليل على فضل السلام لما فيه من رفع التباغض وتوريث الود".



للاستزادة انظر:

1ـ جامع العلوم والحكم.

2ـ تنبيه الغافلين.

3ـ مختصر منهاج القاصدين.

4ـ الحث على سلامة الصدر وغيرها.


عبد الملك القاسم

http://www.wathakker.net/matwyat/view.php?id=92

ولمزيد الفائدة حول هذا الموضوع اتبع احد الروابط التاليه :

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=88978

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=33730

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=59274

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=56806

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=62498

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=93265

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=91937

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=93645

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة