لقد ذكرتِ أستاذه ( مَهَا ) سلسلة من البنُود .. وكل بَند أجمل من سابِقه .. فهلاّ سمحتلي أن أعلِّق .. واُدلِي بِدَلوِي علَى هذا البند؟ اقتباس خلط المفاهيم ورمي جميع الألوان على لوحة واحدة بدون حكمة وروية قد يصيب المتلقي والناظر بزغللة فكرية ونظرية! / / أن خلط المفاهيم كما قد ذَكَرتِ..أصبح من أولويَّات حياتنا العصريَّة مع الأسَف الشَّدِيد .. فأنظري إن شِئتِ الى تلك الكلمات الجميلة الرائِعَة .. التي تحمل في طياتها مضامين وقيماً اجتماعية راقية كيف شوَّهت كمفاهيم بسبب فهمنا القاصر لها .. وعدم قدرتنا على التعامل مع معطياتها الجمالية .. بشكل يتناسب ورُقِيُّها وسمُوِّها.. حتى كلمة إن (شَاءالله أو يصِير خير) مثَلاً بدل من ان نغرسها في قلوب أطفالنا ونحببهم فيها ونشجعهم .. على استخدامها .. بدأنا نشوِّه معالمها ومضامينها الجميلة دون ان نقصد فنحن نقولها لهؤلاء الأطفال من قبيل إرضائهم .. أو التخلص من إلحاحهم .. أو من أجل تغيير مسار موضوع ما كي نريح أنفسنا.. أما هذا الطفل فقد بدأ ومن دون أدنى تحفظ أو مبالغة بدأ ( يكره ) هذه الكلمات وينظر إليها على أنها.. من قبيل الإستحالة أو التَّصريف بدليل أنه حينما يطلب من والديه شيئا ما .. ويسمع تلك الكلمات الحلوة (إن شَاءالله يصير خير ) فإنه يتذمر منها او يطالب والديه .. بأن تكون اجابتهما معه محددة .. إما بنعم أو بلا .. لأنه لم يعد لها مصداقية لديه .. وأنتِ وأنا وغيرنا .. السبب في ذلك .. لأننا ببساطة لا نُصدِق معه حينما نقول له إن شاء الله ولا نلبي له طلبه حينما نقول له ( يصير خير يا بَابَا )!! مما يفهم منها أننا نريد منه السكوت .. وعدم الاستمرار في الطلب والإلحَاح .. هذا فقط على مستوى الأطفال .. اما على مستوى الكبار البالغين فحدِّثي ولا حرج .. لأن ( خَلط المفَاهِيم ) مرتبط بالزيف والخداع .. ومرتبط بالإستخفاف على عقول الآخرين .. حتى لو كانوا أصدقاء مقربين؟ وما أقسى على قلبكِ حينما تفتحي عينيك فجأة .. لتكتشفي خيانة هذهِ الصديقة أو الطرف الآخر .. بل ما أقسى على قلبكِ حينما تكتشفِ ذلك بنفسكِ بشكل لا يقبل الشك .. ثم تصمتِي وتتظاهري بعدم المعرفة لأنكِ تحبهِ .. بل حتى لو فاتحتيه بذلك وبشكل غير مباشر .. فإنه يأسركِ بحلو كلامه .. وبنظرة الانكسار في عينيهِ ومن شِدَّة حبكِ له .. وتأثركِ بكلامه تجدِ نفسكِ .. تأخذيهِ بين أحضانكِ وتعتذري له عن سوء الفهم .. وكأنكِ انتِ المخطئة في حقه؟ بل حتى حينما تواجهيه بتصرفه غير اللائق معكِ .. ثم تسمعي منه تذمره من الحياة وقسوتها عليه .. وظلمها له لا تشعري الاّ وأنتِ تسامحيه وتصدِّقيه .. وتقفِ معه وبجانبه بكل وفاء الصديق وحرص الحبيب وحتى حينما يتكرر خداعه لكِ .. وإستخفافه بكِ .. وتواجهيه بنوع من الشدة .. والصرامة على خداعه وخيانته لكِ تفاجئِي به يقول لكِ ( تعوَّذي من الشَّيطان ) حينها تُجنِّي..تمرضِي.. لا تستطيعي التحمُّل .. لا تعرفي كيف تتصرفي .. تسألي نفسكِ .. هل أنا فعلاً على مُخطِئَة؟ هل أنا أبالغ؟ هل أنا أصوِّر الأمور على غير ما يجب؟ هل أنا أعطيها اكثر مما يجب .. أو أكثر من حقها؟ إنني أرى بعيني وأسمع بأذني .. فأين هو الخطأ؟ إنني ألاحظ بنفسي بُعدك .. وإنقطاع مكالماتك عني وعدم زيارتك لي .. أو السؤال عني كما تعودت؟ وهنا تتساءلي بُرهَة .. هل أنا من يمارس معها هذه التصرفات الغريبة فقط أم أن هناك مخدوعين آخرين به؟ ولكي يغيظك اكثر ويشعركِ انه ما زال باقياً عليكِ .. يقول لكِ وبكل تبجُّح .. إنني أحبكِ وأعزكِ .. ولا استطيع الإستغناء عنكِ .. أو أاوَى إلى فراشِي .. قُبَيل أن تُسامحِينِي !! أرأيتِ ( كَيف خُلِطَت المَفَاهِيم )..وكم شوَّهت.. كلمات الحب والمعزة والقيم السامية وكم استغلت .. لأغراض شخصية دنيئة وسخة .. وإسمحسلِي في هذا اللفظ الأخير فلم أجد بديلاً له .. في قاموس مُفرداتِي اللغوِيَّة!! أرأيتِ كيف تحول الحب الى أضحُوكة يمارسها العابثون لأصحاب القلوب البريئة الصادقة الرَّحُومَة مثلي ومثلك؟ فيا لأولئك البشر .. تعمل من أجلهم لتكتشف .. أنهم يعملون لصالح أنفسهم فقط .. تصادقهم وتصارحهم بحكم محبتك لهم فتكتشف أنهم يمارسون معك الحُب ليصلوا الى مآربهم الشخصية لأنك بالنسبة لهم مجرد جسر أو نقطة عبور .. يصلون من خلالك لغاياتهم الأنانية.. ويا لأولئك البشر حينما تحتاج إليهم فيعتذرون لك .. بعدم قدرتهم على الحديث معك مثلاً .. بحجة أنهم متعبون غير قادرين على الحركة .. لتكتشف فيما بعد أنهم مع آخرين في نفس الوقت أي أنهم يكذبون عليك..مما يجعلك طريح الفراش .. بأمراض جسدية ونفسية من شدة حبك لهم .. وإخلاصك الشديد .. وصدمتك الكبيرة فيهم .. في نفس الوقت؟ وحينها لا يشغلك سوى سؤال واحد .. ترى كيف استطاع هذا الانسان المزيف خداعي .. طوال هذه السنوات الماضية؟ كيف صدقته ودافعت عنه وتحمست له؟ لماذا لم أسمع ما قاله أصدقاؤه .. والمقربون منه .. والمحتكون به بأنه أناني .. انتهازي .. لا يهمُّه سوى نفسه .. ولا يفكر سوى بنفسه؟ ألهذه الدرجة حينما نحب بصدق تعمى أعيننا عن رؤية الحقائق رغم أنها واضحة أمامنا ومتكررة .. وترفض عقولنا تقبّل الحقائق رغم أنها واضِحة دامغة .. وترفض قلوبنا التصديق .. رغم أنها تألَّمت بإستمرار وترفض مشاعرنا الاعتراف بالمرارة رغم أنها جرحت في صميمها وكرامتها .. في مواقف كثيرة؟ ولكن يبدو أنهم قد صدقوا حينما قالوا إن الحُب أعمَى لا نرى منه إلا ما نريد فقط!! فيا لذلك الحب ويا لتلك الأشياء الجميلة .. والمشاعر الرائعة .. كيف نُنسِب إليها ما ليس فيها .. وما لا تحتمله كيف ندّعيها ونحن لا نملكها ولا نستحقها؟ إنها ليست مشاعركِ أنتِ أستاذه ( مَهَا ) فحسب .. كي تتضايقي منها .. وليس لأننا لم نتطرق لها .. أو تأخرنا في تناولها فلأننا لم نهتم بها او أن هناك .. من هو أهم منها أبداً .. كل ما في الأمر .. ان الانسان يحتاج لوقت كافٍ .. وأجواء معينة .. كي يستشعر ( خَلط المفَاهِيم ) ويحسّها بنفسه .. كي يستطيع أن يتحدث عنها عن قناعة شخصية راسخة وليس لمجرد إرضاء للآخرين .. أو مجاملتهم أو مَلء فراغ معين في صفحة من الصَّفحات إنها مسؤولية ينبغي أن يحسُّ بها ليس ( أنَا ) فَحسب بل أنتِ أو المتلقِّي أو القاريءأيضاً ولكنه لا يحسُّ بها إلاّ حينما تكون صادقة ونابعة من القلب وهذاما اُحَاوِل الوصول إليه وعمله وشكراً؟ / / المَحبِرَة الامُنتَهيَة