عبر الحدود: علبة مخدرات لكل مواطن
يقول صاحبي بكل أسى: كيف يمكن لنا السيطرة على الحدود ووقف هذا النزيف الدامي الذي فتح لنا جبهة مع عصابات مارقة؟
، والجواب: حين نؤمن تمام الإيمان أن تكون هذه الحدود تماماً مثلها مثل أي حدود بين بلدين لأن التساهل الطويل تحت مفردات واهمة مثل الأشقاء والجيران وإخوة الدم والمصير المشترك وعلاقات التاريخ وحتمية الجغرافيا، وكل ما ساير هذه المصطلحات هو ما وضعنا اليوم فيما نحن فيه من امتحان حقيقي. هذه المفردات العاطفية الجياشة هي التي خلقت ثقافة التسيب والتسلل والتهريب والاختراق غير الشرعي. من ثنايا هذه الحدود التي غضضنا الطرف عنها طويلا تحول تمويل تنظيم القاعدة بالسلاح والقنابل وحركة الأفراد إلى كابوس وطني، وعبرها تحولت مدننا إلى سيولة بشرية هائلة أصبحت فيها معلماً حتى للأفارقة الذين صار لديهم عبور هذه الحدود مسألة وصول. عبر هذه الحدود المفتوحة صحونا في الأسبوع الماضي على واحدة من أكبر كوارث تهريب المخدرات فلا يكاد العقل السوي يستوعب حتى اللحظة هذه الملايين من الحبوب التي تكاد تصل إلى (علبة) مخدرات لكل مواطن، فمن هو الذي يصدق أن أجسادنا - وبالحساب الرياضي - مستهدفة بحبة كبتاجون لكل عجوز أو طفل وليد؟ سبعة أطنان من "الهيروين" النقي تكفينا جميعاً وبلا استثناء لأن نكون أجهزة "شم" تلقائية لعامين متتالين، فمن هو فينا الذي مازال يثق في الشارع والمدرسة وملعب الحي المجاور بعد هذه الصدمة المذهلة التي شاهدناها على شاشة التلفزيون في عرض يأخذ بالألباب الحائرة؟
ما عشناه وشاهدناه على هذه الحدود يقول بالصوت الواضح الصريح: كفى مجاملة، فالأرقام تثبت أن منافذ الدخول على هذه الحدود مجرد بوابات تائهة في قلب هذه الجبال: هذا هو وقت السلك الشائك، ولكم هذه الحقيقة: ففي الوقت الذي تحولت فيه هذه الحدود إلى جبهة حرب بكل العتاد والألوية والكتائب والثكنات العسكرية والطيران الجوي والعمودي، مازالت حزم القات الأخضر تصل إلى السوق الداخلي، وهذا من وجهة نظري هو المقياس. ومرة أخيرة فإن تهريب الحزمة الواحدة هو مثلما هي هذه الحزمة في حجم قنبلة وفي مساحة ألف حبة مخدرة.
الكاتب على بن سعد الموسى