الموضوع: الفتنه ؟؟؟؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-06-2003, 06:54 PM   رقم المشاركة : 2
صحراء القلب
( ود متميز )
 
الصورة الرمزية صحراء القلب
 





صحراء القلب غير متصل

الفتنه موجوده وبكثرة في هذا الزمان ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو


كيف يتعامل المسلم مع الفتن وهذه الأحداث ؟ سؤال يُردَّد وما الجواب عليه ؟

أسئلة جيدة، لكن هل السائل يطلب الحق، ويستسلم له وفق مفهوم الإسلام؛ إذ لا إسلام بلا استسلام، أو ينتظر جواباً يوافق هواه ومراده، فلا يقبل بغيره؟!

إن الركون إلى العواطف والحماسات، والخطب الناريات دون قواعد واضحات، وأسس جليات؛ إنما يزيد الفتنة فتنة، والبلاء كربة . يُخرِج من بطن المصيبة مصيبة أخرى، وهل يزيد النفط النار إلا ناراً وحريقاً واشتعالاً، والنافخ فيها إلا سواداً واحتراقاً؟!

إن الفتنة شديدة الظلمة، حالكة اللون، قاتمة الرؤية كما أخبر عنها صلى الله عليه وسلم بقوله: [ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ] رواه مسلم والترمذي وأحمد. وهذه الجملة لها معناها الدقيق، ومغزاها العميق؛ إذ لا نور فيها ولا سراج .

إن من يدخل إلى مكان مظلم في كهف أو سرداب؛ لا يفرق بين جامد ولا متحرك، ولا أسود أو أبيض، إنه يكثر من الالتفاف في جميع الاتجاهات: تارة يتقدم، وتارة يتراجع، مرة يظن أنه قد اهتدى إلى الطريق، وأخرى يدرك ضلاله البعيد، وأن سيره الطويل كان عبثاً وضياعاً لما كان يجب عليه فعله .

إنه في هذه الظلمة لا يفرق أو يميز، فقد يضرب جامداً ويظنه متحركاً، ويلطم صديقاً يظنه عدواً، ويسمع صوت مخادع فيحسبه ناصحاً، وكل من يسمع تحركه يسارع إلى ضربه والشك في حركته وقصده، وهو دائما يسئ الظن ولا يأمن، ويجري إلى كل صوت يسمعه، سلاحه مشهر دائماً، فلا مكان له يثبت فيه ولا استقرار، وقد يقترب من هلاكه ظاناً أن فيه نجاته.

وفي هذا الليل الدامس يشع نور، ويضئ قمر، وينبلج فجر، فتتسابق إليه النفوس، ويقصده الموفقون والمبصرون؛ سعياً وجرياً متخطين المصاعب والمتاعب، وما تحدثه الحواجز من خدوش في جوانبهم متناسين جروحهم ودماء أقدامهم التي تسيل بعد اصطدامها بالأحجار، وتجرحها من الأشواك والأشجار أثناء سيرهم إلى ذلك النور، معرضين عن صياح الناعقين لهم بالتوقف عن المسير؛ لأنهم أبصروا نور الإيمان، وشعاع الإسلام، وقواعد ثابتة لا تتغير على مر العصور والأزمان، والأماكن والأيام، لذا كان لا بد للسائرين إلى رب العالمين من بيان وتنبيهات ولوحات وإرشادات تضيء لهم الطريق وتعينهم على السير بدليل وقبل الدخول على تلك القواعد لا بد من إيضاح.

أصول السلامة لك قارئ وسامع:



أولا: لا مجال في حديثنا عن الأصول المسلمات في شريعتنا وديننا، التي لا محل للاجتهاد أو الرأي فيها:

كحرمة دم المسلم وعرضه وبلده وماله وأصل الولاء والبراء، الولاء لأهل الإسلام ووجوب نصرهم وعونهم، والبراءة من أهل الكفر، وعدم جواز نصرهم، أو إعانتهم: بالقول، أو الفعل، أو الإشارة.

ثانيا: إن العاطفة والحماسة مطلوبة شرعاً، محمودة ديناً لكن وفق معيار الشرع لا معيار الخلق وهوى النفس.

يقول الغزالي: 'الدين ليس أحكاماً جافة وأوامر ميتة إنه قلب يتحرك بالشوق والرغبة يحمل صاحبه على المسارعة إلى طاعة الله وهو يقول: } وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى[84] {[سورة طه] . فكيف تتحول التكاليف الصعبة إلى شئ سائغ حلو؟ - ثم قال- : إن من الناس من تلمس في قلبه عاطفة حارة، ورغبة في الله عميقة، وحباًّ لرسوله صلى الله عليه وسلم بادياً، ومع ذلك تجده ضعيف البصر بأحكام الكتاب والسنة، يعلم منها قليلاً، ويجهل منها كثيراً، ويغريه بالتعصب للقليل الذي يعلمه أنه يأنس من نفسه صدق الوجهة، وقوة محبة لله ورسوله ' .

ومع ذلك فكل هذه الأمور لا تؤهله لإصابة الحق، وإبصار النور، أو تغيير شئ من قواعد الشرع، هذا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ نَعَمْ ] قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ إِنَّهُ لَغَيُورٌ وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي] رواه مسلم وأبوداود وابن ماجه ومالك.

انظر إلى شدة تلك الغيرة والحماس المتأصل في النفوس، المطلوب على المحارم، ومع ذلك بقي الحكم الشرعي لابد من أربعة شهداء بلا تغيير، والقاعدة بلا تبديل عند رؤية ذلك المصاب العظيم الذي يطير له العاقل اللبيب – عافانا الله وإياكم – قال ابن حجر رحمه الله وفي الحديث أن الأحكام الشرعية لا تعارض بالرأي] .

والشجاعة مطلوبة لكن الرأي مقدم عليها.

والرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المقـام الثاني







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة