أستاذي القارئ الفتي ..
لتعلم – حفظك الله – أن ليس لي هدف في هذا الموضوع غير اللّت والعجن .. والإطناب فيما ليس لك به مصلحة .. فأنا كتاجر الكلام .. أبيع الجملة على نفسي .. وأغشها بحفنة مترادفات .. فلك الخيار بين الإكمال أو الوقوف على هذه الآنية .. وإقفال النافذة .. وفتح نافذة أوسع وأشرح وأنفع .. وأتقى .. !
لقد سمعت أن الشاعر المتوفى / مالك ابن الريب التميمي قد رثته الجن بعد موته .. !
وقد سمعت أن العام شارف على الانقضاء والناس ترثيه .. أيها الراثي ارث نفسك انقضائه .. !
هل يوجد رابط بين المعلومتين أعلاه .. لا أظن .. فكل عاقل مدرك يعرف أن ما سبق - خصوصاً الجملتين الأخيرتين – ليستا إلا من باب تكلم فالكلام بالمجان .. !
فنحن في عصر الحرف والكلمة .. والكل أخذ يكتب ويسطر وينثر ويشعر .. والكل يظن أنه أتقن الضاد وسبر أغوارها وبلغ لسانه الرشاقة منتهاها وأبدع وأضع وأنه فاق السيوطي بلاغةً ومعن ابن زائدة فطنة .. عجبي .. !
وأنا منهم .. فأنا العبد الفقير لله عزّ وجل .. سائني جهلي .. فعن ماذا أكتب .. ؟
أأكتب عن السياسة .. أعوذ بالله من السياسة .. فهي لها أهلها .. وإن هي أُخذت من قولهم ساس الأمر أي قوّمه وعدّله .. فهذا وسام فخر على صدري بأني لست ممن يجيدون سياسة الأمور وإقامتها كالمرجو ..
أو أكتب عن الاقتصاد وأقول بأنه أساس السياسة .. ولا سياسة بلا اقتصاد .. والعكس غير صحيح .. وقانون العرض والطلب والسعر .. والنتاج القومي والدخل القومي .. والبطالة الموسمية والاحتكاكية والسلوكية والدينية وأن الدينية كمثال هي رفض فئة من المجتمع العمل في البنوك لأنها تتعامل تعاملات ربوية وهذا ما هو ضدّ الدين ..
أم أكتب عن علم النفس .. والغزالي والهو والأنا والهو الأعلى .. والجشطلت وفرويد .. ومحنة المحاولة والخطأ وتجربة القرد والصندوق الخشبي وعنقود الموز في أعلى سقف الغرفة .. فلا تسبر أغواره إلا إذا كنت موسوساً .. أليس كل طبيب نفسي مريض .. !
أم أكتب عن الدين .. والذي هو أن تعلم بأن الله تعالى واحد لا شريك له .. فرد لا مثيل له .. صمد لا ندَّ له .. أزلي قائم ، أبدي دائم ، لا أول لوجوده ، ولا آخر لبدايته .. ثم الإقرار بالشهادة لمحمدٍ عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم .. وأشرح عن الطوائف والمناهج والفرق والمذاهب .. أم أشطر الحديث عن المدارس و مباني العلم حيث يتلقى المتعلمون العلم جسماً بلا روح ، وعلماً بلا عمل ، كأنما يتلهون بدراسة إحدى الشرائع الداثرة ، أو أحد الأديان الغابرة ، وحيث يتلقون كشكولاً عجيباً و خلقاً غريباً من الأكاذيب و الترهات .. وأن أقول بأن الرافضة أخطر علينا من يهود العرب .. وأن السرورية والقطبية هي نفسها تفرعت من جماعات حسن البنا أو الأخوان أو جماعات التكفير .. أبد .. هذا لن يحصل فإن تكلمت عنه – خصوصاً الدين – فيجب أن أكون حاضر الحجة وعالماً بالدين .. وأنا لا هذا ولا ذاك .. ثم أن الحوار عن الدين وأموره في هذا الوقت قد أمسى أسهل ما يكون .. وأبسط الحوارات .. وكرب من أن يكون خِواراً لا حواراً .. فالكل يظن أن كل من كوّر عمته وحرّك سبحته وقصر جُبته وأطال لحيته هو العالم الجهبذ الدَيّن الورع النزيه .. ألم تعلمون بأن من تقاليد شعب الأفغان تربية اللحية وهم أكثر الشعوب استعمالاً للحشيشة .. إن الدين لأهل الدين .. وفي هذا الوقت القابض على دينه كالقابض على جمرة والله .. ويكفي ما حولنا من أحداث .. !!
أم يحلو الحديث عن الفيزياء والكيمياء والأحياء .. وأنا أشد الكارهين لهن .. فالأولى تعذبك والثانية تحرقك والثالثة تسممك .. فإن كان هناك – آنثركس – فما ذنب الفيروس الكيروكسي .. ؟
وكيف أن الفينانول يعمل عمل المباحث مع المواد الكيميائية .. وأن اليود يعمل عمل المفحطين مع المركبات الكيميائية .. !
وهل نسينا مترجمي كتب إقليدس و بطليموس و أرسطو .. !
و واضعي علم الجبر و المقابلة و الكيمياء و مخترعي البندول و البوصلة و الساعة الدقاقة التي أهداها الرشيد إلى شارلمان ملك فرنسا ففزع منها سامعوها فزعاً شديداً .. !
أم علم الرياضيات .. بعد أن خضنا معها معارك المثلثات والمصفوفات و .. و .. وكيف أني بعد وقتٍ طويل عرفت بأن الرقم 9 هو أكبر ما توصل إليه العالم من الأرقام .. كيف .. ؟
ذلك أن العدد 10 هو عدد لأنه مكون من رقمين 0 و 1 وهكذا .. غريب .. !
دعها لأنك قد مللتها كما ذكرت ..!
إذن لنواكب العصر ونتحدث عن الطرب .. وأغاني العصر الجديد .. أغاني الأربعون ثانية .. وكيف أن الفنانة المطربة تستطيع نشر شريطها شريطة التعري والتفسخ .. فالقاعدة حالياً " أد ما تخلع .. تكسب " .. وأغاني محمد عبدو بن أم كلثوم .. شبيه الريح والأماكن وبنت النور والجديد في علم الغيب فلا استغرب إن هو غنى موضوعي هذا فهو يمثل نفس القوائم التي قامت عليها قصائد بنت النور والأماكن وشبيه الريح .. !
أرأيت – عزيزي القارئ – أُقر أنا الكاتب أنك لم تستفد غير الذنوب من كثر السب والشتم والتولول والعويل على وقتك الفائت في قراءة هذا الموضوع .. ولكن العتب مرفوع فأنا قد حذرت .. غير أني لم انته إلى الآن .. !
وبما أن العيد مقبل .. فأنصح أخوتي الشباب بشراء شماغ دريس فهو خفيف جداً وأحمر قاتم كأنه دم غزال .. وعند تفصيلك الثوب فتجنب أن تكون – الغالوقة – مخفي وبقية الأزرار – باين – أو العكس .. فتلك حركة – مهببة – تجعلك محل الضحكات يوم العيد .. !
أعرف أني بالغت في الوصف والرصف .. وهناك من هو مسمر ناظريه هاهنا بغية الفائدة .. وهي هنا معدومة .. كل العدم .. !
نيتي من هذا الغثاء كله .. أن القراءة والإطلاع هي المفتاح نحو النجاح والنور على الدرب .. ولا ضرر من الإطلاع على كل ما تقع عينيك عليه .. ضاراً أم نافعاً .. فإن كان الأول فهو من باب العلم أعرف عدوك .. وإن كان الثاني فهي أجر وسعادة حظ في الدنيا والآخرة .. !