هذا الموضوع مقتبس من قصة واقعية ، مسرحها كان جنوب الرياض ، الحضور أصابه الملل فغادر الحياة ؛ فكّرت بطرح آخر فصولها على أن أعود للفصول الأولى بتفصيلٍ أدق في وقتٍ آخر ، أمتلك أسبوعاً كاملاً سأعمد فيه إلى استرجاع تلكم الأيام وكتابتها دون النظر في سير خط الزمن ؛ سأبدأ هذه المرة من أول الأيام وسأقفز بعدها إلى آخر اللحظات ، سيبدو الأمر كمن يبدأ بفتّاحية وردة ثم يذهب إلى غرفته ليلعب الفيديو جيم .
زمان ما كتبت من الواقع ، زمان من جد ! .
متى آخر مرة كتبت من الواقع ؟ ، يمكن يوم صدمت في طريق الملك عبد الله بسبب أقماع نقطة التفتيش وفي ذاك الحادث أخذت معي 3 نفر ( جندي أول ) بدون ( رز ) ! ؛ لا . . أقدم من ذلك والله أعلم .
حقيقة أنا جئت اليوم لأقول لكم بأن صديقي بندر يتوسد الآن فخذ زوجته في ماليزيا ، بندر الآن في شهر العسل ، خرّبها و تزوج ! .
وحرصاً مني لأن تكون – عزيزي القارئ – في الصورة ، وداخل الحدث ، فسأقول لك كيف يبدو بندر ولقد أختصرت الكثير ! .
بندر ليس أسمر ، أو بُني ، أو أسود ! أو حتى موف ، لا لا أبداً ، بندر لونه أشهب ( أدهس ) أحمس ، وقذر ! ، حسن ! ، هل تعرفون محلات تغيير الزيت في المحطات ؟ ، هل تعرفون حُفرة الزيت ؟ ، لون بندر يشبه جدران الحُفرة ، سواد مع وسخ ، وبشرته ليست دُهنيه فقط ، بل نفطية ! ، نعود للون ، عندما جاء ليستخرج كرت العائلة كتبوا في خانة اللون هكذا (f0094# ) ، نعم لقد وضعوا كود فوتوشوب في خانة اللون ، ذلك أن العين المجردة لا تستطيع تمييز لونه ! ؛ بندر هذا غبي جداً يا جماعة ، ليس غبياً فحسب ، بل يمتهن الغباء والبلادة ، وأبرد إنسان رأيته في حياتي ، بندر مخفّه ، زلابة ، على ما وهبه الله من جسد كالبغل إلا أنْ له قلب عصفور ، فكم مرة ضُرب حتى عضّ الأرض ونواتها ، وكم مرة فركوا أنفه في جدران المدرسة والمقصف ! ، لكن الذي لا تتناطح عليه عنزان هو غباءه ، فلا تراهن عليه كما فعلت ذات مرة عندما قال أحدهم سأقنع بندر بوجود ( ماسنجر ) مستعمل يريد صاحبه أن يبيعه في محل للاتصالات ، فذهب بندر بلا تردد وسأل صاحب المحل ( يقولون عندك ماسنجر جديد ؟ ، بس بالله بطاريته زينه أو لأ ) ، طبعاً بندر أضاف جملة ( بس بطاريته زينه أو لأ ) ليتأكد من أنَّ صاحب المحل لن يخدعه ، وأنه يعرف ( الكُفت ) ! ؛ هماي قايلن لكم أنه سبيكه ! .
كان بندر يطمح أيام البحث له عن شريكة للحياة في فتاة بيضاء ! ، لا يهمه أي شيء آخر ! ، قصيرة أو طويلة ، كبيرة أو صغيرة ، مريضة أو صحيحة ، لا يهم ، يقول أريد بيضاء ولو كان بياضها ( بهاقْ ) ، ولكن بعد أن طالت مدة البحث رضي أن يخنع للأمر الواقع ، وتزوج بفتاة – يُقال – أنها تُشبه ما يُعرض في قناة animal planet ؛ طبعاً ستتساءل أيها القارئ الكريم من أين لبندر هذه الصفات ؟ .
صفات بندر اكتسبها من ذويه ، أمه وأبيه ! ، بدريّه وسيف ، حتى أسماء أهله تنم عن ذوق ومزاج ( رايح فيها ) ، لديه أخ اسمه صخر وآخر أصغر منه اسمه شهاب وأخت اسمها سوسن ! ، سوسن هذي سمّاها الأب وهو في رحلة علاج في مصر ، أما الأخوين فلا أعتقد أنه سماهما وهو في رحلة للفضاء ! ، عموماً هي عائلة منسّمه تسكن أرض العريجاء ؛ أمهم بدريّه – ألله يطول بعمرها – أشهر أمهات الحارة ، تعشق السلام بالفم ، تطبع قبلة في فمك آخر قرف ، أحياناً تُدخل لسانها عنوة في فمك وتجعله يدور ويدور لتوصل لك رسالة ( شفْ غدانا وش زينه أزين من غداكم ) ! ، كما أنها أكثر نساء المملكة تحرراً في سنة 1414 ه ، فقد كانت تلبس ظهراً قميصاً قصيراً جداً جداً جد ، نعود الآن لبندر وشهر العسل ، فهو يهاتفني يومياً ليعطيني آخر الأخبار ولأقوم بالمتابعة وإعطاءه الأماكن المناسبة عن طريق الإنترنت ، ذهب بندر إلى البحر واستأجر جيت سكي ، وهو أصلاً لم يره قبل ذلك في حياته ، من المعروف أن الجيت سكي لا ينعطف إلا في حالة أنك ( تدوس بنزين ) ، أما غير ذلك فهو لا ينعطف البتة ، يقول بندر ركبت أنا وزوجتي المصون واتجهت إلى نصف البحر حيث لا أحد يرانا ، ثم توقفت وأخذت أبادل زوجتي القُبل والكلام المعسول حتى فرغنا ، ثم اتجهت عائداً ( طيب يا ثور خذ بوت ) ، ومن نشوتي وفرحتي كنت مسرعاً جداً ، ففكرت أن أُبدي بعضاً من الجنون لزوجتي وأثبت لها أني بارع في قيادة الجيت سكي وأني أملك واحداً في مزرعتنا في حريملاء ، فاتجهت بأسرع ما يمكن ناحية الصخور على رصيف الشاطئ ، ولما اقتربت حاولت الانعطاف يمنةً ولم ينعطف الجيت !! ، لم أستطع التفكير ولا أذكر ما حدث ، يقول بأن الدباب أقلع من على الصخور إلى الشارع العام ونحن فوقه ، وبعد أن حط فوق الإسفلت جاء دورنا لإكمال الرحلة ناحية الأشجار ، زوجتي في شجرة موز وأنا جوز هند ! ؛ ذهب بندر ليتمشى في أسواق كوالالمبور الكبيرة ، ويعرف زوجته من حذائها - أكرمكم الله – والذي ابتاعه قبل أيام من كوالالبمور نفسها ، يقول مررنا بجانب محل للألعاب فسبحت في خيال أنه جاءني ولد ، ثم تنبهت فلم أجد زوجتي بجانبي ، فأخذت أبحث عنها وأنا أنظر لأحذية النسوة ، فوجدتها أخيراً في محل لبيع العطور ، دلفت وأنا أتبسّم وأردت ملاطفتها ، فقربت من أذنها ولمست مؤخرتها وأنا أقول ( تنحاشين عني يا قلبي ) ! ، حسن يبدو الأمر واضحاً ، لم تكن زوجته ! ، ولكم أن تتخيلوا ماذا حدث له ! .
في إحدى الليالي ذهب بندر بعد أن نامت زوجته إلى ملهى ليلي ، ليختلي بنفسه قليلاً ، فعاقر الخمر وشرب حتى أصبح دمه كله كحول ، وفي آخر الليل خرج من الملهى ومعه فتاة ، وركب مع التاكسي وأعطاه كرت الفندق ، وصل إلى الفندق واتجه صوب غرفته التي تنام فيها زوجته ! ، فتح الباب ودخل ومعه الفتاة ، فقابلته زوجته المسكينة والتي باتت ساهرة تنتظره ! ، يقول بندر بأن تلك اللحظة كانت أشد لحظات حياته ذكاءً وحنكة ، أتدرون ما قال ؟ ، لقد قال :
( شوفي هذي شغالة بنخليها معنا لين نرجع الرياض ) !! .
انتهى ، لكن بندر ليس كذلك .