عرض مشاركة واحدة
قديم 15-02-2009, 03:31 PM   رقم المشاركة : 17
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل






سأحلق شعري إذا لم تفهمي !







دعيني أخبرك قبل كل شيء بأني أصبحتُ أنام – أخيراً – في الغرفة المخصصة للنوم ! ، وقد ألغيتُ ماهيّة تلك الغرفة المتطرفة في بيتنا والتي تسمينها ( الوكر ) و ( الغُرزة ) و ( الصومعة ) ، لكنني لم أتخلى بعد عن النوم بالثوب و ( داقْ اللطمة ) .

أنتِ تعرفينني أكثر من أي مخلوق آخر ! ، وتعرفين بأني أسخر من مشاكل الحياة وصِعابها وأطردها كما أطرد البعوض ، وباستطاعتي امتصاص صدمات الحياة كما امتصَّ السعوديون هبوط المؤشر ، وأنَّ الحياة قد علمتني بأن أتقبل الناس بنقاط ضعفهم ونقائصهم دون أن أفقد احترامي لهم ، وأني شابٌ ترعرع بين العنف والفقر ، ودوماً أفتش عن الأفضل والأرقى والأجمل ، فمنذ أيَّام المونوبولي وأنا أغش في رمي النرد كي أقع في ميدان مايفير ذات اللون البنفسجي ، ولا أطيق حركات البهلوان وكوميديي المسرح ، ولو أني أستطيع التغلب عليهم في هذا الشأن ، ولكنني – كما تعلمين – أكره السوقيّة في كل شيء ! ، وما أكثرها المرات التي جعلتُكِ فيها تضحكين حتى آلمتك خاصرتك ! ، ما يهم في الأمر هو أنني لم أتعلم بعد معنى الاهتمام والحرص ! ، بإمكاني تفويت رحلة للفضاء مقابل ( كشتة ) ! ، وإضاعة أجر تكبيرة الإحرام لأجل ( بيالة ) شاي مضبوطة ! ، أنا هكذا لا اكترث ولا أريد أن اكترث ! ؛ لا أحب الذي يفتعلُ الذكاء ويتخذه صنعة له ، ويتظاهر أمام الملأ بأنه يعرفُ كل شيء ! ، ولهُ يد في كل شيء موجود على هذه الديمومة من صناعة البيوز مروراً باكتشاف النفط و وصولاً بتفاصيل البنوك وانتهاءً بالمذاهب العسكريّة المُعاصرة ، وأمقتُ اللكاعة بكافة أصنافها ، وأكرهُ من يعتبرها قمّة الذكاء ، ويتوسلُ ليل نهار لرئيس حزبها – أي اللكاعة – إبليس الرجيم ، ليكون من جلاوزة هذا الحزب وأباطرته ، أنا أُحب الجذور ! ، أُحب الطيبة ، وحسن النيّة ، وصفاء الطويّة ، والعفويّة بلا تكلف ، آآآآه ما أجمل البساطة ، البساطة التي تجعلني استغرب واسأل نفسي لماذا نأكل اللحم بعد طبخه ! ، البساطة الغارقة في البراءة ، لم تفهميني بعد ؟ أعرف هذا ! ، فأنتِ لم تُشاهدي بعد مُحيط البراءة ! ولم يمسح جبينك بمياه بساطته المالحة الندية ، ولهذا الغمُّ يأكلك والهمُّ يكتمك ، لأنكِ لم تجربي بعد ! ولن تجربي أبد الآبدين ، لأنك تهتمّين بما تلبسين ، وكيف يحملق فيك الناس ! ، ولا تهتمين لنوع هذه الحملقة !

أنا على ثقة بأنك فتاة يانعة وجميلة ، مؤدبة لدرجة الإغراء ، ذكيّة ومرحة وتصبين سيلاً من الحيويّة في أي أمرٍ تتدخلين فيه ! ، وتُثيرين حتَّى مشاعر الأموات ، وتحمرُّ أذنا أي شخص بعد حديث قصير معك ، ويطوف خيال الجنة في عينيه ، فيصير يُحدق فيك مثلما تُحدق الأم في صغيرها وهو يرضع ، أنتِ امرأة مغناطيسية ، لكنني لستُ حديداً ! ، أنتِ الحرارة التي تٌذيب المادة الجامدة ، لكنني مادة جامدة لا تمرُّ بمرحلة الذوبان ! ، بل تتجاوزها إلى التسامي والاختفاء ، أنتِ الأطهر والأنقى والأقل تكلُّفاً ، وكل هذا يبدو لي فقط ، لهذا أنا أفعل ما أفعل ولو كان مؤرقاً ومحزناً ! ، أنتِ لا تؤمني بروح المشاركة العذبة ، ولو كانت هذه المشاركة بشأن قضم أظافرك ! ، أنتِ تعيشين في جوٍ خانق ومحموم يُشبه حادثة الأخدود ، أكاد أحلف بالله ثلاثاً أنك لا تقفلين التلفاز إلا على مقتل شخص ، أو غرق سفينة ، أو سقوط مبنى ، أو انفجار مصنع ، لترين – بمحض إرادتك – على أثر ذلك أحلاماً ثقيلة موهنة ، أنتِ لا تتحدثين إلا أحاديث الغرباء – حتّى وقت العيد - ، ولا تنظرين إلا بحزنٍ كئيب – حتّى أمام المرآة - ، ولا تئنين إلا من فرط الجفاء – حتّى وقت الجِماع الحلال - ، والسحب فوقك دوماً تسير لتعزل عنكِ النجوم الراقصة في سكون ، ولم يتبقى من ألوانكِ شيء سوى السواد ! ، بعدما امتصَّ الحزن الكئيب ألوانك الساطعة و وزعها لأناس أكثر استحقاقاً ، أو حتَّى للإسفلت والحديد والجدران والأسوار والعنابر ، لقد كنت أظن – بكل بساطة - بأن هنالك شيئاً في داخلك قد يكون في طوقي أن أهبَّه من رقاده اكتشفت بعدها أنَّ هذا الشيء ميّت ، لا أستطيع أن أبوح أكثر من هذا ، البوح الذي أحتفظ فيه لنفسي ، كما يبوح المؤمن في حضرة الإله الذي يعبده .

وبعد هذا كله ، فقط قولي ماذا ترجين من شخص يعتبر قتل الكلاب رياضة كما هي مصارعة الثيران ؟







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%