عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-2009, 01:35 AM   رقم المشاركة : 3
أريستاراخ
( ود نشِـط )
 






أريستاراخ غير متصل





أم فهد ، واسمها الصريح أْمويضي ، أم الجيران التي تجاوزت العمر الافتراضي لأي آدمي ، التي يكشف الأطباء على قلبها في ساقها نتيجة الترهل الذي أصاب الجزء العلوي من جسدها – أو المسمى مجازاً جسداً - ، الشمطاء التي رحل عنها الملكان الحسيب والرقيب منذ 13 سنة مضت ، وأصابها ذاك المرض الذي يُصيب المفارش عندما تُخزَّن لفترات طويلة في أماكن مُغلقة ، فأصبحت معدومة المعالم ، منقرضة من الجانب الأيمن ، كأنها رغيف التميس الذي كنت أحضره للمنزل وقد أكلت نصفه في الطريق ؛ هذه الساحرة تستحق مني أكثر من ذلك ، أنا أتمنى ألا يقبلها الله فيمن عنده ، وأتمنى أن تلفظها طبقة الأوزون قبل أن تصل للسماء الأولى حتَّى ، وأنا على علم يقين بأن السر في طول عمرها إنما هو تعذيب لها لا تطهير وتكفير ، المُعمرة التي شهدت موقعة حصان طروادة ، ذات التقاسيم المملوءة كمداً ، التي كنت أقبل يداها مجبراً واشتمُ منها رائحة اللحم النَّي مخلوطة برائحة الحنَّاء الأسود ، وأطبعُ على جبينها قبلةً مرغماً فيعلقُ في شَفَتي بقايا شيء طعمه كطعم ثمرة العبْري الفاسدة ، هذه البِذرة الفاسدة هي سبب أول مصيبة غيّرت مجرى حياتي إلى السوء .


.
.
.
.
.
.
.


كان يحضر لنا صديقي عطّيْ – وهو لقبٌ اشتهر به – الدخان بعد أن يسرقه من أخيه بعد أن يسرقه الأخير من أبيه ، فيوزع بيننا بالتساوي على حسب ما يحويه البَكتْ من سجائر ، فمرة أغنم سبعاً ومرة أخرج بمشاطرة السيجارة مع عطّيْ الذي يبلل السيجارة بلعابه كالكلب ، في إحدى المرات القلائل غَنمتُ سيجارة كاملة ، وتوجهتُ لصومعتي آنذاك ، وهي عبارة عن قفصٍ كبير في سطح المنزل يتشارك فيها الدجاج والحمام حياتهم هانئين ، ضاربين قوانين الطبيعة عرض الحائط بزواجهم من بعضهم البعض ، دون النظر لأمور الأصول والفروق الفردية ، فالقطيفي يتزوج الرومي ، والمصرول يتزوج المصري ! ؛ جلستُ بجانب باب السطح ، محملقاً في القفص الكبير ، أخرجتُ السيجارة وأشعلتها بالكبريت ، أخذتُ نفساً وحلقتُ منخفضاً ، فذلك الزمان لا يوجد ما هو أعلى من سطح المنزل ، حتَّى لو كنت ذا مخيلة خصبة وخيال واسع فلا تحلم بأعلى من الخزان العلوي ؛ بعد فراغي من السيجارة وقذف ما تبقى منها – هذا إنْ بقي منها شيء – في حوض الماء المخصص لغسيل ملابس إخوتي ! .

لم أكن أدري بأن أم فهد قد شاهدتني ، بالأصل قد غاب عن بالي بأن أم فهد من هواة ( تقفير اللحم ) وبذلك يكون صعودها للسطح أمراً غير مستغرب ، لا أدري وقتها ما هي رويترز ، لكني علمتُ ذلك عندما وطئت قدمي العتبة الأخيرة في الدرج المؤدي لساحة المنزل و واجهتني والدتي بالخبر السعيد ( أريستاراخ أنت تتن !! ) .
في ذلك الوقت لا يوجد تكنيك معيّن لعملية الضرب ، ولا يتَبعُ أرباب الأُسر فنيّات معينة فيه ، ولا يوالون الترتيب في ضرب أنحاء الجسم ، آخر ما أذكره هو معلاق الملابس الخشبي الذي عَلِقَ في حاجبي الأيمن !!
غِبتُ عن الوعي مدةً كافية لأن أقوم وتقول لي أمي ( يالله الغداء ، هذا لحم مقفّرته أم فهد ومرسلته لنا طعمه ) – تقفير اللحم يستغرق أياماً - .

وللتذكير ؛ فقد كنتُ أنا وعطْيّ وبعض الكلاب الجربانة من الأصدقاء نسبحُ في الوادي عُراةً ، وقد كان أمراً طبيعياً جداً !!.







التوقيع :
نسبة الدم في الكحول 2%