إن الإسلام قد ربط كل عمل يقوم به المسلم في حياته بغاية عظمى وهدف سام يعيش له المسلم ويحيى من أجله، ألاوهو تحقيق العبودية لله عز وجل، { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ب العالمين} الأنعام (162). { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} البينة (5).
والتغذية شأنها شأن أي مفردة من مفردات حياة الإنسان المسلم غايتها التقوي على طاعة الله والاستعانة بهذا الغذاء في توفير الطاقة اللازمة للجسم وللمحافظة على صحته بما يضمن بقاءه واستمراره على تأدية الواجبات والقيام بحقوق العبودية لله عز وجل واعمار الأرض وفق منهج الله.
وهذا ما دل عليه أحد السلف الصالح رضوان الله عليهم : " إني لأحتسب لله أكلتي وشربتي كما أحتسب نومتي وقومتي" . وقد كان لهذه الفلسفة الأثر الكبير في ترشيد نظرة المسلم للغذاء وترشيد التعامل معه، فهو يعتبره وسيلة لا غاية يجهد من أجلها وفي سبيل تحقيقها إشباعا لرغباته وشهواته نفسه ، وهو بذلك يضمن لنفسه أن يجنبها غوائل الإسراف والتبذير في طلب الطعام وتناوله ويكون بذلك أيضا قد أعفى نفسه من الكثير من المشاكل الصحية .
وفي هذا المعنى يصدق حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار، وتعس عبد القطيفة ، تعس عبد الخبيصة ( وهي نوع من أنواع الطعام) ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش" ، وبما أن الإسلام قد أوجب على اتباعه حفظ أجسامهم وتجنبها كل ما يؤذيها ويلحق الضرر بها { ولا تقتلوا أنفسكم ، إن الله كان بكم رحيما} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار" ، فقد أصبح تباعا من الواجب شرعا على المسلم أن يعتني بغذائه وأن يحرص على تلبية احتياجات جسمه من جميع العناصر الغذائية التي يضمن توفرها الإبقاء على الجسم صحيحا سليما بعيدا عن الأمراض، وكذلك الحرص على تجنب الأغذية الضارة التي تسبب المشاكل الصحية والأمراض للجسم.