عرض مشاركة واحدة
قديم 29-03-2008, 08:55 AM   رقم المشاركة : 1
دامبيش
Band
 
الصورة الرمزية دامبيش
 







دامبيش غير متصل

الموقف الثالث : خوفه من آيات الوعيد .

أخرج البخاري (12)– رحمه الله تعالى – عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ضاحكاً حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يتبسم . قالت : وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف في وجهه ، قالت : يارسول الله ، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ؟ فقال : " يا عائشة ، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ؟ عُذّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: هذا عارض ممطرنا ".
وفي رواية للترمذي(13) : فقال : " وما أدري لعله كما قال الله تعالى:( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)(الاحقاف: 24).
فهذا الحديث يدل على خوفه – صلى الله عليه وسلم – من نزول العذاب ؛ مع أن الله – عز وجل – قد أخبر أنه لن يعذب أمته وهو فيهم كما قال تعالى:(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)(الأنفال: 33) ولكنه – صلى الله عليه وسلم – يخشى على أمته أن تقع فيما وقعت فيه غيرها من الأمم من الأمن من مكر الله ، فكان يخاف ويقبل ويدبر حين يرى السحاب ، ويقول إذا عصفت الريح : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأدبر فإذا أمطرت سُري عنه " الحديث أخرجه مسلم بطوله .
وقريبٌ من هذا ما أخرجه البخاري(14) والترمذي(15) وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية :(قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ)(الأنعام: 65) قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " أعوذ بوجهك " قال : ( أو من تحت أرجلكم).قال : " أعوذ بوجهك" . ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذا أهون ، أو هذا أيسر " .
وهكذا كان حاله – صلى الله عليه وسلم – مع آيات الوعيد ؛ كان يستعيذ بالله من وقوع العذاب ، ويستعيذ بالله من كل شر ، ويخاف على أمته من أن ينـزل بهم ما نزل بالأمم قبلهم ، ويخاف عليهم من أهوال يوم القيامة .