أخرجكم الذي رتب الإخراج على أكلي من الشجرة والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق هو الله عز وجل فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر ما أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها وكون الإخراج مترتبا على ذلك ليس من فعلي فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة وإنما كان هذا من قدره الله وصنعه وله الحكمة في ذلك فلهذا حج آدم موسى ومن كذب بهذا الحديث فمعاند لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه وناهيك به عدالة وحفظا واتقانا ثم هو مروي عن غيره من الصحابة كما ذكرنا ومن تأوله بتلك التأويلات المذكورة آنفا فهو بعيد من اللفظ والمعنى وما فيهم من هو أقوى مسلكا من الجبرية وفيما قالوه نظر من وجوه أحدها أن موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب منه فاعله الثاني أنه قد قتل نفسا لم يؤمر بقتلها وقد سأل الله في ذلك بقوله رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له الآية الثالث أنه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد لانفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله فيحتج بالقدر السابق فينسد باب القصاص والحدود ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار وهذا يفضي إلى لوازم فظيعة فلهذا قال من قال من العلماء بأن جواب آدم إنما كان احتجاجا بالقدر على المصيبة لا المعصية والله تعالى أعلم
نتابع معكم الأحاديث الواردة في خلق آدم إن شاء الله