السلام عليكم ورحمه الله وبركاته:
وأخيرا لم تعد غزة تطيق المزيد من الصبر، فقررت استخدام الأسلحة المحظورة، أسلحة الدمار
الشامل...
قد توافقني الرأي وقد لا توافقني الرأي، لكن الأسلحة التي تستخدمها غزة اليوم، هي أقوى الأسلحة دمارا على الإطلاق، إنها لا تدمر بيوتا أو آليات، ولا تقتل بشرا أو حيوانات، إنها تضرب قيم العدو، وتضرب سمعته، وتنسف مستقبله وماضيه، وتضرب روحه التي يحيا بها بين العالمين، إنها تمسح تاريخ دول، وتطمس معالم أمم...
إن أغلى ما تسعى إليه أمة على وجه الأرض، أن توجد لنفسها مكانة معنوية حتى لا تكون منبوذة بين الأمم، وهذا ما تصرف عليه أمريكا مليارات الدولارات، وتحشد له الأفلام والمجلات والقنوات.
وهذه هي حقيقة الوطن التي يفخر الناس بها، وهي مظهر من مظاهر الانتساب التي هي فطرة في الإنسان، فلا أحد يرضى أن تكون أمه ذات تاريخ سيئ، أو أن يكون أبوه مجرما، فكذلك لا يرضى أحد أن تكون دولته عارا في الجبين، وسبة في التاريخ.
بإمكان تلك الدول أن تمتلك صواريخ ورؤوسا نووية، لكنها لن تحلم أبدا بأن تمتلك في ترسانتها هذه اللائحة من الأسلحة: الصبر، الثبات، الشجاعة، العزيمة، التحدي.
ها أنتم اليوم يا أسود غزة تدمرون دولة إسرائيل، نعم، إنكم تحرقون بأسلحتكم تاريخها، وتزلزلون بدمائكم الطاهرة مستقبلها، وضعت لحماية أنفسها الجدران، واتقتكم بالقرى المحصنة، لكن أسلحتكم تسري مع الهواء، وتحملها الملائكة، إنكم بهذا الثبات تنخرون في جسمها نخر النمل الأبيض في العود، وتفتون في عضدها فت السم في الجسم، أنتم تصعدون وهم ينزلون، أنتم تنتصرون وهم ينهزمون، أنتم تستبشرون وهم يستغيثون، لا سواء قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار، اثبتوا فإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، اثبتوا فإنكم ترجون من الله مالا يرجون، اثبتوا فإني أرى النصر أقرب إليكم من لمح البصر، لقد اهتز العالم حين ثبتم، وزلزلت العروش حين صمدتم، حطمتم بصبركم كل التوقعات، وتفرقت بتوحدكم يا أهل غزة كل التحالفات، يا ويل إسرائيل منكم، مسعرو حرب لو كان معكم رجال...