صلاة الوتر أثناء أذان الفجر:
يقع لبعض الناس أنه يصلي الوتر وأثناء صلاة الوتر يؤذن الفجر، فماذا يفعل؟ قال أهل العلم: يتم وتره ووتره صحيح وصلاته صحيحة ولا شيء عليه.
الإمام يغفل عن الفاتحة في إحدى الركعات:
وقد يقع لإمام وهو يصلي بالناس صلاةً سريةً مثلاً أن يغفل عن سورة الفاتحة في أحد الركعات ويقرأ بدلاً منها مثلاً التحيات، وعندما يجلس للتشهد يقرأ بدلاً من التحيات الفاتحة، فينتبه لنفسه أنه قد قرأ في أحد الركعات أو في الركعة الأخيرة بدل الفاتحة التشهد مثلاً، فماذا ينبغي عليه أن يفعل؟ يأتي بركعة، يقوم إلى الركعة الخامسة بالنسبة للناس؟ طبعاً الناس سوف يسبحون، فماذا يفعل؟ يشير إليهم أن يقوموا ليبين لهم بالإشارة أنه لم يخطئ ولم يسه وإنما قام للخامسة لأن هناك ركعة باطلة وقعت له في صلاته، فيشير إليهم ليقوموا معه فيكملوا فيقومون معه، ينبغي عليهم أن يكونوا فقهاء وأن يقوموا معه إذا أشار إليهم ليعلمهم أنه جازم، أو أن المسألة الآن ليست مسألة شك وإنما عنده ركعة فاسدة.
المأموم ينسى قراءة الفاتحة:
ويقع الشيء نفسه أحياناً للمأموم وراء الإمام فينسى قراءة الفاتحة ويقرأ بدلاً منها التحيات، ثم ينتبه بعدما يجلس وهو يتابع الإمام، فماذا يفعل؟ الجواب: تجزؤه الركعة مادام خلف إمامه، كمن نسي أو جاء والإمام راكعاً فركع مع الإمام، تحسب له الركعة مع أنه ما قرأ فيها الفاتحة، فهذا مثل هذا وهو قول أكثر أهل العلم.
تذكر صلاة فائتة في صلاة حاضرة:
يحدث للإنسان أن يكون في صلاة حاضرة فيتذكر أثناء هذه الصلاة أن هناك صلاة فاتت عليه نسي أن يقضيها وهو أثناء الصلاة، فمثلاً هو يصلي العصر فتذكر أن صلاة الظهر قد فاتت عليه وأنه لم يقضها، فماذا يفعل؟ المسألة فيها أقوال، والأحوط إذا كان الوقت متسعاً أن يتم العصر نفلاً، ثم يصلي الفائتة التي هي الظهر، ثم يصلي الحاضرة وهي العصر لكي يرتب الصلوات؛ لأن الترتيب واجب، فيخرج من الخلاف، وأما إن كان الوقت ضيقاً لا يكفي إلا للصلاة الحاضرة، فعليه أن يصلي الحاضرة ثم يصلي بعدها الفائتة ولا إعادة عليه للحاضرة. ومن صلى صلاة حاضرة وأنهاها وبعدما أنهاها تذكر أن عليه فائتة، فماذا يفعل؟ يكفيه أن يصلي الفائتة ولا يجب عليه إعادة الحاضرة وراءها.
اكتشاف حائل في عضو من أعضاء الوضوء أثناء الوضوء:
يحدث لإنسان وهو يتوضأ أن يكتشف أثناء وضوئه وجود حائل في إصبع أو في عضو من الأعضاء، وحك هذا يأخذ وقتاً طويلاً؛ فيذهب لإزالته وربما استعمل مزيلاً حتى ينشف بعض أعضائه السابقة، فماذا يفعل؟ الجواب: إذا عرض له أمرٌ وهو في وضوئه مثل اكتشاف طلاء في أحد الأعضاء، فإنه إذا أزاله يواصل الوضوء ولو أخذ وقتاً في إزالته، أو واحد يتوضأ فانقطع الماء من الصنبور فهو ينتظر فترة ليأتي الماء، فأتى الماء فيواصل وضوءه وطهارته صحيحة ولو جفت بعض أعضائه؛ لأنه كان منشغلاً بعملٍ من ضمن الطهارة، لكن لو أنه مثلاً نودي لطعام أثناء الوضوء فترك الوضوء وذهب يأكل، فإذا انتهى يعيد الوضوء من أوله. ومسألة جفاف الأعضاء هذه مسألة نسبية لأن الإنسان قد يكون في جو فيه هواء شديد فتنشف بسرعة، ربما لا يتم غسل الرجلين إلا وقد نشف وجهه، وقد يكون في جو رطب فيبقى الماء عليه فترة طويلة، فيصعب أن يحكم بجفاف الأعضاء في قضية الموالاة.
نسيان التسمية في أول الوضوء:
يحدث لبعض الناس أن ينسى (باسم الله) في أول الوضوء، فلا يذكر إلا في أثناء الوضوء، فماذا يفعل؟ يسمي أثناء الوضوء (باسم الله) فقط، أما (باسم الله في أوله وفي آخره) فهذا في الطعام إذا نسي التسمية في أوله، فلو أنه ما ذكر إلا بعد الوضوء كلياً فإن وضوءه صحيح.
جرح في أحد أعضاء الوضوء:
يحصل لإنسان أن يطرأ عليه جرح ولا يمكن أن يغسل مكان الجرح، وهذا الجرح في أحد أعضاء الوضوء، وكذلك لا يستطيع أن يضع عليه لاصق؛ لأن الجرح لابد أن يجف مثلاً واللاصق يضر بالجرح، فماذا يفعل؟ لا هو يستطيع أن يمسح عليه، ولا يستطيع أن يغسله، فماذا يفعل؟ يتوضأ ويتيمم عن ذلك المكان الذي لا يستطيع غسله ولا المسح عليه، فإذا كان لا يستطيع أن يمسح عليه؛ لأنه لابد أن يبقى مكشوفاً أو عليه غطاء لكن غير مستمسك لا يستطيع أن يمسح، لو مسح لذهب الغطاء، شيء بسيط مثل الجبيرة غطاء غير مستمسك، فإن عليه أن يتيمم عن هذا المكان مع الوضوء.
حكم تأخير باقي المال عند البائع:
ذهبت لتشتري سلعة، قال لك البائع: إن ثمنها ثلاثين ريالاً، بحثت في جيبك فلم تجد إلا خمسين ريالاً، ماذا تفعل؟ إذا أعطيته الخمسين وليس عنده صرف فيبقى لك عنده عشرون، فهل يجوز أن تعطيه الخمسين إذا احتجت إلى فكة من شخص؟ بشكل آخر: احتجت إلى صرف وعندك خمسون ريالاً والشخص الآخر ما عنده إلا ثلاث عشرات، هل يجوز لك أن تعطيه الخمسين وتأخذ الثلاثين والعشرين فيما بعد؟ الجواب: لا يجوز، هذا من الربا؛ لأن هذا النقد متماثل ولابد أن يكون يداً بيد، خمسون بخمسين، فإذا صرفت خمسين بثلاثين وعشرون إلى مابعد، معناها أنك خالفت شرط التقابض في العقد، وجعلت جزءاً من الصرف متأخراً عن مجلس الصرف، فتقع في الربا، فكيف تفعل في هذه الحالة التي يتعرض لها الناس كثيراً؟ الجواب: يضع الخمسين رهناً عند هذا الرجل الذي عنده الفكة، ويأخذ منه الثلاثين ديناً، ويذهب ويشتري ويقضي أموره، ثم يعود فيسدد الثلاثين التي عليه ويأخذ الخمسين المرهونة، هذا هو الحل الشرعي لهذه القضية، أما أن يدفع خمسين للفكة ويأخذ ثلاث عشرات والعشرين بعدين، فهذا من الربا ولا يجوز.
رجل توفي في سفينة في البحر:
رجلٌ في سفينة مع أناس توفي في البحر، فماذا يفعل أهل السفينة وقد توفي صاحبهم؟ قال الإمام أحمد رحمه الله: ينتظرون حتى يجدوا له موضعاً مثل جزيرة يدفنونه فيها أو يقدمون إلى البلد أو الساحل أو الشاطئ، فإن تأخروا وخشي على الجثة أن تتغير؛ غسلوه وكفنوه، وصلوا عليه وثقلوه بشيء ويلقوه في الماء، حتى لا يكون طافياً وإنما يلقى إلى أسفل، فيكون كأنه دفن في قاع الماء.
الشرب وإقامة الصلاة أثناء الطواف والسعي:
قد يكون الإنسان في حال الطواف أو السعي فيعطش، هل يجوز له أن يشرب؟ وقد يكون في أثناء الطواف والسعي فتقام الصلاة، فإذا صلى من أين يبدأ ويعيد؟ إذا عطشت أثناء الطواف والسعي؛ فإنه يجوز لك أن تتوقف لتشرب الماء وطوافك وسعيك صحيحان، وإن أقيمت الصلاة أثناء الطواف صل مع الجماعة، فإذا انتهت الصلاة تبني على ما تقدم، افرض أنك أنهيت ثلاثة أشواط وأنت في نصف الرابع فابن على ما تقدم أي: أنك تعتبر الثلاثة صحيحة والآن ستأتي بالرابع، فمن أين ستأتي به بعد انتهاء الصلاة؟ من الحجر مرة أخرى، ترجع إلى الحجر وتبدأ من بداية الرابع من جديد، هذا هو الأحوط. وأما بالنسبة لموالاة الطواف فهي شرط من شروط الطواف، لو أن واحداً مثلاً طاف ثلاثة أشواط وذهب للنوم، أو استراح فترة طويلة، أو تحدث مع شخص، فالموالاة شرط لصحة الطواف، وهذه الموالاة لم يأت في الشرع تحديد لها، بربع ساعة أو عشر دقائق، فإذاً هي مسألة عرف علماء البلد الحرام، بعضهم قال: نصف ساعة مثلاً عرفاً أنها لا بأس، أكثر يمكن أنه لابد أن يعيد الطواف كله من جديد، أما السعي فلا يشترط له الموالاة، فلو أنه سعى مثلاً ثلاثة أشواط، ثم استراح فترة ثم واصل السعي، فيبني على ما مضى وسعيه صحيح.
تبين جهة القبلة أثناء الصلاة:
لو أن إنساناً يصلي لوحده أو مع الجماعة، ولنفترض أنه يصلي مع الجماعة إلى جهة يظنونها جهة القبلة، وفي أثناء الصلاة تبين لهم أو لبعضهم أن الجهة التي يصلون إليها ليست هي جهة القبلة، فماذا يفعلون؟ إذا استبان لهم كلهم الاتجاه الصحيح استداروا جميعاً بإمامهم إلى المكان الصحيح والاتجاه الصحيح للقبلة، وما مضى من صلاتهم صحيح، أحدهم مثلاً يصلي إلى اتجاه يظنه القبلة صلى ركعتين وبقي له ركعتان، فتبين له خطأ اتجاهه، يعدل نفسه ويكمل الصلاة على ما مضى من صلاته وتبقى له ركعتان، فإن كانوا جماعة استداروا كلهم، فإن تبين لبعضهم أنه على خطأ والبعض الآخر يظن أنهم على اتجاه صحيح، فماذا يفعلون؟ الذين تبين لهم يستديرون إلى القبلة، والذين تبين لهم أن مكانهم صحيح يبقون على مكانهم، هل يستمر بعضهم بالاقتداء ببعض؟ هذه مسألة محل خلاف، وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني أن اقتداء بعضهم ببعض صحيح على رواية، ولو خالف بعضهم بعضاً في الاتجاه، ونقل رواية أخرى أن الاتجاه لو كان متخالفاً تماماً، فإن الذين يترجح لديهم القبلة هكذا يصلون مع بعض والآخرين يصلون مع بعض ولا يقتدي بعضهم ببعض، فإن كان واحد مقلداً لا يدري، رأى بعضهم اتجه هكذا وبعضهم اتجه هكذا، وهو لا يرجح لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فماذا يفعل؟ هذا يقلد من يثق به، ينظر أي الجماعة أوثق علماً بالقبلة وأعرف بالأحوال والاتجاهات والأماكن وأعقلهم وأشدهم مقدرة على التخيل مثلاً فيقلده في اتجاهه ويتوجه مثلما توجه.
الشك في الإمام هل هو مقيم أم مسافر وأنت تريد الصلاة:
لو أنك دخلت مسجداً في خط سفر في محطة من محطات البنزين مثلاً، فوجدت جماعةً يصلون ولا تدري هل هم من المقيمين في المحطة، أو أن إمامهم مسافر فماذا تفعل؟ تعمل بما ترجح لديك من القرائن مثل: ثياب هذا الإمام هل هو شخص مقيم أو أن هيئته هيئة مسافر، فإذا رجحت أنه مقيم وأنت مسافر ماذا تفعل؟ تأتم وتتم بإجماع العلماء، قال ابن عباس : مضت السنة أن يتم المسافر خلف المقيم. وإن ظننته مسافراً فصليت وراءه قصراً، دخلت معه وصليت ركعتين وبعد الصلاة إن تبين لك أن الركعتين هذه التي صليتها معه هي الثالثة والرابعة وأنه مقيم، فعليك أن تقوم وتأتي بركعتين أخريين لأنه لابد أن تتم الصلاة.
طرأ عليك طارئ وأنت تصلي:
لو طرأ عليك وأنت تصلي طارئ، أنت واقف فعجزت عن القيام، فتقعد أثناء الصلاة وصلاتك صحيحة، ولو كنت مريضاً قاعداً فاستطعت القيام أو الركوع والسجود، ولم تكن تستطيع من أول الصلاة؛ فتأتي بما استطعت الآن وصلاتك صحيحة تبني على أولها.
انقطاع مكبر الصوت وأنت تصلي وراء الإمام:
أنت تصلي وراء الإمام فانقطع مكبر الصوت، أو حصل عندك نعاس مثلاً فسبقك الإمام بركن أو أكثر، ثم انتبهت أو رجع الصوت، وعرفت أن الإمام قد سبقك، فماذا تفعل؟ عليك أن تلحق به، وهذه الحالة يمكن أن يتصورها في عدة أحيان في أن المأموم يتخلف عن إمامه فقد يأخذ وقتاً في خلع الثوب، أو قرأ الإمام آية فيها سجدة ولم يسجد الإمام بل ركع، أو آية فيها كلمة (سجد) لكن ما فيها سجدة في القرآن، فبعض الناس يظنون أن هذه سجدة، فالإمام قال: الله أكبر للركوع، فظن المأموم أنه سيسجد الآن فسجد فلما قال الإمام: سمع الله لمن حمده، انتبه المأموم، فقام فإذا بالإمام يكبر للسجود، فقد فاته مع إمامه الركوع والرفع منه، فماذا يفعل المأموم في هذه الحالة؟ يلحق بإمامه فيركع يقول: سبحان ربي العظيم، ويرفع ثم يسجد ويتابع الإمام وهو معذور في هذا الخطأ الذي حصل، لكن لو أنه تعمد أن يتخلف عن الإمام يقول: أدعو في السجد والإمام يرفع، فهذا قيل إن صلاته باطلة وهو آثم على جميع الحالات.
بقيت في الصف لوحدك لانسحاب صاحبك:
لو أنك أحرمت بالصلاة وراء الإمام ومعك شخص بجانبك، فحصل للشخص الذي بجانبك عارض فانسحب من الصلاة بقيت لوحدك في الصف، فماذا تفعل؟ تحاول أن تدخل في الصف الذي أمامك، فإن لم تستطع تحاول أن تتقدم وتصلي عن يمين الإمام، فإن لم تستطع فصلاتك صحيحة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
الإمام أحدث في الصلاة:
إمامٌ يصلي بالناس فأحدث في الصلاة، ماذا يفعل؟ ينسحب ويقدم آخر، فيصلي ويكمل بهم، فإن لم يقدم شخصاً فصلوا كلهم فرادى فصلاتهم صحيحة، فإن قدم بعضهم إماماً صلوا وراءه وصلى الآخرون لوحدهم فصلاة الجميع صحيحة والحمد لله.
تذكر أنه مسح على جوربيه بعد انقضاء مدة المسح:
إمام يصلي بالناس فتذكر أنه مسح على جوربيه بعد انقضاء مدة المسح، وهذه مسألة تحدث الآن، يمكن واحد في الصلاة يصلي فيتذكر أنه قد مسح لكن بعد انقضاء مدة المسح، طافت أربعة وعشرين ساعة على أول مسح بعد الحدث، فماذا يفعل؟ يخرج من الصلاة؛ لأنه تبين أن وضوءه غير صحيح.
نزل المطر والناس خارجون لصلاة الاستسقاء:
خرج الناس لصلاة الاستسقاء أو أرادوا الخروج فنزل المطر، فإذا لم يكونوا قد خرجوا فلا يخرجوا؛ لأن الشيء الذي يريدون الصلاة من أجله قد حصل، فإن خرجوا؛ فيصلون شكراً لله تعالى كما ذكر ذلك ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني.
رجل لم يقل: سبحان ربي العظيم في ركوعه:
رجلٌ ركع ورفع رأسه ثم تذكر أنه لم يقل سبحان ربي العظيم، فهل يعود للركوع أم لا؟ فلا يعود إليه، ولو كان يعلم أنه لا يجوز له العودة وعاد بطلت صلاته، لأنه قد دخل في الركن الذي بعده، وهذا واجب سقط بالنسيان، فتسجد بدلاً منه سجود السهو. وكذلك الإمام لو نسي التشهد الأول وقام إلى الثالثة واعتدل وبدأ في الفاتحة، فقالوا: سبحان الله، فنـزل. إذا كان عالماً أن نزوله لا يجوز بطلت صلاته، هذا عند أحمد و الشافعي ولذلك إذا استوى وبدأ في الفاتحة لا ينـزل، ذلك واجب يجبر بسجود السهو، وأما هو الآن قد شرع في ركن فلا يتركه.
إمام أخطأ في الصلاة ولا يعرف ما هو الخطأ:
إمام يصلي بالناس فأخطأ في الصلاة، قالوا: سبحان الله، سجد، اتضح أنها سجود، قام اتضح أنها ليست بقيام، ركع اتضح أنه ليس بركوع، هو نسي الجلسة بين السجدتين مثلاً وهو يقوم ويتخبط ويركع ويسجد، الناس: سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! فكيف تحل هذه المشكلة؟ الجواب: ينبه الإمام بذكر الركن الذي تركه، فإن كان نسي السجود وتخبط يقول أحد المأمومين: سبحان ربي الأعلى، فهو قد أتى بذكر من أذكار الصلاة وليس بكلام أجنبي، فيتنبه الإمام إلى أن الذي فاته سجود فيسجد، أو يقول المأموم: رب اغفر لي، فينتبه الإمام إلى أن الذي فاته الجلسة بين السجدتين فيجلس، أو يقول: التحيات لله، فيتبين له مثلاً أنه التشهد الأخير، فيجلس ويأتي به وهكذا.
لبس جورب القدم اليمنى قبل اليسرى:
رجلٌ توضأ للصلاة ويريد المسح على الجوربين، غسل أعضاءه فلما وصل إلى رجله اليمنى غسل رجله اليمنى ولبس الجورب، ثم غسل الرجل اليسرى ولبس الجورب، وهذه رأيناها في المساجد الآن في الشتاء بعضهم يغسل الرجل اليمنى ثم يلبس الجورب ثم يغسل الرجل اليسرى ويلبس الجورب، هل يجوز له المسح على الجوربين؟ لا، لماذا؟ لأنه لم يلبس الأول على طهارة، لأنه لبس الجورب الأيمن على القدم اليمنى ولم ينته بعد من الطهارة؛ لأن رجله اليسرى لم تغسل بعد، فما هو الحل إذاً؟ هل لابد أن يعيد الوضوء أو يعيد نزل كلا الجوربين؟ الجواب: لا، وإنما يكفيه بعدما غسل اليسرى ولبس الجورب الأيسر ثم انتبه أو نبه يخلع جورب اليمنى ثم يلبسه مرة أخرى فقط؛ لأنه لما لبسه مرةً أخرى لبسه على طهارةٍ كاملة.
الباب يدق وأنت تصلي:
قد يطرأ على المصلي شيءٌ في صلاته كدق باب أو مرور حية أو عقرب أو مار بين يديه، فماذا يفعل؟ أما الحية والعقرب فتقتل في الصلاة ولا تبطل الصلاة: (اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب) رواه أبو داود وهو حديث صحيح. المار بين يديه يدفعه، فإن أبى؛ فليقاتله ولا تبطل صلاته. إذا طُرق الباب وهو في الصلاة يتقدم أو يتأخر لفتحه خطوات ولا تبطل صلاته. سقط رداؤه عليه أن يرفعه ويغطي كتفيه ولا تبطل صلاته، أو انحل مئزره فيتداركه فيعقده ولا تبطل صلاته.
حكم السلام على المصلي ورده:
لو سلم على المصلي أثناء الصلاة فهل يرد السلام؟ نعم، بالإشارة، وتكون بطن الكف إلى الأسفل.
انكشاف عورة الإمام في الصلاة:
رجلٌ رأى إمامه قد انكشفت عورته في الصلاة، أو هناك شق في ثوب الإمام، ماذا يفعل؟ يستره، فإن لم يمكن ستره، فيتكلم في صلاته ويخرج من الصلاة ويقول للإمام: إن العورة مكشوفة، أو إنه يجب عليك أن تغطي ما انكشف منك، يضحي لأجل مصلحة الجماعة ومصلحة الإمام وهو قد رأى هذا الشيء أمامه ولا يمكنه السكوت وهو يعلم أن صلاة الإمام الآن غير صحيحة بالنسبة لهذا المأموم.
مواقف محرجة:
ونختم هذه الجولة في بعض ما يطرأ على الناس من الأحكام والأشياء بذكر التصرف الشرعي في الحالات التي يحدث فيها إحراج للشخص. فقد يطرأ على بعض الناس ثقلاء أو ظلمة، فيسألونهم أسئلة أو يقومون معهم بأشياء تحرجهم، فما هو الموقف الشرعي في مثل هذه الحالات؟ هل يكذب؟ طبعاً إذا اضطر إلى الكذب ولم يكن هناك مجال غير الكذب فإنه يكذب إذا كان سينقذ معصوماً أو ينقذ مال امرئ معصوم، أو ينقذ نفسه من الهلكة، إذا اضطر إلى ذلك: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً [النحل:106] ولكن في التعاملات التي هي أدنى من هذا فما هو موقف الإنسان؟ هذه أمثلة من حياة بعض السلف تبين كيف كانوا يتخلصون من الورطات في المواقف التي يكون فيها شيء من المشكلات، تبين سرعة بديهتهم، وتقدم حلول في مثل هذه الحالات التي تحدث وتطرأ على الشخص ولا يريد فيها الكذب، فكيف يفعل؟
رجل يصيب بالعين:
ذكر ابن القيم رحمه الله أمثلة في كتابه العظيم إغاثة اللهفان ، فمن ذلك: أن علي بن سيرين كان رجلاً يصيب بالعين، فرأى بغلة شريح فأراد أن يعينها، ففطن له شريح فقال شريح أمام العائن: إنها إذا ربضت لم تقم حتى تقام، فقال رجل: أف أف، زهد فيها وغير رأيه، وسلمت بغلته وإنما أراد أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقيمها، يعني: لم تقم حتى تقام: حتى يقيمها الله سبحانه وتعالى.
الإشارة إلى المروحة:
وقال أبو عوانة عن أبي مسكين : كنت عند إبراهيم وامرأته تعاتبه في جارية له: أنت جاريتك تعطيها وتعمل معها، وعنده ضيوف وبيده مروحة، فقال إبراهيم : أشهدكم أنها لها، فلما خرجنا قال: علام شهدتم؟ قلنا: أنك جعلت الجارية لها، قال: أما رأيتموني أشير إلى المروحة إنما قلت لكم: اشهدوا أنها لها وأنا أعني المروحة.
أسلوب في صرف الزائر الثقيل:
وكان حماد رحمه الله إذا جاءه من لا يريد الاجتماع به وضع يده على ضرسه وقال: ضرسي ضرسي، فيتركه هذا الثقيل أو هذا الإنسان الذي ليس من مصاحبته خير ويخرج من هذا الإحراج.
ترك نعله ثم عاد:
وأحضر الثوري إلى مجلس الخليفة المهدي ، فأراد أن يقوم، فما رضي له الخليفة أن يقوم حتى حلف بالله أن يعود، فترك نعله وخرج، ثم رجع فلبسها وذهب ولم يعد، فقال المهدي : ألم يحلف أنه يعود؟ فقالوا: إنه عاد فأخذ نعله.
ليس المروزي هاهنا:
وسئل أحمد رحمه الله عن المروزي ، وقد كان من نجباء تلامذة أحمد ، جاء أحدهم يسأل عنه يريد أن يأخذه من المجلس، والإمام أحمد يرى أن من مصلحة التلميذ البقاء الآن لحضور بقية الدرس، فماذا يقول؟ لو قال هنا أخذه وراح، خصوصاً إذا كان من جنود السلطان، وإذا قال: ليس موجوداً كذب، فوضع أحمد رحمه الله إصبعه في كفه وقال: ليس المروزي هاهنا، وما يصنع المروزي هاهنا؟ فذهب السائل، فالحيلة قد تكون حيلة شرعية واجبة أحياناً، وقد تكون مباحة، وقد تكون محرمة، وكثير من الناس يتوصلون بالحيل إلى إبطال حق أو إحقاق باطل، تستخدم تورية في إحقاق باطل أو إبطال حق أو أكل أموال الناس ظلماً، أو يطلب منه القاضي اليمين فيوري في اليمين يقول: أنا حلفت ما كذبت، ويمينك على ما صدقك به صاحبك، فأي حيلة فيها إبطال حق أو إحقاق باطل أو أكل أموال الناس ظلماً أو تضييع واجبات أو ارتكاب محرمات، فهي من حيل اليهود لعنة الله عليهم، يستحلون محارم الله لأجل الحيل، حرم الله عليهم الشحوم فأذابوها وباعوها وأكلوا ثمنها، قالوا: الشحوم إذا أذبناها ما صارت حراماً، وترى اليوم حيل الناس في تحليل الخمور والربا لا تعد ولا تحصى ومنهم الذين يضلون الناس بغير علم في تحليل الربا وما حرمه الله سبحانه وتعالى.
والله ما رأيته .. ومن حيل أهل اللغة:
وقد يقع إنسان مظلوم يضيق عليه في مناسبات محرجة ويريد أن ينجو من الكذب، فماذا يفعل؟ لو حلفك ظالم أنك ما رأيت فلاناً وأنت رأيته، لكن لو أنك اعترفت لربما وصل إليه وبطش به، أو بطش بك أنت، حلفك أنك ما رأيته، فقلت: والله ما رأيته، وأنت تقصد أنك ما ضربت رئته، لأن رأى في لغة العرب تأتي بمعنى نظرت إليه وأبصرته وتأتي بمعنى قطعت رئته، فتقصد أنت المعنى الثاني وهو المعنى البعيد وهو صحيح في اللغة وهذه تورية. فإن حلفك ألا تكلم فلانا، قال: احلف بالله ألا تكلم فلانا، فقل: والله لا أكلمه، وتنوي أي: لا تجرحه، لأن كلم يكلم يمكن أن تكون من الكلام ويمكن أن تكون من الكلم وهو الجرح، كلم أي: جرح، وهو أيضاً معنى بعيد فتقصده أنت وهو صحيح في اللغة من أجل النجاة من هذا الظلم. ولو حلفه واحدٌ ظلماً ألا يطأ زوجته، حلف والله لا أطأها ويقصد ألا يطأها برجله، ولو حلفه ظالم أنه لا يعلم مكان فلان، يقول: لا أعلم، قال: والله لا أعلم، يحلف ويقصد أنه لا يعلم أين هو على وجه التحديد، فإذا كان هو يعلم أنه في بيت فهو لا يعلم في أي غرفة هو، فإذا كان في غرفة هو لا يعلم في أي موضع هو بالضبط، فهو يسأله الآن أين فلان؟ يقول: لا أعلم، وهو يقصد معنى صحيحاً، فهو لا يقول إنه لا يعلم في أي غرفة هو مثلاً.
مخرج لمن أكره على قول: (كفرت بالله).
وذكر ابن القيم رحمه الله كذلك مثالاً آخر لمن أكره على الكفر وقيل له: قل كفرت بالله، فيقول: كفرت باللاهي، ويقصد: لها يلهو فهو لاهٍ اسم الفاعل، كفرت باللاهي ليس بالله سبحانه وتعالى، وإنما باللاهي، اللاهي اسم فاعل من لها يلهو، فإن قالوا له: سكن وقل كفرت بالله، فيتأول وجهاً صحيحاً من أوجه اللغة وهو حذف الياء عند السكون على معتل الآخر بالياء مثل قول الله عز وجل: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ [طـه:72] هي أصلها قاضي، لكن يجوز الوقوف عليها مع حذف الياء، فيقصد أيضاً كفرت باللاه أي: الذي يلهو اسم الفاعل من لها يلهو، وبطبيعة الحال فإن الإنسان إذا وصل إلى درجة أنه يعذب ليعترف على فلان أو فلان ممن يؤذون بسببه؛ فإنه يتذكر قصة الراهب مع الغلام، لما قال له في قصة أصحاب الأخدود: فإن ابتليت فلا تدل علي، فينبغي إذاً للإنسان أن يذب عن عرضه وعن إخوانه ما قدر على ذلك وما استطاع أن يدفع عن نفسه وعن غيره الظلم. الحالات الطارئة كثيرة، ونحن قد ذكرنا بعضاً من هذه الحالات تحت عنوان: ماذا تفعل في الحالات الآتية. وهذه أمثلة. والمقصود أن يطلع المسلم على أحكام دينه، وأن يقرأ في كتب العلم، حتى إذا واجهته مسألة يعرف الجواب ويعرف كيف يتصرف، ولا يصلح أن نكون من أهل الدنيا، دائماً نبدع في الأشياء الدنيوية ونعرف المخارج والطرق والأساليب، وإذا جئنا إلى الأمور الشرعية فيحدث الشيء في المسجد فيضطرب كل الناس لا أحد عنده جواب، كل واحد يقول قولاً عن جهل، يقول بغير علم، أو يقع لك شيء في أي محل، في أي مكان، في طهارة، في صلاة، في استقبال قبلة، في بيع، في شراء، في وكالة، في قسم يمين، وأنت لا تعرف كيف تتصرف، فليس هذا من صفات وسمات المسلم الجاد. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم للفقه في دينه واقتفاء سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا الحرام ويباعد بيننا وبينه، وأن يرزقنا الحلال، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه والله تعالى أعلم.
يتبع