لماذا أرد على الرسالة لماذا أحببت الحديث معك أخي الشاب؟ من حقك أن تسأل هذا السؤال
ومن واجبنا أن نجيبك على تساؤلك أوجه لك هذا الحديث وأخصك بهذه الرسالة انطلاقامن قوله " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
أنت أخ لنا مهما ابعدتك السعادة عنا مهما بدر منك من قصور أو كان لديك من معصية ما دمت تحت دائرة الإسلام فثمت حبل موصول بيننا وبينك لن ينقطع
إننا حين نرى أحوال بعض الشباب لا تزال مشاعرهم محبة الخير لهم.... والتفاؤل بنقلهم إلى حياة سعيدة لا تزال هذه المشاعر تدفعنا دفعا وتسوقنا سوقا لنتقدم لهم ونخاطبهم
ومن حقك بعد ذلك أن تصل لأي نتيجة أو اقتناع فما يقتنع به المرء لا يملى عليه إملاء أو يفرض عليه فرضا
هذه السعادة التي من الله بها على من شاء من عباده ليست منهم.... ولا بأيديهم.... ولم يحصلوها يوما من الأيام بمال أو ذكاء ولا قدرة عقلية
إنها أولا وأخيرا نعمة من الله وحده ومنة منه سبحانه.... أو ليس من واجبنا تجاه هذه النعمة ومن شكرها أن نسعى في نقلها للآخرين؟
إن لم نحمل هم ابلاغك للسعادة ...... فمن سيحملها؟ أأاليهود والنصارى؟ أم من أعدائك الذين سجلوا لك الأفلام الساقطة وصوروا لك الصور الخالعة ووظفوا كل ما تفتق عنه العصر من تقنية ومدنية ليلقوك أسيرا لهم؟
أم من مروجي وسائل الإثارة الذي أثروا وجمعوا المال على أشلاء عفة الكثير من الشباب والفتيات..... وعلى حساب كل خلق فاضل ونظيف؟
أم من زملائك في العبث واللهو الفاسد.........الذين يسهلون لك الطريق.... ويدفعونك نحوه دفعا؟
أظن أنك أخي الشاب توافقني أن هؤلاء جميعا مع احترامي لأصدقائك لا يمكن أن تسمع منهم النصيحة لطريق السعادة
ولا يمكن أن يسعوا لإنقاذك....... فليس ثم إلا أخ لك في الدين والعقيدة..... لا تشك أنت في مقاصده.... ولا تتردد في نياته...... أخذ يصيح بك ليوقظك..... وقد يكون صوته مزعجا وإيقاظه لك غير مناسب
ولكن علك تلمتس له العذر....... فإن شدة قلقه عليك..... وعمق حرصه قد يدفعه إلى شيء من القسوة فاحتملها فهي قسوة المحب
وقد ذقنا أخي الكريم مرارة التستر على العيوب..... ولمسنا شؤم دفن الأخطاء باسم المجاملة.
إليك أخي الكريم هذه الصورة الحية التي تراها صباح مساء.....في ثلث الليل الآخر هناك بشر يبكون بين يدي الله حين ينزل إلى سماء الدنيا بينما يسهر غيرهم على معصية الله؟ ويتورع أحدهم عن الصغائر واللمم حين يفاخر سواهم بالكبائر والموبقات؟
أجزم أنك تعرف الكثير منهم بل قد يكون زميلك في الفصل أو جارك في المقعد أو في الحي...... بل قد يكون قريبا لك إن لم يكن أخا شقيقا أحيانا
إنهم بشر مثلك ولهم شهوات وتنازعهم غرائز وتعرض لهم الفتن وتشرع أبوابها أمام ناظريهم ولهم أباء مثل أبيك
فما بالهم ينتصرون على أنفسهم؟ وما الذي يجعلهم يستطيعون وأنت لا تستطيع؟ ولم ينتصرون وتنهزم أنت؟ لماذا تحكم على نفسك بالشقاء؟
بل ربما أنت أقوى شخصية من أحدهم.... وأكثر ذكاء من الآخر وفطنة إن الذي جعل هؤلاء ينتصرون على أنفسهم يمكن أن يجعلك كذلك
إن الذي جعلهم سعيدون وهم أسوأ ظروفا منك تستطيع ان تصل الى ماوصلوا اليه
فكيف يستطيع وأنت لا تستطيع؟ وكيف يطيق وأنت لا تطيق؟ وكيف يجتاز العوائق وأنت تنهزم أمامها؟ أليست هذه النماذج تعطيك الاقتناع أنك قادر؟ لست أدري ألا تهزك هذه المشاهد هزا؟
لابد أنك قرأت التاريخ وعرفت فيه هذه الأسماء: سعد بن أبي وقاص، الزبير بن العوام، علي ابن أبي طالب... وبعدهم أسامة بن زيد الذي قاد جيشا وهو لم يتجاوز العشرين من عمره.....
ألا ترى أن هذه النماذج هي القدوة الفعلية....... فكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه أهم ملائكة؟ أم هم معصومون؟ أو أنهم بشر مثلك انتصروا على أنفسهم وسلكوا طريقا رأوا معالمه واضحة؟ ألم تأخذ بلبك هذه الأسماء وتتطلع إليها؟ إني أعيذك أخي الشاب أن يشغلك عن هؤلاء نجوم الفن والرياضة
لقد سمعت ولا شك عن مسلمي البوسنة والآلاف الذين قتلوا...... والملايين الذين شردوا.....ورأيت كيف تهان كرامة الإنسان.... وقبلها كانت بورما ومجازرها
ولآن في فلسطين ومن يدري ربما العراق؟؟؟؟
تراهم يفقدون السعادة حقا وليس مثلنا لأننا انهزمنا نفسيا !!!
أخي ان أراك أقوى بكثير بكثير من هذا القنوط
لقد اتفقنا أن نتخلى عن جلساء السوء وزملاء الغفلة...... ومن حق أي شاب أن يسأل بعد ذلك: وما البديل؟
أتريدني أن أبقى حبيس حيطان أربع؟ أم أكون كأخواتي لا أغادر المنزل إلا إلى المدرسة؟
إنه من حقك بلا شك أن تسعى لمصادقة أقرانك...... وإزالة السآمة عنك والملل، لكن حصر الصداقة في هؤلاء...... وافتراض السآمة والشقاء عند مفارقتهم وهم وسراب خادع....... ومن ينهاك عن مصادقة الأشرار يدعوك لصحبة القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم
أو ما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم "المرء مع من أحب"
فمع من تحب أن تحشر يوم القيامة؟
وقد تقول: إني أجد المتعة كثيرا عند أصحابي...... وألقى المرح والمزاح الذي يزيل عني السآمة
ويطرد عني روتين الحياة...... فأقول نعم تجد ذلك عند رفاق الغفلة
ولكن أيستحق هذا الثمن: أن تخاطر بحياتك، ومستقبلك؟
بل أقول لك: من أين لك هذه الدعوى؟ وكيف تحكم على الأخيار وأنت لم تعاشرهم وتصاحبهم؟
وأقول لك: ستجد ما تريد من المتعة وإزالة السآمة.... ولكن في جو منضبط بالضوابط الشرعية...... وستجد ما هو أهم من ذلك..... حياة القلب وسعادته.
وتبقى هذه الأخوة والصداقة رصيدا يدخره المرء ليوم لا ينفعه غيرها....... حين تزول كل الصلات.....ويلعن كل خليل خليله........ ويتبرأ كل تابع من متبوعه...... بل حتى صلات النسب والقرابة تزول وتمحى
لا تقنط من رحمة الله وتقول يظل الماضي القاتم حاجزا بيني وين السعادة بل استثمره في السبيل للوصول للسعادة
أتمنى ان رفعت من معنوياتك فأبحث عن السعادة في الطريق الى الله
ودمت سعيدا في حياتك أخي العزيز
أخوك المشفق
بقايا جروح