الموضوع: شيطان نفسي
عرض مشاركة واحدة
قديم 23-02-2003, 10:11 PM   رقم المشاركة : 1
روان المتميزة
Band
 
الصورة الرمزية روان المتميزة
 






روان المتميزة غير متصل

شيطان نفسي


أمسكت بالقلم، ووضعتُ سنّه على الورق، وبقيت على هذه الحال مدة.. حاولتُ أن أكتب شيئاً.. لكن الأفكار في رأسي كانت تتصادم مع بعضها البعض، وقلمي لا يريد أن يتحرك..
ألقيتُ برأسي على الأوراق، وتركت قلمي يسقط من بين أصابعي دون اكتراث..
لا أعرف كم من الوقت بقيت كذلك.. لكن حين رفعتُ رأسي، وجدتني أمسك بالقلم من جديد وأسطّر ببطء ثلاث كلمات.. (أنا + الطبيعة+ طبيعتي)
وسمعت في رأسي صوتاًيقول:
- أتعرفين من أنت؟
أجبتُ: أظنُّ ذلك. فعاد الصوت يقول:
- فمن أنت؟
- أنا.. أنا .. إنسان..
- كيف؟
- إن لي قلباً .. وعقلا.. وروحاً .. وشعوراً كإنسان.
فلما لم أتلق ردا، عدتُ أقول:
- ألستُ كذلك؟
سمعتُ ضحكة هازئة، ثم عاد الصوت يقول:
- وماذا غير ذلك؟
- إن هذا طبعاً ليس كل شيء.. لكن أظن أن هذا أهم شيء..
- أ هذا ما تعرفين عن نفسك؟ أ هذا معنى كلمة (أنا) في مخيلتك؟
- لكني أعرف نفسي.
- فمن أنت إذن؟
- أنا.. (هززت رأسي بعنف) لا أعرف.. لقد كنت أعرف قبل قليل.. لكن الآن.. أنا .. شيء غريب .. غامض.. أنا لغز بالنسبة لنفسي..من أنا؟ أجبني أنت.. أريد أن أعرف.
- أحقاً تريدين معرفة ذلك؟
- الآن؟ .. كلا.. لا أريد أن أعرف الآن.
- هل أنت خائفة؟
- كلا.. أمهلني قليلا.. لا تخبرني الآن.. أنا .. سأعرف من أنا فيما بعد..
- ولماذا كتبت الطبيعة؟ هل تفهمين معناها؟
- أليست كل شيء؟ أليست الحياة، الموت، البشرية؟ كل المخلوقات؟ أما أنا.. فإني أظنها كذلك..
- وماذا أيضاً؟
- إنها شيء لا أستطيع تحديده.. لا أستطيع وصفه.. لكن ما أعرفه.. هو أني جزء من الطبيعة..
- فما هي اللاطبيعة؟
- ربما كانت الشذوذ، أو الغموض، لا معنى، لا شكل، لا صوت، لا منظر له..
- وما أنت من الطبيعة؟ وما أنت من اللاطبيعة؟ ما هما منك؟
- أنا.. أظن أني مزيج منهما معاً.. لكن.. أتعرفني؟ أتعرف مكاني منهما؟
- لكنك تملكين عقلاً.. تملكين قلباً.. ستعرفين..
- لقد قلتُ لك ذلك منذ البداية.. لكنك ضحكت مني ساخراً..
- ما الفائدة من عقلك إذا لم يفكر؟ ما قيمة قلبك إذا لم يتحرك؟ لم ينبض؟ لم ينحدث؟ لم يسمع؟ لم يعرف الإنسان؟ لم يعرف الطبيعة؟ ولم يعرفك؟ ولم يعرف نفسه..
- لكن قلبي يشعر بما حوله..
- وماذا فعل بعد أن شعر؟ أ زادت سرعة نبضه؟ أم هل توقف؟ ربما فعل ذلك هنيهة، لكنه عاد من جديد ينبض بانتظام كما كان..
- إذن.. ماذا أفعل؟
- كوني إنساناً.
- لا أعرف كيف أكون كذلك.. أو .. ربما لا أستطيع..
- لكنك تريدين ذلك.
- ربما.. أو.. نعم أنت نحق، أنا أريد، أعرف أني أريد، لكن ليس باستطاعتي الاعتراف لنفسي بذلك؛ لأنني يجب أن أكون صادقة.
- أنت لا تكذبين الآن؟
- نعم.. لكني لن أكون صادقة دائماً.
- لماذا لا تفعلين شيئاً تريدين فعله؟
- لأنني إنسان.. هذه هي الطبيعة، إنها تحكمني، لا أكذب.. لكنني لن أكون صادقة إذا أخفيت شيئاً في قلبي..
- إنك لا تحبين نفسك
- أعتقد أنني أحب أناساً أو أشياء أكثر من نفسي، لا أدري إذا كنت صادقة.. فأنا لم أجرب ذلك..
- أ تحبين أن تجربي؟
- أنا متأكدة أني أريد ذلك بشدة
- جربي الآن
- سأفعل، لكن ربما كانت التجربة سيئة، سيجعلني ذلك أكرهها، حتى إذا كانت تجربة فقط.
- أنت جبانة.
- لن أخجل من الاعتراف بذلك.. لكن من أنت؟! من أنت!!
ظللتُ أردد هذا السؤال مراراً.. لكني لم أحصل على إجابة.. وحين أفقت عرفت من يكون.. كان شيطان نفسي..