الجزء الخامس والأخير :
فيا أهلَ فلسطينَ عامة ً... ألا فلتعلموا :
أن اللهَ سبحانهُ وتعالى قد ابتلاكُم بفتنةِ فلسطينَ ولن يَنجُوَ أحدٌ منكُم إلاَّ إذا أبصَرَ الحقَّ منَ الباطل ِ، ومَن لم يُبصرْ ذلكَ ارتكـَسَ فيها ، فاحذروا الدُّعاة َعلى أبوابِ جهنمَ أولئكَ الذينَ يَدعونَ إلى التفاوض ِوالتنازل ِعن عكا وقيسارية َوحيفا ويافا , وعن عروس ِالجنةِ عسقلان ، وكذلكَ الإعترافِ لليهودِ بهذهِ الأرض ِالطـَّهُورِ المقدسةِ المجبولةِ بدماءِ المجاهدينَ على مَرِّ القرون ِ، والرضا بإقامةِ كيان ٍهزيل ٍ أو دويلةٍ منزوعةِ السلاح ِوظيفتـُها الدفاع ُعن أمن ِيهودَ لا عَن أمنِكـُم ، إبرأوا إلى اللهِ منهم ، ولا تـُكثـِّروا لهم سَوادا ، ولا ترضوا لهم عملاً, وإلاَّ شاركتموهُمْ بالمعصيةِ ، إنهم لا يَرضَوْنَ بإن ينفرِدُوا بمبارزةِ اللهِ بالمعصيةِ ، بلْ يُريدونَ جرَّ غيرِهم لوحدةٍ وطنيةٍ يُوارونَ بها سوآتِـهم ويَسترونَ عوراتِـهم ، فلا تـُعينوهُم على ما هُم فيهِ ، ولا تكونوا ظهيراً لهم ، ومن يَفعلْ ذلكَ منكُم فإنـَّهُ إذاً منهم , أي مثلـُهُم في الإثم ِوالمعصيةِ وشريكـُهُم في خيانةِ البلادِ والعبادِ والتـَّفريطِ بالأرض ِوالمقدساتِ .
ففلسطينُ أيُّها المسلمونَ ليست بورصة ًنـُشارك فيها العملاء !
ولا سلعة ًنساومُ عليها مَعَ يهودَ ألـَدِّ أعداءِ اللهِ في الأرض ِ،
إنها مَسرى نبيكُم صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وصحبهِ وسلمَ,
وهيَ أمانة ٌوضَعَها السَّلفُ الصَّالحُ بَينَ أيديكُم ،
فلا تخونوا أماناتِكم وأنتم تعلمون ،
ولا تـُعينوا الملأ َعلى تضييع ِهذهِ الأمانةِ بقول ٍأو فعل ٍ,
بل لا تـَرضُوا هذهِ بقلوبـِكُم حتى لا تـُشاركوا القومَ المُفرِّطينَ بإثمهم .
فإنَّ من رضيَ وتابعَ , كمن فاوضَ وتنازلَ لقولِهِ عليهِ السلامُ : ( من أعانَ ظالماً لِيُدحِضَ بباطِلِهِ حقاً , فقد بَرِأتْ منهُ ذمَّة ُاللهِ وذمَّة ُرسولِهِ ) .
أيها الناس :
إني أعلمُ أنكُم في وضع ٍصعبٍ ! ولكنَّ يومَ الحسابِ أصعب، فكلٌ مِنكم على ثغرةٍ , فمن استطاع َ أن لا تـُؤتى فلسطينُ من قِبَـلِهِ فليفعل ، لا تـُصدقوا هؤلاءِ القوم ِولا تـُعينوهُم , ولا تكونوا لهم أولياءَ ، فتقدِّموا الدنيا على الآخرةِ , ولا تـَلبَسُوا جُلودَ الضأن ِ، ولا تـَركنوا إلى الذينَ ظلموا فتمسَّكُمُ النارُ.
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ واعلموا أن ربَّكُم لبالمرصادِ : فاحذروا سَطوتـَهُ واخشوْا أخذهُ , إن أخذهُ أليمٌ شديدٌ ،
تـَبرؤوا مِمن يُواليْ اليهودَ والنصارى ,
وعَجِّـلوا بالمفاصلةِ في الدنيا قبلَ أن يَتبرؤوا منكم في الآخرةِ حيثُ لا تنفعُ الوحدة ُالوطنية ُ,
ولا المحافلُ الدولية ُ,
ولا اللجنة ُالرباعية ُ,
ولا جامعة ُالدول ِالعربية ُ.
وصدقَ اللهُ فيهم وفي أتباعِـهم إذ يقول : { إِذ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ {167}) البقرة .
فالنجاءَ النجاءَ !
والبراءَ البراءَ !
فما لكم واللهِ إلاَّ أن تتبرأوا مِنهم ,
وتخلعوا ثوبَ الوطنيةِ المُهلِكةِ ,
ففروا إلى اللهِ إنـِّي لكم منهُ نذيرٌ مُبين ،
كونوا من فـُسطاطِ الإيمان ِالذي لا نفاقَ فيهِ ،
وإيَّاكُم وفـُسطاط ُالنفاق ِالذي لا أيمانَ فيهِ ,
لا تغترُّوا بكثرةِ الهلكى فإنَّ الحقَّ أبلج , والباطلَ لـَجلج ،
الغرباءُ الصالحونَ قليلٌ , وناسُ السُّوءِ كثيرٌ !
كونوا مَعَ اللهِ وثقوا بجميل ِوعدِهِ , واللهُ لا يخلفُ الميعاد .
وفي الختام ِمِسكُ الختام ِقولـُهُ تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ {20} وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ {21} إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ {22} وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ {23} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {24} وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {25} ) الأنفال .
اللهمَّ إليكَ نشكوا ضَعفَ قوتِنا, وقلـَّة َحِيلـَتِنا وهوانِنِا على الناس ِ، يا أرحَمَ الراحِمينَ، أنتَ رَبُّ المُستضعفينَ ، وأنتَ ربُّـنا، لِمن تكِلـُنا ؟ إلى بعيدٍ يَتجهمُنا، أو إلى عدوٍّ ملكتهُ أمرَنا , إن لم يكُن بكَ غضبٌ علينا فلا نـُبالي ، ولكنَّ عافِيَتـُك هيَ أوسعُ لنا، نعوذ ُبنورِ وجهكَ الذي أشرقتْ لهُ الظلـُماتِ , وصلـُحَ عليهِ أمرُ الدنيا والآخرةِ , مِن أن يَنزلَ بنا غضبُـكَ ، أو يَحلَّ علينا سَخطـُكَ ، لكَ العُتبى حتى تـَرضى ، ولا حَولَ ولا قوة َإلاَّ بك .
اللهمَّ لا تـُسلـِّط علينا بذنوبـِنا من لا يَخافـُكَ ولا يَرحَمُنا . وارفع ِالهمَّ والغمَّ عنا , وعن جميع ِالمسلمينَ ,
اللهمَّ احقن دماءَ المسلمينَ , ولا تجعلْ بأسَهم بينـَهُم شديداً , واجعلنا اللهمَّ ممَّن يحفظونَ الأمانة َولا يُفرطونَ بها , واجعلنا مِنَ الذينَ يَحكمونَ بكتابكَ , ويُعلونَ شأنـَهُ , ويحفظونَ سبيل ِالهادي ويطبقونهُ .
اللهمَّ ائذن بقيام ِدولةِ الخلافةِ على منهاج ِالنبوةِ , واهدِ المسلمينَ جميعاً لمَا تحبُّهُ وترضاهُ , وكـُن مَعَ إخوانِنا المجاهدينَ ووفقهم لِمَا تـُحبهُ وتـَرضاهُ , واهدِهِم إلى سواءِ السبيل , ونـُشهدك مولانا أنـَّا بُرءآءُ من زُعمائِنا الأشرار, وحكامِنا الخـُوَّار, وافرُق بَيننا وبينَ أهل ِالنار, وباعِد بينـَنا وبينَ معاصينا , وارفع ِاللهمَّ أذى يهودٍ عنا , ومتعْ أبصارَنا برؤيةِ زوال ِدولتِهم , واقض ِعلى طغيان ِالأمريكان ِوسائرِ ملل ِالكفر, وباعد بيننا وبينَ موالاتِهم كمَا باعدتَّ بينَ المشرق ِوالمغربِ, اللهمَّ أرنا فيهم يوماً أسوداً كيوم عادٍ وثمود, اللهمَّ اكسر شوكتهُم , وفرق جَمعهم , وباعِد بينَ أسفارِهم , واجعل ِاللهمَّ كيدَهُم في نحرِهم . واجعلهم شذرَ مذرَ كأيدي سبأ , اللهم فلا ترفع لهم بعدَ هذا اليوم ِراية ً ’ ولا تدم لهم ولاية , فإنهم لا يُعجزونك ربي ربَّ العالمين .
اللهم عليك توكلنا وبك استجرنا ، لا ملجأ منك إلا إليك فأنزل نصرك , وحقق وعدك , وأرحم ضعفنا , وارفع غضبك وسخطك عنا , ولا تؤآخذنا بما فعل السفهاء منا , ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ,
اللهمَّ أعزَّنا بالإسلام , وأعزَّ الإسلامَ بنا , وأعزَّ الإسلامَ بقيام ِدولةِ الإسلام , وأعزَّ دولة َالإسلام ِبالجهادِ , ليعزَّ بها كلُّ عزيزٍ, ويُذلَّ بها كلُّ ذليل , واجعلنا اللهمَّ وإيَّاكـُم شُهداءَ يومَ قيامِها , واجعلنا مولانا ممن يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنهُ .
اللـهمَّ آمـين , اللـهمَّ آمين , اللهمَّ آمين , ربِّي , ربَّ العالمين .
وآخـر دعـوانا أن ِالحمـدُ للهِ ربِّ العـالمـينَ, والصـلاة ُوالسـلامُ على إمـام ِالمتقينَ, وسـيدِ المرسلينَ, المبعوثِ رحمة ًللعالمين , وعلى آلهِ وصحبهِ ومن والاهُ, ومن تبعَ هداهُ, وسلكَ خطاهُ , وسارَ على نهجهِ إلى يوم ِيلقى الله .
........................
تم بحمد الله وفضله