الجزء الثالث :
أيها الإخوة ُالعقلاء :
لمَّـا جاءتْ منظمة ُالتحريرِ الفلسطينيةِ , وضيعتِ الأمانة َبأوسلو خرجَ الناسُ إلى الشوارع ِ يحتفلونَ ويرقصونَ , وعندما ضـُيِّعتِ الأمانة ُعامَ ثمانيةٍ وثمانينَ واعترفت بقراري 242 و 338 خرجَ الناسُ يحتفلونَ بما سُميَ في حينِهِ ـ إعلانُ الإستقلال ِـ وفيهِ فصَلوا الوليدَ عن حُضن ِأُمَّهِ , ورعايةِ أبيهِ ! قطعوهُ إرباً إرباً , وفرِحوا بالجريمةِ , ولا يَزالونَ يحتفلونَ بهِ حتى يَومنا هذا !
ولما رجعوا خائبين وخائنين موقعين الإتفاقيات مع يهود الملاعين , ودخلوا فلسطين بإذن منها , خرجنا أيضاً محتفلين فرحين مهنئين ومباركين , وهذا كله تضييع للأمانة !
ثمَّ لمَّا أنشأوا السلطة َ وأقروا الحكمَ فيها ديمقراطياً وجعلوا التشريعَ للناس ِوليسَ للهِ ,
أباحوا الربا والخمور ,
وفتحوا الكازينوهاتِ وحرَّفوا المناهجَ ,
وأشاعُوا الرذيلة َوالحمدُ للهِ الذي لا يُحمدُ على مكروهٍ سواه ,
كما وأباحوا الزنا ! ولكن شرطوا أن يُشرفَ على ذلكَ أطباءُ خشية َنقل ِالعدوى كالإيدز,
وأقاموا نقابة ًللراقصاتِ أيضاً !
فهل بعدَ هذا كلـِّهِ نسألُ لماذا لم يَنصُرَنا اللهُ ؟!
وهذا كلـُّه تضييعٌ للأمانةِ , لذلكَ فمنَ الطبيعيِّ جداً أن الذي يَدخلُ جسمَهُ هذا الفايروس وتلكَ الجرثومة َــ التي هيَ المعصية ُــ من الطبيعيِّ أن يَظهرَ عليهِ هذا العارضُ , وهوَ تسليط ُقوم ٍغـُرباءَ عنا يَتربصونَ بنا الدوائرَ, وكذلكَ قومٌ من جنسِنا يَتكلمونَ بألسنتِنا أصابَهُم هذا المرضُ المُعدي , فعمِلوا على أن يُوصلوا العَدوى للكثيرِ مِنا , عن قصدٍ وترصدٍ وتـَحيُّن ٍ!
وأما العلاجُ الجذريُ والوحيدُ فهوَ كائن ٌباستئصال ِهذا المرض ِالسرطانيِّ الخبيثِ من جذوره ِ.
أيُّها الناس :
إنَّ أهلَ فلسطينَ بسطاء , وقد انطلتْ عليهمُ الحيلة ُ, ومُرِّرتِ الخيانة ُ, ووَقعَتِ المكيدة ُ, فعندما ظنَّ الناسُ أنهم تخلصُوا من شرِ يهودَ , وأنهم تحرَّروا من احتلالِهم , إذا بهم يقعونَ بمصيدةٍ جديدةٍ حِيكتْ بخبثٍ ومكرٍ ودهاءٍ شديدٍ مِن قِبل ِ زعمائِهم , وإذا بيهودَ يزدادونَ بطشاً وإجرامَاً وتسلطاً عليهم , ويزدادونَ قتلاً لهُم , ويزدادونَ سَفكاً لِدمائِهم , ويزدادونَ هَدماً لبيوتِهم , ويزدادونَ أخذاً لما في أيديهم .
عارضٌ ومرضٌ وسنأتي للعلاج ...
وأفظعُ عارض ٍأصابَنا وألمَّ بنا وحلَّ بديارنا ـ نقولُ وبتعريفٍ أدق وفي بعض ِالأحيان ِولا نريدُ أن نعَمِّمَ ـ
أن هذا العارضَ الفظيعَ إن أصابَ أمَّة ً أهلكـَهَا , وهوَ أن يكونَ بأسُها بَينهَا شديد !
فقتلُ المسلمُ لأخيهِ المسلم ُمصيبة ٌعظيمة ٌ ألمَّت بنا وحَلت ,
وهذا أمرٌ قبيحٌ مؤلمٌ مهلكٌ ,
فلا يَستطيعُ عاقلٌ أن يتصورَ كيف تسوِّلُ لهُ نفسُهُ ,
وتراوِدُهُ على قتل ِأخيهِ ,
مع عِلمهِ اليقينيِّ بعظيم ِفحش ِهذا الفعل ِالذي تكادُ السماواتُ يتفطرنَ من هولِه !
وهذا الشيءُ يؤلمُ الإنسانَ المسلمَ ويبكيهِ ,
فلا يَتصورُعاقلٌ أن يُسفكَ دمُ المسلم ِعلى يدِ أخيهِ المسلم ِ,
وهذا التسليط ُمذكورٌ في الحديثِ الذي ذكرناهُ وهو مِمََّا يجعل ِاللهُ بأسَنا فيهِ شديدا
فانتبهوا إخوتي في الله :
أمراضٌ إذا دخلت إلى جسم ِالإنسان ِظهرتْ هذهِ العوارضُ وهيَ ولا شكَّ مفضية ٌ إلى التهلكة .
لماذا أيُّها الإخوة ُالأفاضل ؟
لأننا ليسَ عندنا حُكمٌ بما أنزلَ الله ,
ولم نتخيَّرَ أفضلـَهُ ,
بل وعلى النقيض ِمنهُ حَكمنا بما يُخالفهُ ,
وطبقنا أنظمة ًوضعية ًكالديمقراطيةِ وجعلنا التشريعَ للناس ِ,
وقراراتـُنا لا تصدُرُ بناءً على الأحكام ِالشرعية ِ,
وإنما هيَ مبنية ٌعلى أغلبيةِ أعضاءِ المجلس ِ ـ المجلس ِالتشريعي ِّـ
ولأننا استندنا لكلِّ الإتفاقياتِ المجرِمَةِ المُبرَمَةِ ما بينَ السلطةِ ويهودَ,
وبرعايةٍ أوروبيةٍ , وأنجلو أمريكيةٍ ,
واعتبرناها المرجعية َالتي تمثلُ ما يُسمَّى بالثوابتِ الوطنيةِ ,
وتمثـِّلُ كذلكَ مصالحَ الشعبِ الفلسطينيِّ , وتمثـِّلُ ما شاكلَ ذلكَ كلـَّهُ .
كما وأنَّ من الأمانةِ التي أضعناها أيضاً وهي من الأهميةِ بمكان , لا بلْ هيَ أهمُّهَا وأصلـُها وجذرُها , تركنا العملَ على محاسبةِ الحكام ِالظلام ِ فيما قصَّروا فيهِ وخانوا , وانطلى علينا معسولُ كلامِهم , وانخدعنا بهم يومَ قالوا دينُ الدولةِ الإسلام !
والواقِعُ ينطقُ بأنهم لمْ يَحكموا ولم يُطبقوا علينا كتابَ اللهِ ولا سنة َرسولهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ,
بل حَكموا بأنظمةٍ وضعيةٍ وطبقوها , وتبنوُا الديمقراطية َوالإشتراكية َوالقومية َوالبعثية َوالوطنية َ ونادَوْا بالحرياتِ ,
وجعلوا فصلَ الأمورِ فيما بينهم لمجلس ِالأمن وقراراته ,
وهيئةِ الأمَم ِومقرَّراتها ,
والتزموا ذلكَ كلـَّهُ ,
تاركينَ حُكمَ اللهِ العليم ِالحكيم ,
وسنة َالهادي المبعوثِ رحمة ًللعالمينَ وراءَهُمْ ظِهريَّا ,
ولهذا كلـِّهِ سلـَّط َاللهُ علينا اليهودَ وأهلَ الصليبِ , فأخذوا ليسَ بعضَ ما بأيدينا وحسب ! وإنما أخذوا كلَّ ما نملكُ من خيراتٍ ومقدراتٍ , مِمَّا في باطن ِالأرض ِوما عليها وما علاها.
فهل نريدُ العلاجْ ؟
أمْ نريدُ أن نبقى مع المرض ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله