الحديث السابع:
الدين النصيحة:
عن ابن رقية تميم بن اوس الدارى رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه وسلم قال"الدين النصيحة"قلنا لمن ؟قال"لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم" رواه البخارى ومسلم
الشرح:
فالنصيحة لله عز وجل هى:النصيحة لدينه كذلك بالقيام باوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والانابة اليه والتوكل عليه وغير ذلك من شعائر الاسلام وشرائعه
والنصيحة لكتابة:الايمان بانه كلام الله وانه مشتمل على الاخبار الصادقة والاحكام العادلة والقصص النافعة وانه يجب ان يكون التحاكم اليه فى جميع شئوننا
والنصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم:الايمان به وانه رسول الله الى جميع العالمين ومحبته والتأسى به وتصديق خبره وامتثال اوامره واجتناب نهيه والدفاع عن دينه
والنصيحة لائمة المسلمين:مناصحتهم ببيان الحق وعدم التشويش عليهم والصبر على ما يحصل منهم من الاذى وغير ذلك من حقوقهم المعروفة ومساعدتهم ومعاونتهم فيما تجب فيه المعونة كدفع الاعداء ونحو ذلك
والنصيحة لعامة المسلمين:اى سائر المسلمين هى ايضا بذل النصيحة لهم بالدعوة الى الله والامر بالمعروف والنهى عن المنكر وتعليمهم الخير وما اشبه هذا ومن اجل ذلك صار الدين النصيحة واول ما يدخل فى عامة المسلمين نفس الانسان اى ينصح الانسان نفسه
وفى هذا الحديث من فوائد:
اولا:انحصار الدين فى النصيحة لقول النبى صلى الله عليه وسلم"الدين النصيحة"
ثانيا:ان مواطن النصيحة خمسة:لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم
ومن فوائد هذا الحديث:الحث على النصيحة فى هذه المواطن الخمسة لانها اذا كانت هذه هى الدين فان الانسان بلا شك يحافظ على دينه ويتمسك به ولهذا جعل النبى صلى الله عليه وسلم النصيحة فى هذه المواطن الخمسة
ومن فوائد هذا الحديث:تحريم الغش لانه اذا كانت النصيحة الدين فالغش ضد النصيحة فيكون على خلاف الدين وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال"من غشنا فليس منا
الحديث الثامن:
حرمة المسلم:
عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم واموالهم بحق السلام وحسابهم على الله تعالى" رواه البخارى ومسلم
الشرح:
امرت:اى امره الله تعالى وابهم الفاعل لانه معلوم فان الآمر والناهى هو الله تعالى.
"اقاتل الناس حتى يشهدوا"هذا الحديث عام لكنه خصص بقوله تعالى:"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"
وكذلك السنة جاءت بان الناس يقاتلون حتى يسلمو او يعطوا الجزية
ومن فوائد هذا الحديث:وجوب مقاتلة الناس حتى يدخلوا فى دين الله او يعطوا الجزية لهذا الحديث وللادلة الاخرى التى ذكرناها
ومن فوائد هذا الحديث:ان من امتنع عن الزكاة فانه يجوز قتاله ولهذا قاتل ابو بكر رضى الله عنه الذين امتنعوا عن الزكاة
ومن فوائد هذا الحديث:ان الانسان اذا دان بالاسلام ظاهرا فان باطنه يوكل الى الله ولهذا قال"فان عصموا منى دماءهم واموالهم وحسابهم على الله"
ومن فوائد هذا الحديث:اثبات الحساب اى:ان الانسان يحاسب على عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر قال تعالى:"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"
الحديث التاسع
التكليف بما يستطاع:
عن ابى هريرةعبد الرحمن بن صخر رضى الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم فانما اهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم" رواه البخارى ومسلم
الشرح:
"ما"فى قوله"ما نهيتكم"وفى قوله"ما امرتكم" شرطية يعنى الشئ الذى انهاكم عنه اجتنبوه كله ولا تفعلوا منه شيئا لان الاجتناب هنا اسهل من الفعل
واما المامور فقال"وما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم"لان المامور فعل وقد يشق على الانسان ولذلك قيده النبى عليه الصلاة والسلام بقوله"فاتوا منه ما استطعتم"
فيستفاد من هذا الحديث فوائد:وجوب اجتناب ما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه وكذلك ما نهى الله عنه من باب اولى وهذا ما لم يدل دليل على ان النهى للكراهه
ومن فوائد هذا الحديث:انه لا يجوز فعل بعض المنهى عنه بل يجب اجتناب كله ومحل ذلك ما لم يكن هناك ضرورة تبيح فعله
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب فعل ما امر به ومحل ذلك ما لم يقم دليل على ان الامر للاستحباب
ومن فوائده:انه لا يجب على الانسان اكثر مما يستطيع
ومن فوائده:سهولة هذا الدين الاسلامى حيث لم يجب على المرء الا ما يستطيعه
ومن فوائده:ان من عجز عن بعض المامور كفاه ان ياتى بما قدر عليه منه فمن لم يستطع الصلاة قائما صلى قاعداومن لم يستطع قاعدا صلى على جنب وهكذابقية العبادات
ومن فوائد هذا الحديث:انه لا ينبغى للانسان كثرة المسائل لان كثرة المسائل ولا سيما فى زمن الوحى ربما يوجب تحريم شئ لم يحرم او ايجاب شئ لم يجب وانما يقتصر الانسان فى السؤال على ما يحتاج اليه فقط
ون فوائد هذا الحديث:ان كثرة المسائل والاختلاف على الانبياء من اسباب الهلاك كما هلك بذلك من كان قبلنا
الحديث العاشر:
الدعاء واكل الحلال:
عن ابى هريرة رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبا وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال تعالى"يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا"وقال تعالى"يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فانى يستجاب له" رواه مسلم
الشرح:
ان الله طيب لا يقبل الا طيبا:طيب فى ذاته طيب فى صفاته وطيب فى افعاله ولا يقبل الا طيبا فى ذاته وطيبا فى كسبه واما الخبيث فى ذاته كالخمر او فى كسبه كالمكتسب بالربا فان الله تعالى لا يقبله فامر الله تعالى للرسل وامره للمؤمنين واحد ان ياكلوا من الطيبات واما الخبائث فانها حرام عليهم
ثم ان الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل الذى ياكل حرام انه تبعد اجابة دعائه وان وجدت منه اسباب الاجابة يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء ويقول يا رب يا رب..........فانى يستجاب له
هذا الرجل اتصف باربع صفات
الاولى:بانه يطيل السفر والسفر وظنة الاجابة اى اجابة الداعى
والثانية:انه اشعث اغبر والله تعالى عند المنكسرة قلوبهم من اجله وهو ينظر الى عباده يوم عرفة ويقول"اتونى شعثا غبرا"وهذا من اسباب الاجابة ايضا
الثالثة:انه يمد يديه الى السماء ومد اليدين الى السماء من اسباب الاجابة فان الله سبحانه وتعالى يستحى من عبده اذا رفع اليه يديه ان يردهما صفرا
الرابعة:دعاءه اياه يا رب يا رب وهذا توسل الى الله بربوبيته وهو من اسباب الاجابة ولكنه لا تجاب دعوته لان مطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى من حرام فاستبعد النبى ان تجاب دعوته
يستفاد من هذا الحديث فوائد:
منها:وصف الله تعالى بالطيب ذاتا وصفاتا وافعالا
ومنها:تنزيه الله تعالى عن كل نقص
ومنها:ان من الاعمال ما يقبلها ومنها ما لا يقبلها
ومنها:ان الله تعالى امر عباده الرسل والمرسل اليهم ان ياكلوا من الطيبات وان يشكروا الله سبحانه وتعالى
ومنها:ان الشكر هو العمل الصالح لقوله تعالى"يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا"
ومنها:ان من شرط اجابة الدعاء اجتناب اكل الحرام
ومنها:اى من اسباب اجابة الدعاء كون الانسان فى سفر
ومنها:اى من اسباب اجابة الدعاء رفع اليدين الى الله
ومنها:اى من اسباب اجابة الدعاء التوسل الى الله بالربوبية لانها هى التى بها الخلق والتدبير
ومنها:ان الرسل مكلفون بالعبادات كما ان المؤمنين مكلفون بها
ومنها:وجوب الشكر لله على نعمه
ومنها:انه ينبغى للانسان ان يفعل الاسباب التى يحصل بها مطلوبه ويتجنب الاسباب التى يمتنع بها مطلوبه
الحديث الحادى عشر
الورع وترك الشبه:
عن ابن محمد الحسن بن على بن ابى طالب-سبط رسول الله وريحانته-رضى الله عنهما قال:حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دع ما يريبك الى مالا يريبك" رواه الترمذى
الشرح:
عن ابن محمد الحسن بن على سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم-رضى الله عنه-وعن ابيه وهو ابن بنت رسول الله وهو افضل الحسنين فان النبى عليه الصلاة والسلام اثنى عليه وقال"ان ابنى هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين"فاصلح الله به بين الفئتين المتنازعتين حين تنازل عن الخلافة لمعاوية بن ابى سفيان فنال بذلك السيادة
ان النبى عليه الصلاة والسلام قال"دع ما يريبك الى مالا يريبك"
يعنى اى اترك الذى ترتاب فيه وتشك فيه الى الشئ الذى لا تشك فيه وهذا يشبه الحديث السابق ان النبى عليه الصلاة والسلام قال"بينهما امور مشتبهات......الخ"فالذى يريبك وتشك فيه سواء كان فى امور الدنيا او فى امور الاخرة فالاحسن ان ترتاح منه وان تدعه حتى لا يكون فى نفسك قلق او اضطراب فيما فعلت
فمن فوائد هذا الحديث:ما دل عليه لفظه من ترك الانسان للاشياء التى يرتاب فيها الى الشياء التى لا يرتاب فيها
ومنها:ان الانسان مامور باجتناب ما يدعوا الى القلق
الحديث الثانى عشر
ترك مالا يعنيك:
عن ابى هريرة رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه" رواه الترمذى وغيره
الشرح:
هذا الحديث اصل فى الادب والتوجيه السليم وهو ان الانسان يترك مالا يعنيه اى مالا يهمه وما لا علاقة له به فان هذا من حسن اسلامه
فيستفاد من هذا الحديث:
اولا:ان الاسلام يتفاوت منه حسن ومنه غير حسن
ثانيا:انه ينبغى للانسان ان يدع ما لا يعنيه لا فى امور دينه ودنياه لان ذلك احفظ لوقته واسلم لدينه وايسر لتقصيره ولو تدخل فى امور الناس التى لا تعنيه لتعب
ثالثا:انه لا يضيع الانسان ما يعنيه اى ما يهمه من امور دينه ودنياه بل يعتنى به ويشتغل به
الحديث الثالث عشر
حب الخير للناس:
عن ابن حمزة انس بن مالك رضى الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه" رواه البخارى ومسلم
الشرح:
"لا يؤمن " يعنى الايمان الكامل وقوله"حتى يحب لاخيه" اى:اخيه المسلم "ما يحب لنفسه" من امور الدين والدنيا لان هذا مقتضى الاخوة الايمانية ان تحب لاخيك ما تحب لنفسك
فيستفاد من هذا الحديث:ان الايمان يتفاضل منه كامل ومنه ناقص وهذا مذهب اهل السنة والجماعة ان الايمان يزيد وينقص
ومن فوائد هذا الحديث:التحذير من ان يحب للمؤمنين ما لا يحب لنفسه لانه ينقص بذلك ايمانه حتى ان الرسول صلى الله عليه وسلم نفى عنه الايمان مما يدل على اهمية محبة الانسان لاخوانه ما يحب لنفسه
ومن فوائد الحديث:تقوية الروابط بين المؤمنين
ومن فوائد هذا الحديث:ان من اتصف به فانه لا يمكن ان يتعدى على احد من المؤمنين فى ماله او فى عرضه او اهله لانه لا يحب ان يعتدى احد عليه بذلك فلا يمكن ان يحب اعتداءه هو على احد فى ذلك
ومن فوائد الحديث:ان الامة الاسلامية يجب ان تكون يدا واحدة وقلبا واحدا وهذا ماخوذ من كون كمال الايمان ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه
ومن فوائد هذا الحديث:استعمال ما يكون به العطف فى اساليب الكلام فى قوله"لاخيه" ولو شاء لقال"لا يؤمن احدكم حتى يحب للمؤمن ما يحب لنفسه" لكنه قال لاخيه استعطافا للانسان ان يحب للمؤمن ما يحب لنفسه
الحديث الرابع عشر:
متى يهدر دم المسلم:
عن ابن مسعود رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا يحل دم مسلم الا باحدى ثلاث:الثيب الزانى والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" رواه البخارى ومسلم
الشرح:
هذا الحديث بين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام ان دماء المسلمين محترمة وانها محرمة لا يحل انتهاكها الا باحدى ثلاث:
"الثيب الزانى"وهو الذى تزوج ثم زنى بعد ان من الله عليه بالزواج فهذا يحل دمه لان حده ان يرجم بالحجارة حتى يموت
"النفس بالنفس"وهذا فى القصاص لقوله تعالى"يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى"
"التارك لدينه المفارق للجماعة"والمراد به من خرج على الامام فانه يباح قتله حتى يرجع ويتوب وهناك اشياء لم تذكر فى هذا الحديث مما يحل فيها دم المسلم لكن الرسول عليه الصلاة والسلام كلامه يجمع بعضه من بعض ويكمل بعضه من بعض
فى هذا الحديث فوائد:منها احترام المسلم وانه معصوم الدم
ومن فوائد هذا الحديث:وجوب رجم الزانى وجواز القصاص لكن الانسان مخير-اعنى من له القصاص-بين ان يقتص او يعفو الى الدية او يعفو مجانا ووجوب قتل المرتد اذا لم يتب
الحديث الخامس عشر
الكرم والصمت:
عن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه" رواه البخارى ومسلم
الشرح:
هذا الحديث من الآداب الاسلامية الواجبة:
الاول:اكرام الجار فان الجار له حق قال العلماء:اذا كان الجار قريبا مسلما فله ثلاث حقوق:الجوار والاسلام والقرابة وان كان مسلما غير قريب فله حقان واذا كان كافرا غير قريب فله حق واحد وهو حق الجوار
واما الضيف فهو الذى نزل بك وانت فى بلدك وهو مار مسافر فهو غريب محتاج واما القول باللسان فهو من اخطر ما يكون على الانسان فلهذا كان مما يجب عليه ان يعتنى بما يقول فيقول خيرا او ليصمت
ففى هذا الحديث من الفوائد:
اولا:وجوب اكرام الجار فيكون بكف الاذى وبذل المعروف له فمن لا يكف الاذى عن جاره فليس بمؤمن لقول النبى عليه الصلاة والسلام"والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن" قالوا : من يا رسول الله؟قال:"من لا يأمن جاره بوائقه"
ومن فوائد هذا الحديث:وجوب اكرام الضيف لقوله صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه" ومن اكرامه احسان ضيافته والواجب فى الضيافة يوم وليلة وما بعده فهو تطوع ولا ينبغى لضيف ان يكثر على مضيفه بل يجلس بقدر الضرورة فاذا ذاد عن ثلاثة ايام فليستأذن من مضيفه حتى لا يكلف عليه
ومن فوائد هذا الحديث:رعاية الاسلام للجوار والضيافة فهذا يدل على كمال الاسلام وانه متضمن للقيام بحق الله سبحانه وتعالى وبحق الناس
ومن فوائد هذا الحديث:انه يصح نفى الايمان لانتفاء كماله لقوله"من كان يؤمن بالله واليوم الاخر"
ونفى الايمان ينقسم الى قسمين:
نفى مطلق:وهو الذى يكون الانسان به كافرا كفرا مخرجا عن الملة
ومطلق نفى: وهذا الذى يكون به الانسان كافرا فى هذه الخصلة التى فرط فيها لكنه معه اصل الايمان
الحديث السادس عشر
النهى عن الغضب:
عن ابى هريرة رضى الله عنه ان رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم:اوصنى قال:"لا تغضب" فردد مرارا قال:"لا تغضب" رواه البخارى
الشرح:
الوصية:هى العهد الى الشخص بالامر الهام وهذا الرجل طلب من النبى ان يوصيه فقال "لا تغضب" وعدل النبى عن الوصية بالتقوى التى اوصى الله عز وجل بها هذه الامة واوصى بها الذين اوتوا الكتاب من قبلنا الى قوله:لا تغضب" لانه يعلم من حال هذا الرجل-والله اعلم- انه كثير الغضب ولهذا اوصاه بقوله"لا تغضب"
وليس المراد النهى عن الغضب الذى هو طبيعة من طبيعة الانسان ولكن المراد املك نفسك عند الغضب لان الغضب جمرة يلقيها الشيطان فى قلب ابن آدم فلهذا تجده تحمر عيناه وتنتفخ اوداجه وربما يذهب شعوره بسبب الغضب وربما يندم ندما عظيما على ما حصل منه فلهذا اوصى النبى بهذه الوصية
الحديث السابع عشر
الرفق والاحسان:
عن ابى يعلى شداد بن اوس رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ان الله كتب الاحسان على كل شئ فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته" رواه مسلم
الشرح:
الاحسان ضد الاساءة وهو معروف
"كتب" بمعنى شرع وقوله"على كل شئ" الذى يظهر انها بمعنى فى كل شئ يعنى الاحسان ليس خاصا فى بنى آدم بل هو عام فى كل شئ
ومن فوائد هذا الحديث:ان الله سبحانه وتعالى جعل الاحسان فى كل شئ حتى فى ازهاق الروح
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب احسان القتلة وذلك بان يسلك اسهل الطرق لازهاق الروح ولكن على وجه الشرع
ومن فوائد هذا الحديث:طلب تفقد آلات الذبح
ومن فوائد هذا الحديث: طلب راحة الذبيحة عند الذبح ومن ذلك ان يضجعها برفق وان يضع رجله على عنقها فقط وذلك لاراحتها فى الحركة ولخروج الدم عنها
الحديث الثامن عشر:
التقوى وحسن الخلق:
عن ابى ذر جندب بن جنادة وابى عبد الرحمن معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" رواه الترمذى
الشرح:
قوله"اتق الله" فعل امر من التقوى وهو اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل اوامره واجتناب نواهيه فهذا هو التقوى
"اتق الله حيثما كنت" فى اى مكان كنت فلا تتقى الله فى مكان يراك الناس فيه ولا تتقيه فى مكان لا يراك فيه احد
"واتبع السيئة الحسنة تمحها"يعنى اجعل الحسنة تتبع السيئة وان تتوب الى الله فهى حسنة
وفى هذا الحديث من فوائد: حرص النبى عليه الصلاة والسلام على امته بتوجيههم لما فيه الخير والصلاح ومنها وجوب تقوى الله
ومن فوائد هذا الحديث:الاشارة الى ان السيئة اذا اتبعتها الحسنة فانها تمحوها وهذا عام فى كل حسنة وسيئة اذا كانت الحسنة هى التوبة لان التوبة تهدم ما قبلها
اما اذا كانت الحسنة غير التوبة فان هذا يكون بالموازنة فاذا رجح العمل الحسن على العمل السئ زال اثره
ويستفاد منه مشروعية مخالقة الناس بالخلق الحسن
الحديث التاسع عشر
عناية الله وحفظه:
عن ابى العباس عبد الله بن عباس رضى الله عنه قال :كنت خلف النبى صلى الله عليه وسلم يوما فقال:"يا غلام انى اعلمك كلمات:احفظ الله يحفظك ،احفظ الله تجده تجاهك،اذا سالت فاسال الله،واذا استعنت فاستعن بالله،واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشئ لم ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على ان يضروك بشئ لم يضروك الا بشئ قد كتبه الله عليك،رفعت الاقلام وجفت الصحف" رواه الترمذى
الشرح:
قوله "كنت خلف النبى"يحتمل انه راكب معه ويحتمل انه يمشى معه
قال"انى اعلمك كلمات" من اجل ان ينتبه لها
"احفظ الله"اى احفظ حدوده وشريعته يحفظك الله فى دينك واهلك ومالك ونفسك
وتجده تجاهك اى تجده امامك يدلك على كل خير ويقربك اليه
"اذا سالت فاسال الله"اذا سالت حاجة فلا تسال الا الله ولا تسال المخلوق
"اذا استعنت فاستعن بالله"الا تطلب العون الا من الله لانه هو الذى بيده كل شئ واذا طلبت من انسان فان الله هو الذى سخره لك
"واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشئ......."اذن فان نفع الخلق الذى ياتى للانسان فهو من الله فى الحقيقة لانه هو الذى كتبه له وهذا يحثنا على ان نعتمد على الله عز وجل
" ولو اجتمعوا على ان يضروك بشئ........."وعلى هذا فان نالك الضرر من احد فاعلم ان الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وقدره
"رفعت الاقلام وجفت الصحف"اى ان ما كتبه الله قد انتهى ولا تبديل لكلمات الله
وفى هذا الحديث فوائد منها:
ملاطفة النبى لمن هو دونه حيث قال يا غلام
انه ينبغى لمن القى كلاما ذا اهمية ان يقدم له ما يوجب لفت الانتباه
ان من حفظ الله حفظه
وان من اضاع الله-اى اضاع دين الله- فان الله يضيعه
ان من حفظ الله هداه ودله على ما فيه الخير وان من لازم حفظ الله له ان يمنع عنه الشر
ان الانسان اذا احتاج الى معونة فليستعن بالله ولكن لا مانع ان يستعين بغير الله ممن يمكن ان يعينه
ان الامة لن تستطيع ان ينفعوا احدا الا اذا كان الله قد كتبه له ولا ان يضروه الا ان يكون الله قد كتب ذلك عليه
ان كل شئ مكتوب منتهى من