تتمة :
إخوتي في اللهِ وأحبتي : هلمُّوا بنا نطببُ لأنفسِنا , ونطببُ لأهلِنا , تعالوْا بنا نطببُ لأهل ِفلسطينَ , فنرى أعراضَ المرض ِ, ونبينُ أسبابَهُ التي أدتْ إلى ظهورِ أعراضِهِ , ثم نحاولُ جاهدينَ أن نجدَ العلاجَ .
لأن الأعراضَ التي تـُصيبُنا اليومَ هي أعراضٌ رئيسية ٌ, مما يستوجبُ علينا أن نتكلمَ عن هذهِ الأعراض ِ الرئيسيةِ التي تظهرُ على حالتِنا .
والعارضُ الأولُ منها أيها الإخوة ُالعقلاءُ : أن سُلط َعلينا شعبٌ من أرذل ِشعوبِ الدنيا قاطبة ً! إنهم اليهودُ : أصلُ كلِّ شرٍ, وأسُّ كلِّ قهرٍ, إذن فالتسليط ُهو العارضُ الأولُ , تسليط ُشعبٍ آخرَ علينا , يَسومُنا سوءَ العذابِ ويأخذ ُبعضَ ما في أيدينا !
والعارضُ الثاني : خيانة ُحكام ِالعربِ والمسلمينَ , ونذالة ُزعماءِ فلسطينَ , الذينَ فرَّطوا بالأرض ِالطهورِ التي باركها اللهُ وباركَ ما حولـَها .
وأمَّا العارضُ الثالثُ : فأنهُ وفي بعض ِالأحيان ِ, ولا أريدُ أن أُعمِّمَ أو أشملَ أقولُ في بعض ِالأحيان ِيكونُ بأسُنا بينـَنا شديدٌ وليس ذلكَ إلاَّ لعارض ٍألمَّ بنا , وكادَ أن يُصيبنا بمقتل ٍ.
هذهِ إخوتي في اللهِ وأحبتي هي الأعراضُ الرئيسية ُ.
والآنَ ما هيَ الأمراضُ التي حلتْ بنا بسببِ هذهِ الجرثومةِ المُعدية ؟ : وما هو الفايروسْ الذي يسببُ ظهورَ هذهِ الأعراض ِ؟ وما هو المرضُ الذي أصابَ الناسَ حتى ظهرتْ عليهم هذهِ الأعراضُ الخطيرة ُالفتاكة ُ؟ والمتمثلة ُبتسليطِ الأراذل ِمن شرارِ الناس ِعلينا , وأن يكونَ بأسُ الناس ِشديداً بينهم , لا بُدَّ وأن يكونَ هناكَ ــ مثلُ الطبِّ ـ ولكن الفرقَ بينَ جسم ِالإنسان ِالفردِ أن فيهِ فايروس , أو كائن ٍجرثوميٍّ أو مايكروبيٍّ أو ما شاكلَ ذلك , وأما في حالةِ الشعوبِ والأمم ِوالناس ِوالمجتمعاتِ فهناكَ مرضٌ ما لا يَكونُ سَبَبهُ جُرثومة ًميكروبية ً وإنما أمرٌ آخرُ سببَ هذا المرض ِ.
والسؤالُ الآنَ : ما الذي يُسببُ هذهِ الأمراضَ ؟
نقولُ وباللهِ التوفيقُ , يجبُ أن نعلمَ أيها الإخوة ُالكرامُ : أن هذهِ العوارضَ التي تظهرُ على المسلمينَ بهذا الشكل ِقد جاءتْ أدلة ٌمنَ الكتابِ والسنةِ تـُبينُ أنها بسببِ معاص ٍيَرتكبها الناسُ , وأن ذلكَ المرضَ الذي أصابنا ما هو إلاَّ بسببِ هاتيكَ المعاصي .
وأريدُ أن أضربَ أمثلة ًفي عُجالةٍ حتى نبحثَ بمعيتِكـُم ونحاولُ أن نـُطببَ لأنفسِنا العلاجَ الناجعَ , ففي غزوةِ أُحُدَ ــ أُخذ َأهلُ أُحُدٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهم وأرضاهُم أجمعين , نعم , أُخِذوا لمَّا خالفوا أمرَ الرسول ِصلى اللهُ عليهِ وسلمَ , وهذا أمرٌ واضحٌ ومعروفٌ لنا جميعاً .
أُممٌ سابقة ٌقبلَ بَعثةِ النبيَّ الهادي عليهِ السلامُ وقبلَ رسالةِ الإسلام ِ, أُخذت عن بَكرةِ أبيها بذنوبها , وهذا واردٌ في القرآن ِالكريم ِوهو مليءٌ بأخبارِ وقـَصص ِالأمم ِالسابقةِ ممن أُخذوا بذنوبهم ومعاصيهم , وقد حَذرنا ربُّنا من أن نسلـُك مَسلكهم فيَعُمَّـنا العذابُ بسببِ معاصي كـُبرائِنا وسُكوتنا عليهم كما في قولِهِ تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ {102} إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ {103} ) هود .
ومن الأدلةِ كذلكَ قولُ اللهِ سبحانهُ وتعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ {42} فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {43} فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ {44} ) الأنعام .
نعم , يُأخذ ُالناسُ بذنوبـِهم , هذا بشكل ٍعامٍّ , حتى أن الشافعيَّ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ وأرضاهُ قد شكى لأستاذِهِ وكيع ٍسُوءَ حفظِهِ فقالَ :
شكوتُ إلى وكيع ٍسوءَ حِفظي ***** فأرشدني إلى تركِ المعاصي
وأخبرني بأنَّ العلمَ نورٌ ***** ونورُ الله لا يُهدى لعاصي
نعم , فالمعاصي والذنوبُ والمخالفاتُ الشرعية ُلها نتائجُ سلبية ٌكامِنة ٌفي الأعراض ِالتي نتعرضُ لها اليومَ .
وصدقَ اللهُ سبحانـَهُ وتعالى إذ يقول :{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} الروم .