السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرقت على الوتر الحساس جدا عنصر جدا مهم
وعند فقده يكون اخلالا بشرط من شروط الزواج بمرأه ثانيه
وهو شروط اقامة العدل والعدل ها هنا هو العدل المستطاع، وهو القسم والنفقة والسكن، وأما العدل غير المستطاع، فهو المحبة القلبية، وهذا لا دخل له في منع التعدد.
وهنا اورد بعض الشرح الذي فاتني كما أنني سوف اسهب في شرح ماهية التعدد وحكمه لأبين ماخفى على القارئ الكريم
أولا: دائمًا يقولون: إنَّ زواج الرجل مرة أخرى هو تقصير من زوجته الأولى، وأنَّها لو كانت تكفيه ما بحث عن غيرها لتعوِّضه. وأنا أرى أنَّ هذه الفكرة هي التحطيم الحقيقي للمرأة. فكلُّ امرأةٍ قد تصل إلى سنٍّ لا تستطيع فيه إرضاء جميع متطلبات زوجها التي قد تتغيَّر على مرِّ السنين، فهل تقتل نفسها لترضيه بشيءٍ ليس في استطاعتها ؟؟ كما أنَّ كلّ إنسان له خصائص وطباع لا يستطيع تغييرها بسهولة.. فهل تتكلَّف ما ليس في طاقتها ؟؟ مع مراعاة أنَّها قد تفعل وتبدو صورة باهتة خالية من الجمال ومن خصوصيتها الإنسانية، فينفر منها..
والرجال نوعان: منهم من يكتفي بواحدة، ومنهم من لا يستطيع الاكتفاء، لذا فما دامت لديه القدرة المادية والمعنوية على العدل، فلا مشكلة، فليفعل، ولكن ليضع نصب عينيه أنَّ الظلم ظلماتٌ يوم القيامة.. فإن ظلم فعليه ظلمه.
بعد كل هذا القول اقول
ليس دائمًا أن يكون الزواج الثاني سببه تقصير المرأة أو عدم كفاية الزوجة لزوجها، هو سبب ولا شكّ، ولكنه في الأساس – حسب خبرتي ومعلوماتي - ليس السبب الأهم أو الغالب، بل هو غالبًا - من وجهة نظري - الحُجَّة التي يدَّعيها الرجل للزواج الثاني، والحقيقة تقول: إنَّ السبب الغالب في الزواج الثاني يتراوح بين ارتباطٍ ما أو إعجابٍ ما ينشأ بين الرجل والزوجة الثانية نتيجة عملهما معًا أو سُكناهما بقرب بعض، أو توافق الأفكار بينهما أو.. أو..، هذا الإعجاب يُتَرجَم بعد ذلك إلى زواج، فالغالب أنَّ الزواج لا يكون إلا نتيجة التقاء بينهما، وليس دافعه نقص كفاية الرجل.
وقد يكون سبب الزواج الثاني التقاء "مصالح" بين الطرفين بشكلٍ من الأشكال، وهنا لا أقصد المصالح المادية فقط، مع أنَّها موجودة، بل قد تكون مصالح "شعورية" إن جاز التعبير، فالزوج يميل لأمرٍ لا تميل له زوجته الأولى، ويجد هذا الميل عند الثانية، فيرغب في زواجها.
وهناك أسباب أخرى قد يكون دافعها كثرة اللقاء أو توافق الظروف التي وضعتهما في هذا الطريق، وغير ذلك.
ولكن لو كان سبب الزواج الثاني هو تقصير المرأة بالفعل، فهذا ذو شقين أو حديثين: للرجل من جهة، وللمرأة من جهة.
الرجل: عليه أن يوازن ويراعي، فلا تكون رغباته هي الأساس، ولينظر في المصالح والمفاسد، وهل يمكنه تحقيق رغباته مع زوجته، ولو لم تكن كاملة.
المرأة: لو كانت بالفعل غير قادرة على ما يريد، فلتسمح له بالثانية بشرط العدل بينهما، ولا داعي لأن تترك زوجها يتعذَّب بسبب تعنُّتها غير المبرَّر، فهذا ليس من الدين في شيء.
اما عن ماهية حكم التعدد؛ لأنَّ البعض يعتقد أنَّه واجب أو مندوب، ولأنَّني أبحث عن عدل الله في هذه المسألة...
اقول اسمحو لي أن أبدأ بمقدِّمةٍ أصولية عن حكم التعدد، ثم أنقل لكم ما ذكرته سابقًا.
من ضمن القواعد الأصولية اللغوية قاعدة عنوانها: "طريق دلالة النص"، وأقسام هذه القاعدة أربعة كما نصَّ الأصوليون، وهي: "عبارة النص، إشارة النص، دلالة النص، مُقتضَى النص"، وقد اتفق الأصوليون على أنَّ ترتيب هذه القاعدة من حيث القوة هو بالترتيب الذي ذكرت الآن: العبارة ثم الإشارة، ثم الدلالة، ثم المُقتضَى.
عند تطبيق هذه القاعدة على النص الذي ورد فيه التعدد في القرآن الكريم نجد التالي:
يقول تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة".
يفهم من عبارة النص ثلاثة معانٍ:
1- إباحة زواج ما طاب من النساء.
2- تحديد أقصى عدد للزوجات بأربع.
3- إيجاب الاقتصار على واحدة، إذا خيف الجور حال تعدد الزوجات.
فكل هذه المعاني تدل عليها ألفاظ النص دلالة ظاهرة، ولكن المعنى الأول مقصود تبعًا، والثاني والثالث مقصودان أصالة؛ لأنَّ الآية سيقَت لمناسبة الأوصياء على القُصَّر الذين تحرَّجوا من قبول الوصاية خوف الجور في أموال اليتامى، فالله سبحانه نبَّههم إلى أنَّ خوف الجور يجب أن يحول أيضًا بينكم وبين تعدد الزوجات إلى غير حدٍّ وبغير قيد.
فالأصل إذن ليس زواج اثنتين وثلاث وأربع، ولكن الأصل هو واحدة، فإن كان هناك خوف فليكن اثنتان وثلاث وأربع.
كانت هذه المقدمة، وأنقل ما كتبته من قبل:
حكم التعدُّد:
قال تعالى: "... فانكحوا ما طاب لكم من النساء مَثْنَى وثُلاث ورُباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدةً أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"، قال الإمام القرطبيُّ في معنى "ألا تعولوا": "ذلك أقرب إلى ألا تميلوا عن الحقِّ وتجوروا".
وقال سبحانه: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كلَّ الميل فتذروها كالمعلَّقة وإن تُصلِحوا وتتَّقوا فإنَّ الله كان غفورًا رحيمًا".
فالتعدُّد ليس واجبًا ولا مندوبًا، أي ليس مدعوًّا إليه ومحبَّبًا فيه، بل هو ممَّا أباحه الإسلام، فأباح الله سبحانه وتعالى للإنسان تعدُّد الزوجات وقصره على أربع؛ فللرجل أن يجمع في عصمته في وقتٍ واحدٍ أكثر من واحدة، بشرط أن يكون قادرًا على العدل بينهنَّ في النفقة والمبيت وبقيَّة حقوقهنَّ عليه، فإذا خاف الجُور وعدم الوفاء بما عليه من تبعات حَرُم عليه أن يتزوَّج بأكثر من واحدة، وأكرِّر: "حرُم"، بل إذا خاف الجور بعجزه عن القيام بحقِّ المرأة الواحدة حَرُم عليه أن يتزوَّج أصلاً حتى تتحقَّق له القدرة على الزواج.
ومع أنَّ الإسلام قيَّد التعدُّد بالقدرة على العدل وقصره على أربع، فقد جعل من حقِّ المرأة أو وليِّها أن يشترط ألا يتزوَّج الرجل عليها، فلو شرطت المرأة ذلك صحَّ الشرط ولزم، وكان لها حقُّ فسخ الزواج إذا لم يفِ لها بالشرط، ولا يسقط حقُّها في الفسخ إلا إذا أسقطته ورضيت بمخالفته، على تفصيلٍ كبيرٍ في كتب الفقهاء.
فأمر التعدُّد من باب الضرورات، أي الاستثناء وليس القاعدة، وهو يرجع إلى الضرورات الاجتماعيَّة والاحتياج والاتِّفاق والتراضي، فما لا يعجب واحدةً قد يرضي أخرى، وهكذا، كما أنَّ هناك - يا أختي - فارقٌ بين المُباح والمُتاح، فالشرع أباح الأمر استثناءً وبضوابط، لكن هل هذا الأمر متاحٌ لكل أحدٍ نفسيّا واجتماعيّا وصحيّا واقتصاديّا؟ بالطبع لااااا.
_______________________
اشكرك على المداخله الطيبه يا اختي دبه
وتقبلي مني خالص الشكر والثناء