عرض مشاركة واحدة
قديم 14-01-2007, 02:08 PM   رقم المشاركة : 25
أشرف محمد كمال
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أشرف محمد كمال
 






أشرف محمد كمال غير متصل

Icon4 الوجـوه الخــاوية (7)..أميـــرة الأحــلام

أميـــرة الأحــلام




التقيا لأول مرة ذات صباح مشمس جميل..فى أحد أيام الصيف المعتدلة الحرارة..على شاطئ البحر..والصبح مازال يتنفس عبير النسمات المنعشة الندية..كانت أشعة الشمس المنعكسة على شعرها الذهبى تصنع تيجانا من البلور وهالة من النور على وجهها الأبيض المشرب بحمرة الورد..وعيناها الزرقاوتين كموج البحر..تعكسان إشراقة بهاء وضياء ..والأبتسامة تكسو وجهها فى براءة وصفاء..
كانت لوحة تفننت الطبيعة في صنع دقائقها..لتكون آية من الجمال ..ودليلاً على بديع صنع الرحمن..!!
..حار كثيرا فى وصف ما اعتراه من أحاسيس وما اختلج داخله من مشاعر ..تملكته..أحس بنشوة تسرى بين أوصاله..وحنيناً للنظر إليها من جديد كى يستزيد من نبع عينيها..ويملى عينيه..ويملأ الذاكرة بها
تبادر إلى ذهنه فجأة خاطر عجيب - لم يستطع أن يمنع نفسه من الابتسام حين ذاك..!! – تساءل كيف يتسنى لها الرؤية من خلال تلك العينين البلورتين..؟! وكيف لبشرتها الرقيقة احتمال وهج الشمس..؟!
رآها لفرط رقتها كأوراق الياسمين ..هشة..لا تحتمل حتى اللمس..أو كصفحة المياه يبدد سكونها هذر النسيم ..أراد أن يحفظها من نظرات العيون ..أن يخبأها داخل قلبه بعيداً عن كل البشر..أراد أن يحميها بكل الصور..!!
..جفل فجأة من شروده ..وتنبه إلى أنهما ما يزلان ينظران كل منهما إلى الآخر..ولم يتبادلا حتى تحية الصباح..؟! لكن غلبتهما المفاجأة ..وأعجزت كليهما عن الكلام..ومرت اللحظات ..ولم يستطع أي منهما أن يتغلب على خجله..وأن يستجمع شجاعته ورباطة جأشه ويبدأ الحديث..نظر إليها من جديد..واعتراه السهوم ..وتلعثمت الكلمات فى حلقه..وتدافعت أفكاره متزاحمة..لكن عليه أن يكون هو البادئ بمد أهداب الوصال ..وأن يبدد ذاك السكون..شد قبضته ..واستجمع إرادته ..وكأنه مقبل على معركة ما..!! وذم شفتيه فى إصرار يحاول أن يوارى تردده..خلف صوته الذى جاء مرتفعاً مندفعاً إلى حد ما ..قائلا:
- صباح الخير..
فرت عينيها خجلة من أمام عينيه – وكأنها لم تكن تتوقع تلك المبادرة منه..رغم أنها كانت تنتظرها..! –
وبعد فترة صمت بدت له طويلة جداً – وإن لم تستغرق فى حسابات الزمن بضع ثوان - همست قائلة:
- صباح الخير..!!
وكأن تلك الإجابة قد فتحت له كل أبواب خياله الصدئة الموصده..وأحلامه الحبيسة داخله..تصورها تقبل إليه..وتجلس معه ..وتحادثه..فيختطف يديها بين يديه..ويلثمها ..لتسرى نبضات قلبه إليها..ويعزفان سوياً لحن الحب الواحد..الذى وحد بين روحيهما..والف بين قلبيهما فى غمضة عين وانتباهتها ..بل هٌيئ له أنه يعرفها منذ قديم الأزل..!! وأنها تعرف كل شيء عنه ولا يحتاج أن يعرفها بنفسه..أو أن يسألها عن اسمها ..؟!! فلقد عرفه قبل أن ينطق به لسانها..!!
لقد كانت أميرة أحلامه التى كثيراً ما زارته فى منامه..وسهرت معه لياليه الوحيدة..تواسى آلامه..وتضمد جراحه..وتزيل عنه عناءه ..رآها يوم أن كان محموماً..تربت على كتفيه ..وتمسح بيديها على شعره وتقبل جبينه..جالسة بجواره ..تحنو عليه كأم حنون..حتى زالت عنه الحمى..فأخذ يبحث عنها فى كل مكان حوله فلم يجد لها أثراً..؟!! ولم تنمحي من ذاكرته ابداً..إلى أن رآها اليوم وعرفها..أنها هى ولا شك..!!
فجأة ..قفز السؤال إلى ذهنه ووجد نفسه يسألها وكله يقين:
- ألم نلتق من قبل..؟!!
علت الدهشة وجهها.. واهتز كل كيانها..أمام سؤاله المباغت..!! فهى تعرف إجابة السؤال القاطعة.. أنهما لما يريا بعضيهما سوى مصادفة هذا اليوم ..!!-إلا أن وجهه بدا لها مألوفاً بعض الشيء – أخذت تفتش فى ذاكرتها عن صورته المختزنة بين ثنايا العقل..وحنايا القلب.. ذلك الوجه كثيراً ما رأته حينما كانت تجلس وحيدة فى هدأة الليل..تطالع النجوم وتسألها عن خبيئة الأقدار وفارسها المغوار الذى يختطفها على حصانه الأبيض ويهيم معها فى الأسحار..كانت طالما تبكى الليالي وهى تناجيه بلهفة قلبها وشوقها إليه..!! لم تكن تدرى عنه شىء.. أو تراه يوما..؟! إلا أن يمن الله عليها بنفحاته وتراه يأتيها فى الأحلام ..يهمس إليها بأحلى كلام..ويناديها..فتستيقظ من نومها..وصوته يملأ أذنيها..فلا تجد سوى الفراغ والظلمة والوحدة رفيقاً لها..!!
- نعم لقد التقينا من قبل ..!!
هكذا حدثت نفسها لكنها لم تجرؤ على البوح بما يدور فى خلدها ..ونظرت إليه فى صمت..وطيفها يهيم منها ليعانق طيفه..يرقصان طرباً لإلتأم الشمل ..وعودة الروح إلى الأجساد ..من بعد البعاد..هكذا التقيا..بعد كل ما مضى من أزمان..يعانيان فيها الغربة والحرمان..؟!هكذا عرف كل منهما الآخر بالقلب ..ليسا فى حاجة إلى الكلام..فلقد خلقا سوياً كياناً واحداً..وفصمتهما الأقدار..إلى أن يحين موعد اللقاء..وها قد آن ..!! ليلتقيا بالعفاف والطهر..ولينعما سوياً بالحب..!!
..ظل ينتظر منها جوابا..وهو على ثقة انه لن يسمعه؟!..لكنه أحس به يتسرب إليه من خلال بؤبؤ عينيها..ويتسلل عبر فؤاده..وينمو سريعاً فى كل كيانه..يقيناً يملأ وجدانه..فبسط راحتيه باشاً إليها ..فتحركت يديها فرحة تهش إليه..
..لكنها أجفلت فزعة..وكأنها استيقظت فجأة من حلم جميل..ونظرت إليه من جديد..وهمت أن تعدو مبتعدة لتهرب من عينيه..
وقف صامتاً ..عاجزاً..حائراً..برهة..فوجد قلبه ينتفض داخل صدره ..يرنو إليها بكل اللوعة والشوق..وأحس بأن قدره يناديه..واسمها يتردد مجلجلاً يهز كيانه..ووجد صوتاً يهتف به من أعماق قلبه مناديا:
- أميــــــرة..!!!!
بُهتت من هول المفاجأة..وتوقفت للحظات مترددة..ثم كرت إليه عائدة ..متأكدة..ان الأقدار هي التي جمعت بينهما عامدة..وتشابكت أيديهما ومضيا سوياً نحو قرص الشمس الذهبى..يعانقان الفرح الوليد..ويبدأن حياتهما سوياً من جديد..!!






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


white heart