فتعاون العراق مع مفتشي الأمم المتحدة يعني رفعا وشيكا للعقوبات بمجرد إعلان المنظمة الدولية خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، وإخراج خطط تغيير النظام من جدول الأعمال، ووقف أعمال القصف اليومية ضد المنشآت الحيوية المدنية والعسكرية في شمال وجنوب العراق، كما أنه يمثل فرصة لإعادة تنشيط الاقتصاد من خلال الاستثمار المباشر لعائدات النفط. والأهم من ذلك لتوفير مقدار من راحة البال للعراقيين تتيح لهم الفرصة لاستئناف نوع من الحياة الطبيعية.
أما بالنسبة للإدارة الأميركية فإن تعاون العراق يحمل معه أعباء ثقيلة.. وفي مقدمتها تراجع هيمنة صقور الولايات المتحدة الأيديولوجية التي تسعى لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط.
ففي ظل غياب ما يدعى بـ"التهديد العراقي" لن يعود هناك مبرر لوجود عسكري أميركي في الخليج. كما ستخسر الولايات المتحدة الفرصة لتكون "حارس البوابة" بالنسبة لمستقبل احتياطي النفط والغاز العراقي.. أبعد من ذلك، فإن هذا الكابوس ينطوي على تعقيدات بالنسبة لحقيقتين:
الأولى: هي أنه من دون تغيير النظام العراقي فإن السياسة الخارجية الأميركية تكون قد أثبتت إفلاسها من الناحية العملية.
والثانية: هي أنه من دون حرب، لن تتوفر للولايات المتحدة الوسائل لاستعادة تكاليف الإعداد للحرب التي أنفقت في نقل القوات والمعدات إلى منطقة الخليج وفي الحملة الإعلامية الرامية لتسويق الحرب.