بدءا أخي الحبيب رضا إن أحببت أن تشارك فلا أمانعك شريطة التعليق على كل حلقة و إضافة معلومات إليها...و إلا فافتح موضوعا جديدا.
في حلقة اليوم نتكلم عن ولادته – صلى الله عليه و سلم– و رضاعته بإذن الله.
ذكر ما قيل لآمنة عند حملها برسول الله
قالت آمنة بنت وهب عند حملها برسول الله– صلى الله عليهو سلم– والله أعلم أنها أتيت , حين حملتبه فقيل لها : إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي : أعيذه بالواحد , من شر كل حاسد , ثم سميه محمداً .
و رأت حين حملت به أنه خرج منها نور , رأت به قصور بصرى من أرض الشام .
ثم لم يلبث عبدالله بن عبد المطلب , أبو رسول الله– صلى الله عليه وسلم – أن هلك , و أم رسول الله– صلى الله عليه و سلم– حامل به .
ولادة رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و رضاعته
ولد رسول الله– صلى الله عليه و سلم– يوم الاثنين , لأثني عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول , عام الفيل .
و من دلائل النبوة قال حسان بن ثابت – رضي الله عنه- : والله إني لغلام يفعة , ابن سبع سنين أو ثمان , أعقل كلما سمعت , إذا سمعت يهودياً يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود حتى إذااجتمعوا إليه .
قالوا له : ويلك ما لك ؟!
قال : طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به .
فلما وضعته أمه – صلى الله عليه و سلم– أرسلت إلى جده عبد المطلب : أنه قد ولد لك غلام , فائته فانظر إليه , فأتاه فنظر إليه , و حدثته بما رأت حين حملت به , و قيل لها فيه , و ما أمرت به أنتسميه .
فيزعمون أن عبد المطلب أخذه , فدخل به الكعبة , فقام يدعوالله و يشكر له ما أعطاه , ثم خرج به إلى أمه , فدفعه إليها و التمس لرسول الله– صلى الله عليه و سلم – الرضعاء .
فاسترضع لهامرأة من بني سعد يقال لها : حليمة ابنة أبي ذؤيب .
و أسم أبوه في الرضاعةالحارث بن عبد العزى و إخوته من الرضاعة عبدالله بن الحارث , و أنيسة بنت الحارث و حذافة بنت الحارث .
كانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله– صلى الله عليه و سلم– التي أرضعته تحدث : أنها خرجت من بلدها مع زوجها , و ابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد تلتمس الرضعاء .
قالت : وذلك في سنة شهباء(سنة شهباء : سنة لامطر فيها) , لم تبق لنا شيئاً .
قالت : فخرجت على أتان لي قمراء(أتان : أنثى الحمار( (قمراء : ضعيفة) , معنا شارف لنا ) شارف : الناقة العجوز( و الله ما تبض بقطرة , و ماننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا , من بكائه من الجوع , و ما في ثديي ما يغذيه .
و لكنا كنا نرجو الغيث و الفرج , فخرجت على أتاني تلك , فلقد أدمت بالركب , حتى شق ذلك عليهم ضعفاً و عجفاً , حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء , فما منا امرأة إلاو قد عُرٍض عليها رسول الله– صلى الله عليه و سلم– فتأباه , إذا قيل لها : إنه يتيم , و ذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبو الصبي , فكنّا نقول : يتيم ؟!
و ما عسى أن نصنع أمه و جده ؟ فكنا نكره ذلك , فما بقيت امرأة قدمت معي إلاأخذت رضيعاً غيري , فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي : والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي و لم أخذ رضيعاً , والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم , فلآخذته , و ماحملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره .
فلما أخذته , رجعت به إلى رحلي , فلما و ضعته في حجري أقبل عليه ثديي بما شاء من اللبن , فشرب حتى روى , و شرب معه أخوه حتر يروى , ثم ناما , و قام زوجي إلى شارفنا تلك , فإذا إنها حافل , فحلب منها ما شرب , وشربت معه حتى أنهينا و شبعنا , فبتنا بخير ليلة .
يقول صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة , لقد أخذت نسمة مباركة .
فقلت : والله إني لأرجو ذلك .
ثم خرجنا و ركبت أنا أتاني , و حملته عليها معي , فوالله لقطعت بالركب ما يقدرعليها شيء من حمرهم .
حتى أن صواحبي ليقلن لي : أليست هذه أتانك التي خرجت عليها ؟
فأقول لهن : بلى والله, إنها لهي هي .
فيقلن : و الله إن لها لشأناً .
ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد و ما أعلم أرضاً من أرضالله أجدب منها , فكانت غنمي تروح على حين قدمنا به معنا شباعاً لبناً فنحلب و نشرب , و ما يحلب إنسان قطرة لبن , و لا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب .
فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بالقطرة لبن , وتروح غنمي شباعاً لبناً , فلم نزل نتعرف من الله الزيادة و الخير حتى مضت سنتان و فصلته , و كان يشب شباباً لا يشبه الغلمان , فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفراً .
فقدمنا به على أمه و نحن أحرص شيء على مكثه فينا ؛ لما كنا نرى من بركته ؛ فكلمنا أمه , و قلنا لها : لو تركت بني عندي حتى يغلظ , فإني أخشى عليه وباء مكة .
فلم نزل بها حتى رددته معنا .
فرجعنا به , فوالله إنه بعد مقدمنا بأشهر معأخيه لفى بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد , فقال لي و لأبيه : ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض , فأضجعاه فشقا بطنه , فهما يسوطانه .
فخرجت أنا و أبوه نحوه , فوجدناه قائماً منتقعاً وجهه , فالتزمته و التزمه أبوه .
فقلنا له : ما لك يا بني .
قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض , فأضجعاني و شقا بطني , فالتمسا فيه شيئاً لا أدري ما هو .
قالت : فرجعنا إلى خبائنا .
قصة شق صدر النبي
و هي عند حليمة السعدية مشهورة و قد رواها الإمام مسلمفي صحيحه أن رسول الله– صلى الله عليه و سلم– أتاه جبريل , وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه , فشق عن قلبه فاستخرجه , فاستخرج عنه علقة , فقال : هذا حظ الشيطان منك , ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لزمه ثم أعاده إلى مكانه , و جاء الغلمان يسعون إلى أمه , يغني مرضعته , أن محمداً قد قتل فاستقبلوه و هو منتفع اللون .
نكمل ما روته حليمة حيث قالت : قال لي أبوه : لقد خشيت أن يكون هذاالغلام قد أصيب , فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك .
فاحتملناه , فقدمنا به على أمه , فقالت : ما أقدمك به يا ظئر ( الظئر : هي الناقةالتي تعطف على ولد غيرها ثم أطلقه على المرأة التي ترضع ولد غيرها ) , و قدكنت حريصة عليه , و على مكثه عندك ؟ , فقلت : قد بلغ الله بابني و قضيت الذي عليّ , و تخوفت الأحداث عليه , فأديته إليك كما تحبين .
قالت : ما هذا شأنك , فأصدقيني خبرك .
فلم تدعني حتى أخبرتها .
قالت : أتخوفت عليه الشيطان ؟
قلت : نعم .
قالت : كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل , وإن لبني هذالشأناً , أفلا أخبرك خبره ؟
قلت : بلى .
قالت : رأيت حين حملت به أنه خرج منها نور , رأت به قصور بصرى من أرض الشام ثم حملت به , فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف عليّ و لا أيسر منه , و وقع حين ولدته و إنه لواضع يديه بالأرض , رافع رأسه إلى السماء , دعيه عنك , وانطلقي راشدة .
السلام عليكم ورحمةالله و بركاته،
نكمل سيرة سيد الخلق وأشرفهم سيرة المصطفى – صلى الله عليه و سلم– حيث تكلمنا عن ولادته و رضاعته في المرة الماضية أما هذه المرة سنتكلم عن وفاة أمه – صلى الله عليه و سلم– و كفالة جده و عمه له – صلى الله عليه و سلم– .
وفاة أمه و جده و حال رسول الله
كان رسول الله– صلى الله عليه و سلم– مع أمه آمنة بنت وهب , و جده عبدالمطلب بن هاشم في كلاءة الله و حفظه , ينبته الله نباتاً حسناً , لما يريد به من كرامته , فلما بلغ رسول الله– صلى الله عليه و سلم– ست سنين , توفيت أمه آمنة بنت وهب .
فكان رسول الله– صلى الله عليه و سلم– مع جده عبد المطلب بن هاشم , وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة , فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك , حتى يخرج إليه , لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالاً له , فكان رسول الله– صلى الله عليه وسلم– يأتي , و هو غلام جفر حتى يجلس عليه , فيأخذه أعمامه , ليؤخروه عنه
فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك : دعوا ابني , فوالله إن له شأناً , ثم يجلسه معه على الفراش و يمسح ظهره بيده و يسره ما يراه يصنع .
فلما بلغ رسول الله– صلى الله عليه وسلم– ثماني سنين هلك عبد المطلب بن هاشم.
فلما هلك عبد المطلب بن هاشم ولى زمزم و السقاية عليها بعده العباس بن عبد المطلب , وهو يومئذ من أحدث إخوته سناً , فلم تزل إليه حتى قام الإسلام و هي بيده , فأقرها رسول الله– صلى الله عليه و سلم– له على ما مضى من ولايته .
كفالة أبي طالب لرسول الله
فكان رسول الله– صلى الله عليه وسلم– بعد عبد المطلب مع عمه أبي طالب , و كان عبد المطلب فيما يزعمون , يوصي به عمه أبا طالب , و ذلك لأن عبدالله أبارسول الله– صلى الله عليه و سلم– و أبا طالب أخوان لأب و أم .
و كان أبو طالب هوالذي يلي أمر رسول الله– صلى الله عليه و سلم– بعد جده فكان إليه و معه .
قصة بحيري
و في بعض الروايات عن دلائل النبوة قصة بحيري : حيث أن أبا طالب خرج في ركب تاجراً إلى الشام , فلما تهيأ للرحيل و أجمع المسير تعلق به رسول الله– صلى الله عليه وسلم– يريد الخروج معه , فرق له
و قال : والله لأخرجن به معي , و لا يفارقني , و لا أفارقه أبداً .
فخرج به معه , فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام , و بها راهب يقال له بحيري في صومعة له و كان إليه علم أهل نصرانية , و لم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب , إليه يصير علمهم عن كتاب فيها , فيما يزعمون , يتوارثونه كابراً عن كابر.
فلما نزلوا ذلك العام ببحيري , و كان كثيراً ما يمرون به قبل ذلك , فلا يكلمهم , و لا يعرض لهم , حتى كان ذلك العام .
فلما نزلوا به قريباً من صومعته صنع لهم طعاماً كثيراً , و ذلك فيما يزعمون , عن شيء رآه و هو في صومعته في الركب حين أقبلوا , و غمامة تظله من بين القوم .
ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريباً منه , فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة , و تهصرت أغصان الشجرة على رسول الله– صلى الله عليه و سلم– حتى استظل تحتها , فلما رأى ذلك بحيري نزل من صومعته , و قدأمر بذلك الطعام فصنع , ثم أرسل إليهم .
فقال : إني قد صنعت لكم طعاماً يامعشر قريش , فأنا أحب أن تحضروا كلكم , صغيركم و كبيركم , و عبدكم و حركم .
فقال له رجل منهم : والله يا بحيري إن لك لشأناً اليوم ! فما كنت تصنع هذا بنا , و قد كنا نمر بك كثيراً , فما شأنك اليوم ؟!
قال له بحيري : صدقت , قد كان ما تقول , و لكنكم ضيوفي , و قد أحببت أن أكرمكم , وأصنع لكم طعاماً , فتأكلوا منه كلكم .
فاجتمعوا إليه و تخلف رسول الله– صلى الله عليه وسلم– من بين قومه , لحداثة سنه , في رحال القوم تحت شجرة .
فلما نظر بحيري في القوم لم يرى الصفة التي يعرف و يجد عنده .
فقال : يا معشر قريش ! لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي .
قالوا : يا بحيري , ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام , هو أحدث القوم سناً , فتخلف في رحالهم .
فقال : لا تفعلوا , ادعوه , فليحضر هذا الطعام معكم .
فقال رجل من قريش : و اللات و العزى , إن كان للؤماً منا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب من طعام من بيننا .
ثم قام إليه فاحتضنه , وأجلسه مع القوم . فلما رآه بحيري , جعل يلحظه لحظاً شديداً .