السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعــــــــــد
اخي الكريم :: قاهرهم
استسمحك بأخذ قليل من الوقت لديك لكي اوضح واعقب
على طرحك للموضوع لذا ابدأ بعد ذكر الله بقولي
سؤال : ما هو المقصود من علم الغيب
جواب : لكي تكون إجابتنا على هذا السؤال إجابة دقيقة لا بُدَّ و أن نتعرَّف على المعنى اللغوي و الإصطلاحي للغيب أولاً ثم نُتابع دراستنا لموضوع الغيب من زوايا مختلفة .
الغيب في اللغة :
يجد الباحثُ لدى مراجعته لكتب اللغة أن الغَيْبَ يُطْلَقُ على كُلِّ ما غاب عن الحواس و كان مستوراً و محجوباً عنها .
و إنما تُسَمَّى الغَابَةُ غابةً لأنها تُغَيِّبُ ما فيها و تَسْتُرُها عن الأنظار لكثافة أشجارها .
قال الخليل الفراهيدي : و كل شيء غَيَّبَ عنك شيئاً فهو غَيَابَة .
أما إبن منظور فقد قال : الغَيْبُ : كلُّ ما غاب عنك .
و قال أيضاً نقلاً عن شمر : و يُقال : سمعتُ صوتاً من وراءِ الغَيْب ، أَي من موضع لا أَراه [2] .
و قال الطُريحيُ : قوله تعالى : { وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ } [3] ـ بفتح الغين ـ أي في قَعره ، سُمِّيَ به لغيبوبته عن أعين الناظرين ، و كل شيء غَيَّبَ عنك شيئاً فهو غَيَابَة [4] .
تعريفنا للغيب :
و بعد الإطلاع على آراء اللغويين من خلال مراجعة مجموع كلماتهم المختلفة التي ذكروها في كتبهم و قواميسهم حول الغيب يمكننا صياغة تعريف أدق للغيب كالتالي :
الغَيْبُ : ما غَابَ عن الحواس و خَفي عليها .
فما غاب عن حواسنا و خرج عن دائرتها و حدودها فهو غيب بالنسبة إلينا .
الغيب في المُصطلح القُرآني :
أما الغيبُ في المصطلح القرآني فهو ضِد الشهود و الحضور ، و قد تكرر إستعمال لفظ " الغيب " و بعض مشتقاته في القرآن الكريم أربعاً و خمسين مرة بالمعنى المذكور ، و من تلك الآيات :
1. قال الله عَزَّ و جَلَّ : { ... عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهو الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } [5] .
2. قال تعالى : { ... ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [6] .
3. قال جَلَّ و عَلا : { وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [7] .
أقسام الغيب :
ينقسم الغَيبُ إلى قسمين :
الغيب المُطلق : و هو الغيب الذي يستحيل الإطلاع عليه بواسطة الحواس أبداً ، و يمتنع إدراكه بالآلات و الأدوات المادية كذات الله سبحانه و تعالى و صفاته و غيرهما .
الغيب النسبي : و هو الغيب الذي يتفاوت إمكان الإطلاع عليه بحسب الظروف و الأفراد و الأزمان ، فقد يكون غيباً بالنسبة لإنسان و لا يكون كذلك لإنسان آخر ، أو يكون غيباً في زمان دون زمان ، و لا يستحيل الإطلاع على هذا القسم من الغيب إذا توفرت الأسباب و الأدوات اللازمة لذلك فيصبح محسوساً بعد أن كان غيباً .
و من أمثلة ذلك أن أذن الإنسان غير قادرة على إلتقاط الأصوات التي تقل عدد ذبذباتها ( اهتزازاتها ) عن 20 اهتزازة في الثانية ( دون سمعية ) و لا تلك التي تزيد اهتزازتها عن 25 .000 إهتزازة في الثانية ( فوق سمعية ) في حين تستطيع كثير من الحيوانات سماع معظم تلك الأصوات و تمييزها ، فتكون هذه الأصوات بالنسبة إلى الإنسان غيباً و لا تكون بالنسبة إلى تلك الحيوانات غيباً كما هو واضح .
نسبية الغيب :
و لا بُدَّ من التنبيه هنا على أن مقصودنا من الغيب النسبي ، نسبيته بالنسبة إلى الإنسان ، أما بالنسبة إلى الله عَزَّ و جَلَّ فالأشياء كلها حاضرة لديه ، و الماضي و الحال و المستقبل عنده سواسيه .
قال الله عَزَّ و جَلَّ : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } [10] .
و قال تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [11] .
و قال سبحانه : { وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكان اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا } [12] .
و قال عَزَّ من قائل : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [13] .
و قال جَلَّ جَلالُه : { وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [14] .
هل يعرف الغيب غير الله ؟
لدى مراجعة القرآن الكريم نجد أن ظاهر عدد من الآيات تنفي إمكانية إطلاع الإنسان على الغيب و تصرح بأن العلم بالغيب و الشهادة مختص بالله جل جلاله ، فهو العالم بالغيب و ليس لأحد من الخلق سبيل إلى معرفة الغيب ، و من تلك الآيات :
1. قال عَزَّ من قائل : { قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } [15] .
2. و قال عَزَّ و جَلَّ : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [16] .
لكن بعد التدَبُّر في مجموع الآيات التي تتحدث عن الغيب يتضح للباحث أن العلم بالغيب يكون على قسمين :
1. العلم بالغيب على وجه الأصالة و الذاتية و الإطلاق و الإرسال ، و هو مختص بالله عَزَّ و جَلَّ ، فلا يُشاركه فيه غيره ، و إليه تُشير الآيات النافية الآنفة الذكر .
2. العلم بالغيب على وجه التبعية ، بإذن الله و تعليمه ، و هذا العلم لا يكون إلا عرضياً و إكتسابياً و مقيداً و محدوداً ، يَطَّلِع عليه الأنبياء و الأئمة ( عليهم السَّلام ) و من شاء الله عَزَّ و جَلَّ تعليمهم به .
و يدل عليه من القرآن الكريم آيات كثيرة ، منها :
1. قول الله عَزَّ و جَلَّ { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ و من خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } [17] .
2. قوله عَزَّ من قائل : { مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [18] .
3. قوله تعالى : { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } [19] .
4. قوله جل جلاله : { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } [20] .
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) و هو يصف قوماً من الأتراك و يتنبأ بعض أعمالهم : " كَأَنِّي أَرَاهُمْ قَوْماً كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ يَلْبَسُونَ السَّرَقَ وَ الدِّيبَاجَ وَ يَعْتَقِبُونَ الْخَيْلَ الْعِتَاقَ وَ يَكُونُ هُنَاكَ اسْتِحْرَارُ قَتْلٍ حَتَّى يَمْشِيَ الْمَجْرُوحُ عَلَى الْمَقْتُولِ وَ يَكُونَ الْمُفْلِتُ أَقَلَّ مِنَ الْمَأْسُورِ " .
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ : لَقَدْ أُعْطِيتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِلْمَ الْغَيْبِ ، فَضَحِكَ ( عليه السَّلام ) وَ قَالَ لِلرَّجُلِ ـ وَ كَانَ كَلْبِيّاً ـ : " يَا أَخَا كَلْبٍ لَيْسَ هُوَ بِعِلْمِ غَيْبٍ وَ إِنَّمَا هُوَ تَعَلُّمٌ مِنْ ذِي عِلْمٍ ، وَ إِنَّمَا عِلْمُ الْغَيْبِ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ مَا عَدَّدَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ الْآيَةَ فَيَعْلَمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا فِي الْأَرْحَامِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَ قَبِيحٍ أَوْ جَمِيلٍ وَ سَخِيٍّ أَوْ بَخِيلٍ وَ شَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ وَ مَنْ يَكُونُ فِي النَّارِ حَطَباً أَوْ فِي الْجِنَانِ لِلنَّبِيِّينَ مُرَافِقاً فَهَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ وَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَعِلْمٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ ( صلَّى الله عليه و آله ) فَعَلَّمَنِيهِ وَ دَعَا لِي بِأَنْ يَعِيَهُ صَدْرِي وَ تَضْطَمَّ عَلَيْهِ جَوَانِحِي " [21] .
هل أخبر الأنبياء ( عليهم السَّلام ) عن الغيب ؟
في القرآن الكريم شواهد كثيرة على أن الأنبياء علموا بالغيب في موارد كثيرة ، و أخبروا الناس به بإذن الله ، نكتفي بذكر عدد منها :
1. النبي إبراهيم : { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } [22] .
2. النبي يوسف : { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا و أما الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } [23] .
3. النبي يوسف : { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [24] .
4. النبي سليمان : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ و قال يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ } [25] .
5. النبي عيسى : { ... وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [26] .
إلى غيرها من الآيات الكثيرة التي تصرح بأن الأنبياء ( عليهم السَّلام ) كانوا يطلعون على الغيب ، كما كانوا يخبرون الناس بتلك الأخبار الغيبية .
يتبين لنا من هذا الشرح يا أخي الكريم
أن هذا الرجل يشك في كلامه وصدقية كلامه
فهذه أمور غيبيه لن ولا يستطيع أحد التنبؤ بالتأكيد عليها
نهائيا وهي خاصة بالله عز وجل لذا استنتج ايضا أنه ربما يتنبأ
الأنسان ولكن ليس على سبيل الجزم فهذا الرجل أوجد اشكالا
وخطأ فادح لجزميته وتأكيده المطلق على أن الأحداث الذي
ذكر واقعه لا محاله وهنا مكمن الشك في صدقيته ..........
اسأل الله أن لا يبعد عنا وعن المسلمين شورو الفتن
ما ظهر منها وما بطن ......انه هو الرحمن الرحيم
ولك مني خالص الود والمحبه