عرض مشاركة واحدة
قديم 26-01-2003, 11:02 PM   رقم المشاركة : 2
قاهرهم
( ود نشِـط )
 





قاهرهم غير متصل

العمليات الاستشهادية.. القنبلة الذكية

بغض النظر ممن اقتبس الفلسطينيون أسلوب العمليات الاستشهادية سواء من اللبنانيين أو من نمور التاميل في سريلانكا أو من غيرهم، فإنهم طوروا هذا الأسلوب فأصبحت العمليات الاستشهادية في الأشهر الأخيرة من الانتفاضة السلاح الأبرز في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية.

ونظرا لاعتماد القوى الفلسطينية بشكل كبير وأساسي في مقاومتهم على العمليات الاستشهادية فقد اعتبر العديد من المراقبين أن هذه العمليات بدأت تؤسس لمرحلة مهمة من النضال الفلسطيني وتعتبر في الوقت ذاته تغييرا في البنية الإستراتيجية للقوى الفلسطينية لتتماشى مع ما هو متاح من أساليب المقاومة. وتكمن أهمية هذا النوع من العمليات في أنها تستطيع التحكم بوقت ومكان الانفجار إذ يصفها الدكتور نعومي بدهستور الذي أعد دراسة مفصلة عن العمليات الاستشهادية بأنها "القنبلة الذكية" التي تستطيع أن تختار التوقيت الملائم للانفجار الأمر الذي يجعلها سلاحا نموذجيا تلجأ إليه قوى المقاومة الفلسطينية.

وعلى الرغم من أن التنظيمات الإسلامية الفلسطينية هي أول من بدأ أسلوب العمليات الاستشهادية في المقاومة فإن تنظيمات فلسطينية أخرى استخدمت هذا الأسلوب. ويمكن القول إن انضمام القوى العلمانية الفلسطينية يعد التطور الأبرز في المقاومة الفلسطينية في العام الثاني من عمر الانتفاضة، فحتى نهاية عام 2001 كانت حركتا الجهاد الإسلامي وحماس تقومان بالعمليات الاستشهادية (61% من منفذي العمليات الاستشهادية كانوا من أعضاء حماس والجهاد الإسلامي)، وقد انضمت إليهما في عام 2002 حركتا فتح بجناحها العسكري "كتائب شهداء الأقصى" والجبهة الشعبية للإسهام في تلك العمليات

ولم يقتصر تنفيذ العمليات الاستشهادية على فئة معينة من الشباب الفلسطيني إذ أسهم في تنفيذ تلك العلميات شباب من فئات مختلفة، وتشير دراسة بدهستور إلى أن من بين من نفذوا تلك العلميات 153 استشهاديا من الضفة الغربية و54 من غزة وستة من القدس الشرقية، واثنين من الأردن وواحد من فلسطينيي 48. وعن المستوى التعليمي لمنفذي العمليات توضح الدراسة أن 53 من منفذيها يحملون مؤهلا علميا عاليا و58 يحملون مؤهلا جامعيا و42 لم يلتحقوا بالتعليم الجامعي، في حين تفاوتت أعمار منفذي العمليات الاستشهادية فمنهم 103 شهداء من الفئة العمرية 17-23 سنة وثلاثة من الفئة العمرية من 30- 48 سنة.

كما لم تنحصر العمليات الاستشهادية على إسهام الذكور، ففي تطور جديد اتبعته القوى الفلسطينية قامت ثلاث فتيات فلسطينيات بتنفيذ عمليات عسكرية في العام الثاني للانتفاضة.

وتأتي العمليات الاستشهادية في المرتبة الأولى من بين كافة أشكال المقاومة من حيث إيقاعها بأكبر عدد من القتلى الإسرائيليين، ففي شهادة رئيس قسم العمليات بالجيش الإسرائيلي الجنرال إيلي أميتاي أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ذكر أنه على الرغم من أن عدد العمليات الاستشهادية آخذ في التقلص مقارنة مع العمليات الفدائية الأخرى فإنها أكثر وسيلة تودي بحياة الإسرائيليين من حيث العدد، فحسب الإحصاءات الإسرائيلية فإن العمليات الاستشهادية تشكل 6% من مجمل العمليات الفدائية، ومن أصل 630 قتيلا إسرائيليا سقطوا منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية فإن 455 (75%) قتلوا من جراء العمليات الاستشهادية، كما أن 84% من الجرحى الإسرائيليين أصيبوا في تلك العمليات.

على الرغم من الحملة الضارية التي شنها الجيش الإسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية بكافة قواها فإنها تمكنت من ضرب العمق الإسرائيلي بعمليات نوعية ناجحة. فالعمليات الاستشهادية كانت أكثر عددا في العام الثاني من عمر الانتفاضة رغم حالة الحصار التي ضربت على الأراضي الفلسطينية في أعقاب حملة السور الواقي مما أدى إلى إصابة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالصدمة إذ اعتقدت بعد عملية "السور الواقي" واعتقالها عددا من القيادات الفلسطينية واغتيال عدد آخر أنها قد تمكنت من وقف العمليات الاستشهادية لأشهر طويلة قبل استئنافها من جديد، لكن ذلك لم يحدث، فقد تمكنت القوى الفلسطينية من ترميم بناها العسكرية بسرعة واستعادة عافيتها لتنفيذ المزيد من العمليات.

وزاد الأمور تعقيدا في وجه الإسرائيليين أن المقاومة وبعد كل الضربات الموجعة التي وجهت لها تمكنت من تطوير قدراتها العسكرية والانتقال إلى أهداف إسرائيلية جديدة لم يعتقد في يوم من الأيام أنها ستكون هدفا سهلا للقوى الفلسطينية.


__________________