أما الأب... فالابن له مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَة.. يَكَدُّ ويسعى، ويدفع صنوف الأذى بحثاً عن لقمة العيش لينفق عليه ويربيه، إذا دخل عليه هش، وإذا اقبل إليه بش، وإذا حضر تعلق به، وإذا أقبل عليه احتضن حجره وصدره، يخوف كل الناس بأبيه، ويعدهم بفعل أبيه، أفبعد هذا يكون جزاء الأب التنكر والصدود؟ نعوذ بالله من الخذلان.
إن الإحباط كل الإحباط أن يُفاجأ الوالدان بالتنكر للجميل، وقد كانا يتطلعان للإحسان، ويؤملان الصلة بالمعروف، فإذا بهذا الولد - ذكراً أو أنثى - يتخاذل ويتناسى ضعفه وطفولته، ويعجب بشأنه وفتوته، ويغره تعليمه وثقافته، ويترفع بجاهه ومرتبته، يؤذيهما بالتأفف والتبرم، ويجاهرهما بالسوء وفحش القول، يقهرهما وينهرهما، يريدان حياته ويريد موتهما، كأني بهما وقد تمنيا أن لو كانا عقيمين، تئن لحالهما الفضيلة، وتبكي من أجلهما المروءة.
فليحذر كل عاقل من التقصير في حق والديه، فإن عاقبة ذلك وخيمة، ولينشط في برهما فإنهما عن قريب راحلين وحينئذ يعض أصابع الندم، ولات ساعة مندم. أجل، إن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة والخلال الجميلة، ولو لم تأمر به الشريعة لكان مدحة بين الناس لجليل قدره، كيف وهو علاوة على ذلك تُكفَّـر به السيئات، وتجاب الدعوات عند رب البريات، وبه تنشرح الصدور وتطيب الحياة ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، واجزهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الف شكر على الطرح
الزرد