تابع لما قبله
الروحية والجسدية ذات اليمين وذات الشمال ، بل هي على الصراط المستقيم تمتثل قول مولاها عز وجل : {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ }الأنعام153 مستعينة بالله تعالى تردد قوله الحق : {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }الفاتحة6 .
أيتها الواثقة بربها : إنه ليس في دين الله الوقوف على حالة واحدة ، بل التقدم أو التأخر كما قال تعالى : {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ }المدثر37
ولله در القائل : ونحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر
والقائل : ومن يتهيب صعود الجبال يعيش أبدا الدهر بين الحفر
أيتها المسلمة المعاصرة :
إنه من السهل بعد المجاهدة الوصول إلى مراتب الكمال ولكن من الصعب الترقي أبداً في مدارج الإحسان حتى تبلغي درجة الصديقية ما لم تملكي قوة خديجية وعزيمة عائشية .
أخــتاه : إنك تعيشين معركة شرسة تستهدف دينك وحياءك , وطهارتك وعفتك , وتركيبة أسرتك فكوني على مستوى المواجهة لهذه المعركة ، التي رفع أعلامها الشيطان الرجيم وأتباعه من دعاة الإباحية والهوى الطائش .
أخــتاه : إنك منصورة بإذن الله تعالى ما نصرتي الله في نفسك ، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فلا تهني ولا تحزني فإن العاقبة للمتقين . يقول الله جل وعلا : { وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }آل عمران186 .
المحور الرابع : التحديات التي تواجه المرأة المسلمة المعاصرة :
إن المستقصي لطبيعة التحديات التي تواجه المرأة المسلمة المعاصرة الآن ؛ يجد أنها لا تخرج عن أمرين وهما :
الأول : تحديات داخلية تتمثل في الآتي :
1. العادات والتقاليد الموروثة التي أسهمت في عدم تفوقها أو أدت إلى تراجعها مما جاء الإسلام بنبذه والتصدي له .
مثل : مصادرة حقوقها في اختيار الزوج الصالح , والنظرة إليها بالدونية .
ب- الأوهام التي كبلت انطلاقتها فيما يمكن أن تكون نافعة فيه لها ولأخواتها المسلمات مثل : الشعور بالفشل قبل التجربة , والشعور بكراهية الرجل للمرأة .
ج- سيطرة جملة من الخرافات والشعوذة على تحركات المرأة ؛ خوفاً من الحسد أو العين أو السحر، مما دفن مواهبها وإبداعاتها في مهدها ، وأصبحت تعيش حالة من الرعب خوفاً من القادم المجهول ، مما جعل جمله من النساء يعشن فترات من حياتهن ينتقلن بين العيادات النفسية ، ودور الرقية الشرعية ، وأخيراً حطت الرحال بعضهن بين أيدي السحرة والمشعوذين ، وهي من قبل ومن بعد في سلامة وعافية حقيقية .
د- اليأس والقنوط والتذمر , والنظر إلى الحياة بعيداً عن التفاؤل ، كالتي ترى المجتمع هالكاً والتغيير فيه متعذراً لا تخلع عن عينيها النظارة السوداء القائمة ، فلا تبصر الطل والندى , ولا الزهر والكلأ . فهي تبشر بقيام الساعة اعتزلت الناس قاطبة .
أختــاه : لم تزل الأمة بخير , ولا يزال للحق مقال , والذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم . فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال : (( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فصيلة فليغرسها )) .
و- دواعي الشهوات والملذات والمتع الجسدية التي أحدثها الفراغ والجدة ولعمر الله لقد اغتالت الزلفى إلى الله تعالى ، وكسرة قناة الطموح ، وبددت عزائم التفوق ، حتى غدت أخوات لسن بالقليل يعشن على هامش الحياة الجادة ، يتقلبن من موضة إلى أخرى ، وينتقلن من مشهد إلى آخر ، ومن أغنية إلى أخرى ، هجرن القرآن الكريم ، وأعرضن عن التسبيح والتهليل ، ورضين بالدون في معاشهن ومعادهن .
أختــاه : إن مصارع العاشقات , ومرابع الخليعات , شاهدة على انحطاطهن أمام شهواتهن.
قد نصبوك لأمر لو فطنت له فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
إن أهنـأ عيشـة قضيتهـا ذهـبت لذاتـها والإثـم حــل
الثاني : التحديات الخارجية التي تواجه المرأة المسلمة المعاصرة وأهمها الآتي :
1. الغزو الفكري :
وهو الجهد المبذول من الأعداء لسكب معركة الحياة ومياه الأمة الإسلامية وفق ما يريدون . وأخطرها ما قبل الرحلة العسكرية وما بعدها حيث تمسخ الشعوب وتذبذب عقائدها وتعد نخبة لقيادة الأمة تربوا على أعينهم , ينفذون سياساتهم الإحتلالية , التي من شأنها طمس هوية المجتمع المسلم وتدمير عقيدته وقيمه . وإحلال المبادئ المنحرفة والقوانين الوضعية والإباحية والاختلاط محلها . والاستيلاء على ثروات البلاد والحيلولة القوية دون امتلاك القوة , واصطناع معارك وهمية بين المجتمع , من شأنها تشتت تفكيره وتستنزف طاقاته . عبر وسائل الإعلام طعناً وتشويهاً وسخرية واستهزاء . وعبر مناهج التعليم تحريفاً وتغييراً وطمساً للحقائق , وتشويها للتأريخ الإسلامي وإبرازاً للفتن , وإثارة للنعرات الجاهلية , وإحياء للشعوبية والعامية , وإحداثاً للتبعية للغرب وإكباره والترهيب من سطوته , وإبراز الحضارة الغربية بأنها النموذج الذي يجب الاقتداء به . واصمين الدين بالتخلف والرجعية والجمود ، ودعاته بالدروشة والإرهاب ، لذلك كان لازماً على المرأة المسلمة المعاصرة أن تستبين طرق هؤلاء الأعداء والمرتزقة المسخ من أتباعهم العلمانيين ، ومن على شاكلتهم ، و تحافظ على تماسك الأسرة ووحدة المجتمع وتبرز محاسن الدين , وتزرع في قلوب الجيل الثقة بعقيدته الإسلامية , وعلمائه الأبرار وأن تكبر لغتها وتأريخها كما قال تعالى : {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الزخرف43 وليكن نصب عينيك قولة تعالى : {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120 حتى تتبع الأمة ملتهم في فصل الدين عن الحياة , وإحلال الوجودية الإباحية محل الحياة الاجتماعية الفاضلة , والنظام الرأسمالي الربوي الانتهازي الذرائعي مكان الاقتصاد الإسلامي العادل , والديمقراطية المتناحرة مكان الشورى الناصحة .
أختــاه : إن نظرة واحدة في الشعوب التي استجابت للتغريب والغزو الفكري تؤكد ما وصلت إلية تلك الشعوب من تخلف وانحلال وتبعية وفقر وحروب ودمار . حقاً إن الخل يفسد العسل وإن الذئب لا يرى الغنم .
من استكان إلى الأشرار نام وفي قميصه منهم صل وثعبان
2. تحرير المرأة .
أيها المرأة المسلمة العاصرة إن صح تحرير المرأة في الغرب من نير الاستبداد والهوان ومصادرة الحقوق والدونية ، فإنه لا يصح ذلك على وجه الحقيقة ، فإنما حرروها من عبودية ليقعوا بها في عبودية أخرى ، وفي ذل وهوان آخر مما يتناسب ورغبات الرجل الشهوانية الآن .
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يجرهن الثناء
لئن كانت المرأة في المجتمعات الأخرى بحاجة ماسة لتحريرها الحقيقي فإن المرأة المسلمة المعاصرة تعتقد أن الإسلام حررها بل كرمها منذ خمسة عشر قرناً من الزمان ومن أبرزها مظاهر التحرير والتكريم الآتي :
أ- أكد الإسلام أنها مخلوقة كالرجل مكرمة مكلفة مسئولة كما قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13 . وقال تعالى : {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ }آل عمران195