عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2005, 07:34 PM   رقم المشاركة : 1
بــــاز
( ود فعّال )
 






بــــاز غير متصل

&&* هب النسيم ** ومياه الأسفلت *&&








بسم الله الرحمن الرحيم


تضع الأم وليدها الأول , تحتضنه بألم وارتياح ,
يمتزج الأمران ليكّونا أمرا تُحسه الأم وحدها ,
تخشى عليه وتتمنى له التوفيق في مراحل عمره , تنام ليلها وهي تفكر فيه ,
تصحو بصبحها وهي تحتضنه ,
يصبوا طفلها قليلا , يمشي ويسقط ,
تساعده تارة ,
وتناشد همته تارة أخرى ,
يسقط وهي تخشى أن يصيبه مكروه وتتمنى أن يجيد السير سريعا ,
تعتني به وقد تسأل ليكون لوليدها تميزا جسمانيا يلاءم حياة الطبيعة ,
التي تعترف بالقوة أولا ليكون لها الحنان مرقدا .
الأم تحتضن طفلها وتناجي ربها أن يكون لها معينا حين تكبُر وتضعُف حيلتها ,
قد سقتهُ حبّها وذيلت كل متاعب الحياة بتوقيعها على صفحات حياة ابنها ,
هي تحتضنه بكل يوم حتى غدى شامخا تفخرُ به ,
أضحى يخدمها حين كبرت كما تمنت يوما أن يكون ,
أضحى مُعينها بعد الله عز وجل كما ناشدة الله أن يكون ,
أضحى كما أرادت أن يكون ,
كيف لا ! و هي من أعدّه لذلك وهي من سعى أن يكون كذلك ,
كان ديدنها القران ,
وترويضها بالسنة النبوية ,
فحق لها أن تفخر به حين كبُر وحق له أن يكون شامخا لا تهزه ريحا وان كانت عاتية .

[line]


الم نكن يوما أطفالا وكنا نحتضن الأقلام كما تحتضن الأم وليدها , راقب جيدا قبضتك على القلم ستجد أن الأصابع اشتركت جميعها لتحتضن القلم , الم يكن من أقلامنا سوء بتعبير حين كنا أطفالا , الم نتعثر كثيرا ونتعلم كثيرا , الم تكن اليد التي تقبض على القلم تتلقى تعليمات بالهدوء والتأمل , الم يكن القلب والعقل مهتمان بتغذية اليد أفضل ما تكون التغذية ليكون من اليد أن تحتضن القلم في كل مرة ليكون الموقف قد تغير من وقت لآخر ليسجل القلم ترنيمة بديعة في كل فترة .
كانت أقلامنا هي أطفالنا وكانت أيدينا هي الأم الحانية التي تسعى جاهدة ليكون القلم في ازهي حلته , ليكون القلم معينا حين نكبر في التعبير عن ما يخالجنا ويخفف عنا من أمرنا .

كيف لا والله سبحانه وتعالى قد اقسم بالقلم فقال تعالى :
( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ )
وهنا إشارة عظيمة بأهمية القلم في الحياة لأن علم الكتابة والقراءة اكبر أبنائه , وأما الحضارة فهي حفيدته , وموطنه الفكر والتأمل , والقران والسنة علمه ونشيده وطنه .

يقول الشاعر العراقي المحبوب احمد مطر
جَـسَّ الطبـيبُ خافِقي
وقالَ لي:
هَلْ ها هُـنا الأَلَـمْ ؟
قُلـتُ له: نَعَمْ
فَشَـقَّ بالمِشـرَطِ جَيـبَ مِعطَـفي
وأخْرَجَ القَـلَمْ !
هَـزَّ الطبيـبُ رأسَـهُ.. و مالَ ابتَـسَمْ
وقالَ لي:
ليسَ سِوَى قَـلَمْ
فَقُلـتُ: لا يا سَيّدي
هذا يَـد.. وفَـمْ
رَصاصة .. ودَمْ
وَتُهمـة سافِرَة .. تَمشي بلا قَدَمْ !


مثل أن كانت هناك أما صالحة ناضجة أعدت من ابنها ليكون خيرا لها ولأمته ودينه , كانت هناك أما مستهترة غافلة فما كان من ابنها إلا أن تمرد فدمر وعذب وخان , فكان لأمه شرا ووبالا كبيرا , فلم يكن إلا أن أطاح بأمه في كل ساحة يعبر بها ليرى الناس عبثا , ونقص قيمة , بدل من الشموخ , والاعتزاز , ليكون من أمه ندما وخسارة .
كذلك هي اليد التي تلقت أروع تلقي من عقل ناضج وقلب عفيف ليكون الاحتضان لهذا القلم ما هو إلا احتضان أما لا تفارق وليدها إلا إذا كان من أمره سرورا .
كذلك هي اليد العابثة التي لم يكن الصبر والمثابرة والتميز في فهرسها , لتنتج ابنا عاقا ,
كما قالت العرب قديما
(القلم الرديء كالولد العاق )

فلكم أن تحددوا أي حوار سيكون من هذين القلمين

اليد الصالحة لها مدارس عدة أنتجت أقلاما بطرق متعددة وغاية واحدة تلتقي هذه الأقلام ليكون منها حوار يحمل معاني ومفاهيم رائعة وينتج عن هذه الحوارات دروسا مستفادة لعل أهمها أن نعي وندرك ما هو ( الآخر ) .

قال تعالى (ولكل وجهةٌ هو مولِّيها )

وقال تعالى (وما بعضهم بتابع قِبلةَ بعض )
من هذه الآيات القرآنية العظيمة نرى ان الله اقر بالاختلاف بين الناس وضرورة الحوار , بل وزاد عليها عز وجل إنها رحمة , بل مدعاة ضد الفساد فقال تعالى
(ولولا دفعُ الله الناس بعضُهم ببعض لفَسُدَتْ الأرض) .


القلم الذي عاش وتربى في كفن الاستقامة والثقافة والحضارة سيكون له حوار اشف من هب النسيم , والقلم الذي عاش وترعر على التمرد والهمجية سيكون له حوار أشبه بالمياه التي تجري على الأزفلت , فهي مؤذية وغير صالحة للشرب .


اضاءة : فلتحقق أقلامنا كريزما يتمناها العقل , وتسعد بها النفس .

تلك كانت اضاءتي

والله من وراء القصد







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة