عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2005, 06:18 PM   رقم المشاركة : 18
تعال وناظر جروحي
( ود نشِـط )
 
الصورة الرمزية تعال وناظر جروحي
 





تعال وناظر جروحي غير متصل



29 أيار 1905




إن رجلاً أو امرأة يُدفعان فجأة إلى هذا العالم يجب أن ينحرفا عن المنازل و الأبنية .

ذلك أن كل شئ في حالة حركة . تندفع المنازل و الشقق الصاعدة على عجلات عبر ساحة " باهنوفبلاتز"

و تسرع عبر أزقة السوق بينما يصرخ ساكنوها من نوافذ الطوابق الثانية .

لا يبقى مكتب البريد في شارع " بوست" بل يطير عبر المدينة على سكة كالقطار .

ولا يبقى مجلس الشعب متوضعاً في شارع " بوندس". في كل مكان يجأر الجو و يزأر بصوت المحركات و السيارات .

حين يخرج شخص من بابه الخارجي عند شروق الشمس يندفع راكضاً ويلحق بمكتبه .

يسرع صاعداً وهابطاً الدرج يعمل على مكتب يندفع في دوائر و يعدو نحو المنزل في نهاية اليوم .

لا يجلس أحد تحت شجرة حاملاً كتاباً , لا يحدق أحد إلى التجعدات في بركة ,

لا يستلقي أحد على العشب الكثيف في الريف . لا أحد ثابتاً.

لماذا ثبات كهذا إبان السرعة ؟ لأن الزمن في هذا العالم يمر ببطء أكبر بالنسبة للبشر الذين في حالة حركة .

هكذا يتحرك الجميع بسرعة مرتفعة ليكسبوا الوقت .

لم يلاحظ تأثير السرعة إلى أن اخترع محرك الاحتراق الداخلي وبدأ النقل السريع .

أخذ السيد راندولف ويك من " سري" حماته إلى لندن بسرعة كبيرة في سيارته الجديدة في 8 أيلول 1889 .

وما أفرحه هو أنه وصل في نصف الوقت المتوقع قبل أن تبدأ المحادثة ,

قرر أن يفكر بالظاهرة . بعد أن نشرت أبحاثه لم يسافر أحد بعد ذلك ببطء .

بما أن الزمن نقود فإن الاعتبارات المالية وحدها تملي على كل مكتب سمسرة , كل مركز صناعي ,

كل حانوت أن ينتقل باستمرار بالسرعة الممكنة ليجني فوائد أكثر من منافسيه .

تزود أبنية كهذه بآلات عملاقة ولا ترتاح أبداً. تزأر محركاتها و محاور أذرعة

تدويرها بصخب أكثر من الأجهزة و البشر الذين يشغلونها .

كذلك , تباع المنازل ليس بسبب حجمها و تصميمها فحسب , بل أيضاً بسبب سرعتها .

لأنه كلما ازدادت سرعة انتقال المنزل كلما تباطأت حركة الساعات في الداخل و توفر لقاطنيه . و نظراً للسرعة ,

يستطيع شخص في منزل سريع ن يسبق جيرانه عدة دقائق في حين يمكن أن يكتسب الوقت القيم أو يخسر أثناء النوم .

في الليل تضاء الشوارع ولكي تتجنب المنازل العابرة الاصطدام الذي غالباً ما يكون مهلكاً.

في الليل يحلم البشر بالسرعة وبالشباب وبالفرصة . في عالم السرعة الكبيرة هذا أدركت إحدى الحقائق ببطء .

استناداً إلى التوتولوجيا المنطقية , التأثير الحركي نسبي كله ,

لأنه حين يمر شخصان في الشارع يرى كل منهما الآخر في حالة حركة تماماً

كما يرى امرؤ في قطار طيران الأشجار من خلال نافذته . بالتالي , حين يعبر شخصان في الشارع يرى كل منهما زمن الآخر يتباطأ .

يرى كل منهما الآخر يكتسب وقتاً . يسبب هذا التبادل الجنون .

و مما يزيد في الجنون أنه كلما أسرع المرء في تجاوز جار كلما ظهر الجار مسرعاً.

محبطين و قانطين , يتوقف البعض عن النظر من نوافذهم . إذا كانت الستائر مسدلة لا يعرفون أبداً نسبة سرعة حركتهم

و نسبة سرعة جيرانهم و منافسيهم . ينهضون في الصباح , يستحمون , يأكلون خبزاً و لحم خنزير , يشتغلون على مكاتبهم ,

يصغون الى الموسيقى , يتحدثون مع اطفالهم , يعيشون حيوات قناعة و رضاً.

يجادل البعض أن ساعة البرج العملاقة في شارع كرام هي وحدها التي تحتفظ بالزمن الصحيح , و هي وحدها ثابتة ,

يشير آخرون أنه حتى الساعة العملاقة هي في حالة حركة إذا نظر إليها من نهر آري أو من سحابة .






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة