04-09-2005, 06:15 PM
|
رقم المشاركة : 7
|
( ود نشِـط )
|
 |
|
 |
|
في الفجر , يطوف ضباب أصفر عبر المدينة يحمله نفس النهر . تنتظر الشمس وراء جسر " نيديك"
و تلقي أسنتها الحمراء الطويلة على طول " شارع كرام" مضيئة الأجزاء السفلية للشرفات
وصولاً إلى الساعة العملاقة التي تقيس الزمن . تندفع أصوات الصباح عبر الشوارع كرائحة الخبز .
تستيقظ طفلة و تبكي طالبة أمها . تصدر ظلة حانوت صريراً بهدوء عندما يصل البقال إلى حانوته في " السوق ".
تجار آلة في النهر , تتحدث امرأتان بهمس تحت رواق مقنطر .
و حين تذوب المدينة في الضباب و الليل يرى المرء مشهداً غريباً: هنا جسر قديم لم يكتمل بناؤه .
هناك منزل أزيل من أسسه , هنا شارع يتجه إلى الشرق دون سبب واضح , هناك يتوضع مصرف وسط سوق البقالة .
يصور زجاج كاتدرائية القديس فنسنت السفلي الملون مواضع دينية و ينتقل الجزء الأعلى فجأة
إلى صورة جبال الألب في الربيع . يسير رجل بخفة نحو " مجلس الشعب", يتوقف فجأة , يضغ يديه على رأسه ,
يصيح مهتاجاً, يستدير و يسرع في الجهة المعاكسة .
هذا عالم خطط متبدلة , فرص مفاجئة , رؤى غير متوقعة . ذلك أن الزمن يتدفق في هذا العالم
على صورة متقطعة لا مستوية و بالتالي يتلقى البشر لمحات متقطعة عن المستقبل .
حين تتلقى أم رؤية مفاجئة عن مكان سكن ولدها تنقل منزلها لتصبح قربه .
حين يرى بناء مكان التجارة المستقبلي يغير طريقه نحو ذلك الاتجاه .
حين تلمح طفلة نفسها لوهلة كبائعة أزهار تقرر عدم الذهاب إلى الجامعة .
حين يلتقي شاب رؤية عن المرأة التي سيتزوجها , ينتظرها .
حين يبصر محام نفسه في عباءة قاض في " زوريخ " يتخلى عن عمله في " بيرن " .
ما معنى متابعة الحاضر بعد أن يرى المرء المستقبل؟
إن هذا العالم هو عالم نجاح مضمون لأولئك الذين تلقوا رؤيتهم .
إن بعض المشاريع التي بدأت لا تقود إلى مهنة . بعض الرحلات التي تمت لا تقود إلى مدينة القدر ,
بعض الذين تمت مصادقتهم لن يصيروا أصدقاء في المستقبل . لقد صنعت بعض العواطف .
أما بالنسبة للذين لم يتلقوا رؤيتهم فهذا عالم تشويق غير فعال .
كيف يستطيع المرء أن يسجل في جامعة دون أن يعرف مهنته المستقبلية ؟
كيف يفتح المرء صيدلية في " السوق " حين سيكون محل مشابه أفضل في شارع " شبيتال" ؟
كيف تقدر امرأة أن تمارس الجنس مع رجل من المحتمل أن يخونها ؟ ينام بشر كهؤلاء معظم النهار و ينتظرون مجيء رؤيتهم .
و هكذا تقل المجازفات في هذا العالم المؤلف من مشاهد قصيرة , و أولئك الذين لم يشاهدوا المستقبل بعد ,
ينتظرون الرؤية دون أن يجازفوا.
بعض الذين شاهدوا المستقبل يفعلون ما بوسعهم ليفندوه . يذهب رجل ليعتني بحدائق المتحف
في " نيوشاتل" بعد أن رأى نفسه محامياً في " لوسيرن". ينطلق شاب في رحلة بحرية رائعة مع والده
بعد أن رأى أ، والده سيموت حالاً من أزمة قلبية .
تسمح شابة لنفسها أن تقع في الغرام مع رجل رغم رؤيتها بأنها ستتزوج رجلاً آخر .
يقف بشر كهؤلاء على شرفاتهم بعد الغروب و يصيحون أن المستقبل يمكن أن يُغير ,
أن آلاف المستقبلات ممكنة . مع مرور الزمن , يتعب حدائقي " نيوشاتل"
من أجوره المنخفضة و يصبح محامياً في " لوسيرن" . يموت الأب بسبب الأزمة القلبية
و يكره الإبن نفسه لأنه لم يجبر والده على البقاء في الفراش .
يهجر العشيق المرأة الشابة التي بدورها تتزوج رجلاً يمنحها العزلة والألم .
من الذي تجري أموره بشكل أفضل في عالم زمنه متقطع ؟ أولئك الذين شاهدوا المستقبل و يعيشون حياة واحدة ؟
أم أولئك الذين لم يروا المستقبل وينتظرون أن يعيشوا الحياة ؟ أم أولئك الذين ينكرون المستقبل و يعيشون حياتين ؟
|
|
 |
|
 |
|
|
|