04-09-2005, 05:59 PM
|
رقم المشاركة : 3
|
( ود نشِـط )
|
 |
|
 |
|
حين يسير المرء في السوق يرى منظراً عجباً : الكرز الذي في أكشاك بيع الفاكهة مرتب في صفوف ,
القبعات التي في المتجر مجموعة بأناقة , الأزهار التي على الشرفات كرتبة في تناسق تام . لا فتات على أرض المخبز ,
لا حليب مسفوحاً على أرضية بيت المؤن . لا شئ خارج موضعه .
حين تنتهي حفلة مرحة في مطعم تصبح الطاولات أكثر ترتيباً مما كانت عليه . حين تهب ريح خفيفة عبر الشارع ,
يكنس الشارع . و يصبح نظيفاً و تنقل الأوساخ و الغبار إلى حافة البلدة . حين تتكسر أمواج على الشاطئ ,
يعيد الشاطئ بناء نفسه . حين تسقط الأوراق عن الأشجار , تصطف الأوراق كالطيور في تشكيل كحرف
v .
حين تشكل الغيوم وجوهاً , تبقى الوجوه . حين ينفث غليون الدخان في غرفة يندفع السخام نحو زاوية الغرفة
تاركاً جواً خالياً. تصبح الشرفات المطلية المعرضة للريح و المطر أكثر تألقاً مع مرور الزمن .
يجعل صوت الرعد أصيصاً مكسوراً يعيد تكوين نفسه ,
يجعل الشظايا المحطمة تقفز إلى أماكنها المحددة حيث تتلاءم و تلتحم .
يزداد الأريج الفواح لعربة قرفة عابرة و لا يتلاشى مع مرور الزمن .
هل تبدو هذه الحوادث غريبة؟
يسبب مرور الزمن في هذا العالم نظاماً متزايداً . النظام هو قانون الطبيعة , الميل العالمي, الجهة الكونية .
إذا كان الزمن سهماً, يشير السهم نحو النظام . المستقبل نموذج ,
منظمة , اتحاد , توتير, الماضي عشوائية , فوضى , تحلل , تلاشٍ.
يرى الفلاسفة أنه بدون اتجاه نحو النظام يفقد الزمن معناه . يصبح الزمن غير قابل للتمييز عن الماضي .
يصير تعاقب الأحداث مشاهد عشوائية من ألف رواية .
سيصبح التاريخ غير قابل للتمييز مثل الضباب الذي نجمعه ببطء قمم الأشجار في المساء.
في عالم كهذا يستلقي البشر الذين يعيشون في منازل غير مرتبة في أسرتهم
و ينتظرون أن تنفض قوى الطبيعة الغبار عن نوافذهم و ترتب الأحذية في خزائنهم .
البشر الذين يعيشون علاقات غير منظمة يمكن أن يقوموا بنزهات بينما تصبح تقاويمهم منظمة ,
مواعيدهم مرتبة و أرصدتهم متوازنة . يمكن أن توضع الفرشاة ,
و أحمر الشفاه و الرسائل في المحفظات بإهمال مع وجود قناعة أنها سترتب نفسها آلياً .
ولن تحتاج الحدائق إلى أن تشذب و الأعشاب إلى أن تستأصل . تصبح المكاتب أنيقة في نهاية اليوم .
الثياب التي على الأرض في المساء تتوضع على الكراسي في الصباح . الجرابات المفقودة تعاود الظهور .
إذا زار المرء مدينة في الربيع يرى منظراً عجباً آخر .
ذلك أن البشر يمرضون في الربيع من نظام حياتهم .يدمر البشر في الربيع منازلهم بغضب ,
يتحركون بين الأوساخ ,يحطمون الكراسي , يكسرون النوافذ .
في شارع أربر أو أية جادة سكنية يسمع المرء في الربيع أصوات الزجاج المحطم و الصراخ و العويل و الضحك .
في الربيع يلتقي البشر في أوقات غير منظمة , يحرقون كتب مواعيدهم , يقذفون ساعات يدهم بعيداً,
يشربون طوال الليل. يستمر هذا الوضع الهستيري إلى الصيف حين يستعيد البشر أحاسيسهم و يعودون إلى النظام .
|
|
 |
|
 |
|
|
|