04-09-2005, 05:56 PM
|
رقم المشاركة : 2
|
( ود نشِـط )
|
 |
|
 |
|
الوقت أواخر بعد الظهر . تعشش الشمس لحظة قصيرة في تجويف جبال الألب الثلجي .
تندفع أشعة الضوء المائلة و الطويلة من الجبال عابرة بحيرة هادئة و ترمي ظلالها على بلدة تقع في الأسفل .
تتألف البلدة من قطعة واحدة و قطع كثيرة . تشكل أشجار التنوب و الشربين و صونوبر الآرولا حداً من جهة الشمال و الغرب ,
بينما توجد في الأعلى الزنابق , كف الذئب و حشيشة الأسد الألبية .
في المراعي التي قرب البلدة يرعى القطيع من أجل صناعة الزبدة و الجبنة و الشوكولاتة .
تنتج طاحونة نسيج صغيرة الخيوط الحريرية و الشرائط و الملابس القطنية .
يرن جرس كنيسة . تملأ رائحة لحم البقر المجفف الشوارع والأزقة .
و تظهر نظرة متفحصة أنها مدينة من قطع كثيرة . تعيش إحدى الحارات في القرن الخامس عشر .
هنا , ينضم إلى المنازل المبنية من الحجر الخشن سلالم و شرفات خارجية , بينما تفغر الجملونات العليا أفواهها و تنفتح للريح .
تنمو الطحالب بين قطع أحجار السقوف المستقيمة , تظهر كنيسة بنوافذ بيضوية الشكل ,
إيوانات مرصوفة و مسقوفة و تصوينات غرانيتية . يمسك قسم آخر بالحاضر , برواقات مقنطرة تنتظم في كل جادة ,
درابزونات معدنية على الشرفات , واجهات مصنوعة من الحجر الرملي الناعم .
كل قسم من القرية مثبت إلى زمن مختلف .
في نهاية بعد الظهر , في هذه اللحظات القليلة بينما الشمس تعشش في التجويف الثلجي الألبي ,
يستطيع المرء أن يجلس قرب البحيرة و يتأمل نسيج الزمن . فرضياً , يمكن أن يكون الزمن ناعماً أو خشناً ,
شوكياً أو حريرياً , صلباً أو ليناً . لكن في هذا العالم . لكن في هذا العالم يحدث أن يكون نسيج الزمن لاصقاً.
تعلق مجموعة من البلدات في لحظة ما من التاريخ ولا تخرج . وهكذا أيضا يعلق الأفراد في نقطة ما من حياتهم ولا يتحررون .
في هذه اللحظة , يتحدث رجل في أحد المنازل التي تقع أسفل الجبل مع صديق . يتحدث عن أيام دراسته في الجمنازيو .
تتدلى شهادات الامتياز التي حصل عليها في الرياضيات و التاريخ على الجدران ,
تشغل ميدالياته الرياضية و غنائمه رفوف الكتب . هنا , على طاولة ,
توجد صورة له حين كان كابتن فريق التسييج يعانقه فيها شبان آخرون ذهبوا منذ ذلك الوقت إلى الجامعة
و أصبحوا مهندسين ومصرفيين و تزوجوا . وفي الخزانة توجد ثيابه التي تعود إلى عشرين عاماً, بلوزة التسييج ,
بنطال التويد الضيق على خصره الان . الصديق الذي كان يحاول طوال أعوام أن يعرف الرجل على أشخاص آخرين
يهز رأسه بكياسة و يصارع بصمت ليتنفس في الغرفة الصغيرة .
في منزل آخر يجلس رجل إلى طاولته وحيداً و هي مجهزة لاثنين ,
منذ عشرة أعوام جلس هنا مقابل والده ولم يقدر أن يقول إنه يحبه , بحث خلال أعوام طفولته على لحظة صلة ,
تذكر المساءات التي جلس فيها ذلك الرجل الصامت مع كتابه , كان غير قادر أن يقول إنه أحبه , لم يقدر أن يقول إنه أحبه .
يوجد على الطاولة صحنان , كأسان , شوكتان , كما كان الأمر في تلك الليلة الماضية . يبدأ الرجل تناول الطعام ,
لايستطيع أن يأكل , يبكي غير قادر أن يسيطر على نفسه . لم يقل أبداً إنه أحبه .
في منزل آخر تنظر امرأة بولع إلى صورة ولدها الشاب المبتسم و المتألق . تكتب له رسالة إلى عنوان طويل مضلل ,
تتخيل الرسائل السعيدة التي ستتلقاها . حين يقرع ابنها الباب , لاتفتحه .
حين يأتي ولدها بوجهه اللاهث وعينيه الزجاجيتين إلى نافذتها و يطلب النقود لا تسمعه .
حين يترك لها ولدها ذو المشية المتعثرة رسائل متوسلاً أن يشاهدها ترمي الرسائل دون أن تفتحها .
حين يقف ولدها في الليل خارج منزلها تنام باكراً. في الصباح تنظر إلى صورته ,
تكتب رسائل عبادة إلى عنوان مضلل طويل.
تشاهد عانس وجه الشاب الذي أحبها في مرآة غرفة نومها , على سقف المخبز , على سطح البحيرة , في السماء.
إن مأساة هذا العالم هي أنه لا يوجد أي شخص سعيد سواه أكان عالقاً في زمن ألم أو متعة .
إن مأساة هذا العالم هي أن كل شخص هو وحيد لأن حياة في الماضي لايمكن أن تعاش في الحاضر ,
إن كل شخص يعلق في الزمن يعلق وحيداً. |
|
 |
|
 |
|
|
|