عرض مشاركة واحدة
قديم 29-08-2005, 01:46 PM   رقم المشاركة : 7
تعال وناظر جروحي
( ود نشِـط )
 
الصورة الرمزية تعال وناظر جروحي
 





تعال وناظر جروحي غير متصل



26 نيسان 1905



من الواضح بسرعة في هذا العالم أن هناك شيئاً غريباً :

لاتمكن رؤية منازل في الأودية و السهول . يعيش الجميع في الجبال .

في وقت ما في الماضي اكتشف العلماء أن الزمن يتدفق ببطء

أكبر كلما ابتعد عن مركز الارض . التأثير ضئيل جدا لكنه يمكن

أن يقاس بأدوات حساسيتها مفرطة . حالما عرفت الظاهرة

انتقل بعض البشر المتلهفين للبقاء شباناً إلى الجبال .

بنيت جميع المنازل على "دوم" و على " ماترهورن"

و " مونت روزا " وعلى أراض أخرى مرتفعة .

من المستحيل بيع أحياء سكنية في مكان آخر.

لم يرض كثيرون أن يبنوا منازلهم ببساطة على جبل .

لكي يحصلوا على التأثير الأكبر بنوا منازلهم على دعائم.

عششت منازل كهذه على قمم الجبال في جميع أنحاء العالم ,

وتبدو من بعيد كسرب طيور سمينة تقف على أرجل طويلة و نحيلة .

البشر يتلهفون ليعيشوا فترة أطول شيدوا منازلهم على الدعائم الأعلى .

وفي الحقيقة , ترتفع بعض المنازل نصف ميل على

سيقانها الخشبية النحيلة . أصبح الإرتفاع مرتبة .

حين يتوجب على شخص أن ينظر من نافذة مطبخه إلى الأعلى ليشاهد

جاراً يظن أن جاره لن يصاب بتصلب إلى الأعلى ليشاهد جاراً

يظن أن جاره لن يصاب بتصلب المفاصل بالسرعة التي سيصاب هو بها ,

لن يفقد شعره هو وقت لاحق , لن يصاب بالتجاعيد حتى وقت لاحق ,

لن يفقد الباعث على الرومانس باكراً مثله . كذلك يميل الشخص

الذي ينظر نحو الأسفل إلى منزل آخر إلى اعتبار سكانه منهكين

و ضعفاء و قصيري النظر . يتباهى البعض أنهم عاشوا حياتهم كلها في الأعلى ,

أنهم ولدوا في أعلى منزل على أعلى قمة جبل ولم يهبطوا أبداً .

يحتفلون بشبابهم في المرايا و يسيرون عراة على شرفاتهم .

بين فينة و أخرى يجبر عمل ما ملح البشر على الهبوط في منازلهم

فيفعلون ذلك بسرعة و ينزلون بعجلة على سلالمهم إلى الأرض

و يركضون إلى سلم آخر , ثم إلى الوادي في الأسفل ,

يكملون صفقاتهم و يعودون بأقصى سرعة إلى منازلهم

أو إلى أماكن أخرى مرتفعة . يعرفون أنه مع كل خطوة إلى الأسفل

تزداد سرعة مرور الزمن و يهرمون قليلاً . البشر الذين على مستوى الأرض

لا يجلسون أبداً . يركضون حاملين محفظاتهم أو مشترياتهم .

لم تعد تأبه قلة من المقيمين في كل مدينة إذا تقدمت في السن بضع ثوان

أكثر من جيرانها . تهبط هذه الأرواح المغامرة إلى العالم السفلي لعدة أيام

في المرة الواحدة . تسترخي في ظل الأشجار التي تنمو في الوادي ,

تسبح بمتعة و حرية في البحيرات التي تقع في ارتفاعات دافئة ,

تطوف على مستوى الأرض.

نادراً ما تنظر إلى ساعاتها و لا تستطيع أن تقول إن كان اليوم

هو الإثنين أو الخميس . حين يندفع الآخرون قربها بسرعة و يسخرون ,

تبتسم فقط مع مرور الزمن , ينسى البشر لماذا المكان الأعلى هو الأفضل .

مع ذلك , يواصلون العيش على الجبال ليتجنبوا المناطق الغائصة

قدر استطاعتهم , ليعلموا أبناءهم أن يصرفوا الأطفال الآخرين

عن الارتفاعات المنخفضة . يتعودون على برد الجبال و يستمتعون

بعدم الراحة كجزء من تربيتهم , حتى أنهم أقنعوا أنفسهم بأن الهواء

الرقيق مفيد لأجسادهم , و متبعين ذلك المنطق مارسوا حميات

من أجل التوفير و رفضوا كل شيء إلا الطعام القليل * .

و مع مرور الوقت , أصبح البشر رقيقين كالهواء , عجافاً و كهولاً قبل أوانهم .

_________________________


*gossamer food :واه ، رقيق






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة