منتديات الـــود - اغتنموا طفولتهم

قبل أيام بينما كنت أقلب صفحات إحدى مجلاتي .. قرأت الموضوع فشدني إليه إعجاب كبير .. ورأيت فيه حقيقة غابت عن أذهان كثير من الأمهات والآباء .. وأردت أن انقله لكم .. راجية أن ينال رضاكم .. واعتذر لطول الموضوع .. لكني احببت أن اكتبه كاملا .. فكل سطر فيه له معناه ومغزاه .. سأترككم مع الموضوع فهو لا يحتاج لكلماتي ..

يتضجر أغلب الأمهات ـ إن لم يكن كلهن ـ من أولادهن الصغار , ويرون فيهم مصدرا للإزعاج والصخب وتعتبر الأمهات الطموحات " إلى الشهادات العالية أو العمل " أن أولادهن السبب في تأخر الإنجاز.. بل هم العقبة أمام تحقيق أحلامهن ؟
قد يكون هذا صحيحا , فالأولاد يحتاجون إلى العناية ويستهلكون الوقت كله , ويستنفذون الجهد ويخرجون الحليم عن طوره ـ أحيانا ـ لكن للصغار ـ أيضا ـ بهجة لا تعادلها بهجة , فحركاتهم اللطيفة تفرح القلب, وكلماتهم وعباراتهم الرقيقة تخفف عن الحزين , وأسئلتهم واستفساراتهم تثير الإعجاب والتقدير , وضحكهم ومرحهم وصخبهم يقطع رتابة الحياة ويدخل عليها السرور والحبور.. ومن المهم أن ندرك أهمية هذه المرحلة , فأولادنا لا يبقون صغارا وهم يكبرون , وإنهم ليكبرون بأسرع مما نتخيل , فيفقدون هذا التميز ونخسر نحن تلك البهجة , ثم يغادرون بيتنا يوما للدراسة أو للزواج ولا يرجعون بعدها إلى دورنا إلا ضيوفا .
فلم لا نستمتع بتلك المرحلة الرائعة قدر وسعنا .. لأنها لن تعود أبدا؟ ولم لا نستمتع وقد رزقنا الله إياهم ليهبوا لنا السعادة لا ليكونوا سببا في تعاستنا ؟
[mover]سوف تـكبر ![/mover]
كتبت إحدى الأمهات مقالة رائعة في هذا الموضوع وبثت فيها عاطفة الأم الفريدة مع الكلمات البليغة العاقلة , أقتطع منها هذه الفقرات " عندما نقول نحن الأهل لولدنا : ( سوف تكبر) فإننا نعني أنه سيكبر في يوم من أيام المستقبل البعيد جدا ولا نعني اليوم!
والحقيقة أن هذا اليوم يأتي بأبكر مما نتوقع "
وتتابع هذه الأم التي تركها ولداها كلاهما قائلة : (( اليوم حين أرى الأمهات في المتاجر يتصرفن كأن التبضع مع أولادهن أمر سيستمر إلى الأبد أرغب أن أبوح لهن بهذا السر.. وذات يوم بعيد رحيل ولدي الثاني شاهدت طفلين يتشاجران في متجر ووالدتهما تصرخ فيهما : * كفا عن هذا الشجار * .. كنت أدرك مدى سطحية الشجار بين الأخوين .. لكنني لو اندفعت إلى تلك المراة وقلت لها : " تمتعي بهذه المرحلة من حياتك فهي لن تدوم " .. لاعتقدت أنني مجنونة )).
وتصف وضعها بعد رحيلهما فتقول : ( أما المنزل فبدا مهجورا بلا أولاد , والسكون يلف الغرف حيث غابت الحيوية الصبيانية التي ملأتها فيما مضى .. لكن هذين الشابين طويلي القامة ليسا هما من أفتقدهما .. بل إني أفتقد الصبيين الصغيرين العزيزين المقيمين فقط في كتاب الصور وفي الذاكرة ). ــ " المختار" ربيع الآخر 1407 ــ
إن أولادنا هم في الواقع ضيوف في بيتنا, وإنهم لراحلون يوماً, ومغادرون إلى غير رجعة , قد يعود بعضهم إلينا بعد أن ينهي دراسته ليعيش بيننا , وقد يسكن بجوارنا , وقد يكثر من زيارتنا مع عائلته , لكنه سيأتينا كبيرا راشدا , وسيأتينا مشغول الفكر أو مستعجل الانصراف, وستنتفي حاجته إلينا , وهذا من أكثر ما يؤلم الأمهات والآباء كما ألاحظ .

[movel]الفراق قريب[/movel]
إن فراق أولادنا واستقلالهم عنا أمر واقع ولا سبيل لتجاوزه , وإنما يقلل من تأثيره علينا ــ نحن الأمهات ـ ويخفف من شدة وطأته أن نجعل علاقتنا بهم قوية متينة , وأن نبنيها على الحب والثقة وعلينا أن نكرم وفادة أبنائنا ونحسن إليهم قدر استطاعتنا , فهم أحق الناس بإحساسنا ودعائنا , فلنكظم غيظنا, ونكبت غضبنا, ونربيهم ونوجههم بالحب والحنان ــ مع الحزم عند الضرورة ــ ولنحملهم أجمل الذكريات لحياتهم معنا, ولنشعرهم بأعظم الامتنان لبيتهم الذي حضنهم .
إن الأولاد هم زينة الدنيا , وقد نادى زكريا ربه ألا يذره فردا ً , وكان النبي صلى الله عليه وسلم ــ مع كثرة أعبائه ــ لا يبخل على أحفاده بوقته .. فيلاعبهم ويراقبهم ويوجههم فيُـسَـرُ بهم ويسرون به
فاغتنمي الفرصة أيتها الأم , ولا تضيعي الوقت بالصراخ في وجوه أولادك , وتوجيه اللوم إليهم , وندب ما نلاقيه منهم , والتأفف من عبثهم , ولا تؤثري نفسك ومشاغلك عنهم , بل تمتعي بأبنائك وهم في بيتك ومتعيهم معك , وكلما كنت أرفق بهم , كانوا أكثر برا ووفاء لك .

بقلم : ـ
عابدة المؤيد