![]() |
جووووواسيس الموساد العرب
بسم الله الرحمن الرحيم
اشهر جواسيس الموساد العرب>====================== عبدالله سليمان الشيعي العراقي ذو الجذور اليهودية>============================== بقلم / دكتور سمير محمود قديح >---------------------------------------- الباحث في الشئون الامنية والاستراتيجية>-----------------------------------------------------بسم الله الرحمن الرحيم اشهر جواسيس الموساد العرب>====================== عبدالله سليمان الشيعي العراقي ذو الجذور اليهودية>============================== بقلم / دكتور سمير محمود قديح >---------------------------------------- الباحث في الشئون الامنية والاستراتيجية>--------------------------------- :mad: :mad: -------------------- ولد عام 1931 بمدينة "الحلة" الواقعة على نهر الحلة لأب عراقي وأم إيرانية كان أبوها يهودياً أعلن إسلامه كذباً. . وعندما وعى عبد الله الحياة، اكتشف حقارة مهنة أبيه "جسّاس المواشي" . لذلك سعى بشدة للتفوق في دراسته ليلتحق بجامعة >بغداد، بعيداً عن الحلة التي كره الإقامة بها، وتحقق حلمه بعد طول معاناة. فبعد أربعة أعوام في الجامعة حصل على ليسانس الآداب، وعمل بالتدريس بإحدى مدارس العاصمة، وكان عمره في ذلك الوقت خمسة وعشرين عاماً تقريباً. لم يذق عبد الله للحب طعماً في الجامعة أو قبلها، فوجهه ذو الأنف الضخم، الذي >يشبه أنف سيرانودي برجراك ، وفكه البارز جداً أبعد عنه الفتيات، بل وأخاف >الأطفال منه، لذلك فقد افتقد الحب والصديق، وانطوى على نفسه تغلفه الوحدة، >وتقتله الحسرة والكراهية. >لقد بدأت معاناته الحقيقية بمأساته في طفولته المبكرة، وفي المدرسة الاعدادية >بحي الأعظمية، اكتشف دمامة أخرى في صوته، جعلت من مخارج الحروف نشازاً يضحك >زملاءه بالمدرسة، ويجعله مصدر سخرية مؤلمة دائماً، فاهتزت ثقته بنفسه وملأه >الحقد على كل من حوله، وود لو أنه يمتلك المال الذي يعوض دمامته، لكنه سرعان >ما >يدرك مدى افتقاده للاثنين معاً، ولم يكن من السهل عليه أن يفك عقده النفسية، >أو >يحس ببعض الرضا، فشرنقة من العقد أحاطته، وحبسته داخل ظلمة لا حدود لها، حجبت >عنه الأمل في إشراقة تتبدل معها حياته. >إنسان على شاكلته يعيش منفرداً، مزوياً في أركان المجتمع، لم يجد له منفثاً ، فلكم كان يتمنى ألا يمضي الوقت لينصرف مغادراً قصر الأحلام ومليكته، >لقد نشأ منذ البداية هشاً كارهاً للناس، ناقماً على ظروفه ودمامته، يحلم >بالمال >الذي سيجلب له العطف والحب، وعندما أدركهما عند إيرينا المراهقة اليهودية، >أسلم قياده بل حياته كلها رخيصة لأجل لحظة حب. >هكذا يسقط الضعفاء سقوطاً مدوياً سهلاً وقد عصرتهم المعاناة بأشكالها >المختلفة، >فهم تمردوا على واقعهم وداسوا القيم، لأجل لذة ما حرموا منها، والبحث عن هؤلاء >في خضم البشر المتماوج، هين عند الخبراء وصائدي الجواسيس، ذوي الأنوف الماهرة >في التقاط رائحة الضعف لديهم. >وقد يتساءل القارئ: ماذا سيقدم هذا الدميم المزوي المنبوذ الى المخابرات >الاسرائيلية؟ والمتتبع جيداً لقصص الخونة، سيرى أن حالة عبدالله الشيعي ليست >فريدة في عالم الجاسوسية، فالموساد كغيرها من أجهزة المخابرات العالمية >الأخرى، >تتخير جواسيسها من كل الفئات والألوان والثقافات دون تمييز، فما يهم هنا هو >الإخلاص في العمل. . والولاء اللانهائي. >فقد كان هناك الجاسوس المصري سليمان سلمان، راعي الإبل ابن سيناء، الذي كان لا >يقرأ ولا يكتب، جندته الموساد بعدما محت أميته، ودربته تدريباً مكثفاً على >فنون >التجسس، وابتركت له شفرة خاصة تعتمد على الحروف الأبجدية العربية والصور، >يستطيع بها بث رسائله من خلال جهاز اللاسلكي المتطور الذي سلموه له، فماذا >كانت >الموساد تنتظر من هذا الأمي، الذي سقط وأعدم بسبب خيانته وغبائه؟ إذن فلا >نندهش >أمام حالة هذا الجاسوس العراقي الدميم. . !! >فعالم الجاسوسية الغامض المثير مليء بالأسرار والمتناقضات، لذا. . فهي حقاً >مثيرة جداً، قصص الخونة والجواسيس، تستهوي العقول على اختلاف مداركها >وثقافاتها، وتنقلها الى عوالم غريبة، مختلفة، تضج بعجائب الخلق وشواذ الأنفس، >فعلماء الإجتماع والسلوك عجزوا في فهم أولئك الخونة، وفشلوا في الكشف عن بذورالخيانة لديهم، أين توجد؟ .. وكيف تمددت لتتشبث جذورها بالشرايين عندهموالخلايا وتتحول في لحظات الى أحراش مظلمة بأعماقهم؟ فلكل جاسوس قصة، ولكل >خائن >حكاية غلفها العجب، وسربلها الجنون، وإنني بالرغم من مئات الكتب والدراسات >التي >قرأتها عن هذا العالم الغامض المثير، لا زلت أشعر بجهلي الشديد أمام طلاسمه، >ويزيد يقيني بأن وراء كل خائن سراً غامضاً وداءاً مجهولاً لسنا ندركه، ودائماً >هناك السؤال: خلايا الخيانة عند البشر . . أهي مثل الذرة تنشطر حتى تغلب العقل >كله فتدمره وتسحق الضمير . . ؟!! >جاسوس تحت التمرين >لم يدر بخلد عبد الله الشيعي أن هناك عقولاً تخطط كي يسقط، أو أن إيرينا >الصغيرة التي بشت له، كانت وسيلة جره واصطياده، وكانت بشاشتها وملاحتها مجردطعم لاستدراجه الى وكر الجاسوسية، فبعدما احتواها في المرة الأولى، استعذب مذاقها وطمع في المزيد، فنهرته بلطف أقرب الى تمنع الرغبة. ففي بيتها التقى باليهودي الإيراني عوازي سليمان، عميل الموساد المدرب، ودارت بينهما الأحاديث المطولة، التي استشف منها العميل أن عبد الله لا يحلم سوى بالثراء، فلعب جيداً على هذا الوتر، وطير بخياله الى أحلام طالما عايشته في اليقظة، فتهفت نفسه الى صعود درجات الغنى، مهما كان الثمن فادحاً. ولتكتمل خطوط القصة. . أوهمه عوازي بأنه يمتلك عقلية فذة، وهو بحاجة اليه لإدارة إحدى مؤسساته التجارية التي يزمع إقامتها في بغداد، ومنحه مائتي دينار مقابل عمل دراسة اقتصادية للسوق. نشط عبدالله في البحث والتحري، وكتابة تقارير اقتصادية مستمدة من ملفات وزارة الاقتصاد، حصل عليها بمساعدة زميل دراسة اسمه جواد مقابل أربعين ديناراً. أدهشت التقارير عميل الموساد، إلا أنه أخفى دهشته وادعى تفاهتها، وفوجئ عندما صارحته إيرينا في انفرادهما بأنها تحبه، وطلبت منه أن يبذل قصارى جهده في التعاون مع عوازي، كي تنتعش أحواله المادية فيتزوجا. فقد عقله أمام اعترافها بحبه، ولم يسأل نفسه لماذا؟ أعبقرية فجائية ظهرت عليه؟ أم أن دمامته تبدلت بوسامة جون كونري، وجاذبية كلارك جيبل؟ خاضعاً وعدها بألا يتوانى في العمل من أجل الفوز بها، عازماً على خوض الصعاب بلا ضجر أو كلل، هكذا كانت البداية. ومن هنا تبدأ عملية صناعة الجاسوس !! >كان على قناعة تامة بأنه "أخضر" لم يشب بعد، ولذلك استسلم لمعلمه عوازي يشرب على يديه حرفته الجديدة، فأخضعه لدورات أولية في جس نبض الشارع، واستطلاع آراء العامة من الناس في السياسة والاقتصاد، وكيفية تلقط الأخبار والأسرار، زاعماً له أن هذا مفيد جداً للمؤسسة التجارية، حريصاً على ألا يتفهم الجاسوس الجديد طبيعة مهمته، حتى لا يتصرف بحماقة فتفشل المهمة. وانطلق عبد الله بجمع المعلومات ويحصدها حصداً، لعله ينال رضا إيرينا وعوازي فتتبدل حياته، ويقترب من تحقيق الحلم، وللمرة الثانية يتهمه العميل الاسرائيلي، بأنه يجلب معلومات مهمشة لا قيمة لها ولا نفع، فيسأله عبد الله سؤالاً ساذجاً: ما لهذه الأمور والمؤسسات التجارية؟ وكأنه ضغط على مفتاح تفجير الديناميت بسؤاله البريء، ما الذي جرى؟ سألت إيرينا محتدة . . تلعثمت الإجابة على لسانه، وعاوده شعوره القديم بالخوف والضياع، وصرخت به ثانية تسأله: ماذا فعلت؟ لم ينطق. الدهشة الممزوجة بتقلصات التوتر تملأ وجهه. يتركهما عوازي ويخرج فتعاوده جرأته شيئاً فشيئاً فيسأل إيرينا: ما العمل؟ تتركه هي الأخرى يغرق في اضطرابه، وتلحق بعوازي في حديقة المنزل. كان عوازي هادئاً مبتسماً على عكس حاله مع عبدالله منذ ثوان. وحدثها ببضع كلمات فعادت الى تلميذها الخائب، فما ألطفه من تلميذ يجلس على حافة المقعد يفرك يديه قلقاً. . تستغيث بها نظراته اللهفى..برقة فيها ملاحة وذكاء، أفهمته مدى الخطأ الذي ارتكبه عندما سأل عوازي، وطلبت منه ألا يعاود السؤال مرة أخرى عما يطلب منه من معلومات أو إيضاحات. فالعمل التجاري سوف يفشل إذا لم تكن هناك دراسة متأنية عن أحوال البلد تجارياً. .واقتصادياً .. وعسكرياً..دخل عوازي الغرفة في تلك اللحظة ليقرأ دهشة عبد الله فيعقب: نعم يا صديقي، مهم >جداً أن نعرف كل شيء كي لا نضحي بأموالنا هباء. نحن مجموعة من رجال الأعمال >الإيرانيين، نود إقامة مشروعنا في أمان، فماذا لو أن هناك اضطرابات في السوق >العراقي؟ ألا يجب أن نطمئن لنعمل بثقة؟ فاستقرار السوق هنا واضطرابه له صلة >وثيقة بالسياسة. والجيش يتحرك ويتطور تبعاً للسياسة. >وضحت المسألة إذن؟ سألت إيرينا وأردفت: قم معي عبدالله اشتقت الآن لدروسي. >أغلقت حجرتها وراءهما قبل أن تستجيب لشراهة قبلته، وطالبته راجية بألا يقصر في >مهمته التي ستعود عليهما معاً بالخير الوفير !! >منذ ذلك الحين انطلق عبدالله بلا أدنى خوف أو قلق، تدفعه رجاءات إيرينا ولهفته >عليها، وبعد أربعة أشهر اكتشف حقيقة مهمته وظن أنه يعمل لصالح السافاك في >إيران، وبرغم ذلك. . لم يتوقف أو يتخذ مساراً عكسياً، فقد كان المال وما يزال >حلمه الأول الذي يسعى اليه، أما إيرينا فكانت حلمه الثاني الذي لن يتحقق إلا >بالأول. >تعهده عوازي في كل زيارة له بدورات تصقل موهبته في إدارة الحوار، وملاحظة >الأشياء بعيني جاسوس فاهم، وكانت لقاءاتهما تتم كالعادة في منزل خوجة زلخا، >الذي اصطحب أسرته على حين فجأة الى إيران، ودون أن تودعه الحبيبة الصغيرة >إيرينا الوداع الأخير. >صدمته كانت قاسية برغم تأكيدات أستاذه بعودتهم، إلا أن إحساساً تملكه بأن لن >يراها مرة ثانية، فقد وقعت نكسة 1967 واتسع جرح الألم العربي، وظلت زوجته >لأيام >طوال تبكي فتعجب لأمرها، وقال لنفسه: لو لم تكن هذه الحرب ما هربت إيرينا، ألا >ينتهي هذا الصراع وتتوقف الحروب؟ >البحث عن خونة >. . ليس من السهل شراء الذمم فجأة. بل يتم ذلك بعد دراسة مستفيضة لكل الظروف >النفسية والاحتمالات، هكذا يقر خبراء أجهزة المخابرات السوفييتية، أول من >وضعوا >قواعد علمية ثابتة للسيطرة على الجواسيس. >إلا أن رجال الموساد – في حالات كثيرة – يرفضون العمل بنظرياتهم، فبينما يرى >السوفييت أن محاصرة الشخص المطلوب تجنيده ومباغتته في أسرع وقت، دون أن يجد >فرصة للتفكير، أسهل وسيلة لإخضاعه إذا ما كانت هناك أدلة – ولو ضعيفة – تدينه. >ونجحوا في تأكيد ذلك من خلال تجنيد دبلوماسيين غربيين ذوي شأن، سقطوا بسهولة >مدهشة في قبضتهم دونما مقاومة. >على النقيض من ذلك نجد أن الموساد قد تلجأ لوسائل وحيل غريبة، تستغرق وقتاً >أطول من اللازم لإخضاع الجواسيس، والثقة في نظرية "تليين الهدف المتدرج" وعدم >اللعب بأعصابه، أمر مهم عند الموساد. >فهناك خونة كثيرون سقطوا في براثنها دون أن يعلموا بأنهم عملاء لها. إنه إذن >في >الإقناع والايحاء، ودراسة سلوك العميل ومداركه واعتقاداته، والمقدرة على تشكيل >آرائه وثقافته من جديد، بما يخدم قضيتهم التوسعية وأمنهم. >هذا التباين في أسلوب السيطرة ومدته، نلحظه أيضاً في شتى أجهزة الاستخبارات. >فلكل جهاز أسلوبه القائم على نظريات وضعها خبراء متخصصون، ولكنه يؤدي في >النهاية الى اصطياد العملاء وتجنيد الجواسيس، وهذا هو المهم. خطا عبد الله >خطواته الأولى كجاسوس، يعتقد بأنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية "السافاك" >ونشط جاهداً في البحث عن أخبار القواعد الجوية القريبة من بغداد – وبالأخص >قاعدة الرشيد الجوية -، وملاحظة التغييرات والتجديدات بها. واستطاع أن يتوصل >لأسماء أنواع جديدة من الرادارات السوفييتية، وعندما حمل كاميرا التصوير >الصغيرة، التي في شكل ساعة اليد، عجز عن تشغيلها بمهارة وارتجف ساعده، وخبأ >الميكروفيلم بقاع سحري بحقيبة يد صغيرة. >وفي رحلة أخرى لمعاودة التصوير اصطحب معه زوجته، وفي الطريق بقرب إحدى القواعد >العسكرية، لاحظت سهيلة توتره وإتيانه بحركات غريبة . >لم تفهم في بادئ الأمر، ولما حدقت في الساعة الغريبة بعيني فاحصة، أدركت >الحقيقة. فكتمت سرها وراحت تراقب أفعاله وتصرفاته. . حتى اكتشفت مخبأ "الساعة >الكاميرا" في كعب حذائه الجديد، فأسرعت الى مخفر الشرطة بالقرب من المسكن، ولم >يصدق الضابط الصغير اعترافها، فأبلغ فوراً الأجهزة الأمنية المختصة. وتقوم >حملة >مفاجئة تكتسح الدار فجراً أثناء نومها، فترشد سهيلة عن الكاميرا، ويصعق >عبدالله >لا يصدق أنها النهاية، وبينما عملية التفتيش مستمرة يغافل حراسه ويضرب راسه في >عنف بالحائط، ويحملونه بأنهار دمائه الى التحقيق، وكانت أدلة خيانته المضبوطة، >بالإضافة الى اعترافه، تذكرة دخوله لحجرة الاعدام. >هكذا غاصت أحلام الدميم في قاع الوهم، وظل طيلة أشهر المحاكمة مصراً على أنه >متورط مع السافاك لا مع إسرائيل، لكن القرائن كلها كانت تدينه، وتؤكد عمالته >للموساد. إنها الحالة الأولى لجاسوس عراقي، خدعه أستاذه وأقنعه بأنه عميل >لإيران، أو لنقل أنه ربما ادعى ذلك حتى آخر لحظة لينجو من الإعدام. >أيضاً. . إنها إحدى الحالات القليلة لجواسيس يعملون منفردين في العراق بلا >شركاء، أو شبكة من العملاء المحليين. >وفي زنزانته الانفرادية الضيقة قبل إعدامه بأيام قليلة، أصيب بمغص حاد كاد >يفتك >به فنقلوه الى المستشفى وأجروا له عملية الزائدة الدودية، ثم عاد الى السجن >ليعد شنقاً في 28/3/1968، وعثروا في زنزانته على دفتر صغير سجل به مذكراته، >وضمنه أدق تفاصيل حياته وآماله التي لم تتحقق، وقد أفرد مساحة كبيرة لوصف حبه >لإيرينا، وثقته بأنها أحبته كما أحبها. >لقد عاش عبدالله سليمان معقداً. . مطحوناً. . واهماً. . >وأعدم وهو ما يزال واهماً .. تحفه خرافات المشاعر، يأبى أن يصدق أنه كان >غبياً.. أبلهاً.. >أما سهيلة. . فقد وصلت أمنيتها لمسؤول كبير، فأرسل بها الى "يوغوسلافيا" >لإجراء >عملية جراحية تقضي على "الحول" نهائياً، وزف اليها خبر إعدام عبدالله، فعادت >الى منزلها تترقرق بعينيها الدموع .. دموع الحسرة، على مصير رفيق حياتها . >.الخائن .. !! ولد عام 1931 بمدينة "الحلة" الواقعة على نهر الحلة لأب عراقي وأم إيرانية كان أبوها يهودياً أعلن إسلامه كذباً. . وعندما وعى عبد الله الحياة، اكتشف حقارة مهنة أبيه "جسّاس المواشي" . لذلك سعى بشدة للتفوق في دراسته ليلتحق بجامعة >بغداد، بعيداً عن الحلة التي كره الإقامة بها، وتحقق حلمه بعد طول معاناة. فبعد أربعة أعوام في الجامعة حصل على ليسانس الآداب، وعمل بالتدريس بإحدى مدارس العاصمة، وكان عمره في ذلك الوقت خمسة وعشرين عاماً تقريباً. لم يذق عبد الله للحب طعماً في الجامعة أو قبلها، فوجهه ذو الأنف الضخم، الذي >يشبه أنف سيرانودي برجراك ، وفكه البارز جداً أبعد عنه الفتيات، بل وأخاف >الأطفال منه، لذلك فقد افتقد الحب والصديق، وانطوى على نفسه تغلفه الوحدة، >وتقتله الحسرة والكراهية. >لقد بدأت معاناته الحقيقية بمأساته في طفولته المبكرة، وفي المدرسة الاعدادية >بحي الأعظمية، اكتشف دمامة أخرى في صوته، جعلت من مخارج الحروف نشازاً يضحك >زملاءه بالمدرسة، ويجعله مصدر سخرية مؤلمة دائماً، فاهتزت ثقته بنفسه وملأه >الحقد على كل من حوله، وود لو أنه يمتلك المال الذي يعوض دمامته، لكنه سرعان >ما >يدرك مدى افتقاده للاثنين معاً، ولم يكن من السهل عليه أن يفك عقده النفسية، >أو >يحس ببعض الرضا، فشرنقة من العقد أحاطته، وحبسته داخل ظلمة لا حدود لها، حجبت >عنه الأمل في إشراقة تتبدل معها حياته. >إنسان على شاكلته يعيش منفرداً، مزوياً في أركان المجتمع، لم يجد له منفثاً ، فلكم كان يتمنى ألا يمضي الوقت لينصرف مغادراً قصر الأحلام ومليكته، >لقد نشأ منذ البداية هشاً كارهاً للناس، ناقماً على ظروفه ودمامته، يحلم >بالمال >الذي سيجلب له العطف والحب، وعندما أدركهما عند إيرينا المراهقة اليهودية، >أسلم قياده بل حياته كلها رخيصة لأجل لحظة حب. >هكذا يسقط الضعفاء سقوطاً مدوياً سهلاً وقد عصرتهم المعاناة بأشكالها >المختلفة، >فهم تمردوا على واقعهم وداسوا القيم، لأجل لذة ما حرموا منها، والبحث عن هؤلاء >في خضم البشر المتماوج، هين عند الخبراء وصائدي الجواسيس، ذوي الأنوف الماهرة >في التقاط رائحة الضعف لديهم. >وقد يتساءل القارئ: ماذا سيقدم هذا الدميم المزوي المنبوذ الى المخابرات >الاسرائيلية؟ والمتتبع جيداً لقصص الخونة، سيرى أن حالة عبدالله الشيعي ليست >فريدة في عالم الجاسوسية، فالموساد كغيرها من أجهزة المخابرات العالمية >الأخرى، >تتخير جواسيسها من كل الفئات والألوان والثقافات دون تمييز، فما يهم هنا هو >الإخلاص في العمل. . والولاء اللانهائي. >فقد كان هناك الجاسوس المصري سليمان سلمان، راعي الإبل ابن سيناء، الذي كان لا >يقرأ ولا يكتب، جندته الموساد بعدما محت أميته، ودربته تدريباً مكثفاً على >فنون >التجسس، وابتركت له شفرة خاصة تعتمد على الحروف الأبجدية العربية والصور، >يستطيع بها بث رسائله من خلال جهاز اللاسلكي المتطور الذي سلموه له، فماذا >كانت >الموساد تنتظر من هذا الأمي، الذي سقط وأعدم بسبب خيانته وغبائه؟ إذن فلا >نندهش >أمام حالة هذا الجاسوس العراقي الدميم. . !! >فعالم الجاسوسية الغامض المثير مليء بالأسرار والمتناقضات، لذا. . فهي حقاً >مثيرة جداً، قصص الخونة والجواسيس، تستهوي العقول على اختلاف مداركها >وثقافاتها، وتنقلها الى عوالم غريبة، مختلفة، تضج بعجائب الخلق وشواذ الأنفس، >فعلماء الإجتماع والسلوك عجزوا في فهم أولئك الخونة، وفشلوا في الكشف عن بذورالخيانة لديهم، أين توجد؟ .. وكيف تمددت لتتشبث جذورها بالشرايين عندهموالخلايا وتتحول في لحظات الى أحراش مظلمة بأعماقهم؟ فلكل جاسوس قصة، ولكل >خائن >حكاية غلفها العجب، وسربلها الجنون، وإنني بالرغم من مئات الكتب والدراسات >التي >قرأتها عن هذا العالم الغامض المثير، لا زلت أشعر بجهلي الشديد أمام طلاسمه، >ويزيد يقيني بأن وراء كل خائن سراً غامضاً وداءاً مجهولاً لسنا ندركه، ودائماً >هناك السؤال: خلايا الخيانة عند البشر . . أهي مثل الذرة تنشطر حتى تغلب العقل >كله فتدمره وتسحق الضمير . . ؟!! >جاسوس تحت التمرين >لم يدر بخلد عبد الله الشيعي أن هناك عقولاً تخطط كي يسقط، أو أن إيرينا >الصغيرة التي بشت له، كانت وسيلة جره واصطياده، وكانت بشاشتها وملاحتها مجردطعم لاستدراجه الى وكر الجاسوسية، فبعدما احتواها في المرة الأولى، استعذب مذاقها وطمع في المزيد، فنهرته بلطف أقرب الى تمنع الرغبة. ففي بيتها التقى باليهودي الإيراني عوازي سليمان، عميل الموساد المدرب، ودارت بينهما الأحاديث المطولة، التي استشف منها العميل أن عبد الله لا يحلم سوى بالثراء، فلعب جيداً على هذا الوتر، وطير بخياله الى أحلام طالما عايشته في اليقظة، فتهفت نفسه الى صعود درجات الغنى، مهما كان الثمن فادحاً. ولتكتمل خطوط القصة. . أوهمه عوازي بأنه يمتلك عقلية فذة، وهو بحاجة اليه لإدارة إحدى مؤسساته التجارية التي يزمع إقامتها في بغداد، ومنحه مائتي دينار مقابل عمل دراسة اقتصادية للسوق. نشط عبدالله في البحث والتحري، وكتابة تقارير اقتصادية مستمدة من ملفات وزارة الاقتصاد، حصل عليها بمساعدة زميل دراسة اسمه جواد مقابل أربعين ديناراً. أدهشت التقارير عميل الموساد، إلا أنه أخفى دهشته وادعى تفاهتها، وفوجئ عندما صارحته إيرينا في انفرادهما بأنها تحبه، وطلبت منه أن يبذل قصارى جهده في التعاون مع عوازي، كي تنتعش أحواله المادية فيتزوجا. فقد عقله أمام اعترافها بحبه، ولم يسأل نفسه لماذا؟ أعبقرية فجائية ظهرت عليه؟ أم أن دمامته تبدلت بوسامة جون كونري، وجاذبية كلارك جيبل؟ خاضعاً وعدها بألا يتوانى في العمل من أجل الفوز بها، عازماً على خوض الصعاب بلا ضجر أو كلل، هكذا كانت البداية. ومن هنا تبدأ عملية صناعة الجاسوس !! >كان على قناعة تامة بأنه "أخضر" لم يشب بعد، ولذلك استسلم لمعلمه عوازي يشرب على يديه حرفته الجديدة، فأخضعه لدورات أولية في جس نبض الشارع، واستطلاع آراء العامة من الناس في السياسة والاقتصاد، وكيفية تلقط الأخبار والأسرار، زاعماً له أن هذا مفيد جداً للمؤسسة التجارية، حريصاً على ألا يتفهم الجاسوس الجديد طبيعة مهمته، حتى لا يتصرف بحماقة فتفشل المهمة. وانطلق عبد الله بجمع المعلومات ويحصدها حصداً، لعله ينال رضا إيرينا وعوازي فتتبدل حياته، ويقترب من تحقيق الحلم، وللمرة الثانية يتهمه العميل الاسرائيلي، بأنه يجلب معلومات مهمشة لا قيمة لها ولا نفع، فيسأله عبد الله سؤالاً ساذجاً: ما لهذه الأمور والمؤسسات التجارية؟ وكأنه ضغط على مفتاح تفجير الديناميت بسؤاله البريء، ما الذي جرى؟ سألت إيرينا محتدة . . تلعثمت الإجابة على لسانه، وعاوده شعوره القديم بالخوف والضياع، وصرخت به ثانية تسأله: ماذا فعلت؟ لم ينطق. الدهشة الممزوجة بتقلصات التوتر تملأ وجهه. يتركهما عوازي ويخرج فتعاوده جرأته شيئاً فشيئاً فيسأل إيرينا: ما العمل؟ تتركه هي الأخرى يغرق في اضطرابه، وتلحق بعوازي في حديقة المنزل. كان عوازي هادئاً مبتسماً على عكس حاله مع عبدالله منذ ثوان. وحدثها ببضع كلمات فعادت الى تلميذها الخائب، فما ألطفه من تلميذ يجلس على حافة المقعد يفرك يديه قلقاً. . تستغيث بها نظراته اللهفى..برقة فيها ملاحة وذكاء، أفهمته مدى الخطأ الذي ارتكبه عندما سأل عوازي، وطلبت منه ألا يعاود السؤال مرة أخرى عما يطلب منه من معلومات أو إيضاحات. فالعمل التجاري سوف يفشل إذا لم تكن هناك دراسة متأنية عن أحوال البلد تجارياً. .واقتصادياً .. وعسكرياً..دخل عوازي الغرفة في تلك اللحظة ليقرأ دهشة عبد الله فيعقب: نعم يا صديقي، مهم >جداً أن نعرف كل شيء كي لا نضحي بأموالنا هباء. نحن مجموعة من رجال الأعمال >الإيرانيين، نود إقامة مشروعنا في أمان، فماذا لو أن هناك اضطرابات في السوق >العراقي؟ ألا يجب أن نطمئن لنعمل بثقة؟ فاستقرار السوق هنا واضطرابه له صلة >وثيقة بالسياسة. والجيش يتحرك ويتطور تبعاً للسياسة. >وضحت المسألة إذن؟ سألت إيرينا وأردفت: قم معي عبدالله اشتقت الآن لدروسي. >أغلقت حجرتها وراءهما قبل أن تستجيب لشراهة قبلته، وطالبته راجية بألا يقصر في >مهمته التي ستعود عليهما معاً بالخير الوفير !! >منذ ذلك الحين انطلق عبدالله بلا أدنى خوف أو قلق، تدفعه رجاءات إيرينا ولهفته >عليها، وبعد أربعة أشهر اكتشف حقيقة مهمته وظن أنه يعمل لصالح السافاك في >إيران، وبرغم ذلك. . لم يتوقف أو يتخذ مساراً عكسياً، فقد كان المال وما يزال >حلمه الأول الذي يسعى اليه، أما إيرينا فكانت حلمه الثاني الذي لن يتحقق إلا >بالأول. >تعهده عوازي في كل زيارة له بدورات تصقل موهبته في إدارة الحوار، وملاحظة >الأشياء بعيني جاسوس فاهم، وكانت لقاءاتهما تتم كالعادة في منزل خوجة زلخا، >الذي اصطحب أسرته على حين فجأة الى إيران، ودون أن تودعه الحبيبة الصغيرة >إيرينا الوداع الأخير. >صدمته كانت قاسية برغم تأكيدات أستاذه بعودتهم، إلا أن إحساساً تملكه بأن لن >يراها مرة ثانية، فقد وقعت نكسة 1967 واتسع جرح الألم العربي، وظلت زوجته >لأيام >طوال تبكي فتعجب لأمرها، وقال لنفسه: لو لم تكن هذه الحرب ما هربت إيرينا، ألا >ينتهي هذا الصراع وتتوقف الحروب؟ >البحث عن خونة >. . ليس من السهل شراء الذمم فجأة. بل يتم ذلك بعد دراسة مستفيضة لكل الظروف >النفسية والاحتمالات، هكذا يقر خبراء أجهزة المخابرات السوفييتية، أول من >وضعوا >قواعد علمية ثابتة للسيطرة على الجواسيس. >إلا أن رجال الموساد – في حالات كثيرة – يرفضون العمل بنظرياتهم، فبينما يرى >السوفييت أن محاصرة الشخص المطلوب تجنيده ومباغتته في أسرع وقت، دون أن يجد >فرصة للتفكير، أسهل وسيلة لإخضاعه إذا ما كانت هناك أدلة – ولو ضعيفة – تدينه. >ونجحوا في تأكيد ذلك من خلال تجنيد دبلوماسيين غربيين ذوي شأن، سقطوا بسهولة >مدهشة في قبضتهم دونما مقاومة. >على النقيض من ذلك نجد أن الموساد قد تلجأ لوسائل وحيل غريبة، تستغرق وقتاً >أطول من اللازم لإخضاع الجواسيس، والثقة في نظرية "تليين الهدف المتدرج" وعدم >اللعب بأعصابه، أمر مهم عند الموساد. >فهناك خونة كثيرون سقطوا في براثنها دون أن يعلموا بأنهم عملاء لها. إنه إذن >في >الإقناع والايحاء، ودراسة سلوك العميل ومداركه واعتقاداته، والمقدرة على تشكيل >آرائه وثقافته من جديد، بما يخدم قضيتهم التوسعية وأمنهم. >هذا التباين في أسلوب السيطرة ومدته، نلحظه أيضاً في شتى أجهزة الاستخبارات. >فلكل جهاز أسلوبه القائم على نظريات وضعها خبراء متخصصون، ولكنه يؤدي في >النهاية الى اصطياد العملاء وتجنيد الجواسيس، وهذا هو المهم. خطا عبد الله >خطواته الأولى كجاسوس، يعتقد بأنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية "السافاك" >ونشط جاهداً في البحث عن أخبار القواعد الجوية القريبة من بغداد – وبالأخص >قاعدة الرشيد الجوية -، وملاحظة التغييرات والتجديدات بها. واستطاع أن يتوصل >لأسماء أنواع جديدة من الرادارات السوفييتية، وعندما حمل كاميرا التصوير >الصغيرة، التي في شكل ساعة اليد، عجز عن تشغيلها بمهارة وارتجف ساعده، وخبأ >الميكروفيلم بقاع سحري بحقيبة يد صغيرة. >وفي رحلة أخرى لمعاودة التصوير اصطحب معه زوجته، وفي الطريق بقرب إحدى القواعد >العسكرية، لاحظت سهيلة توتره وإتيانه بحركات غريبة . >لم تفهم في بادئ الأمر، ولما حدقت في الساعة الغريبة بعيني فاحصة، أدركت >الحقيقة. فكتمت سرها وراحت تراقب أفعاله وتصرفاته. . حتى اكتشفت مخبأ "الساعة >الكاميرا" في كعب حذائه الجديد، فأسرعت الى مخفر الشرطة بالقرب من المسكن، ولم >يصدق الضابط الصغير اعترافها، فأبلغ فوراً الأجهزة الأمنية المختصة. وتقوم >حملة >مفاجئة تكتسح الدار فجراً أثناء نومها، فترشد سهيلة عن الكاميرا، ويصعق >عبدالله >لا يصدق أنها النهاية، وبينما عملية التفتيش مستمرة يغافل حراسه ويضرب راسه في >عنف بالحائط، ويحملونه بأنهار دمائه الى التحقيق، وكانت أدلة خيانته المضبوطة، >بالإضافة الى اعترافه، تذكرة دخوله لحجرة الاعدام. >هكذا غاصت أحلام الدميم في قاع الوهم، وظل طيلة أشهر المحاكمة مصراً على أنه >متورط مع السافاك لا مع إسرائيل، لكن القرائن كلها كانت تدينه، وتؤكد عمالته >للموساد. إنها الحالة الأولى لجاسوس عراقي، خدعه أستاذه وأقنعه بأنه عميل >لإيران، أو لنقل أنه ربما ادعى ذلك حتى آخر لحظة لينجو من الإعدام. >أيضاً. . إنها إحدى الحالات القليلة لجواسيس يعملون منفردين في العراق بلا >شركاء، أو شبكة من العملاء المحليين. >وفي زنزانته الانفرادية الضيقة قبل إعدامه بأيام قليلة، أصيب بمغص حاد كاد >يفتك >به فنقلوه الى المستشفى وأجروا له عملية الزائدة الدودية، ثم عاد الى السجن >ليعد شنقاً في 28/3/1968، وعثروا في زنزانته على دفتر صغير سجل به مذكراته، >وضمنه أدق تفاصيل حياته وآماله التي لم تتحقق، وقد أفرد مساحة كبيرة لوصف حبه >لإيرينا، وثقته بأنها أحبته كما أحبها. >لقد عاش عبدالله سليمان معقداً. . مطحوناً. . واهماً. . >وأعدم وهو ما يزال واهماً .. تحفه خرافات المشاعر، يأبى أن يصدق أنه كان >غبياً.. أبلهاً.. >أما سهيلة. . فقد وصلت أمنيتها لمسؤول كبير، فأرسل بها الى "يوغوسلافيا" >لإجراء >عملية جراحية تقضي على "الحول" نهائياً، وزف اليها خبر إعدام عبدالله، فعادت >الى منزلها تترقرق بعينيها الدموع .. دموع الحسرة، على مصير رفيق حياتها . >.الخائن .. !! |
شكراًجزيلا
ريمكس نموذج سيىء لاحقر عميل وبعدها لم يتوقف جهاز الموساد عن تجنيد عملاء غير مباشرين وجواسيس اغبياء قصته ومذكراته تقول ........موهوم بوهم الثراء نريد المزيد ولا تتوقف الخيانة عند هذا الحد فمن السهل علىمن خان نفسه ان يخون بلده ودمتم بخير ودام الود |
الساعة الآن 08:44 AM. |