لاتنسَ أستاذ ( فَهَد ) إنَّ ( السّكُوت ) وَالصَّمت يكون احياناً مصدرهما السعادة
التي نعيشها ونتشدقُ بها ونشعر بها تسري في عروقنا ونتمنى الاّ تنتهي؟
فأحياناً حينما يتحقق حلمنا ولو وقتياً نشعر بمشاعر غريبة تدب في اوصالنا
نحس بأحاسيس جميلة لانستطيع وصفها وهذه قد لاتكون واضحة او مباشرة
لأننا أصلاً ( سَاكِتُون ) ولكن هناك مؤشرات مختلفة بداخلنا تدفعنا للشعور
بـ ( السّكُوت ) يمثـِّل تلك السعادة التي تغمرنا من فوقنا الى اسفلنا
وتغطي جميع اجزاء جسمنا ولعل ابسط تلك المؤشرات الملاحظة
تسارع دقات قلوبنا بشكل لم نعهده من قبل .. بل وكأن تلك الدقات في تسارعها
في منافسة مصيرية حادة مع مثيلاتها .. تلك الدقات التي مهما حاولتَ
ان تكبح جماحها فلن تستطيع بسهولة؟
ونحن في خضم هذا ( السّكُوت ) المُطبَق الذي نعيشه ربما اردنا ان نصرخ
بأعلى صوتنا دون خجل او خوف من رقيب .. كأنك تريد بهذا التصرف او غيره
ان تعبِّرُ عمَّا بداخلك من سعادة غير طبيعية؟!
تريد ان تشعر من حولك بأنك اسعد انسان في الدنيا من خلال ( سكوتك )
كأنك تريد ان تقول لا اريد شيئا من هذه الدنيا سوى ان اكون ( سَاكِتَاً )
ولكن ليس اي ( سكُوت ) .. بل ذلك ( السّكُوت ) الذي اعيشه الآن
وتلك الأجواء التي احياها الآن؟
وفي ظل هذه الاجواء المفعمة بـ ( السّكُوت ) ربما تساءلت ترى هل يمكن
ان يكون هذا ( السّكُوت ) الذي اعيشه بهذا الجمال الذي اشعر به؟
وهل يمكن ان يكون بهذه العذوبة التي استطعمها رغم تعبه؟
ومعك حق في تساؤلاتك لان هناك اشياء كثيرة مقلقة ومتعبة في الحياة
تجبُرنا على ( السّكُون ) وعدم النَّطق .. ولكنها في ظل ظروف معينة
وأجواء خاصة مميزة تصبح تلك الاشياء جميلة ورائعة ويتغير معناها السيىء
او السلبي لدينا ليصبح معنى اجمل وأرق وأعذب .. وخاصة اذا ما أرتبطت ..
بأشخاص رائعين وأسماء مميزة .. ومواقف خاصة .. وخذ ان شئت مسألة ..
( السّكُوت ) وعدم البَوح والإعتِرَاف لشخص نُحِبّه ..والانتظار الطويل ..
للحصول على شيء ما .. او تحقيق امنية ما او غيرها؟!
انظر لهذا ( السّكُوت ) كيف يقلقك ويتلف اعصابك .. انظر اليه كيف يجعلكَ ..
في حالة من عدم الاستقرار النفسي .. انظر الى كل آثاره السيئة المتعبة عليك
من كل جانب وفي كل وقت؟!
ولكن انظر لهذا ( السّكُوت ) حينما يرتبط بشيء جميل .. او انسان مميز ..
او مناسبة عزيزة وغاليه عليك .. كيف يصبح هذا ( السّكُوت ) حينئذٍ؟!
كيف يبدو لك؟!
هل هو نفسه ذلك ( السّكُوت ) الممل والسيئ .. المرتبط بالاشياء المتعبة؟!
هنا يأتي الفرق .. وهنا يكمن الجمال؟!
.
قد تستقبل هذا الفرق في المفهوم بإبتسامة تعني في معناها الكثير ..
وقد تحاول تفسير ذلك الفرق في تحول المشاعر باسباب فلسفية لتبعد عن نفسك
ما تعيشه حقيقة بداخلك ..
ولكنك في قرار نفسك .. لاتجد تفسيراً آخر غير ما اشرنتُ اليه!!
وبغض النظر عن هذا وذلك .. فدعني أسألكَ أستاذ ( فَهَد ) ..
هل شعرت في الفترة الاخيرة بنوع من المشاعر المختلفة ..
التي لم تعهدها من قبل .. والتي ادَّت بدورها الى ( السّكُوت ) والتوتر والقَلَق
وربما الخوف من شيء مجهول .. بل هل شعرت بحاجة ماسة للحصول ..
على شيء ما او الرغبة الشديدة الملحَّة لوجود انسان ما بجانبك؟!
إن مثل تلك المشاعر الانسانية المعقدة والمتناقضة .. لها مدلولات نفسية ..
غير مرئية او غير محسوسة .. حتى بالنسبة لذلك الانسان الذي يشعر بها نفسه
ومن ذلك مثلاً!!
انك احياناً من شدة فرحتك وسعادتك .. تكره تلك اللحظات الجميلة التي تعيشها
وتكره من يمثلها ولو بينك وبين نفسك .. لانك قد تشعر بان تلك اللحظات الحلوة
لن تدوم لك كما تتمنى .. هذا ان لم تصب بالاحباط بسببها كما هو الحال ..
حينما تفرح بسماع خبر سار .. بوجود من تريد ومشاركته لك!!
او كما هو الحال باكتشافك انك بين ومع انسان طالما حلمت ان تلتقي به ..
او تطمئن عليه ولايفصل بينك وبينه سوى مرمى حَجَر ..
ومسافة تلك النظرات الآسِرَة التي تشعرك انه لم يكن قريباً منك ..
مثل تلك اللحظات ومع ذلك يغادرك فجأة دون خبر لسبب او آخر؟!
مما يسبب لك نوعاً من الاحباط والإنطفاء الداخلي الذي لاتجد له من عزاء
سوى قناعتك انه جاء من اجلك وانه غادرك رغماً عنه؟!
ومثل هذه المواقف تحدث لنا في الحياة اليومية بشكل متكرر وبصورة او اخرى
فنتقبلها رغمًا عنا .. رغم ما تسببه لنا من احباطات متراكمة مع مرور الوقت
ولكن ما قد يخفف من وطأة تلك الاحباطات .. هو تأكيد من كان سبباً فيها ..
ان ما حدث منهم كان رغما عنهم .. وهنا يتغير مفهومنا للمواقف المحبطة
وتزداد ثقتنا بأنفسنا .. ونشعر بأهميتنا ومكانتنا؟!
وشيء آخر يخفف وطأة ذلك ( السّكُوت ) هو احساسنا العميق ان هناكَ
من هو بجانبنا للتخفيف عنا والاجابة على تساؤلاتنا الحائرة بصدر رحب
ان هناك من ينتظر مجرد اشارة منا ليقف معنا ..
ويساعدنا ويشعرنا انه ينتظر تلك اللحظات ليشعرنا كم نحن مهمون بالنسبة له
وكم هي مكانتنا كبيرة لديه؟!
والانسان منا عندما يريد تغيير مفهوم ( السّكُوت ) ..
وقبل استخدام اي وسيلة .. ينسى تلك النغمات الإيمانية الخالدة ..
التي تريح النفس والروح .. ولكنه حينما يتذكر انه بذكر الله تطمئن القلوب
فحينئذٍ يتبدل الخوف ( أمناً ) .. والقلق راحة .. والتوتر إستقراراً ..
فقط لمجرد ذكر الله فما بالك اذن بقراءة القرآن الكريم .. يلي يعتزِمُ القِس
( تيرى جونز ) حَرقه ( شُلَّت يدَاهُ ) او أداء الصلاة بخشوع وسكينة؟!
http://www.shorouknews.com/uploadedi...erry-jones.jpg
يا الله ما اجمل ( السّكُوت ) الجميل من حولنا والذي قد يحول حياتنا ..
الى سعادة حقيقية دون ان نكتشفها .. ما اجمل ان نعطي مساحة اكبر ..
لتلك الجوانب الايجابية الحلوة المشرقة في حياتنا مهما كانت قليلة ..
ونادرة؟!
ومهما حاول الآخرون ان يسرقوها منا ومهما حاولت الحياة بظروفها الصعبة
ان تنسينا اياها في زحمة المشاغل التي لاتنتهي .. والهموم المتواصلة؟!
لا احد منا يشك فيما يمكن ان يفعله ( السّكُوت ) لحياتنا!!
ولكن من منا حاول بين كل فترة وأخرى تدوين او كتابة مصادر ( السّكُوت )
التي تنتابه؟!
وماهي الوسائل او الحلول التي حاول ان يتغلب بها على مصادر ( السّكُوت )؟
من منا حاول ان ينظر لـ ( السّكُوت ) بعيداً عن جو ( السّكُوت ) نفسه؟!
من منا حاول ان يحلل ( السّكُوت ) بعيداً عن مصادره السلبية فقط؟!
بعيداً عن اجوائه التشاؤمية؟!
مرّة أخرى استاذ ( فَهَد ) لقد وجدتُ شخصياً ان مجرد التفكير في جو مريح
ومتفائل!!
يعطيني مفهوماً آخر لـ ( السّكُوت ) غير ذلك النوع .. الذي يتعب الاعصاب!!
خذ مثلاً جلوسك على طاولة في الصباح الباكر مثلاً ..
حينما يكون الجو في اجمل حالاته .. حينما ترى الحياة مبتسمة من حولك ..
وتلك الزهور والورود تتفتح من امامك .. وليس هناك من يقطع عليك متعتك
كل هذه الاجواء تجعلك ترى تفسيرات اخرى لـ ( السّكُوت ) ..
لم تكن لتراها في غياب تلك الاجواء .. تجعلك تفكر بمنطق آخر ..
وهذا في حد ذاته شيء جميل ومطلوب للخروج من دائرة ( السّكُوت )!!
قد يقول قائل ..
ولكن أين تلك الاجواء يا ( إنتـَـــر ) التي تتحدث عنها؟!
الا تعتقد انها مثالية نوعاً ما؟!
والى هذا الانسان اقول ليس بالضرورة ان تكون تلك الاجواء نفسها ..
فقد لاتتوفر لدى كل منا .. ولكن هناك اجواء اخرى ربما اكثر جمالاً ..
وروعة من تلك الاجواء التي استشهدنا بها .. ولِمَ لا طالما انها تعطينا
نفس النتيجة وربما افضل؟!
ولكن المهم ان نبحث عن تلك الاجواء ونحاول ان نستثمرها لصالحنا ..
وحتى في ظل أناس نثق بهم ونرتاحُ اليهم!!
اما الأهم من ذلك .. فلنحاول ان نتذكر ونعي تماماً ان قد نكون نحن ..
مصدر أو سبب ( السّكُوت ) لأنفسنا .. وربما مصدر ( سكُوت ) الآخرِين
وعدم الإفصَاح عمَّا يريدوه منَّا .. فماذا نحن فاعلون حينئذٍ؟!
قد نتضايق قليلاً اذا ما علمنا ذلك .. ولكن ماهو رأيك أستاذ ( فَهَد ) حينما تعلم
انك اجمل ( سكُوت ) بالنسبه لغيرك .. الايحق لك ان تفخر بنفسك حينئذٍ؟!
/
/
/
إنتـَـــر