شجن و فراق |
19-05-2008 10:19 AM |
الانـــســــان الــســعــودي فــاســـد وعـــلــيــنــا مـــراقــبته
ثمة قصتان تحملان دلالات على العلاقة بين الرجل والمرأة ، وعلى ماذا قامت أو كيف أسس لها المجتمع السعودي.
القصة الأولى تتحدث عن امرأة سقطت عباءتها وكان شعرها مكشوفا لحظة دخول النادل 'الكرسون' في المطعم ، لم يعلق زوجها على هذا المشهد ، مع أنه حريص على هذا الأمر ، سألته الزوجة عن أسباب عدم تعليقه على هذا الأمر ، فأكد لها وبصريح العبارة أن الأمر مرتبط بجنسية النادل ، وأنه أجنبي 'ما ينخاف منه'.
القصة الثانية عن امرأة حين تسافر للخارج تكشف عن وجهها في الأماكن العامة ، إن لم يكن هناك رجل أو عائلة سعودية ، تقول المرأة عن أسباب تغطيتها للوجه : 'الأمر مرتبط بنظرة الرجل الأجنبي والرجل السعودي' ، فهي تعتقد أن نظرة الرجل الأجنبي عادة ما تكون عابرة ، فيما نظرة الرجل السعودي ليست عابرة ، بقدر ما هي نظرة ذئب رأى فريسة ، أو هو يعتقد أن أي امرأة سعودية تكشف وجهها ، هي امرأة سيئة السمعة ، لهذا تجنبا لهذه تغطي وجهها ، كذلك تخاف أن يكون هناك شاب سعودي لم تنتبه له ، يصورها في جواله لينشرها بين أصدقائه أو على الانترنت بصفتي امرأة عاهرة ، وهذا الأمر قد يسبب حرجا لأسرتي ..
ترى لماذا يخاف الزوج 'في القصة الأولى' والمرأة 'في القصة الثانية' من الرجل السعودي ، أو ما الفارق بين الرجل الأجنبي ـ الذي لم يكترث الزوج لدخوله ولا هي المرأة تخاف من نظرته ـ وبين الرجل السعودي ؟
لا أعتقد أن الأمر مرتبط بالجينات ، فالبشر وإن زعم بعضهم أنهم يحملون مواصفات خاصة إلا أننا وفي نهاية المطاف نعود لأب وأم واحدة خلقا قبل ملايين السنين .
هذا يعني أن الأمر مرتبط بثقافة كل مجتمع ، وهذه الثقافة تشكل فكر الفرد ، قبل أن يصبح سلوكا يمارسه الفرد في المجتمع الذي شكل له رؤيته للأشياء .
من هذا المنظور يمكن لنا فهم مخاوفهما حين نحفر بهذه الثقافة التي أراها طارئة وليست أصيلة في المجتمع ، فقبل تأسيس الدولة السعودية وإلى نهاية القرن الرابع عشر الهجري ، لم يكن للرجل السعودي رؤية خاصة بالمرأة مختلفة عن الرجل الأجنبي ، ولا هو المجتمع كان مصابا بالريبة ، ولم تكن المرأة مرادفة للشيطان .
فمن عاش في السعودية قبل الثمانينات الميلادية ، يعرف كيف كانت العلاقة بين الرجل والمرأة ، وكان البعض يتفاخر بأخته 'أنا أخو نورة' ، وكيف كان يفسر المجتمع حديث 'الحمو هو النار' ، فالمجتمع كان يرى أن من يحاول إغواء أو اغتصاب زوجة أخيه كائن مختل نفسيا ، وأن المختلين قلة ، فيما الغالبية أسوياء .
وكان يمكن لابن الحارة قرع باب جيرانه وإن لم يكن هناك رجل في البيت ، ليطلب من بنت الجيران إحضار ماء ليشرب أو ليوصل ما طلبت منه والدته ، حتى الأم/الزوجة كان يمكن لها أن تذهب للسوق دون أن تصطحب أحدا يحميها من الرجل/الذئب ، وكانت الحارة/المجتمع لا ينظر لهذا العمل بمنظار لا أخلاقي .
كل هذا كان يحدث ، قبل أن يصبح اسم المرأة ووجهها عورة ، قبل أن يصبح تفسير 'الحمو' فاسدا بالمطلق ، فأصبح الرجل يخاف دخول بيت أخيه إن لم يكن موجود ، والزوج أصبح يشك في أخيه.
البعض يفسر ما حدث للمجتمع الآن نكوص أو ردة للماضي ، وهذا غير صحيح ، فقبل الثمانينات لم يكن المجتمع ولا هي مؤسسة التعليم تؤسس لفكرة أن العلاقة بين الرجل والمرأة لا يمكن لها أن تكون إنسانية ، وأنها تقع في إطار العلاقة الحيوانية 'ذئب وفريسة' .
فما حدث بعد الثمانينات أن فئة من المجتمع 'بغض النظر هل هي قليلة أم كثيرة' قدمت نفسها على أنها مرشدة وموجهة للمجتمع ، فانحرفت فيه عن إنسانيته وتطوره ، وقادته إلى طريق جديد ، هذا الطريق عنوانه 'الإنسان فاسد وعلينا مراقبته' ، فصنعت رجلا لا يمكن له رؤية علاقته مع المرأة بعيدا عن الجنس ، صنعت شبابا لا يمكن لهم الاقتراب من الأسر لأنهم في الأصل فاسدون .
ويخيل لي وأكاد أجزم أنك إن رددت على إنسان طوال مراحل نموه بأنه لا يمكن له أن يرى المرأة خارج إطار الجنس ، وأن العلاقة بينهما علاقة حيوانية فقط ، سيتحرك على هذا الأساس ، وإن ارتبطا بعقد زواج ، فلن تكون هناك علاقة خارج السرير ، وأكبر دليل رواج 'زواج المسيار' الذي يكرس هذه الفكرة ، فصدق الرجل والمرأة أن علاقتهما قائمة على الجنس ، الجنس فقط ، لهذا من الطبيعي أن يرى الرجل السعودي االمرأة منذ هذا الإطار ، فهم قالوا له : إن علاقته مع المرأة حيوانية فقط .
تنويه : أنا أتحدث عن نمط شخصية الرجل السائدة في المجتمع ، وأن لكل نمط 'قاعدة' شواذ
|