![]() |
الظلمُ مرتـَعُهُ وخيمٌ
الظلمُ مرتـَعُهُ وخيمٌ
الحمدُ لله ِالقائل ِفي محكم ِالتنزيل ِ: ( وَعَنتِ الوجوهُ للحيِّ القيُّوم ِوقدْ خابَ مَن حَملَ ظلماً {111} ومَن يعملْ منَ الصالحاتِ وهوَ مؤمنٌ, فلا يخافُ ظلماً ولا هَضما {112} ) طه . عَنـَت، منَ العناءِ والشِّـدَّةٍ: بمعنى التعب, وحُـقَّ ذلك,لأنـَّهُ موقفٌ مَهيبٌ من أهوال ِيوم ِالقيامة . عَنـَتِ الوجوهُ للحيِّ القيوم: أي:خشعَتْ واستأسَرَتْ, ذلـَّتْ وخضَعتْ، واستسلمتْ للهِ الواحِدِ القهار. وقدْ خابَ مَنْ حملَ ظلماً: أي: خابَ وتعِسَ منَ الحرمان ِوالخُسران ِمَن جاءَ يومَ القيامةِ وقد امتلأ جرابُهُ ظلم . إخوتي في الله : الظـُّلمُ : منَ الظـُّلمةِ نقيضَ النـُّورِ, وهوَ الجَوْرُ ومجاوزة ُالحدِّ , والظلمُ لغة ً: هو وضعُ الشيءِ في غيرِِ موضعهِ . ومن أمثال ِالعربِ: مَن ِاسترعى الذئبَ فقد ظلم، هذا في حقِّ العَجمَاءِ ( أي:ألبهيمة ) فكيفَ بمن رضيَ بذِئابِ الغـَضَى , { اشرس أنواع الذئاب } تنهَشُ لحومَ خيرِ مَنْ سبَّحَ فوقَ الثرى ، وأيَّدَهُم وبايعَهُم برِضا. ومَن يَعمل منَ الصالحاتِ وهوَ مؤمن: أي: من وقرَ الإيمانُ قلبَهُ, وصدَّ قهُ العملُ الصَّالحُ الخالصُ والصحيحُ الموافقُ للكتابِ والسُّـنـَّةِ , فلا يخافُ ظلماً ولا هضماً: أي : أن يعاقِبَهُ الله ُبذنوبِ غيرِهِ, أو أن يزيدَ في سيئاتِهِ . ولا هَضماً: الهضمُ هو النقصُ, أي: لا يُنقـَصُ من حسناتِهِ, ولا يُطرَحُ عليهِ سيئاتُ غيرِهِ, فتعالى اللهُ عَن ذلك عُلوَّاً كبيرا، لأنَّ اللهَ تبارك وتعالى مِن أسمائِهِ وصفاتِهِ العادلُ، ولقد وصفَ نفسَهُ بقولِهِ: ( إنَّ اللهَ لا يظلِمُ مِثقالَ ذرَّةٍ {40} ) النساء . وفي الحديثِ القدسيِّ قولـُهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فيما يرويهِ عنْ ربِّهِ : ( يا عبادي إنـِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجَعلتـُهُ بينكـُم مُحرَّماً فلا تظالموا ) يعني أنهُ مَنعَ نفسَهُ منَ الظلم ِلعبادِهِ كما قالَ عزَّوجل: ( إنَّ اللهَ لا يَظلِمُ النـَّاسَ شيئا ولكنَّ النـَّاسَ أنفسَهُم يظلمُون{44} ) يونس وكذلكَ حرَّمَ الظلمَ على عبادِهِ ونهاهُمْ أنْ يَتظالموا فيما بَينـَهُم, فحَرامٌ على كلِّ عبدٍ أن يَظلِمَ غيرَه, مَعَ أنَّ الظلمَ في نفسهِِِ محرَّم ٌمطلقا, وواقِعُهُ: إمَّا أنْ أكونَ ظالِماً، أي: يَحصُلُ الظلمُ مِني ، أو أن أكونَ مَظلومَاً، أي: يقعُ الظلمُ عليَّ ، وأدنى درجاتِ الظلم ِحرامٌ , كقولهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في حِجَّةِ الوَداع : ( إنَّ دِماءَكـُم وأموالـَكـُم وأعراضَكـُم عليكـُم حرَام ..... إلى أن قال: اسمعوا منِّي تعيشوا, ألا لا تظالموا, ألا لا تظالموا, ألا لا تظالموا, إنـَّهُ لا يَحِلُّ مالُ امريءٍ مسلم ٍ إلاَّ عن طيبِ نفس ٍمِنه ) فلا تستهينوا بالظلم ، فأقلُّ درجاتِهِ إثمٌ ومعصية ٌ, كقولهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ( مَطلُ الغنيِّ ظلم ) وأعلى درجاتُ الظلم ِأن يظلِمَ الإنسانُ نفسَهُ فيورِدَها النـَّارَ وقد استبدلَ الكفرَ بالإيمان ِفيَصِلُ بها إلى الكفرِ والشركِ، قالَ تعالى : ( والكافرونَ هُمُ الظالِمون {254} ) ألبقره . وقولِهِ : ( إنَّ الشِركَ لظلمٌ عظيم {13} ) لقمان . هذا واقِعُ الظالِم ِلنفسِِِِِهِ, وقد حذرَهُ اللهُ عاقِبة َأمرهِ بقولِهِ : ( والظالِمينَ أعدَّ لهُم عذاباً أليما {31} ) الإنسان . أمَّا حالُ المظلوم ِالذي يقعُ الظلمَ عليهِ فموعودٌ بالفرج ِ, لقولِهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : ( ثلاثة ٌ لا تـُرَدُّ دعوَتهُم: الإمامُ العادلُ, والصَّائمُ حتى يُفطر, ودعوة ُ المظلوم ِفإنـَّها تـُرفعُ فوقَ الغمام ِويقولُ لها الرَبُّ جلَّ وعلا، وعزَّتِي وجَلالِي لأنصُرَنـَّـكِ ولو بعدَ حين ) هذا واقعُ الظلم ِبشِقـَّيهِ: الظالِمُ لنفسِهِ, والمَظلوم . أيـُّها الإخوة ُالعقلاء: الذي أردتُ أن أبيِّنهُ في هذهِ العُجالةِ أنَّ المظلومَ يكونُ أحياناً ظالِماً لِنفسِهِ, مِن حيثُ يدري أولا يدري, وهذا نـُصحِي لكم وتذكيري وتحذيري ! فمَن أيَّدَ الفجَّارَ والفسَّاقَ والظـُّلام َأو سَكتَ عنهُم فهو إذن مِثلهُم، وشريكاً لهم في بغيهم . قال تعالى: ( ولا تكن للخائِنينَ خصيماً {105} ) النساء . أي: مُخاصِماً عَنهُم, مجادِلاًَ لِلمُحِقـِّينَ بسببهم, كأن تجعلَ من نفسِكَ بُوقاً لهُم تدافِعُ عَنهُم, تقولُ ما يقولون, وتفعلُ ما يفعلون . ويقولُ أيضاً: ( ولا تركنوا إلى الذينَ ظـَلموا فتمَسَّكـُمُ النـَّار{113} ) هود . أي: لا تميلوا إلى الظـَّلمَةِ مِنَ الأمراءِ والحُكـَّام ِِوأعوانِهـِم فتمَسَّكُم نارُ جهنـَّم . والرُّكونُ: هوالميلُ اليسيرُ, أي: لا تميلوا إليهم أدنى مَيل ٍفتمَسَّكُمُ النارُ برُكونِكُمْ إليهم . إخوتي وأحبَّـتي: إذا كانَ الرُكونُ اليَسيرُ يُهلِكُ صاحِبَهُ !! فما ظنـُّكـُم بالرُكون ِإلى الظالِمينَ المَوسُومينَ بالظـُلم ِوالميل ِإليهم كلَّ المَيل ِ!! قالَ ابنُ عباس ٍرضيَ اللهُ تعالى عنهما : ( إنـَّها عامـَّة ٌ في الظلمَةِ من غيرِ فرق ٍ بينَ كافرٍ ومسلم ) . وقالَ الطبريُّ في تفسيرِهِ: هذهِ الآية ٌدالة ٌعلى هِجران ِأهل ِالكفرِ والمعاصي . وقالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : ( سَيكونُ أمراءُ تعرفونَ وتنكِرون, فمَن نابَذهُمْ نجا, ومَن ِ اعتزَلهُمْ سَلِم, ومَن خالطهُم هَلك) وقال: ( إنَّ الناسَ إذا رَأوُا الظالِمَ فلم يأخذوا على يَديهِ أوشكَ أن يَعُمَّهُمُ اللهُ بعِقاب) وقالَ أيضاً : (مَن رأى سُلطاناً جائِراً، ناكِثاً لِعَهدِ اللهِ , مُستحِلاَ ً لِحُرَم ِاللهِ, عامِلا ًفي عِبادِ اللهِ بالإثم ِوالعُدوان ِولمْ يُنكِرعليهِ بقول ٍولا فِعل ٍ كانَ حقاً على اللهِ أنْ يُدخِلـَهُ مُدخـَلهُ ) فباللهِ عليكم مَن مِنكم يُريدُ أن يَدخلَ مُدخلَ هؤلاء ِالحُكام الفسَّاق ِالفجَّارِ الظـُّلام ِ!! إذن لا بد من ذكرهم وفضح أقوالهم وأعمالهم وتصرفاتهم , ليعرفهم الناس على حقيقتهم , فلا ينغروا بهم . وقالَ أيضاً: ( يَكونُ في آخِرِ الزمان ِ أمراءُ ظلمة ٌ, وَوُزراءُ فسقة ٌ, وقضاة ٌخونة ٌ, وفقهاءُ كذبة ٌفمَن أدركهُم فلا يَكوننَّ لهُم عريفاً ولا شُرَطياً ولا حاجباً ولا خازِناً ) . وقالَ مُحذراً: ( كلاَّ واللهِ لتأمُرُنَّ بالمَعروفِ ولتنهَوُنَّ عَن المنكرِ, ولتأخـُذنَّ على يدِ الظالم ِ ولتـَأطـُرُنـَّه ُ على الحقِّ أطراً أو لتـَقصُرُنـَّهُ على الحقِّ قصراً، أو ليضرِبَنَّ اللهُ بقلوبِ بَعضِكـُم بعضاً ثمَّ ليَلعَنـَكـُم كما لعَنـَهُم ) . فمُرُوا بالمعروفِ وانهَوا عن ِالمُنكرِ، لا تخشَوْا في اللهِ لومََة َلائِم , فاللهُ لا يقبلُ الإنِكارَ بالقلبِ مَعَ استِطاعةِ الإنكارِ باللسان وصدقَ اللهُ: ( فلا تقعُد بَعدَ الذِكرى مَعَ القوم ِالظالِمين {68} ) الأنعام . فكونوا مِمَّن عَرَفَ المُنكرَ وأنكر, ولا تكونوا مِمَّن أيَّدَ المنكرَ وَأقر. وقالَ مُحَذراًالظالمينَ: (ولا تحسَبَنَّ اللهَ غافِلا ًعمَّا يَعملُ الظالِمون, إنما يُؤخرُهُم ليَوم ٍتشخصُ فيهِ الأبصارُ {42} مُهطِعينَ مُقنِعي رُؤوسِهم لا يَرتدُّ إليهم طرفـُهُم وأفئِدَتـُهُم هواء {43}) إبراهيمُ . وفي الخِتام ِمِسكُ الخِتام ِ, قولُ اللهِ تباركَ وتعالى بحَقِّ المُؤمنين: ( والذينَ إذا فعلوا فاحِشة ًأو ظلموا أنفسَهُم ذكروا الله َفأستغفـَروا لِذنوبهـِم، ومَن يغفرُ الذنوبَ إلاَّ اللهُ ولم يُصرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون{135} ) آل عمران . |
آللهم لا تجلعني من آلظالمين
آللهم آني آعوذ بك من آلظلم وآلكبآئر يعطيك آلف عافيه وجزآك آلله آلف خير |
كلمات مختصرة ومفيدة
جزاك الله الخير والبركة |
الإخوة الأفاضل : لا يسعني إلاَّ أن أشكركما
بدعوة الخير ولكما من المولى الجزاء العظيم والأجر الكريم وبارك الله بكما والسلام |
جزاك الله خير
|
جزاك الله خير
|
جزاك الله خير
|
جزاك الله خير
وبارك الله فيك |
الساعة الآن 01:54 PM. |