منتديات  الـــود

منتديات الـــود (http://vb.al-wed.com/index.php)
-   الإبداعات الأدبية (http://vb.al-wed.com/forumdisplay.php?f=12)
-   -   صفحات من تاريخ المخابرات ( عملية إنقاذ ) (http://vb.al-wed.com/showthread.php?t=12261)

العمدة الإجباري 14-10-2002 05:59 PM

صفحات من تاريخ المخابرات ( عملية إنقاذ )
 
المصدر - مجلة الشباب – بقلم د. نبيل فاروق
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
اندلعت حرب السادس من أكتوبر‏1973‏ م بغتة‏,‏ علي نحو لم يتوقعه أو يتخيله العدو الإسرائيلي قط‏,‏ بفضل خطة خداع استراتيجية متقنة‏,‏ تضافرت من أجلها جهود العديد من أجهزة الدولة‏,‏ وعلي رأسها جهاز المخابرات العامة‏,‏ الذي نفذ العشرات من العمليات المدهشة‏,‏ التي شاركت فيها عقول خبرائه‏,‏ وبطولات رجاله‏,‏ وبسالات عملائه‏,‏ الذين لم يتركوا ثغرة واحدة‏,‏ أو احتمالا ولو ضئيلا‏,‏ يمكن أن ينفذ منه الخصم‏,‏لإدراك أن مصر لم ولن تستسلم للهزيمة والاحتلال وأنها ستهب حتما لاستعادة حقها‏,‏ ونيل ثأرها‏,‏ وإن طال المدي‏..

وفي غفلة من العدو وعيونه‏,‏ هبت مصر‏,‏ وانقضت كعاصفة عاتية‏,‏ أو كإعصار مباغت عنيف‏,‏ لتقتلع خط‏(‏ بارليف‏),‏ أقوي مانع عسكري عرفه التاريخ‏,‏ وتسحق بلا رجعة أسطورة العدو الذي لا يقهر‏..‏

وانهزم العدو‏,‏ وانتصر جيشنا‏,‏ وراحت قواتنا تتدفق علي الضفة الشرقية لقناة‏(‏ السويس‏),‏ وأطلقت رمال‏(‏ سيناء‏)‏ زغرودة فرحة‏,‏ وهي تستقبل الجنود أصحابها وأبناءها‏..‏

وتوالت الانتصارات‏,‏ وأدرك العالم ـ لأول مرة ـ أن‏(‏ مصر‏)‏ دولة قوية صنديدة‏,‏ قادرة علي المقاومة‏,‏ والقتال‏..‏ والنصر‏..‏

ومع فرحة النصر‏,‏ وسحر العبور‏,‏ خرجت جموع الشعب المصري إلي الشوارع‏,‏ إثر إعلان وقف إطلاق النار‏,‏ تهتف باسم قائدها‏,‏ وشجاعة وعبقرية رجاله‏,‏ وبسالة جنوده وأبنائه‏,..‏

وفجأة‏,‏ انطلقت من وسط الجموع صرخة‏,‏ تحمل كل فرحة الدنيا‏..‏

ـ‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏.‏

اخترقت الصرخة أذني‏(‏ ماهر‏),‏ الضابط السابق في القوات المسلحة المصرية‏,‏ وأحد عملاء رجال المخابرات المصرية‏,‏ الذين ساهموا في الحرب النفسية ضد العدو الإسرائيلي‏,‏ طوال عدة أعوام ناجحة‏..‏
واستدار‏(‏ ماهر‏)‏ إلي مصدرها‏,‏ ووقع بصره علي صاحبها‏,‏ الذي اندفع يشق الجموع نحوه‏,‏ وهو يهتف بسعادة غامرة‏:‏

ـ ياإلهي‏!..‏ كم تسرني رؤيتك‏.‏

وحتي قبل أن يبتسم‏(‏ ماهر‏)‏ الذي تعرف صاحب الصرخة علي الفور‏,‏ كان هذا الأخير يعانقه في حرارة‏,‏ ويصافحه بانفعال لا محدود‏,‏ ويشد علي يده في قوة‏,‏ متسائلا في اهتمام‏:‏

ــ هل تذكرني يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك؟‏!

اتسعت ابتسامة‏(‏ ماهر‏)‏ وهو يقول‏:‏

بالطبع أذكرك يا‏(‏ إبراهيم‏)...‏ كيف حالك؟‏!‏

أطلق‏(‏ إبراهيم‏)‏ هذا ضحكة عالية‏,‏ تموج بالارتياح‏,‏ قبل أن يجيب‏:‏

ـ أنا في خير حال‏...‏ بفضلك‏,‏ بعد الله سبحانه وتعالي‏,‏ فلولاك لكان حالي الآن غير الحال‏...‏

غمغم‏(‏ ماهر‏):‏

ــ لولاي أنا؟‏!‏

ربت‏(‏ إبراهيم‏)‏ علي كتفيه بحرارة‏,‏ قائلا‏,‏ ومكررا‏:‏

ــ لولاك‏,‏ بعد الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏.‏

جمدت ملامح‏(‏ ماهر‏)‏ بضع لحظات‏,‏ قبل أن يستعيد ابتسامته‏,‏ وهو يغمغم‏:‏

ــ حمدا لله علي سلامتك يا‏(‏ إبراهيم‏).‏

نطقها‏,‏ وعقله يستعيد ذكريات أربعة أعوام مضت‏..‏

ذكريات أهم عملية في حياته‏...‏

عملية إنقاذ‏..(‏ إبراهيم‏)...‏

‏***‏
‏(‏ إبراهيم‏)‏ شاب بسيط‏,‏ من أبناء‏(‏ مصر‏)‏ الذين عاشوا مرحلة النكسة‏,‏ وانكسرت في أعماقهم حماسات جميلة‏,‏ عاشوا يتغنون بها طويلا‏,‏ فانسحقت معها نفوسهم‏,‏ وخيم الظلام علي أحلامهم وآمالهم‏,‏ فصاروا يتخبطون فترة كالعميان‏,‏ في سنوات عصيبة عسيرة‏,‏ استقر خلالها العدو في‏(‏ سيناء‏)‏ وتدلت قدماه في مياه قناة‏(‏ السويس‏)‏ وصدي ضحكاته الساخرة الظافرة يؤذي مسامع كل مصري وطني‏...

وعلي الرغم من أن‏(‏ إبراهيم‏)‏ قد خضع للتجنيد الاجباري كسواه‏,‏ في تلك الفترة التي راحت‏(‏ مصر‏)‏ تسعي فيها لاستعادة جيشها وقوتها‏,‏ إلا أن حلم السفر والعمل في الخارج ظل يراوده‏,‏ في صحوه ومنامه‏,‏ كأمل أخير في الخروج من الأزمة‏,‏ وتجاوز المحنة‏,‏ التي تصور مخطئا‏,‏ كفئة من أهل‏(‏ مصر‏)‏ أن عبورها أكثر استحالة من عبور بحر من النيران‏,‏ بزورق من القماش‏,‏ المغموس في بنزين نقي‏..‏

والعجيب ان هذا الحلم لم يفارق‏(‏ إبراهيم‏)‏ لفترة طويلة‏,‏ حتي وهو يشارك رفاقه تدريباتهم ومناوراتهم‏,‏ ويستمع إلي أحاديثهم التي تؤكد أن أحدا منهم لن يخرج من مرحلة التجنيد الإجباري أو يتجاوزها‏,‏ إلا بعد مرور المحنة‏,‏ التي تبدو وكأنها لا خروج منها قط‏...‏

شئ ما في أعماقه كان يؤكد له أنه سيتجاوزها يوما‏,‏ علي نحو أو آخر‏.‏
ولان ذهنه منشغل دوما بأحلامه وأمنياته‏,‏ ارتكب‏(‏ إبراهيم‏)‏ خطأ بسيطا في اثناء احدي المناورات‏,‏ مما أدي إلي اصابته بجرح‏,‏ استلزم نقله إلي أحد المستشفيات العسكرية للعلاج‏.‏

وفي المستشفي العسكري‏,‏ جلس‏(‏ إبراهيم‏)‏ ينتظر دوره كالمعتاد‏,‏ في صمت وصبر وسكوت‏,‏ وعيناه تراقبان كل ما يحدث حوله‏,‏ كوسيلة للتسلية البريئة‏,‏ في ظروف كهذه‏..‏

ثم وقعت عيناه علي‏(‏ صبحي‏)...‏

ضابط من أصل عربي‏,‏ ترك مهنته ودولته‏,‏ وأتي ليقيم في‏(‏ مصر‏)‏ مع زوجته‏,‏ معلنا إيمانه بأهداف وطموحات قادتها‏,‏ ومؤكدا استعداده للموت من أجلها‏..‏

وفي‏(‏ مصر‏)‏ استقر‏(‏ صبحي‏)‏ وحاز القبول لدي بعض المسئولين‏,‏ فطاب له المقام‏,‏ وحظي بمقام رفيع‏,‏ ومنصب ممتاز‏,‏ وعلاقات قوية‏,‏ بدت واضحة للغاية‏,‏ في تعاملاته داخل المستشفي العسكري‏,‏ وأسلوب حديثه مع كبار مديريها ومسئوليها‏.‏

وانبهر‏(‏ إبراهيم‏)‏ بوضع‏(‏ صبحي‏)‏ هذا في المستشفي‏,‏ وانبهر أكثر باقتراب هذا الأخير منه‏,‏ وجلوسه إلي جواره‏,‏ بمنتهي البساطة والتواضع‏,‏ والانهماك معه في حديث طويل‏,‏ وكأنهما صديقان قديمان‏...‏

وكعادة المصريين البسطاء‏,‏ أفرط‏(‏ إبراهيم‏)‏ في الحديث‏,‏ وراح يدلي بكل مالديه عن وحدته‏,‏ ورفاقه‏,‏ وتدريباتهم‏,‏ والمناورة التي أصيب فيها أيضا‏...‏

وباهتمام مغلف بالهدوء والبساطة‏,‏ استمع إليه‏(‏ صبحي‏)‏ هذا‏,‏ وتركه يروي كل ما لديه‏,‏ قبل أن يمنحه ابتسامة كبيرة‏,‏ ويربت علي كتفه‏,‏ قائلا‏:‏ ــ

لابد أن نلتقي كثيرا يا أخ‏(‏ إبراهيم‏)...‏ سأعطيك عنواني ورقم هاتفي‏,‏ وسأنتظر زيارتك‏.‏

لم يصدق‏(‏ إبراهيم‏)‏ نفسه‏,‏ عندما طلب منه‏(‏ صبحي‏)‏ زيارته‏,‏ واحتفظ بالورقة التي تحوي العنوان ورقم الهاتف‏,‏ وهو يمني نفسه بأن يساعده هذا الشخص‏,‏ صاحب الاتصالات والنفوذ‏,‏ في تحقيق حلمه القديم‏...‏

وفي أول اجازة له‏,‏ اتصل‏(‏ إبراهيم‏)‏ بذلك الرجل‏(‏ صبحي‏)‏ فاستقبل الرجل اتصاله بالحرارة والترحاب‏,‏ وطلب منه أن يأتي لزيارته فورا‏...‏

ولم يضيع‏(‏ إبراهيم‏)‏ لحظة واحدة‏...‏

لقد ذهب فورا لزيارة‏(‏ صبحي‏),‏ وكله لهفة في أن يقص عليه حلمه‏,‏ وأن يجد لديه مطلبه‏...‏

وفي منزله‏,‏ استقبله‏(‏ صبحي‏)‏ بحرارة وترحاب أكثر‏,‏ ليقفز انبهار‏(‏ إبراهيم‏)‏ إلي الذروة‏,‏ مع مرأي المنزل الفاخر‏,‏ والأثاث الأنيق باهظ الثمن‏,‏ والأجهزة التي لم ير لها مثيلا‏,‏ إلا في أفلام السينما الحديثة فحسب‏...‏

ومع انبهار‏(‏ إبراهيم‏)‏ وخفقات قلبه المشدوهة‏,‏ راح‏(‏ صبحي‏)‏ يتحدث إليه‏,‏ ويسأله عن أحواله‏,‏ وأحوال وحدته‏,‏ وآخر أخبار المناورات‏...‏

وفجأة‏,‏ سأله‏(‏ إبراهيم‏)‏ وكأنه لم ينتبه إلي وجوده إلا في هذه اللحظة‏:‏

ـ سيد‏(‏ صبحي‏)...‏ ألك معارف في دول الخليج؟‏!‏

صمت‏(‏ صبحي‏)‏ بضع لحظات‏,‏ وهو يتطلع إليه‏,‏ قبل ان يبتسم ابتسامة كبيرة‏,‏ وهو يتراجع في مقعده‏,‏ قائلا‏:‏

ــ لي أخت تقيم في‏(‏ الكويت‏)‏ وزوجها يمتلك تجارة كبيرة هناك‏.‏

هتف‏(‏ إبراهيم‏)‏ في لهفة‏:‏

ــ وهل‏..‏ هل يمكنك أن تجد لي عملا لديه؟‏!‏

اتسعت ابتسامة‏(‏ صبحي‏)‏ أكثر‏,‏ وهو يجيب‏:‏

ــ بالتأكيد‏.‏

ولم يكد‏(‏ إبراهيم‏)‏ يغادر المنزل بعدها‏,‏ وهو يكاد يطير فرحا‏,‏ حتي أطلق‏(‏ صبحي‏)‏ هذا ضحكة عالية مجلجلة‏,‏ والتقط سماعة هاتفة‏,‏ مغمغما‏:‏

ــ طير جديد وقع في القفص‏.‏

في الليلة نفسها‏,‏ وإثر المحادثة الهاتفية‏,‏ استقبل‏(‏ صبحي‏)‏ ضيفا آخر‏,‏ في التاسعة والنصف مساء‏,‏ وصافحه في حرارة‏,‏ قائلا‏:‏

ــ لدينا طير جديد‏.‏

سأله ذلك الضيف الجديد‏(‏ ماهر‏)‏ في اهتمام‏:‏

ــ وما نوعه؟‏!...‏

ولساعة كاملة‏,‏ راح‏(‏ صبحي‏)‏ يشرح لصديقه‏(‏ ماهر‏)‏ كل ما يتعلق بذلك الشاب‏(‏ إبراهيم‏)‏ قبل أن يقول في النهاية‏:‏

ــ وكما تري هو صيد ممتاز‏,‏ سيسعد الأصدقاء محبي السلام في العالم الحر‏,‏ وموقعه سيمنحنا الكثير من المعلومات‏,‏ التي ستساعدنا علي معرفة ما إذا كان المصريون يستعدون بالفعل لحرب ثأرية‏,‏ أو أنهم سيستسلمون لحالة الاحتلال هذه‏.‏

قال‏(‏ صبحي‏)‏ كل هذا واستخدم تلك المصطلحات التي ميزت عالم الجاسوسية‏,‏ في تلك الحقبة‏,‏ مطمئنا الي أن‏(‏ ماهر‏)‏ يعمل إلي جواره‏,‏ لصالح المخابرات الإسرائيلية‏,‏ التي رمز إليها وهما‏,‏ باسم‏(‏ العالم الحر‏),‏ دون أن يخطر بباله‏,‏ ولو لحظة واحدة‏,‏ أن‏(‏ ماهر‏)‏ هذا يعمل لحساب جهاز مخابرات آخر تماما‏..‏

لحساب المخابرات العامة المصرية‏..‏

ولقد استمع إليه‏(‏ ماهر‏)‏ في هدوء واهتمام‏,‏ كما علمه رجال المخابرات المصرية‏,‏ قبل أن يقول في حزم‏:‏

ـ أريد أن أراه أولا‏,‏ وسأخبرك برأيي بعدها‏.‏

ضحك‏(‏ صبحي‏)‏ قائلا‏:‏

ـ اطمئن‏..‏ لقد طلبت منه أن يحضر غدا مساء‏,‏ مع كل أوراقه‏,‏ فهو يتصور أن لدي من الاتصالات‏,‏ مايمكن أن يتيح له الخروج من وضعه الحالي‏,‏ والسفر للعمل في‏(‏ الكويت‏)‏ فورا‏.‏

أدرك‏(‏ ماهر‏)‏ علي الفور أن‏(‏ صبحي‏)‏ قد ألقي شباكه بالفعل حول‏(‏ إبراهيم‏),‏ وأنه لم يعد أمامه سوي أن ينشب مخالبه فيه‏,‏ ويلقيه في المستنقع‏,‏ الذي كاد هو نفسه أن يقع فيه‏,‏ لولا يقظته في اللحظة الأخيرة‏,‏ ولجوئه إلي رجال المخابرات المصرية‏..‏

وبعد منتصف الليلة نفسها بساعة أو يزيد‏,‏ التقي‏(‏ ماهر‏)‏ بضابط المخابرات المصري‏(‏ أ‏.‏ص‏),‏ الذي يتابع حالته‏,‏ وأخبره بأمر‏(‏ إبراهيم‏),‏ ومايعده‏(‏ صبحي‏)‏ الجاسوس له‏.‏

وبكل الحزم‏,‏ قال‏(‏ أ‏.‏ص‏):‏

ـ لاتدعه يقع في الفخ أبدا يا‏(‏ماهر‏)..‏ امنعه من هذا بأي ثمن‏...‏ هل تفهم‏..‏ بأي ثمن‏.

ثم صمت بضع لحظات‏,‏ قبل أن يضيف‏:‏

ـ ربما كانت سياسة بعض أجهزة المخابرات الأخري‏,‏ هي أن تترك مثله‏,‏ حتي يسقط في المستنقع‏,‏ لتزيد من عدد انتصاراتها‏,‏ عندما تلقي القبض عليه فيما بعد‏,‏ أما نحن فسياستنا تختلف‏..‏ إننا نسعي لمنعه من السقوط‏,‏ بأية وسيلة كانت‏.‏

ووضح يده علي كتفه‏,‏ مكملا‏:‏

ـ إنها مهمتك‏.‏

والتقط‏(‏ ماهر‏)‏ الكلمة‏,‏ وأقسم في أعماق نفسه علي تنفيذها‏,‏ بالأسلوب الذي حدده له‏(‏ أ‏.‏ص‏)..‏
مهما كان الثمن‏..‏

وفي زيارة‏(‏ ابراهيم‏)‏ التالية‏,‏ كان‏(‏ ماهر‏)‏ هناك‏,‏ يشاركهم مجلسهم‏,‏ ويتعامل مع‏(‏ ابراهيم‏)‏ بغلظة وفظاظه وتجاهل‏,‏ جعل هذا الأخير يبغضه كل البغض‏,‏ ويتصور أنه يحاول منعه من السفر للعمل في‏(‏ الكويت‏),‏ لأنه يغار منه‏,‏ ويرفض له الخير‏..‏

وحاول‏(‏ ابراهيم‏)‏ ان يجتذب‏(‏ ماهر‏)‏ بأية وسيلة‏,‏ طوال تلك الليلة‏,‏ ولكن‏(‏ ماهر‏)‏ ظل عابسا في وجهه‏,‏ متجهما معه‏,‏ حتي انصرف الشاب‏,‏ تاركا كل أوراقه للجاسوس‏(‏ صبحي‏)‏ وهو يلعن‏(‏ ماهر‏)‏ في أعماقه ألف مرة‏..‏

وبعد انصرافه‏,‏ سأل‏(‏ صبحي‏)‏ ماهر في حيرة‏,‏ عن سر تعاملاته الفظة مع‏(‏ ابراهيم‏),‏ فأجابه في حزم‏:‏

ـ إنه لايساوي شيئا‏..‏ كل مالديه من معلومات يمكنني إحضار ماهو افضل منه‏..

وصمت لحظة‏,‏ قبل أن يضيف‏:

ـ وبسعر أقل‏..‏

ليلتها ضحك‏(‏ صبحي‏)‏ كما لم يضحك من قبل‏,‏ وتصور انه قد فهم هدف‏(‏ ماهر‏)‏ من إبعاد‏(‏ إبراهيم‏),‏ وقال في حماس‏:‏

ـ انت علي حق‏..‏ لماذا نمنحه مكافآت كبيرة‏..‏ فلنخبرهم أننا قد جندناه‏,‏ ولنمنحهم ماكنا سنحصل عليه من معلومات‏,‏ ولنربح نحن مكافأته‏.‏

شاركه‏(‏ ماهر‏)‏ ضحكته وهو يشعر بارتياح عميق في أعماقه‏,‏ لأن مهمته قد نجحت من الضربة الأولي‏..‏

ولكنه لم يكتف بهذا‏,‏ فما تعلمه من رجال المخابرات المصرية‏,‏ جعله لايستكين لأي نصر عاجل وسريع‏,‏ لذا فقد التصق أكثر بالجاسوس‏(‏ صبحي‏),‏ وحضر كل مقابلاته التالية مع‏(‏ إبراهيم‏),‏ وتأكد من أنه لم يعد يوليه الاهتمام الكافي‏,‏ حتي يأس الشاب‏,‏ وانصرف نهائيا‏,‏ وهو يبغض‏(‏ ماهر‏)‏ أشد البغض‏..‏

ثم قرر رجال المخابرات العامة إنهاء قضية الجاسوس‏(‏ صبحي‏),‏ وتم إلقاء القبض عليه‏,‏ في مارس‏1969‏ م‏.‏

وفي التاسع والعشرين من ابريل‏,‏ في العام نفسه‏,‏ نشرت الصحف تفاصيل إلقاء القبض علي الجاسوس‏(‏ صبحي‏)‏ ونشرت صورته‏,‏ وصورة‏(‏ ماهر‏),‏ ودوره في العملية‏,‏ التي لعب فيها دور الجاسوس المزدوج‏,‏ ليخدم المخابرات الإسرائيلية وجاسوسها‏,‏ ويوقع الجميع في النهاية‏..‏

وقرأ‏(‏ ابراهيم‏)‏ الصحف‏,‏ وشاهد الصور‏..‏

ووقع قلبه بين قدميه‏..‏

لحظتها فقط فهم‏(‏ إبراهيم‏)‏ ماالذي كان يفعله‏(‏ ماهر‏),‏ عندما كان يتعامل معه بكل الغلظة والخشونة والصلف‏,‏ أثناء زياراته للجاسوس‏(‏ صبحي‏)..‏

لحظتها فقط أدرك انه قد منعه من السقوط في مستنقع رهيب‏,‏ لو دفع فيه قدميه‏,‏ لحملت الصحف صورته‏,‏ إلي جوار صورة‏(‏ صبحي‏)‏ في ذلك اليوم‏..‏

وتحولت مشاعره في لحظة واحدة‏,‏ تجاه‏(‏ ماهر‏),‏ من البغض الي التقدير‏..‏ كل التقدير‏..‏

لقد أنقذت حياتي ومستقبلي يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏..‏

انتزعت عبارة‏(‏ إبراهيم‏)(‏ ماهر‏)‏ من أفكاره وذكرياته‏,‏ فاستعاد ابتسامته‏,‏ وهو يربت علي كتف‏(‏ ابراهيم‏)‏قائلا‏:‏

ـ لم أكن وحدي يا‏(‏ إبراهيم‏).‏

هتف‏(‏ إبراهيم‏)‏ في حرارة‏:‏

ـ أعلم هذا يا‏(‏ ماهر‏)‏ بك‏..‏ أعلم هذا‏..

ثم عاد يعانقه‏,‏ ليهمس في ذلك‏..‏

أبلغهم تحياتي‏..‏ وشكري أيضا‏..‏ شكري الجزيل‏.‏

ابتسم‏(‏ ماهر‏)‏ مرة أخري قائلا‏:‏

ـ سأفعل‏.‏

مرة أخري‏,‏ تصافحا‏,‏ وافترقا وسط الجموع‏,‏ التي تحتفل بالنصر‏,‏ و‏(‏ماهر‏)‏ يشعر بالسعادة والفخر‏,‏ والزهو بنفسه‏,‏ لأنه شارك يوما في تلك العملية‏,‏ التي مازال يعتبرها أهم عملية في حياته‏..‏

عملية إنقاذ‏...‏ مواطن مصري‏.‏

~*¤§¤زيزو¤§¤*~ 14-10-2002 09:43 PM

العمدة يسلمووووو
 
يسلموووووو على الروااااااية000


وعلى فكرة أشباة صبحي كثيييييييير بين العرب المسلمين0000



اشكرك00

العمدة الإجباري 14-10-2002 10:42 PM

يسلموا حبيب قلبي على زوقك


الساعة الآن 12:43 AM.