![]() |
دوره بــإســمــاء الـله وصـفـاتـه
السلام وعليكم ورحمه الله وبركاته
إن من أسباب محبة الله سبحانه وتعالى معرفه أسمائه وصفاته فمن علمها وتأملها وأيقنهافي قلبه فلابد أنه سيصل لمعرفه خالقه ورازقه ومحبته والإستغناء عن جميع خلقه وبالتالي ستقوده هذه المحبه إلى فعل مايحبه الله وترك مايبغض الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن لله تسعا وتسعين أسما من أحصاها دخل الجنه" فمن هذا المنطلق أحبتي ستقام دروس عن إسماء الله وصفاته كل يوم في الاسبوع قد يكون يوم الجمعه وسيعتمد تحديد اليوم بحسب القبول أسال الله العلي القدير أن ينفع به دمتم بحفظ الله |
هذا أول الاسماء
أسم الله ... الرازق الرزاق المقيت جل جلاله أولا : المعنى اللغوي ... الرزق : ماينتفع به,يقال :رزق الخلق رزقا ورزقا والجمع منه أرزاق. والرزق :العطاء وهو مصدر رزقه الله المقيت : قال الزجاج,قال أهل اللغه :أن المقيت المقتدر على الشيء . وقال :المقيت بمعنى الحافظ الحفيظ,لانه مشتق من القوت أي مأخوذ من قولهم : قت الرجل أقوته,إذا حفظت نفسه بما يقوته . قال القرطبي : المقيت هو اسم الفاعل من أوقات يقتت إقاته فهو مقيت, والياء بدال من الواو لأنه مشتق من القوت . والمقيت : الذي يعطي أقوات الخلائق هو من أقاته يقته إذا أعطاه قوته, والقوت مايمسك من الريق من الرزق. وفي الصحاح: هو مايقوم به بدن الإنسان من الطعام. وفي الحديث : (اللهم أجعل رزق آل محمد قوتا) رواه مسلم قال القرطبي : والقرآن بين القوت والرزق,وأن القوت مأبه قوام البنيه ممايؤكل ويوقع به الإغتداء والرزق كل مايدخل تحت ملك العبد مما يؤكل ومما لايؤكل. ثانيا : ورودها في القرآن الكريم . . . الرزاق –الرازق .. ورد اسم الله الرزاق مره واحده في القرآن في قوله تعالى (إن الله هو الرزاق ذو القوه المتين)الذاريات وورد بصيغه الجمع خمس مرات في قوله تعالى "وارزقنا وانت خير الرازقين" "والله خير الرازقين" وقال تعالى"والله يرزق من يشاء بغير حساب" وقوله تعالى "وكأين من دابة لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم " المقيت.. ورد مره واحده في القران في قوله تعالى" من يشفع شفاعه حسنه يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعه سيئه يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا" ثالثا : المعنى في حق الله ... الرازق- الرزاق ... قال ابن جرير : هو الرزاق خلقه المتكفل بإقواتهم . قال الخطابي : هو المتكفل بالرزق والقائم على كل نفس بما يقويها من قوتها, وسع الخلق كلهم رزقه ورحمته,فلم يختص بذلك مؤمنا دون كافر, ولا وليا دون عبد يسوقه إلى الضعيف الذي لاحيله له ولامتكسب فيه كما يسوقه إلى الجلد القوي ذي المرة السوي قال تعالى" وكأين من دابه لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم" "ومامن دابه في الارض إلا على الله رزقها" وقال الحليمي : الرزاق المفيض على عباده مالم يجعل لأبدانهم قوماإلا به والمنعم عليهم بإيصال حاجتهم من ذلك إليهم لئلا ينقص عليهم لذه الحياه. وقال الرزاق : هو الرازق رزقا بعد رزق والكثر والموسع له. ورزق الله لعباده على نوعين ... 1- الرزق العام : وهو رزق يوصله لجميع المخلوقات مما تحتاجه في معاشها وقيامها فسهل لها الارزاق ودبرها في أجسامها وساق لكل عضو صغير وكبير ماتحتاجه من القوت وهذا عام البر والفاجر, والمسلم والكافر واظلولين والآخرين وهو رزق الأبدان . 2-الرزق الخاص : وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والآخره وهو الذي على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رزق القلوب بالعلم والإيمان فإن القلوب مفتقره غايه الافتقار إلى إن تكون عالمه بالحق مريده له عارفه بربها وبذلك يحصل غناها ويرذل فقرها.وقد قسم الله أرزاق القلوب فواحد يهبه من العلم مالو عم نورع على أهل الارض لوسعهم وأخر يعطيع مابه قوام نفسه لايتعدى إلى غيره ,وأخر مغلوب عنه قد مات قلبه فلافرق بينه وبين البهيمه . معنى أسم الله المقيت .. قال ابن جرير : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى"وكان الله على كل شي مقيتا" فقال بعضهم تأويله : وكان الله على كل شي حفيظا وشهيدا . وقال أخرون : القائم على كل شيء بالتدبير . وقال أخرون : هو القدير ثم قال : والصواب من هذه الاقوال قول من قال معنى المقيت القدير وذلك أنه لغه عند قريش وقد قيل أن من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقيت). بل لو أمسك الله الرزق عن الناس فلا يملك أحد أن يفتحه عليهم من دون الله قال تعالى "مايفتح الله للناس من رحمه فلا ممسك لها ومايمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم" "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه" أي : أمن هذا الذي يطعمكم ويسقيكم ويأتي بأقواتكم إن أمسك ربكم رزقه الذي يرزقكم به فهو سبحانه الرزاق المعطي المانع لامانع لما أعطى ولامعطي لما منع. والعبد إذا علم أن الله سبحانه هو الرازق رجع إلى ربه وطلب منه كل مايريد صغيراأوكبيرا فموسى عليه السلام لما جاع طلب من الله القوت قال تعالى"رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير" ولأنه سبحانه الرازق الرزاق المقيت فهو سبحانه لايحتاج إلينا بل نحن المحتاجون إليه في ذلك كله وفي ذلك يقول تعالى"لانسألك رزقا نحن نرزقك والعافيه للتقوى""وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ماأريد منهم رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوه المتين" ثانيا : أن الله تعالى متكفل برزق من في السموات والأرض قالى تعالى"ومامن دابه في الأرض إلا على رزقها ","وكأين من دابه لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم" قال ابن كثير : أي لاتطيق جمعه ولاتحصيله ولاتدخر شيئا لغد "الله يرزقها" أي يفيض لها رزقها على ضعفها وييسره عليها,فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق مايصلحه حتى في قرار الأرض والطير في الهواء والحيتان في الماء . يقول أبن القيم رحمه الله أو غيره من السلف قصه : يقول كنت دائما ماأرى طائرا يطير كل يوم إلى شجره ويمكث فيها ثم يخرج ثم يعود في وقت أخر وفي فمه طعام ثم يخرج قال : فتسلقت تلك الشجره وإذا بداخلها ثعبان أعمى يأتيه كل يوم هذا الطائر بطعامه. ثالثا : على المسلم أن يعلم أن لا رازق ولارزاق إلا الله على الإطلاق وغيره إن رزق فإنما يرزق من رزق الذي أ عطى,فأنفق ممايرزقك الله يخلف عليك أحسن خلف كما قال تعالى"وماأنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين". وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم"أنفق بلال ولاتخشى من ذي العرش إقلالا. وفي الحديث القدسي الاخر (أنفق ابن آدم انفق عليك) فما في أيدي الناس في الدنيا من الرزق هذه الحقيقه رزق الله فلايجوز أن يبخلوا بإنفاقه فيما أمرهم الله أن ينفقوه فيه, فقبيح أن يمنع الله مما هو له"وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت" ,"أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولاخله ولا شفاعه". وقد قال عليه السلام :"مانقصت صدقه من مال , ومازاد الله عبدا بعفو إلا عزا وماتواضع أحد لله إلا رفعه الله عزوجل". والنفوس السخيه والأنفس النديه يضاعف لها في رزقها ويبارك لها,والله في عون العبد المتصدق. ففي الحديث عن أبي هريره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "بينما رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابه يقول : اسق حديقه فلان فتنجى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجه من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال له : ياعبد الله ما أسمك؟ قال : فلان للاسم الذي سمع في السحابة فقال : ياعبد الله لم تسألني عن اسمي؟ قال : إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول : اسق حديقه فلان لاسمك بطلب الرزق وقال لهم إن السماء لاتمطر ذهبا, فعلى العبد أن يسعى في طلب الرزق قال تعالى " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولآ فامشوا في مناكبهم وكلوا من رزقه", وقاله تعالى : "وأن ليس للإنسان إلا ماسعى ". وقد خلق الله لنا الأرض وقدر فيها الأرزاق وجعل فيها أصناف لبنيات والثمار فقال "وبارك فيها وقدرفيها أقواتها في أربعه أيام",وأنزل الله الماء فأحيى به الأرض بعد موتها وسمى الله المطر رزقا لأنه سبب الرزق كما قال:"وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم",بل تأمل قوله تعالى:" وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلها قنوان دانيه وجنات من أعناب والزيتون والرمان متشبها وغير متشابه انظروا ألى ثمره إذا أثمر وينعه أن في ذلكم لآ’يات لقوم يؤمنون". قال تعالى:"فلينظر الأنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهه وأبا متاعا لكم ولأنعامكم". فعلى المرء بعد هذا كله أن يسعى ويذل جهده في طلب الرزق من الله تعالى بعد أداء الفرائض كما قال تعالى:"فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله",والأنبياء عليهم السلام كان لكل واحد منهم حرفة يأكل منها فكان إدريس عليه السلام خياطا وكان نوح وزكريا عليهما السلام نجارين,وكان هود وصالح عليهم السلام تاجرين وكان داود عليه السلام حدادا مع أن الله قال فيه:"وشددنا ملكه",وجميع الأنبياء رعوا الأغنام بل حتى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم رعى الأغنام كان يأخذها من أهل مكه وقال:"مامن نبي إلا قد رعاها". والله الذي لا إله الاهو لأصبع محمد بن واسع خير عندي من مائه ألف سيف شهير ومائه ألف شاب طرير,فأرسل بالذهب إلى محمد بن واسع فلما رأه اخذه!فعادوا إلى قتيبه وقالوا:لقدأخذ محمد بن واسع الذهب,قال:الله المستعان, اللهم لاتخيب ظني فيه,فمر فقير على محمد بن واسع يقول:من مال الله,من مال الله فأعطاه الذهب كله ,فقال قتيبه لما سمع بذلك: هكذا فلتكن الدنيا. فالمسلم عزيز بالله تعالى,يحكى عن حماده بن سلمه أنه قال:"كان في جواري أمراه أرمله لها أيتام,وكانت ليله مطيرة فسمعت صوتها تقول:يارفيق ارفق بحالي,قال فخطر ببالي أنها أصابتها فاقه .فصبرت حتى احتبس المطر فحملت عشره دنانير وقرعت عليها الباب,فقالت:حماد بن سلمه؟ فقلت:كيف الحال,فقالت:خير وعافيه,احتبس المطر ودفئ الصبيان,فقال:خذي هذه الدنانير وأصلحي بها بعض شأنك,تقول كان وكن عندنا بنيه صغيره,فصاحت هذه البنيه ,لانريد ياحماد أن تكون بيننا وبين الله.وقالت لأمها:لم رفعت صوتك بالمناجاة".والمسلم إذا سعى في الأرض وحصل على رزق الله يشعر بسعادة وراحة لايمكن تخيلها ولو كان الرزق شيئا بسيطا,ولايمكن أن يضحي بهذه السعاده ولو عرضت عليه الدنيا كلها,لأنه يشعر وهو يطلب الرزق أنه في عبداة الله تعالى. خرج علي ابن المأمون الخليفه العباسي فأشرف من شرفة القصرذات يوم ينظر إلى سوق بغداد,ينظر وهو ابن الخليفة فطعامه شهي ومركبه وطي وعيشته هنيه,ماجاع يومافي حياته,فأخذ ينظر من القصر فلفت نظر الأمير رجل من الناس يعمل حمالا يحمل للناس بالأجره,وكان يظهر عليه الصلاح والنسك,فكانت حباله على كتفيه ينقل الحمولة من دكان إلى آخر فأخذ يتابع حركته فكان هذا الحمال إذا أنتصف الضحى ترك السوق وخرج إلى ضفاف دجله فتوضأ,وصلى ركعتين ورفه يديه إلى الحي عن العيون ولم يعلم الخليفه أين ذهب فتوجه إلى وسط عمله وعمل مع التاجر في صنع الآجر فكان له ورد في الصباح يحفظ القرآن ويصوم الاثنين والخميس ويقوم الليل وماعنده من المال الا مايكفي يومه فذهب همه وغمه وذهب الخيلاء والعجب فمرض ولما أتته الوفاه أعطى التاجر خاتمه وقال:أنا ابن الخليفه المأمون فإذا مت فغسلني وكفني واقبرني ثم سلم هذا الخاتم لأبي ففعل وكان المأمون قد ضن أن ابنه قد قتل فلما رأى الخاتم شهق وبكى, فسأل التاجر عنه فقال له الخبر فرتفع صوت الأمير والوزراء بالبكاء وعرفوا أنه قد عرف الطريق. وهذه القصه من قصص التاريخ أثبتت وحفظت ونقلت لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد. خامسا: أن الله تعالى متحكم فب أرزاق عباده فيجعل من يشاء غنيا كثير الرزق ويفقر على آخرين وله في ذلك حكم بالغه قال تعالى "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق",وقال سبحانه"أن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أنه كان بعباده خبيرا بصيرا". قال ابن كثير : أي خبير بصير بمن يستحق الغناء ومن يستحق الفقر فمن العباد من لايصلح حاله إلا بالغناء فإن أصابه الفقر فسد حاله ومنهم العكس. قال ابن كثير : في قوله تعالى "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض" قال : ولو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم ذلك على الغي والطغيان من بعضهم على بعض أشرا وبطرا ثم قال سبحانه"ولكن ينزل بقدر مايشاء أنه بعباده خبير بصير". وقد حصر لنا النبي صلى الله عليه وسلم وجوه الانتفاع بالرزق في قوله:"يقول ابن آدم مالي مالي !! وهل لك من مالك إلا ماأكلت" ولذا تجد العبد الذي مالت نفسه للدنيا غفل عن الله وعن طاعته سبحانه قال تعالى:"أن الذي لايرجون لقاءنا ورضوا بالحياه الدنيا وأطأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون". سادسا : أن الله تعالى جعل لك شيء سببا وجعل للرزق أسبابا وأن من أهم أسباب الرزق ما يلي: 1- السعي لطلب الرزق من صدق التوكل واليقين بإن الرزق من عند الله وأن ما كتبه الله لعبده من الرزق لا يستطيع أن يمنعه أحد من الخلق وأن الله كتبه لهذا العبد,فعلى المسلم أن يعلم علم اليقين أن ماقدر له من رزق سيصل إليه لا محاله,وليتأمل الانسان نفسه,أحيانا يشتري الواحد منا لبسه بالبلغ الكبير ثم لاتزال في الخزانه لايرتديها ثم يعطيها لفلان ثم لفلان حتى تصل لفلان فيلبسها,بل أحيانا يخرج الواحد منا إلى السوق لعلمه بنزول الاسعار فيه ولايخبرأحدا حتى لايسبقه إليه فإذا دخله لم يجدفيه شيئا يعجبه ثم يخبر جيرانه,ثم يراهم قد أشتروا أشياء, يستغرب هو كيف لم يأخذها ولم يشتريها فهي أرزاق مقسومه قال تعالى"فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نبات حسن وكفلها زكريا كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله أن الله يرزق من يشاء بغير حساب".بل حتى الحيوانات تعلم أن الرزاق المقيت هو الله ففي الحصيح عن أبي سعدي الخدري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معنى الحديث:"عدا الذئب على الشاه فأخذها فطلبنا الراعي فانتزعها منه, قال الرسول عليه السلام فأقعى الذئب على ذنبه فقال الذئب للراعي:ألا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله إلي,فقال الراعي:ياعجبي ذئب مقع على ذنبه يكلمني كلام أنسان,فقال الذئب للراعي إلا أخبرك" وعلى العبد أن يترك كذلك الذنب المعصيه فإنها تنقص الرزق والبركه لأن ماعند الله لاينال إلا بطاعته,قال تعالى"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" قيل الفساد في البر بالقحط وقله النبات وذهاب البركه والفساد في البحر أنقطاع صيده بذنوب بني آدم,وقيل هو كساد الأسعار وقله المعاش فعلى العبد أن يكثر من الأستغفار والتوبه إلى الله قال تعالى"فقلت أستغفروا ربكم أنه كان تواب يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا"وقال تعالى على لسان هود عليه السلام:"ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرار ويزيدكم قوه إلى قوتكم"وفي أيه أخرى في سوره هود"ويمتعكم متاعا حسنا"وقد جاء في الثر أن رجلا شكى إلى الحسن البصري الجدب فقال له:أستغفر الله وشكا إليه آخر الفقر فقال له: استغفر الله,وشكا إليه ثالث جفاف بستانه فقال له: استغفر الله,وشكا إليه رابع إعدم الولد فقال :استغفر الله ثم تلا"فقلت أستغفروا ربكم أنه كان غفارا"فالمعاصي تحجب النعم وتضيق الارزاق قي الحديث:أن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"فل المعصيه توجب لعنه دواب الارض وهوامها,قال مجاهد:إن البهائم تعلن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنه وامسك المطر وتقول هذا بشؤم معصيه ابني آدم,وينقل ابن القيم في الجواب الكافي قول عكرمه" دواب الارض وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقلن منعنا القطر بذنوب بني آدم, وقال انس ابن مالك :أن الضب في حجره يموت معزلا بذنب أبن آدم" 2-من أسباب الرزق كثره الدعاء فالعبد لاغنى عن رزق ربه,فإن أمسكت السماء القطر أستسقيناه,ليغيثنا,وإذا زرعا نتوجه إليه ليحفظه ليباركه وهذا هدي الصالحين,فإبراهيم عليه السلام دعى بالرزق لأهل البيت الحرام:"ربي أجعل هذا بلدا أمنا وأرزق أهله من الثمرات من أمن منهم بالله واليوم الاخر" فالامن نعمه عظيمه يمن الله بها على عباده فندعوه سبحانه أن يديمها علينا,ولقد دعا نبي الله إبراهيم فقال"رب هب لي حكما والحقني بالصالحين","رب هب لي من الصالحين". ودعا سليمان عليه السلام:"قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لاينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب",فاستجاب الله دعاه"فسخرنا له الرياح تجري بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد هذا عطاؤنا فأمنن أو أمسك بغير حساب إن له عندنا لزلفى وحسن مآب" 3-ومن أسباب الرزق شكر الله الرازق على ماأنعم وشكر الله يبدأ بالخضوع له سبحانه ومحبنه لتوالي نعمه وعطاياه ثم الاعتراف بنعمته والثناء عليه ثناء عام وخاص . فالعام : وصفه بالجود والكرم والر والاحسان وسعة العطاء. والخاص : التحدث بنعمه والاخبار بوصلها إليه من جهته"وأما بنعمه ربك فحدث". وبعد هذا لا يستعمل نعمه الله في معصيته بل يستعين بنعم الله على مرضاته وهذا تمام حقيقه الشكر وكتبت عائشه رضي الله عنها إلى معاوية رضي الله عنه:"أن أقل مايجب للمنعم على ماأنعم عليه ان لا يجعل ماأنعم عليه سبيلا إلى معصيته"كما ذكر ذلك ابن القيم في المدارج. ولقد ضرب الله تعالى في كتابه أمثله على أقواما رزقهم الله ولكنهم لم يشكروا هذه النعم فأزالها عنهم كما قال سبحانه عن مملكه سباء:"لقد كان لسبأ في مسكنهم آيه جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم وأشكروا له بلدة طيبه ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور". قال ابن كثير : لقد أعطى الله كل رجلا من سبأ بجانب بيته بساتين "وجنتان عن يمين وشمال" بستان عن يمينه وبستان عن شماله وشجر متدل ونعم خالده,إلى أن قال رحمه الله كان الرجل يذهب بمكتله على رأسه فيمتلأ المكتل من الثمار التي تسقط في المكتل ,ولكنهم لم يشكرا هذه النعمه فغضب الله عليهم فأرسل عليهم فأره فتحت السد فهوى السد فاجتاحهم الماء فصاروا شذر مذر بما كفروا وجحدوا نعمه ربهم عليهم. البرامكه : أسره عاشت في عهد العباسين كانوا يطلون قصورهم بماء الذهب ولكنهم أعرضوا عن الله ولم يؤدوا حق شكره وفي لحظه من اللحضات غضب الله عليهم فأهلكهم بأقرب الناس إليهم هارون الرشيد فاجتاحهم بالسيف وأخذوا إلى السجن فكان يحي بن خالد البرمكي واحدا منهم يبكي في السجن سبع سنوات,قال له أحد الناس وقد زاره في السجن:ماهذا البلاء يايحي؟ قال: عصينا الله فأصابتنا دعوه مظلوم سرت في ظلام الليل غفلنا عنها وما غفل الله عنها"وضرب الله مثلا قريه كانت آمنه مطمئنه يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بماكانوا يصنعون". 5- من أسباب الرزق الصلاه فإن من أعظم أسباب سعه الرزق الصلاه كما قال تعالى:"وأمر أهلك بالصلاه وأصطبر عليها لانسألك رزق نحن نرزقك والعاقبه للتقوى"فمن أرد أن يزاد له في رزقه فعليه بالصلاه ولكن بخشوع وطمأنينه فأن أهل الصلاه هم المفلحون في الدنيا والاخره كما قال تعالى:"قد أفلح المؤمنون,الذين هم في صلاتهم خاشعون" 5-على العبد المسلم أن يحرص على قوت قلبه كما حرص من قبل ذلك على بدنه بل إن غذاء القلوب أهم بكثير من غذاء الأبدان فان محل نظر الله للعبد هو قلبه ففي الحديث:"إن الله لاينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم"وفي روايه"ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". فلما كانت كذلك كان حري بالعبد السلم أن يحرص على قوت قلبه قال القرطبي : وقد يقوت الأرواح إذاقه المشاهدة ولذيذ المؤانسه. فلكل مخلوق قوت فالأبدان قوتها المأكل والمشرب والأرواح قوتها الذكر والطاعه والعلم بالله جل وعلا,فالعبد إذا سمع عن مكعم من المطاعم يبيع أشهى المأكل اشتاقت نفسه لأن يذوق من هذا المطعم,فلم يزل يبذل قصارى جهده حتى يطعمه وإنا لنسمع عن بعض مقولات السلف رحمهم الله :والله إن كانت لتمر علي الأوقا يرقص فيها القلب والأنس بالله . وقال آخر : والله أن كان أهل الجنه في مثل مانحن فيه من النعيم إنهم لفي عيش رغيد. فما الذي كانوا يشعورنه وما الذي ذاقوه؟لاندري لكن نسأل الله المقيت أن كما أقات قلوبهم من هذا القوت أن يقيتنا من هذا القوت وإن يرزقنا الجد والأجتهاد وصدق الهمه في طلبه,والماس يهتمون كثيرا بقوت الأبدان ويهملون كثيرا قوت القلوب,ولذا تجد البعض من الناس حريص على غذائه وعشائه ومائه ولكت ليس له حظ من القرآن والذكر والصيام فارغ القلب من هذا الخير ولذا تجده يعيش الهم والحسره والضياع. هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم |
|
بارك الله فيك
|
مشرفتي العزيزه جروح القصيد
أشكر مرورك وتعليقك الذي عطر صفحتي والاهم من ذلك هو الفائده وأرجوا من الله أنك أستفدتي وهذا مايهمني دمت بحفظ الله |
أخي العزيز الكناري
أشكرك جزيل الشكر على قراءتك التي أسعدتني وتعليقك الذي عطر الصفحه وأرجوا من الله أن أستفدت دمت بحفظ الله |
جزاك الله خير على الموضوع
ومشكور على الطرح الرائع |
جزاك الله خير واثابك على جهودك
موضوع جدا رائع |
أخي طلال الساهر
أشكر مرورك المتواضع لصفحتي أتمنى لك الفائده دمت بحفظ الله |
أختي ملكه الاحساس
أشكر مرورك المتواضع لصفحتي أتمنى لك الفائده وهذا مايسعدني دمت بحفظ الله |
جزاك الله خير على الموضوع
|
اسم الله الحكيم سبحانه جل جلاله
**أولا:المعنى اللغوي: الحكم (بالفتح)الحكم(بكسر الكاف)بمعنى الحاكم... [COLOR="DarkOrchid"]والحكم[/COLOR]: العالم وصاحب الحكمه ، والحكم (ضم الحاء): العلم والفقه والقضاء بالعدل.وأصل الحكم في لغه العرب : معناه المنع،تقول:حكمه وأحكمه إذا منعه.الحكمه : العلم النافع،لأن العلم النافع هو الذي يحكم الأقوال والأفعال،أي:يمنعها من أن يعتريها الخلل،فمن كان عنده العلم الكامل فإنه لايضع الأمر في موضعه،ولايوقعه إلا في موقعه،لأن كل إخلال في الأحكام إنما هو من الجهل بعاقبه الأمور،فترى الرجل الحاذق البصير يفعل الأمر يظن أنه في غايه الأحكام،ثم ينكشف الغيب أنه فيه هلاكه،فيندم حين لاينفع الندم ويقول:"ليتني لم أفعل"!! أما الله سبحانه العالم بعواقب الأمور،وماتصير إليه،والعالم بما كان ومايكون،فلايضع الأمور إلا في موضعه،ومحال أن ينكشف الغيب عن أن ذلك الأمر على خلاف الصواب لعلمه سبحانه بما تؤول إليه الأمور.(من كلام الشنقيطي في أضواء البيان) ** ثانيا:وروده في القرآن أو السنه: ورد اسم الله الحكيم أربعه وتسعين مره في القرآن،منها: _(والله عزيز حكيم) _(وهو الحكيم الخبير) _(وأن الله تواب حكيم) _(إنه علي حكيم) _(وكان الله واسعا حكيما) ومن السنه : _عن مصعب بن سعد عن أبيه قال:جاء إلى رسول الله أعرابي فقال:علمني كلاما أقوله،قال:"قل لا إله الله وحده لاشريك له،الله أكبر كبيرا،والحمدلله كثيرا،وسبحان الله رب العالمين ،ولاحول ولاقوه إلا بالله العزيز الحكيم" قال:هذا لربي،فما لي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قل اللهم اغفر لي،وارحمني،واهدني،وعافني، وأرزقني". _وقال ابن كثير : الحكيم في أفعاله وأقواله،فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعلمه. _وقال الحلمي :الحكيم معناه الذي لايقول ولايفعل إلا الصواب،وإنما ينبغي أن يوصف بذلك،ولأن أفعاله سديده،وصنعه متقن،ولايظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم. _قال السعدي : الحكيم أي الموصوف بكمال الحكمه،وبكمال الحكم بين عباده ،فالحكمه هي سعه العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها،وعلى سعه الحمد حيث يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها ولايتوجه إليه سؤال،ولايقدح في حكمته مقال،فله الحكمه في خلقه وأمره. _قال الشنقيطي عند تفسير (حكيم عليم):الحكيم هو من يضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها،فالله جل وعلا حكم لايضع أمرا إلا في موضعه،ولايوقعه إلا في موقعه،ولايأمر إلا بمافيه الخير ولاينهى ألاعما فيه الشر،ولايعذب إلا من يستحق العذاب،وهو جل وعلا ذو الحكمه البالغه له الحجه والحكمه البالغه. ** أثر الإيمان باسم الله الحكيم: 1-أن اسم الله(الحكيم)يلزم الإيمان به لورازم قلبيه تعبديه تقتضي الأيمان الجازم بإن الله عزوجل حكيم في جميع أحكامه الدينيه. بل إن اسم (الحكيم) لله سبحانه يفرض على العبد الاستسلام لشرع الله الحكيم فيحكم به،و يتحاكم إليه،ويرفض كل شرع يخالف شرع الله حكما وتحاكما،ويؤمن إيمانا جازما أن من شرع دينا ونظاما مالم يأذن به الله تعالى وادعى أنه أصلح لحياه الناس ومعاشهم أوساواه بشرع الله،أو جوز الحكم به فإنه قد أشرك بالله عزوجل. وبعد.. فإن الله له الحكمه البالغه وفيها الصلاح والخير في الحال والمآل ولو ظهر فيها شيء مما تكرهه النفوس وتتألم منه ممايقدره الله،فلابد من الإيمان بإن الله له الحكمه البالغه،وهذا ما يقتضيه اسم الله الحكيم،فلنتأمل قوله تعالى(كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرلكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون).. فالعبد لايدري،فلعل وراء المكروه خيرا ووراء المحبوب شرا،فالله هو العليم بالغايات البعيدة. 2-إذا علم العبد أن الله حكيم،عندها يرضى يقضاء الله وقدره عليه،وهذا كله يبث في نفسه روح الطمأنينه والسكينه،كما قال عليه السلام"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير و ليس ذلك إلا لمؤمن،إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"،وكما قال عليه السلام "والشر ليس إليك" فالشر ليس إلى الله سبحانه ولو ظهر لنا أن هذا الفعل شر ومكروه فهو بالمآل خير وصلاح. ولقد كان أنبياء الله يدركون مافي أسماء الله عزوجل من العبوديات،فهذا نبي الله يعقوب عليه السلام يأتيه الخبر باحتجاز ابنه الثاني بنيامين عند عزيز مصر وقد سبق أن فقد يوسف عليه السلام فتوجه بدعائه إلى ربه( قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم) 3_جاءت لفظه( الحكمه )مصرحة بها في القرآن كقوله تعالى(حكمه بالغه )( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمه)(ومن يؤت الحكمه فقد أوتي خيرا كثيرا)والحكمه هي العلم النافع والعمل الصالح. وأحيانا يأتي في القرآن إخباره أنه فعل كذا لكذا، كما في قوله تعالى ( الله الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما)و(وماجعلنا القبله التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول)وقوله تعالى (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) فإن فرعون التقطه بقضاء الله وقدره،وقد ظهر لفرعون كمال الله،وقدرته وحكمته،وأن هذا الذي يذبح الأبناء هو نفسه يتولى تربيه من يخاف منه في حجره وباختياره وإرادته. 4_كلام الله حكم ومحكم،كيف لايكون هذا وهو كلام أحكم الحاكمين،وقد وصف الله كتابه بإنه حكيم كما قال تعالى(ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم)وقوله (يس والقرآن الحكيم)(آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير)(ويقول الذين آمنوا لو لانزلت سورة محكمه وذكر فيها القتال).. وحكمه الله تقتضي أن يكون القرآن حكيما ومحكما لأنه الكتاب الذي ليس بعده كتاب، فالقرآن حكيم في أسلوبه الرائع،وحكيم في هدايته ورحمته،وحكيم في أمره ونهيه،وحكيم في أحكامه وفي تشريعه،فنجدالحكمه في العقوبات التي حددها الإسلام لجرائم الزنا والقذف و السرقه والسكر،فتجد أن إقامه هذه إقامه هذه الحدود فيها نفع للناس لأنها تمنع الجرائم وتردع القصاة،وتحقق الأمن لكل فرد على نفسه وعرضه وماله وحريته. ومن تأمل عقوبه الزنا الرجم للمحصن والجلد لغير المحصن وقاربها بعقوبة الزنا في القوانين الوضعية التي عقوبتها الحبس،وهي عقوبه لاتؤلم الزاني إيلاما يحمله على هجر اللذة التي يتوقعها من وراء الجريمه،ولاترجره عن فعلها مة أخرى. وانظر لعقوبه القصاص(ولكم في القصاص حياة ياأولى الألباب)فالحكمه منه المحافظة على حياة الإنسان . 5_إن الله سبحانه يؤتي الحكمة من يشاء كما قال عز وجل (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمه فقد أوتي خيرا كثيرا ) وقد تنوعت عبارات المفسرين في تأويل قوله تعالى (يؤتي الحكمه) فمنهم من قال :هي الاصابة في القول والفعل .وقيل :هي الفقه والقرآن والفهم فيه .وقال بعضهم :هي الفهم والعقل في الدين ،والاتباع له .وقال آخرون:هي النبوة. وقد جاء في أحاديث كثيرة أن من أوتي الحكمة ينبغي أن يغبط لعظم هذه النعمه عليه،ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "لاحسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق و آخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها". وقد ذكر الله في كتابه بعض الذين آتاهم الحكمة وأكثرهم من الأنبياء،فامتن سبحانه على محمد صلى الله عليه وسلم(وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما). وعلى آل إبراهيم عليه السلام(فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) وعلى عيسى عليه السلام(وإذا علمتك الكتاب والحكمة ةالتوراة والإنجيل) وعلى داود عليه السلام(وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه ممايشاء) وعلى لقمان العبد الصالح(ولقد آتينا لقمان الحكمة). 6_خلق الله سبحانه خلقه في أحسن خلق وأتقن مايكون عليه الخلق،قال تعالى(صنع الله الذي أتقن كل شيء) فإنه سبحانه دبر خلقه أحسن التدبير وصنع مخلوقاته أحسن الصنع،فلايدخل في تدبيره وتقديره خلل ولايتعري صنعه نقص أو تصور،قال تعالى(وصوركم فأحسن صوركم) وقال سبحانه(الذي خلق سبع سموات طباقا ماترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) وإليكم بعض هذا الخلق: #البحار: وهو من آيات الله العظام فلولا إمساك الله تبارك وتعالى لماء البحر بقدرته ومشيئته وحبسه الماء، لطفح الماء على الأرض وعلاها كله. ثم تأمل مامن صنف من الحيوانات في البر إلا وفي البحر أمثاله. ثم تأمل السفن وسيرها في البحر،قال تعالى(ومن آيات الجوار في البحر كالأعلام إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) #الشمس : إذ لو ابتعدت الأرض عن الشمس لنقصت كميه الحراره،ولتجمدت الكائنات على الأرض،ولو اقتربت الأرض من الشمس لارتفعت الحراه،ولصارات الحياة غير ممكنه على الأرض. #الجبال : فتأمل الجبال والحكمة العجيبة فيها،وفيها مالايخفى من النافع،فمن مناقعها أن الثلج يسقط عليها فيبقى في علييها حاضنا لشراب الناس إلى حجين نفاده وجعل فيها ليذوب أولا بأول،فتسيل عنه الأنهار،ومنها:مايوجد فيها من المعادن على اختلافها من الذهب،والفضه،والنحاس والحديد،والرصاص. ومنها أنها ترد الرياح العاصفه،وتكسر حدتها فلاتدعها تصدم ماتحتها،ولذا فإن الساكنون تحتها في أمان من الرياح العظام المؤذيه.ومنها أنها ترد السيول وأنها أعلام يستدل بها في الطرقات،ومنها أنها للارض أوتادا،وقد أمرنا الله بالنظر إلى خلقها قال تعالى(وإلى الجبال كيف نصبت) ،وهي مع هذا كله،فهي تسبح لله بحمده وتخشع له وتسجد،وتتشقق وتهبط من خشيته،وقد خافت من الأمانه لما عرضت عليها.ومنها الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام، والجبل الذي تجلى له ربه فساخ وتدكدك،ومنها جبل أحد الذي حبب الله ورسوله وأصحابه إليه، وأحبه رسول الله ورسوله،وجبل حراء فسبحان من اختص برحمته وتكريمه من يشاء من الجبال والرجال،فجعل منها جبالا هي مغناطيس القلوب كأنها مركبة منه،فهي تهوي إليه كلما ذكرتها وتهفوا نحوها، كما اختص الرجال من خصه بكرامته،وأتم عليه نعمته وأسبغ عليه محبة منه فأحبه وحببه إلى ملائكته وعباده المؤمنين ووضع له القبول في الأرض بينهم،وكانت أم الدرداء إذا سافرت، فصعدت على جبل لمن معها:أسمع الجبال ماوعدها بها!فيقول:ماأسمعها؟فتقول:(وسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصا لاترى فيها عوجاولاأمتا) #النمله : تأمل ماأعطيت من الفطنه والحيله في جمع القوت وادخاره وحفظه،ودفع الآفة. ومن ذلك أنهاإذا نقلت الحب إلى مساكنها كسرته لئلاينبت،فإن كان مماينبت الفلقتان منه كسرته اربعا،فإذا أصابه ندى أو بلل،وخافت عليه الفساد أخرجته للشمس ثم ترده إلى بيوتهاولهذا ترى في بعض الأحيان حباكثيرا على أبواب مساكنها مكسرا،ثم تعود فلاترى منه واحدة.ويكفي من حكمتها ماحكاه الله عنها (ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون) لعشيرة ظانواع من الخطاب في هذه النصيحه : النداء والتنبيه والامر والنهي،والتحذير والتخصيص ، والتفهيم،التعميم والاعتذار،لذا يبتسم سليمان من قولها!ومع هذا كله فهي تسبح لله كما في صحيح البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة، فلدغته نمله فأمر فأخرج،ثم أحرق قريه النمل،فأوحى الله إليه من أجل أن لدغتك نمله أحرقت أمه من الأمم تسبح !!فهلا نملة واحدة" #الخنفساء : يذكر بعض أهل العلم أن رجلا كان في بستان فرأى خنفساء فرفسها برجله وقال: ماهذه إلا عبثا!! ومرت أيام وأصيب إبهام رجله بقرحة،وذهب للأطباء فلم يجد لها دواء، حتى جاء لطبيب يداوي بالأعشاب،فأمره أن يخرج لأي بستان ويبحث عن أي خنفساء فيأخذها ويقطع جزءا يسيرا من رجلها،وعندها ستذهب إلى ورق شجر لتداوي بها نفسها،وهذه الورق هو دواءك!!وبالفعل هذا وتداوى بهذا الورق،فعلم أن الله ما خلق شيئا عبثا. 7_خلقه كله لحكمه يعلمها سبحانه،وصدق الله يوم قال:"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون فتعالى الله الملك الحق لاإله إلا هو رب العرش العظيم )(أيحسب الأنسان أن يترك سدى) ومن حكمته سبحانه التفاوت بين العباد،وأعظم التفاوت وأبينه ليشكره منهمم من ظهرت عليه نعمته وفضله،ويعرف أنه قد حبي بالإنعام وخص دون غيره بالإكرام،ولو تساووا جميعا في النعمه والعافيه لم يعرف صاحب النعمة قدرها ولم يبذل شكرها. فإن الله خلق الخلق لحكمه جليله،وغايه عظيمه(وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)ولم يخلقهم عبثا ولا باطلا كما يظن الكفار(وماخلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) وجعل سبحانه يوم القيامه موعدا لهم،وسيرجعون إليه ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى. **بعض القصص التي نستنبط منها حكمة الله جل وعلا: _فتاه نالت شهاده الثانويه وكانت تبحث عن عمل فتقدمت لوظيفه فطولبت بشهاده صحيه، فتوجهت إلى مستشفى حكومي لتفحص نفسها فجاء النتيجه أنها مصابه بمرض السل !! بكت وبكت حتى أن من حولها خافوا من العدوى فابتعدوا عنها وتركوها تأكل وحدها، وأعطوها أدوات خاصة بها..وازدادت العزلة بهاإلى أن قررت أن تتوب إلى الله وأن تصلي وتتحجب،ثم راجع أخوها المستشفى بعد حين،فإذا هم يعتذرون إذ هذه النتيجة ليست لها بل لغيرها،فهي سليمه..سبحان الله!! _معلمه رياضيات عينت في مدرسه من المدارس،ولكن المديرة أمرتها أن تدرس تفسيرا!! فقالت لها معتذرة:كيف أدرس تفسيرا وأنا لا أفقه شيئا فيه! فدخلت هذه المدرسة وفتحت كتاب التفسير وأول آيات التفسير آيات الحجاب،ولم تكن المعلمه تلبس الحجاب فقرأت الآيات والتفاسير،فانهمرت عيناها بالدموع تائبه آئبه إلى الله. كثير من الأحيان ماتمر علينا قصص لمن حولنا..فلان عقيم مثلا..نتساءل لماذا؟!وفلان مات في سن مبكره..لماذا؟!لحكمة بالغه لا يعلمها إلا الحكيم سبحانه وتعالى. بل كثير من الأحيان تمر بنا مواقف وظروف وقتها تأتي الحكمة إلهاما من الله لنا،قال تعالى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضيعه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولاتخافي ولاتحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) هذا ليس وحي بالرسالة بل إلهام،أحيانا تتسائل:لم ذهبت للمكانن الفلاني ولم ترتب له!!فالله هو الذي يسوق لك الخير من حيث لاتدري،أويرد عنك أذى كثيرا وأنت لاتدري. إن حظ الإنسان من الحكمة على قدر اتباعه لأمر الله وأمر رسوله عليه السلام ولذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم منأكثر الناس حكمة،لقربه من الله سبحانه وتعالى،وصدق الله حين قال (فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). **الحكمة من الإبتلاء بالذنوب: 1-أن التوبه تحدث للتائب آثار عجيبه من المعامله التي لاتحصل بدونها،فتوجب له من الرقة والمحبة واللطف وشكر الله وحمده والرضا عند عبوديات أخر. 2-أن الله يفرح بتوبة عبده أعظم فرح،فمن تاب نال فرحة عظيمة عند التوبة النصوح،وتأمل كيف القلب حيا فرحا وأنت لاتدري سبب ذلك الفرح ماهو؟!وهذا أمر لا يحس به إلا حي القلب، وأما ميت القلب فإنما يجد القلب عند ظفره بالذنب،فوازن بين هذين الفرحين وعاقبتهما،فالأول يعقبه انشراح دائم وطيب عيش،والثاني أحزان وهموم وغموم ومصائب. 3-ومن فوائد الذنوب وحكمها أنه إذا شاهد ذنوبه ومعاصيه وتفريطه في حق ربه استكثر القليل من نعم ربه عليه_ولاقليل منه_فهو يستكثر الواصل إليه من نعم الله فيراها كثيرة على مسيء مثله ويستقل كثير عمله الصاله لعلمه بأن الذي ينبغي به نجاسته وأوساخه أضعاف مايأتي به،فهو دائم مستقل لعلمه كائناما كان،مستكثر لنعمه الله عليه وإن دقت. 4-أن الذنب يوجب لصاحبه التيقظ والتحري من مصائد عدوه،ومن أين يدخل عليه اللصوص والقطاع،فهو قد استعد لهم وتأهب،وعرف بماذا سيدفع شرهم وكيدهم. 5-ومنها أن مثل هذا يصير كالطبيب ينتفع به المرضى في علاجهم ودوائهم،قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"إنما تنقضي عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأفي الإسلام من لايعرف الجاهليه" والمقصود أن من بلي بالآفات صار أعرف الناس بطرقها وأمكنه أن يسدها على نفسه وعلى من استنصحه من الناس ومن لم يستنصحه. 6-ومنها أنه سبحانه يذيق عبده ألم الحجاب والبعد عنه،وزوال الأنس به والقرب ليمتحن عبده،فإن أقام على الرضا بهذه الحال،ولم يجد نفسه تطالبه بحالها الأول مع الله،بل اطمأنت وسكنت إلى غيره ،علم أنه لايصلح موضعه في مرتبته التي تليق به،وإن استغاث استغاثه الملهوف،ودعا دعاء المضطر، وعلم أنه قد فاتته حياته حقا،فهو يهتف لربه أن يرد عليه حياته،ويعيد عليه ما لاحياة له بدونه، علم أنه موضع لما أهل له،فرد عليه أحوج ماهو عليه،فعظمت به فرحته وكملت به لذته،وتمت به نعمته، واتصل به سروره،وعلم حينئذ مقداره،فعض عليه بالنواجذ وتنى عليه الخناصر،وكان حاله كحال ذلك الفاقد الراحلة التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة إذا وجدها بعد معاينه الهلاك..فماأعظم موقع ذلك الوجدان عنده!!فالعبد إذا بلي بالوحشة بعد الأنس،والبعاد بعد القرب، اشتاقت نفسه إلى لذة تلك المعاملة فحنت وأنت وتصدعت،وتعرضت لنفحات من ليس لها منه عوض أبدا..ولاسيما إذا تذكرت بره ولطفه وحنانه،وإن استمر إعراضها ولم تحن إلى مهدها الأول،ولم تحس بفاقتها الشديدة وضرورتهاإلى مراجعة قربهامن ربها،فهي ممن غاب لم يطلب!!وإذا أبق لم يسترجع!!وإذا جنى لم يستعتب،وهذه هي النفوس التي لم تؤهل لماهنالك. 7-ومنها أنه يوجب للعبد الإمساك عن عيوب الناس،والفكر فيها،فإنه في شغل بعيب نفسه،فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس،وويل لمن ينسى عيبه وتفرغ لعيوب الناس،فالأول علامه السعادةنوالثاني علامة الشقاوة، قال الإمام مالك:"أعرف أناسا ليست لهم عيوب،تكلموا في عيوب الناس فأحدث الناس لهم عيوبا،واعرف أناسا كانت لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فسكت الناس عن عيوبهم. 8-ومنها أن شهود العبد ذنوبه وخطاياه توجب له أن لايرى لنفسه على أحد فضلا،ولاله على أحد حقا ،فإنه يشهد عيوب نفسه وذنوبه،فلايظن أنه خيرمن مسلم يؤمن بالله ورسوله،ويحرم ماحرم الله ورسوله، فإذا شهد ذلك لم ير لنفسه على الناس حقوقا من الإكرام،أو يذمهم على ترك القيام بها فإن نفسه عنده أخس قدرا ،وأقل قيمة من أن يكون لها على عباد الله حقوق يجب مراعاتها،أو لمثله فضل يستحق أن يكرم ويقدم لأجله، فيرى أن من سلم عليه أولقيه بوجه منبسط فقد أحسن إليه وبذل له مالايستحقه،فاستراح هذا في نفسه، وأراح الناس من شكايته،فما أطيب عيشه!!وما أنعم باله،وماأقر عينه،فسبحان من بهرت حكمته عقول العالمين. 9-ومنها أنه إذا وقع في الذنب شهد نفسه مثل إخوانه الخطائئين،وشهد أن المصيبة واحدة وأن الجميع محتاج إلى مغفره الله وعفوه ورحمته،فكما يجب أن يستغفر له أخوه المسلم كذلك هو ينبغي أن يستغفر لأخيه المسلم،فيردد قائلا:رب اغفرلي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات. 10-ومنها أنه إذا شهد نفسه مع ربه مسيئا خاطئا مفرطامع فرط إحسان الله إليه في كل طرفة عين، وحاجته لربه وعدم استغناؤه عنه نفسا واحدا،وهذه حاله معه،فكيف يطمع أن يكون الناس معه كما يحب، وأن يعاملوه بمحض الإحسان وهو لم يعامل ربه بتلك المعاملة وكيف يطمع أن يطيعه مملوكه وولده وزوجته في كل مايريده ولايعصونه وهو مع ربه ليس كذلك؟!قال سفيان الثوري:"ماأصلح عبد مابينه وبين الله إلا أصلح الله مابينه وبين العباد،وما أفسد عبد مابينه وبين الله إلا فسد الله مابينه وبين العباد". وقال السلف:"والله إني لأرى أثر معصيتي في خلق أقراني ودابتي"،وهذا يوجب له أن يستغفر لمسيئهم، ويعفو عنه ويسامحه. وليحذر العبد من توالد السيئات فإنه كما قال السلف:"إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ومن عقاب السيئه السيئه بعدها. 11-وإن من حكمة الله في الإبتلاء بأن يسوق العبد بعد البلاء إلى أصل الغايات،وأكمل الآيات والتي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الإبتلاء والإمتحان،فكان ذلك الإمتحان صورته صورة بلاء، وباطنه فيه الرحمة والمنة،فكم لله من نعمه جسيمة ومنة عظيمة تجنى من قطوف الإبتلاء؟! فتأمل:حال أبينا إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء،وكيف آلت محنته وصبره وبذله نفسه لله،حتى اتخذ الله خليلا لنفسه،فتأمل محنته عندما أمر بذبح ابنه،فإن الله جازاه على تسليمه ولده لأمر الله بأن بارك في نسله وكثره،وجعل في ذريته النبوة والكتاب فإن الله تعالى لا يتكرم عليه أحد وهو أكرم الأكرمين، فمن ترك لوجهه أمرا وفعله لوجهه بذل الله له أضعاف ماتركه من ذلك الأمر أضعافا مضاعفة، وجازاه بلإضعاف مافعله لأجله أضعافا مضاعفه،فلما أمر إبراهيم بذبح ولده فبادرلأمر الله، ووافق عليه الولد أباه رضاء منهما وتسليما،وعلم الله منها الصدق والوفاء فداه بذبح عظيم، وأعطاهما ماأعطاهما من فضله،ومن ذلك تكثير نسله وذريته،فإن غاية ماكان يحذره إبراهيم من ذبح ولده انقطاع نسله،فلما بذل ولده لله،وبذل الولد نفسه ضاعف الله النسل واستجاب دعوته (رب هب لي من الصالحين) (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي)،بل جعل النبوة والكتاب في ذريته الخاصه وأخرج منهم محمدا صلى الله عليه وسلم. 12-ومنها أنه يعرف العبد حاجته إلى حفظه سبحانه ومعونته وصيانته،وأنه كالوليد الطفل في حاجته إلى من يحفظه ويصونه،فإنه إن لم يحفظه مولاه الحق ويصونه فهو هالك ولابد،فقد أجمع العلماء بالله على أن التوفيق أن لايكل الله العبد إلى نفسه،وأجمعوا بخذلان من يخلي بينه وبين نفسه. 13-ومنها أنه سبحانه يستجلب من عبده بهذا الذنب ماهو أعظم أسباب السعادة له،وهو الدعاء والتضرع والإنابة والطاعة،فيحصل للروح قرب خاص لم يكن يحصل بدون هذه الأسباب ويجد العبد نفسه كأنه ملق على باب مولاه بعد أن كان نائيا عنه،وهذا الذي أثمرله.(إن الله يحب التوابين) فكم من عباده جعله صاحبها على ربه شامخ الأنف بها،في كل حين يتذكر تلك الأعمال في نفسه حتى حجبته عن معبوده إلهه، فانظر الفرق بين هذه العباده وبين عبادة من قد كسر الذل قلبه كل الكسر،وأحرق فيه كل الحماقات والخيلات،فهو لايرى نفسه مع الله إلا مسيئا،ولايرى ربه إلا مستحقا،فلايزال ذليل اللسان والجوارح،مطأطئ الرأس خاضع،غاض البصر،خاضع الصوت هادئ الحركات،قد يسجد بين يدي ربه سجدة إلى الممات. 14-زمنها أنه يسلبه رؤيه طاعته،وانشغاله برؤيه ذنبه فلايزال نصب عينيه،فإن الله إذا أراد بعبد خيرا سلبه النظر لأعماله الحسنة من قلبه،والإخبار بها من لسانه،وشغله برؤية ذنوبه فلايزال نصب عينيه حتى يدخل الجنة،فإن ماتقبل من الأعمال رفع عن القلب رؤيته ومن اللسان ذكره. 15-أنه قد يكون في القلب أمراض مزمنه لايشعر بها فيمتن الله عليه،ويقضي عليه بذنب ظاهر، فيجد ألم مرضه فيتداوى،فتزول تلك الأمراض من قلبه وهو لايشعر،كما قال الشاعر:وربما صحت الأجسام بالعلل. 16-ومنها أن ينزل منه داء العجب والغرور،ففي الحديث(لة لم تذنبوا لخفت عليكم ماهو أشد منه، قالوا ماهو يارسول الله،قال :العجب). وبعد هذا كله ..لنعلم يقينا عظمة حكمته الباهرة،وصنعته العظية،فيتيقن العبد أن ماكتبه الله هو خير له ويتذكر قوله تعالى (الله لطيف بعباده).. هذا وصلى الله على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين والحمدلله رب العالمين. |
جزاك الله خير على الموضوع
ومشكور على الطرح الرائع |
جزاك الله خير على طرحك الرائع |
نور الهدى
د.كيف أشكر لكم حسن قرائتكم وأتمنى لكم الفائده دمتم بحفظ الله |
بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الله الطيب جل جلاله الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولل الله وعلى آله وصحبه أجمعين ...وبعد (1) وروده في الحديث الشريف:هذا الاسم ثبت في السنه روي في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله طيب لايقبل إلا طيبا" وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:"يأيها الرسل كلوا من الطيبت وأعملوا صلحا إنى بماتعملون عليم " ثم ذكر "الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمديديه إلى السماء يقول يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك " وهذا الحديث الصحيح ثبت فيه اسم الله سبحانه وتعالى الطيب. (2) المعنى اللغوي لهذا الاسم : فهو عكس الخبيث . وكثيرا مايجمع الله بين الخبيث والطيب ، قال تعالى:"قل لايستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث". *معنى الطيب: فالطيب يأتي بمعاني عديده منها: أرض طيب : أي تصلح للزراعة. بلد طيب : أي بلد طيب آمن . كلمه طيبة : أي إن من الكلام ماهو طيب ومكرره فكلمة طيبة أي لامكرره فيها. الطيب أيضا يأتي بمعنى الطاهر : ولذلك في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه ، " أن علي رضي الله عنه لماغسل النبي صلى الله عليه وسلم والعباس عمه وأبناء عمه العباس (القثم والفضل )وشقراء مولى رسول الله وأسامة بن زيد (وفي هذه دلالة على أن أولى الناس بالميت هم عصبته) فعلي كان يغسل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ذهبت التمس منه مايلتمس من الميت (أي من القذى والأذى ) فلم أجد فيه شيء فقال : بأبي أنت وأمي يارسول الله طبت حيا وطبت ميتا" الحديث صحيح رواه ابن ماجه. فالطيب هنا بمعنى الطاهر أي يعني طاهر في الحياة وطاهر في الممات فما معنى الطيب؟؟ ( 3) المعنى في حق الله تعالى :يقول القاضي عياض : أي هو المنزه عن النقائص والعيوب فالله سبحانه وتعالى هو القدوس منزه ومطهر عن كل نقص وعن كل عيب فالكمال كله لله. وكذلك ابن رجب يقول : اسم الله الطيب أي المنزه عن كل نقص وكل عيب. وكما قال الله تعالى :"الطيبت للطيبين والطيبون للطيبت أولئك مبرءون مما يقولون". أي منزهون عن الفواحش ، أي بمعنى نزه عن كل نقص وعن كل طيب .يقول ابن القيم : الطيب : أي أن الله طيب على الإطلاق. إذا كان الله هو الطيب فإن هذا يلزم عدة أمور: 1- أي طيب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"التحيات لله والصلوات والطيبات..."الطيبات هنا صفة والموصوف محذوف أي معناها والطيبات من الكلمات والأفعال والصفات منسوبة لله فهو طيب في أفعاله وأقواله وصفاته وفي كلماته ، كما قال تعالى :"إليه يصعد الكلم الطيب" ، فكل شيء طيب منه وإليه ، حتى قال رحمة الله تعالى :"فما طاب شيء إلا بطيب الله وكل شيء طيب فإنما هو أثر من طيبه جل وعلاه". 2-ثم ليعلم أن الله خلق الخلق فاختار من خلقه أطيبهم فاختار لأهل جنته أطيب الخلق وأطيب الناس فقال تعالى:"الذين تتوفهم الملئكة طيبين" وقال تعالى :" سلام عليكم طبتم فادخلوها خلدين" وفي الحديث :" المؤمن يخرج من بيته يزور أخوه في الله فيقول له ملك من الملائكة طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا". أوكما قال عليه السلام .آثار الإيمان بهذا الاسم : الأثر الأول : انه سبحانه طيب منزه عن الخبث والنقائص والعيوب.الأثر الثاني : قال الرسول:" إن الله طيب لايقبل إلا طيبا"، فإنه سبحانه وتعالى طيب ليس فيه نقص ولا عيب بل الكمال كله له سبحانه وتعالى، فالله لايقبل من الأموال والعقائد والعبادات إلاما كان طيبا ، قال تعالى:" يأيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبت ماكسبتم وممآ أخرجنا لكم من الأرض ولاتيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بئاخذيه إلآ أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد". فإذا تصدقت تصدق بأفضل مالك فلا تختار أخبثه للصدقة لأنها تقربا للطيب جل في علاه.وفي الحديث الصحيح:"من تصدق بتمرة من كسب طيب (فإن الله طيب لايقبل إلا طيبا) تقبلها الله منه بيمينه فيربيها الله له كمال يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبال ". لأنها حلال يقول الرسول عليه السلام:" لايتصدق أحد بصدقة من كسب طيب إلا تقبلها الله منه وإن الله لايقبل إلا طيبا". فتأملي (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه). فقيل في تفسيرها أنها : 1- لا إله إلا الله. 2- وقيل القرآن 3- وقيل أنها سبحان الله وبحمده . 4- وقيل أنه أي كلام فيه ذكر الله جل وعلا. أ- وفي الحديث:" تصدقوا ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة" ب- وفي الصحيحين:" الكلمه الطيبة صدقة"،وخاصة إذا ترأس الإنسان ولاية أو مركز وكان مسؤول وحاجات الناس إليه فتأتي بالكلمه الطيبة وأثرها في القلوب فهناك أناس ماتستقيم على الطاعة أثر محاضرات أو دروس ولكن من أجل خلق حسن أوكلمة طيبة خرجت من فؤاد مخلص وإذا العبد يستقيم أحسن مايكون عليه الاستقامة بكلمة طيبة أو ابتسامة صادقة. ج_ أيضا الأعمال مايقبل الله إلا ماكان خالصا له عزوجل فمتى مادخل العمل الرياء والعجب رد في وجه صاحبه قال تعالى:"وما ربك بظلم للعبيد"، وفي الحديث:" إن العبد يأتي بحسنات مثل الجبال فيقول الله ماتقبلت منها شيئا اذهب فخذ أجرك من ثناء الناس ومدحهم "، فإذا أخلص العبد العمل لله ولو كان ابتسامة في وجه أخيه وهي لله يقبلها الله وإذا بحسناته أمثال الجبال. د- حتى الكلام قسمه الله إلى طيب وخبيث قال تعالى في سورة إبراهيم:"ضرب الله مثلا كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السمآء(24)تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس" فيجد ثمرة هذه الكلمة الطيبة في حياته بل ويجدها بعد مماته ، جعلنا الله ممن وفق لهذه الكلمة الطيبة،"ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الأخرة ويضل الله الظلمين ويفعل الله مايشآء" الذي وفق للكلمة الطيبة فهذا من تثبيت الله له والذي لم يوفق لها فهذا من خذلان الله له جل وعلا نسأل الله عافيه. وهذه الكلمة مع العبد حتى يصل إلى البرزخ فإذا قيل من ربك ؟ مادينك؟من نبيك؟، فيثبت الله في ذلك المكان من يشاء سبحانه. ووصف الله رسوله في القرآن فقال تعالى:"يحل لهم الطيبت ويحرم عليهم الخبئث". فكل ماهو طيب أصله الحل وكل ماهو خبيث فهو حرام. الأثر الثالث:قال ابن رجب : المؤمن كله طيب جسده وقلبه ولسانه،أما قلبه فمليء بالإيمان ، وأما لسانه فهو بذكر الله وأما جوارحه فهو يعمل العمل الصالح وهذا من أثر إيمان قلبه فاختارالله من عباده الطيبين واصطفى لهم دار الطيب دار الجنة ، جعلنا الله وإياكم من أهلها ولذلك قال تعالى:" الذين تتوفهم الملئكة طيبين". ويقول تعالى:"سلم عليكم طبتم". يقول ابن القيم : الناس ثلاث طبقات: 1- فمنهم طيب لايشينه خبث 2- ومنهم خبيث لاطيب فيه 3- ومنهم طيب وخبيث وأما منازلهم: 1- أما طيب محض 2-أو خبيث محض 3- وإما دار فيها خبيث وطيب. فالدار الطيب محض وهي الجنة. والدار الخبيث محض النار. والدار التي فيها خبيث وطيب فهي الدار التي يعذب فيها عصاة الموحدين فإن الله إن شاء غفرلهم برحمته وعفوه وإن شاء عذبهم في النار بعدله وإن عذبوا لا يدخلون فيها برحمة الله فلايبقى بعد ذلك إلا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض ، والله قد اختار من هؤلاء الخلق أطيبهم قال تعالى :"ولقد كرمنا بنى ءادم ..." ولابن آدم من الكرامة والفضل ماليس لغيره من خلقه.وإذا تأملت في سورة النور قال تعالى :" الخبيثت للخبيثين والخبيثون للخبيثت والطيبت للطيبين والطيبون للطيبت أولئك مبرءون ممايقولون". قال مجاهد وابن رجب : إن الخبيثات من القول (أي الكلام الخبيث) للخبيثين من الرجال من القول والطيبات من القول للطيبين من الرجال ، جعلنا الله من أهل الطيب . لما انتقى الله أهل الطيب وأهل الجنة فإنه سبحانه وتعالى مع هذا قد هدى سبحانه عباده هؤلاء في الدنيا ووفقهم للطيب من القول وقد حفظ ألسنتهم من حيث لايشعرون. قال تعالى :"وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صرط الحميد". فإنه سبحانه وتعالى يرعاهم رعاية ويكلأهم من عنده فقد تولاهم الله وحفظهم ليؤهلهم للجنان.الأثر الرابع: وإذا بألسنتهم من أطيب ماتكون ، وقد حفظ الله ألسنتهم من الفحشاء والغيبه والنميمة وكل مايغضب الله ، قالت عائشه رضي الله عنها:" ماكان رسول الله فاحشا ولامتفحشا " ثم النبي قد وعد بالجنة لهؤلاء الذين هم أهل الطيب من الكلام الحسن قال عليه الصلاة والسلام:"إن في الجنة غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها قيل لمن يارسول الله قال:"لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام". الكلمة الطيبة صدقة تملك القلوب وتأسرها. فهذه الجنة دار الطيب لايدخلها إلا الطيب أما النار فهي الخبيث قال تعالى:"ليميز الله الخبيث من الطيب". أن يعلم أن هؤلاء اختار لهم أن يكونوا من الطيبين أنهم من أوفر الناس حظا وهم من أثر طيبته سبحانه وتعالى فهم يعيشون حياة طيبة في الدنيا وفي الآخرة (فإنهم يعيشون حياة طيبة) فتأملوا قول الله تعالى:"من عمل صلحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة ولنجزيهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون". فلنحيينه : اللام هنا للقسم والنون نون التوكيد الثقيله.حياة طيبة: مفعول مطلق مصدر للتأكيد ومعناها : والله لنجعلنه تعيش حياة طيبة والمقصود بالحياة الطيبة هنا حياة القلوب والأنس بالله جل في علاه. فهذا أطيب العيش وأطيب العيش العيش مع الله ومن ناله فقد نال أوفر الحظ والنصيب من اسمه الطيب. قال بعض السلف : والله إنه ليمر علي أوقات ليرقص قلبي طربا من شدة مايجد قلبي من الأنس مع الله واللذة في مناجاته يقول تعالى:" رب السجن أحب إلى ممايدعوننى إليه". فذاق حلاوة الانتصار على الشيطان والفتنه والهوى. الأثر الخامس :وفي الآخرة :" وعد الله المؤمنين والمؤمنت جنت تجرى من تحتها الأنهر خلدين فيها ومسكن طيبة في جنت عدن ورضوان من الله أكبر ذالك هو الفوز العظيم". ليست الحياة الطيبة بطيب المطاعم وأكل الطيبات فإن الرسول عليه الصلاة والسلام هاجر إلى المدينة وهو على ناقته القصواء ، يقول أنس عن أهل المدينة وهم يستقبلون النبي صلى الله عليه وسلم:" كنت اسمع بأن الناس تبكي من الفرح فلم أصدق ذلك حتى رأيت أهل المدينة يبكون فرحا للقيا محمد عليه الصلاة والسلام خرجوا يبكون ويقولون :طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ،فلما استقر رسول صلى الله صلى الله عليه وسلم عند أبي أيوب قال :" يارسول الله اسكن أنت من فوق ونحن أسفل فيقول يارسول الله : ماغمضت عيني أنا وأم أيوب البارحة فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"لماذا ياأبا أيوب" قال : إنك تحتي وخشيت أن أمشي فيتناثر الغبار عليك . فرحمه رسول الله وصعد ومكث عنده سبعه أشهر حتى بني مسجد قباء وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم . الأثر السادس : إن من أعظم مايحصل به طيبة الأعمال للمؤمن طيب مطعمه وذلك بأن يكون حلالا فبذلك يزكوعمله. وفي الحديث :" إن الله طيب لايقبل إلا طيبا" إشارة إلى أنه لا يقبل من العمل ولا يزكو إلا بأكل الحلال وإن أكل الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله فإنه قال بعد تقريره :"إن الله طيب لايقبل إلا طيبا..." بأن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح فمادام الأكل حلال فالعمل صالح مقبول. الأثر السابع : إن من الكسب عمل اليدين وكسب الولد ففي الحديث في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"إن من أطيب ماأكل الرجل من كسبه وولده من كسبه" ، وفي الحديث:"ماأخذ أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده"فداود لم يكن في حاجة فقد كان خليفة في الأرض فالله تعالى قال فيه:"وشددنا ملكه" ومع ذلك كان يتورع ولا يأكل إلا مما يعمل بيده قال تعالى:"وعلمنه صنعه لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم". وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم :"أن الولد من أطيب كسب الرجل وأباح الأكل من ماله فقال عليه الصلاة والسلام :"ولد الرجل من كسبه ومن أطيب كسبه فكلوا من أموالهم". صحيح سنن ابي داود. وقفه مع الكسب الحرام :لقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين وقد يشكك أعداؤهم في صحه ذممهم ولذا نجد الرسل كثيرا مايقولون:" لا أسألكم عليه من أجر". ونجد أن الله تعالى قال :"حللا طيبا". ماأفتى العلماء بأنه حلال . والطيب هو ما إطمئنت نفسك بأنه طيب . عقوبه المال الحرام : 1- التوعد النار فمن مات وهو مصر على أكل الحرام فهو متوعد بالنار إلا أن يتوب ، قال تعالى:"يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالبطل إلآ أن تكون تجرة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذالك عدونا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذالك على الله يسير". وقال رسولا الله صلى الله عليه وسلم :"كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به". 2-إعراض الله عنه : وفي الحديث :"من أخذ حقا لأخيه المسلم ليس له لقي الله والله عنه معرض" . بعكس المؤمن الذي أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه. 3- الفضيحه يوم القيامه : بأن يأتي حاملا المال الحرام على عنقه ففي الحديث:"..والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم من هذا المال الحرام شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه ، بقرة لها خوار وبعير له رغاء وشاة تعير ، ثم رفع النبي عليه الصلاة والسلام يديه حتى ظهر بياض أبطيه ثم قال :"ألا هل بلغت اللهم فاشهد اللهم فاشهد ". وفي الصحيح مسلم :" لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامه وعلى رقبته بعير له رغاء يقول يارسول الله أغثني فأقول :" لا أملك لك من الله شيئا قد بغلتك"، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامه على رقبته فرس له جمجمه فيقول يارسول الله أغثني ، فأقول :"لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك"، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامه على رقبته شاة لها ثغاء يقول يارسول الله أغثني فأقول له:" لا أغني عنك من الله شيئا قد بلغتك"، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يارسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك" لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رتاع تخفق فيقول يارسول الله أغثني فأقول :"لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك" لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يارسول الله أغثني فأقول :" لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك". 4- غضب الله عليه : ففي الصحيحين :" من حلف على مال امرىء مسلم بغيرر حق لقي الله وهو عليه غضبان"، قال ابن مسعود ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله :"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمنهم ثمنا قليلا لا خلق لهم في الأخره ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمه ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم". 5- بغض الله له :ففي الصحيحين :" إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم وهو الذي يخاصم على باطل وهو يعلم". 6- خصومه النبي صلى الله عليه وسلم له: ففي الحديث :" ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومنهم رجل استأجر أجير فاستولى منه ولم يعطه حقه ". 7- لا يقبل الله لك عمل : ففي الحديث:" إن الله طيب لايقبل إلا طيبا". 8- لا تقبل له دعوة : فإن مما يمنع الإجابه أكل الحرام وفي الحديث : ذكر الرجل أشعث أغبر ....ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد ابن أبي وقاص لما سأله أن يكون مستجاب الدعوة قال له صلى الله عليه وسلم :" أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة" قال سعد : مارفعت لقمة إلى فمي إلا وأنا أعلم من أين مجيئها ومن أين خرجت ، وقال وهب بن منبه : من سره أن يستجيب الله دعوته فليطب مطعمه . 9- محق البركه ومقت الناس وضياع هذاالمال في الدنيا . أنواع المال الحرام : 1- أكل أموال الناس بالباطل : وذلك مثل المماطله بالعمال وأكل رواتبهم . 2- أكل مال اليتيم : قال تعالى :" وءاتوا اليتمى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ". 3- أكل الربا : إن من أهم عقوبة آكل الربا : أ- التخبط في الدنيا والآخرة :" الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ". ب- محق البركة :" يمحق الله الربوا ويربى الصدقات". ج- يعلن الله الحرب عليه :" يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا مابقى من الربوا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله". د- النار في الآخرة : قال تعالى :" فمن جآءه موعظة من ربه فانتهى فله ماسلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ". 4- المرتشي : في الحديث :" لن الله الراشي والمرتشي". 5- القمار:" إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه". 6- أصحاب المهن : مثل النجار يصنع غرفة من خشب رديء ويقول هذا من أجود الخشب . 7- تأخير حقوق العمال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة" ومنهم "رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه حقه " . نماذج من حرص السلف على الأكل الطيب : 1- رسول الله صلى عليه وسلم : فقد رأى الحسن واضعا تمرة في فمه فأخرجها منه وقال :" كخ كخ إنها من تمر الصدقة " 2- أبو بكر الصديق : وغلامه الذي أطعمه من كهانه له في الجاهلية فأدخل أبو بكر يده في فمه حتى استقاء كل مافي جوفه . 3- البنت التي قال لأمها لكا طلبت منها أن تخلط اللبن بالماء قالت لها : إن عمر بن الخطاب نهانا أن نخلط اللبن بالماء ، فقالت لها : إن عمر لايرانا فقالت لها : فإن الله يرانا ، فزوجها عمر لابنه عاصم ومن ذريتهم عمر بن عبد العزيز فمن أراد طيب الذرية فليطب مطعمه .ولن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأله الله عنه ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وليعلم أن المال لا يطهر إلا بالصدقات ، وأخيرا نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده الطيبين الأخيار هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على سيد المرسلين دمتم بحفظ الله |
بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الله الطيب جل جلاله الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولل الله وعلى آله وصحبه أجمعين ...وبعد (1) وروده في الحديث الشريف:هذا الاسم ثبت في السنه روي في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله طيب لايقبل إلا طيبا" وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:"يأيها الرسل كلوا من الطيبت وأعملوا صلحا إنى بماتعملون عليم " ثم ذكر "الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمديديه إلى السماء يقول يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك " وهذا الحديث الصحيح ثبت فيه اسم الله سبحانه وتعالى الطيب. (2) المعنى اللغوي لهذا الاسم : فهو عكس الخبيث . وكثيرا مايجمع الله بين الخبيث والطيب ، قال تعالى:"قل لايستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث". *معنى الطيب: فالطيب يأتي بمعاني عديده منها: أرض طيب : أي تصلح للزراعة. بلد طيب : أي بلد طيب آمن . كلمه طيبة : أي إن من الكلام ماهو طيب ومكرره فكلمة طيبة أي لامكرره فيها. الطيب أيضا يأتي بمعنى الطاهر : ولذلك في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه ، " أن علي رضي الله عنه لماغسل النبي صلى الله عليه وسلم والعباس عمه وأبناء عمه العباس (القثم والفضل )وشقراء مولى رسول الله وأسامة بن زيد (وفي هذه دلالة على أن أولى الناس بالميت هم عصبته) فعلي كان يغسل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ذهبت التمس منه مايلتمس من الميت (أي من القذى والأذى ) فلم أجد فيه شيء فقال : بأبي أنت وأمي يارسول الله طبت حيا وطبت ميتا" الحديث صحيح رواه ابن ماجه. فالطيب هنا بمعنى الطاهر أي يعني طاهر في الحياة وطاهر في الممات فما معنى الطيب؟؟ ( 3) المعنى في حق الله تعالى :يقول القاضي عياض : أي هو المنزه عن النقائص والعيوب فالله سبحانه وتعالى هو القدوس منزه ومطهر عن كل نقص وعن كل عيب فالكمال كله لله. وكذلك ابن رجب يقول : اسم الله الطيب أي المنزه عن كل نقص وكل عيب. وكما قال الله تعالى :"الطيبت للطيبين والطيبون للطيبت أولئك مبرءون مما يقولون". أي منزهون عن الفواحش ، أي بمعنى نزه عن كل نقص وعن كل طيب .يقول ابن القيم : الطيب : أي أن الله طيب على الإطلاق. إذا كان الله هو الطيب فإن هذا يلزم عدة أمور: 1- أي طيب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"التحيات لله والصلوات والطيبات..."الطيبات هنا صفة والموصوف محذوف أي معناها والطيبات من الكلمات والأفعال والصفات منسوبة لله فهو طيب في أفعاله وأقواله وصفاته وفي كلماته ، كما قال تعالى :"إليه يصعد الكلم الطيب" ، فكل شيء طيب منه وإليه ، حتى قال رحمة الله تعالى :"فما طاب شيء إلا بطيب الله وكل شيء طيب فإنما هو أثر من طيبه جل وعلاه". 2-ثم ليعلم أن الله خلق الخلق فاختار من خلقه أطيبهم فاختار لأهل جنته أطيب الخلق وأطيب الناس فقال تعالى:"الذين تتوفهم الملئكة طيبين" وقال تعالى :" سلام عليكم طبتم فادخلوها خلدين" وفي الحديث :" المؤمن يخرج من بيته يزور أخوه في الله فيقول له ملك من الملائكة طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا". أوكما قال عليه السلام .آثار الإيمان بهذا الاسم : الأثر الأول : انه سبحانه طيب منزه عن الخبث والنقائص والعيوب.الأثر الثاني : قال الرسول:" إن الله طيب لايقبل إلا طيبا"، فإنه سبحانه وتعالى طيب ليس فيه نقص ولا عيب بل الكمال كله له سبحانه وتعالى، فالله لايقبل من الأموال والعقائد والعبادات إلاما كان طيبا ، قال تعالى:" يأيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبت ماكسبتم وممآ أخرجنا لكم من الأرض ولاتيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بئاخذيه إلآ أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد". فإذا تصدقت تصدق بأفضل مالك فلا تختار أخبثه للصدقة لأنها تقربا للطيب جل في علاه.وفي الحديث الصحيح:"من تصدق بتمرة من كسب طيب (فإن الله طيب لايقبل إلا طيبا) تقبلها الله منه بيمينه فيربيها الله له كمال يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبال ". لأنها حلال يقول الرسول عليه السلام:" لايتصدق أحد بصدقة من كسب طيب إلا تقبلها الله منه وإن الله لايقبل إلا طيبا". فتأملي (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه). فقيل في تفسيرها أنها : 1- لا إله إلا الله. 2- وقيل القرآن 3- وقيل أنها سبحان الله وبحمده . 4- وقيل أنه أي كلام فيه ذكر الله جل وعلا. أ- وفي الحديث:" تصدقوا ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة" ب- وفي الصحيحين:" الكلمه الطيبة صدقة"،وخاصة إذا ترأس الإنسان ولاية أو مركز وكان مسؤول وحاجات الناس إليه فتأتي بالكلمه الطيبة وأثرها في القلوب فهناك أناس ماتستقيم على الطاعة أثر محاضرات أو دروس ولكن من أجل خلق حسن أوكلمة طيبة خرجت من فؤاد مخلص وإذا العبد يستقيم أحسن مايكون عليه الاستقامة بكلمة طيبة أو ابتسامة صادقة. ج_ أيضا الأعمال مايقبل الله إلا ماكان خالصا له عزوجل فمتى مادخل العمل الرياء والعجب رد في وجه صاحبه قال تعالى:"وما ربك بظلم للعبيد"، وفي الحديث:" إن العبد يأتي بحسنات مثل الجبال فيقول الله ماتقبلت منها شيئا اذهب فخذ أجرك من ثناء الناس ومدحهم "، فإذا أخلص العبد العمل لله ولو كان ابتسامة في وجه أخيه وهي لله يقبلها الله وإذا بحسناته أمثال الجبال. د- حتى الكلام قسمه الله إلى طيب وخبيث قال تعالى في سورة إبراهيم:"ضرب الله مثلا كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السمآء(24)تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس" فيجد ثمرة هذه الكلمة الطيبة في حياته بل ويجدها بعد مماته ، جعلنا الله ممن وفق لهذه الكلمة الطيبة،"ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الأخرة ويضل الله الظلمين ويفعل الله مايشآء" الذي وفق للكلمة الطيبة فهذا من تثبيت الله له والذي لم يوفق لها فهذا من خذلان الله له جل وعلا نسأل الله عافيه. وهذه الكلمة مع العبد حتى يصل إلى البرزخ فإذا قيل من ربك ؟ مادينك؟من نبيك؟، فيثبت الله في ذلك المكان من يشاء سبحانه. ووصف الله رسوله في القرآن فقال تعالى:"يحل لهم الطيبت ويحرم عليهم الخبئث". فكل ماهو طيب أصله الحل وكل ماهو خبيث فهو حرام. الأثر الثالث:قال ابن رجب : المؤمن كله طيب جسده وقلبه ولسانه،أما قلبه فمليء بالإيمان ، وأما لسانه فهو بذكر الله وأما جوارحه فهو يعمل العمل الصالح وهذا من أثر إيمان قلبه فاختارالله من عباده الطيبين واصطفى لهم دار الطيب دار الجنة ، جعلنا الله وإياكم من أهلها ولذلك قال تعالى:" الذين تتوفهم الملئكة طيبين". ويقول تعالى:"سلم عليكم طبتم". يقول ابن القيم : الناس ثلاث طبقات: 1- فمنهم طيب لايشينه خبث 2- ومنهم خبيث لاطيب فيه 3- ومنهم طيب وخبيث وأما منازلهم: 1- أما طيب محض 2-أو خبيث محض 3- وإما دار فيها خبيث وطيب. فالدار الطيب محض وهي الجنة. والدار الخبيث محض النار. والدار التي فيها خبيث وطيب فهي الدار التي يعذب فيها عصاة الموحدين فإن الله إن شاء غفرلهم برحمته وعفوه وإن شاء عذبهم في النار بعدله وإن عذبوا لا يدخلون فيها برحمة الله فلايبقى بعد ذلك إلا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض ، والله قد اختار من هؤلاء الخلق أطيبهم قال تعالى :"ولقد كرمنا بنى ءادم ..." ولابن آدم من الكرامة والفضل ماليس لغيره من خلقه.وإذا تأملت في سورة النور قال تعالى :" الخبيثت للخبيثين والخبيثون للخبيثت والطيبت للطيبين والطيبون للطيبت أولئك مبرءون ممايقولون". قال مجاهد وابن رجب : إن الخبيثات من القول (أي الكلام الخبيث) للخبيثين من الرجال من القول والطيبات من القول للطيبين من الرجال ، جعلنا الله من أهل الطيب . لما انتقى الله أهل الطيب وأهل الجنة فإنه سبحانه وتعالى مع هذا قد هدى سبحانه عباده هؤلاء في الدنيا ووفقهم للطيب من القول وقد حفظ ألسنتهم من حيث لايشعرون. قال تعالى :"وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صرط الحميد". فإنه سبحانه وتعالى يرعاهم رعاية ويكلأهم من عنده فقد تولاهم الله وحفظهم ليؤهلهم للجنان.الأثر الرابع: وإذا بألسنتهم من أطيب ماتكون ، وقد حفظ الله ألسنتهم من الفحشاء والغيبه والنميمة وكل مايغضب الله ، قالت عائشه رضي الله عنها:" ماكان رسول الله فاحشا ولامتفحشا " ثم النبي قد وعد بالجنة لهؤلاء الذين هم أهل الطيب من الكلام الحسن قال عليه الصلاة والسلام:"إن في الجنة غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها قيل لمن يارسول الله قال:"لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام". الكلمة الطيبة صدقة تملك القلوب وتأسرها. فهذه الجنة دار الطيب لايدخلها إلا الطيب أما النار فهي الخبيث قال تعالى:"ليميز الله الخبيث من الطيب". أن يعلم أن هؤلاء اختار لهم أن يكونوا من الطيبين أنهم من أوفر الناس حظا وهم من أثر طيبته سبحانه وتعالى فهم يعيشون حياة طيبة في الدنيا وفي الآخرة (فإنهم يعيشون حياة طيبة) فتأملوا قول الله تعالى:"من عمل صلحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة ولنجزيهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون". فلنحيينه : اللام هنا للقسم والنون نون التوكيد الثقيله.حياة طيبة: مفعول مطلق مصدر للتأكيد ومعناها : والله لنجعلنه تعيش حياة طيبة والمقصود بالحياة الطيبة هنا حياة القلوب والأنس بالله جل في علاه. فهذا أطيب العيش وأطيب العيش العيش مع الله ومن ناله فقد نال أوفر الحظ والنصيب من اسمه الطيب. قال بعض السلف : والله إنه ليمر علي أوقات ليرقص قلبي طربا من شدة مايجد قلبي من الأنس مع الله واللذة في مناجاته يقول تعالى:" رب السجن أحب إلى ممايدعوننى إليه". فذاق حلاوة الانتصار على الشيطان والفتنه والهوى. الأثر الخامس :وفي الآخرة :" وعد الله المؤمنين والمؤمنت جنت تجرى من تحتها الأنهر خلدين فيها ومسكن طيبة في جنت عدن ورضوان من الله أكبر ذالك هو الفوز العظيم". ليست الحياة الطيبة بطيب المطاعم وأكل الطيبات فإن الرسول عليه الصلاة والسلام هاجر إلى المدينة وهو على ناقته القصواء ، يقول أنس عن أهل المدينة وهم يستقبلون النبي صلى الله عليه وسلم:" كنت اسمع بأن الناس تبكي من الفرح فلم أصدق ذلك حتى رأيت أهل المدينة يبكون فرحا للقيا محمد عليه الصلاة والسلام خرجوا يبكون ويقولون :طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ،فلما استقر رسول صلى الله صلى الله عليه وسلم عند أبي أيوب قال :" يارسول الله اسكن أنت من فوق ونحن أسفل فيقول يارسول الله : ماغمضت عيني أنا وأم أيوب البارحة فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"لماذا ياأبا أيوب" قال : إنك تحتي وخشيت أن أمشي فيتناثر الغبار عليك . فرحمه رسول الله وصعد ومكث عنده سبعه أشهر حتى بني مسجد قباء وحجرات النبي صلى الله عليه وسلم . الأثر السادس : إن من أعظم مايحصل به طيبة الأعمال للمؤمن طيب مطعمه وذلك بأن يكون حلالا فبذلك يزكوعمله. وفي الحديث :" إن الله طيب لايقبل إلا طيبا" إشارة إلى أنه لا يقبل من العمل ولا يزكو إلا بأكل الحلال وإن أكل الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله فإنه قال بعد تقريره :"إن الله طيب لايقبل إلا طيبا..." بأن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح فمادام الأكل حلال فالعمل صالح مقبول. الأثر السابع : إن من الكسب عمل اليدين وكسب الولد ففي الحديث في سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"إن من أطيب ماأكل الرجل من كسبه وولده من كسبه" ، وفي الحديث:"ماأخذ أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده"فداود لم يكن في حاجة فقد كان خليفة في الأرض فالله تعالى قال فيه:"وشددنا ملكه" ومع ذلك كان يتورع ولا يأكل إلا مما يعمل بيده قال تعالى:"وعلمنه صنعه لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم". وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم :"أن الولد من أطيب كسب الرجل وأباح الأكل من ماله فقال عليه الصلاة والسلام :"ولد الرجل من كسبه ومن أطيب كسبه فكلوا من أموالهم". صحيح سنن ابي داود. وقفه مع الكسب الحرام :لقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين وقد يشكك أعداؤهم في صحه ذممهم ولذا نجد الرسل كثيرا مايقولون:" لا أسألكم عليه من أجر". ونجد أن الله تعالى قال :"حللا طيبا". ماأفتى العلماء بأنه حلال . والطيب هو ما إطمئنت نفسك بأنه طيب . عقوبه المال الحرام : 1- التوعد النار فمن مات وهو مصر على أكل الحرام فهو متوعد بالنار إلا أن يتوب ، قال تعالى:"يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالبطل إلآ أن تكون تجرة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذالك عدونا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذالك على الله يسير". وقال رسولا الله صلى الله عليه وسلم :"كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به". 2-إعراض الله عنه : وفي الحديث :"من أخذ حقا لأخيه المسلم ليس له لقي الله والله عنه معرض" . بعكس المؤمن الذي أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه. 3- الفضيحه يوم القيامه : بأن يأتي حاملا المال الحرام على عنقه ففي الحديث:"..والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم من هذا المال الحرام شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه ، بقرة لها خوار وبعير له رغاء وشاة تعير ، ثم رفع النبي عليه الصلاة والسلام يديه حتى ظهر بياض أبطيه ثم قال :"ألا هل بلغت اللهم فاشهد اللهم فاشهد ". وفي الصحيح مسلم :" لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامه وعلى رقبته بعير له رغاء يقول يارسول الله أغثني فأقول :" لا أملك لك من الله شيئا قد بغلتك"، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامه على رقبته فرس له جمجمه فيقول يارسول الله أغثني ، فأقول :"لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك"، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامه على رقبته شاة لها ثغاء يقول يارسول الله أغثني فأقول له:" لا أغني عنك من الله شيئا قد بلغتك"، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يارسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك" لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رتاع تخفق فيقول يارسول الله أغثني فأقول :"لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك" لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يارسول الله أغثني فأقول :" لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك". 4- غضب الله عليه : ففي الصحيحين :" من حلف على مال امرىء مسلم بغيرر حق لقي الله وهو عليه غضبان"، قال ابن مسعود ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله :"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمنهم ثمنا قليلا لا خلق لهم في الأخره ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمه ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم". 5- بغض الله له :ففي الصحيحين :" إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم وهو الذي يخاصم على باطل وهو يعلم". 6- خصومه النبي صلى الله عليه وسلم له: ففي الحديث :" ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومنهم رجل استأجر أجير فاستولى منه ولم يعطه حقه ". 7- لا يقبل الله لك عمل : ففي الحديث:" إن الله طيب لايقبل إلا طيبا". 8- لا تقبل له دعوة : فإن مما يمنع الإجابه أكل الحرام وفي الحديث : ذكر الرجل أشعث أغبر ....ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد ابن أبي وقاص لما سأله أن يكون مستجاب الدعوة قال له صلى الله عليه وسلم :" أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة" قال سعد : مارفعت لقمة إلى فمي إلا وأنا أعلم من أين مجيئها ومن أين خرجت ، وقال وهب بن منبه : من سره أن يستجيب الله دعوته فليطب مطعمه . 9- محق البركه ومقت الناس وضياع هذاالمال في الدنيا . أنواع المال الحرام : 1- أكل أموال الناس بالباطل : وذلك مثل المماطله بالعمال وأكل رواتبهم . 2- أكل مال اليتيم : قال تعالى :" وءاتوا اليتمى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ". 3- أكل الربا : إن من أهم عقوبة آكل الربا : أ- التخبط في الدنيا والآخرة :" الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ". ب- محق البركة :" يمحق الله الربوا ويربى الصدقات". ج- يعلن الله الحرب عليه :" يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا مابقى من الربوا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله". د- النار في الآخرة : قال تعالى :" فمن جآءه موعظة من ربه فانتهى فله ماسلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ". 4- المرتشي : في الحديث :" لن الله الراشي والمرتشي". 5- القمار:" إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه". 6- أصحاب المهن : مثل النجار يصنع غرفة من خشب رديء ويقول هذا من أجود الخشب . 7- تأخير حقوق العمال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة" ومنهم "رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه حقه " . نماذج من حرص السلف على الأكل الطيب : 1- رسول الله صلى عليه وسلم : فقد رأى الحسن واضعا تمرة في فمه فأخرجها منه وقال :" كخ كخ إنها من تمر الصدقة " 2- أبو بكر الصديق : وغلامه الذي أطعمه من كهانه له في الجاهلية فأدخل أبو بكر يده في فمه حتى استقاء كل مافي جوفه . 3- البنت التي قال لأمها لكا طلبت منها أن تخلط اللبن بالماء قالت لها : إن عمر بن الخطاب نهانا أن نخلط اللبن بالماء ، فقالت لها : إن عمر لايرانا فقالت لها : فإن الله يرانا ، فزوجها عمر لابنه عاصم ومن ذريتهم عمر بن عبد العزيز فمن أراد طيب الذرية فليطب مطعمه .ولن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأله الله عنه ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وليعلم أن المال لا يطهر إلا بالصدقات ، وأخيرا نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عباده الطيبين الأخيار هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على سيد المرسلين دمتم بحفظ الله |
الساعة الآن 06:16 PM. |